الطعن رقم 182 سنة 18 ق – جلسة 25 /05 /1950
أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
السنة الأولى – من 27 أكتوبر سنة 1949 لغاية 22 يونيه سنة 1950 – صـ 543
جلسة 25 من مايو سنة 1950
برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وكيل المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: عبد العزيز محمد بك ومحمد علي رشدي بك وعبد الحميد وشاحي بك وسليمان ثابت بك المستشارين.
القضية رقم 182 سنة 18 القضائية
شفعة. علم الشفيع. الاستناد في القول به إلى ما ليس من القرائن
القانونية ولا يؤدي إلى العلم الكافي به. قصور.
إذا كان كل ما أورده الحكم في صدد بيان علم الشفيع بثمن المبيع وشروط البيع ليس من
القرائن القانونية التي لها مدلول خاص لا يقبل خلافه، ولم يكن مؤدياً على الأخص إلى
العلم بثمن المبيع، الأمر اللازم ليتحقق به العلم الكافي الذي يبدأ منه الميعاد الواجب
فيه إظهار الرغبة في الأخذ بالشفعة، فهذا الحكم يكون قاصراً قصوراً يعيبه بما يستوجب
نقضه.
الوقائع
في يوم 26 من سبتمبر سنة 1948 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف
القاهرة الصادر يوم 17 من مارس سنة 1948 في الاستئناف رقم 1035 س ق 64 وذلك بتقرير
طلبت فيه الطاعنة قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع نقض الحكم المطعون فيه والقضاء في موضوعه
أصلياً: بإلغاء الحكم الابتدائي الصادر في الدعوى رقم 428 سنة 1946 كلي المنصورة وبطلبات
الطاعنة الواردة بصحيفة افتتاح الدعوى وإلزام المطعون عليه الأول بالمصروفات ومقابل
أتعاب المحاماة عن جميع درجات التقاضي، واحتياطياً إحالة الدعوى على محكمة استئناف
القاهرة وإلزام المطعون بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 28 من سبتمبر و5 من
أكتوبر سنة 1948 أعلن المطعون عليهما بتقرير الطعن. وفي 17 من أكتوبر سنة 1948 أودعت
الطاعنة أصل ورقة إعلان المطعون عليهما بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون
فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتها. وفي 27 منه أودع المطعون عليه الأول
مذكرة بدفاعه مشفوعة بمستنداته طلب فيها الحكم برفض الطعن وإلزام الطاعنة بالمصروفات
ومقابل أتعاب المحاماة. ولم يقدم المطعون عليه الآخر دفاعاً. وفي 10 من نوفمبر سنة
1948 أودعت الطاعنة مذكرة بالرد وحافظة بمستنداتها.
وفي 12 من مارس سنة 1950 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً
ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنة بالمصروفات الخ الخ.
المحكمة
ومن حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه خالف القانون
وخالف الثابت بالأوراق كما عاره قصور يبطله. ذلك أنه استند فيما قضى به من سقوط حقها
في الشفعة لعدم إظهار الرغبة فيها في الميعاد القانوني بعد علمها بالبيع وجميع شروطه
– استند في ذلك إلى أقوال شهود الإثبات وأحد شهود النفي وهو حافظ أفندي الجندي مع أن
أحداً منهم لم يقل إنه كان على علم بالثمن عدا محمد العسال وهو الذي توسط في إتمام
الصفقة، إذ شهد بأنه كان حاضراً وقت تحرير العقد واتفق المتعاقدان على أن يكون الثمن
مبلغ 630 جنيهاً إلا أنه كتب في العقد 730 جنيهاً حتى إذا عدل البائع عن البيع يكون
ملزماً بهذا الثمن، إلا أنه قرر أنه لم يخبر الطاعنة بما يعلمه من أمر الثمن. وبذلك
يكون الحكم افترض علم الطاعنة بالثمن افتراضاً مع أنه يجب أن يقوم الدليل صريحاً على
حصول هذا العلم كما جرى بذلك قضاء محكمة النقض.
ومن حيث إنه جاء بالحكم في هذا الخصوص رداً على ما جاء بأسباب الاستئناف المرفوع من
الطاعنة عن الحكم الابتدائي "أما الشطر الثاني وهو الخاص بشروط البيع واسمي البائع
والمشتري فقد ثبت من أقوال شهود الإثبات ومن أقوال حافظ أفندي الجندي أن الشفيعة علمت
بالبيع بمجرد حصوله وانتقال عامل المساحة في 6 من يناير سنة 1944 لمقاس الأرض المبيعة
وتحديدها فذكر موظف المساحة وباقي الشهود أن الست الشفيعة حادثته وقت عملية المقاس
ونبهت عليه بأنه مشترط بين المتقاسمين أن يترك كل منهم متراً ونصف متر في الحدود الملاصقة
كما جاء في عقد القسمة وأنها ذكرت أن الشجرة القائمة على الأرض ملكها، وقد قرر الشهود
كذلك أن ابن الشفيعة أحمد الجندي موجوداً وقت المقاس وعلم بكل شروط البيع وكان موجوداً
وقتها المشتري والسمسار وصاحب كشك خشبي مشيد على الأرض المبيعة، كما شهد الشهود أن
المستأنف عليه الثاني – المطعون عليه الثاني – وهو أخو زوج المستأنفة دخل عقب ذلك إلى
منزل الشفيعة وتناول غذاءه عندها، الأمر الذي يقطع أن العلاقات كانت على أحسن ما تكون
بين المستأنفة والمستأنف عليه الثاني، وقد شهد شاهد النفي حافظ أفندي الجندي أخو زوج
المستأنفة (الطاعنة) أنه علم ببيع أخيه المستأنف عليه الثاني الأرض من سنتين ونصف وأن
النزاع لم يقم إلا بعد البدء في تشييد دار السينما على الأرض المبيعة. فكل هذه الأدلة
والقرائن تقنع المحكمة اقتناعاً لا يتسرب إليه الشك بأن المستأنفة علمت بمجرد حصول
البيع بجميع شروطه وأنها رغم علمها بذلك لم تتقدم بطلب الأخذ بالشفعة إلا عند ما أحسست
بالاستغلال المغري الذي كان من حظ المشتري أن يصيبه بالإنفاق على بناء دار السينما
تدر عليه إيجاراً سخياً، وذلك بعد أن كان انقضى على علمها بالبيع نيف وسنتان".
ومن حيث إنه يبين من الصورة الرسمية لمحضر التحقيق المقدمة من الطاعنة أنه وإن كان
قد جرى حديث البيع عند انتقال عامل المساحة في 6 من يناير سنة 1944 لمقاس الأرض المبيعة
وتحديدها على ما ورد بالحكم إلا أنه ليس صحيحاً ما جاء به من أن هذا الحديث قد تناول
ثمن العين المبيعة وباقي شروط البيع حتى كان يمكن ابن الشفيعة أحمد الجندي الذي كان
حاضرا وقتئذ أن يعلم بالثمن. أما ما أورده الحكم بعد ذلك ليستدل به على علم الطاعنة
بجميع شروط البيع بما فيها الثمن من أن الشهود شهدوا بأن المطعون عليه الثاني البائع
وهو أخو زوج الشفيعة تناول غذاءه عندها عقب حضور عامل المساحة مما يقطع في أن العلاقات
كانت على أحسن ما يكون بينهما، ومما شهد به شاهد النفي حافظ أفندي الجندي وهو أخ آخر
لزوج الطاعنة من أنه على علم ببيع أخيه الأرض من سنتين ونصف سنة وأن النزاع لم يقم
إلا بعد البدء في تشييد دار السينما – ما أورده الحكم مما سبق بيانه لا يعدو كونه قرائن
ليست من القرائن القانونية التي لها مدلول خاص لا يقبل خلافه.
وهي بعد إن كانت تفيد علم الطاعنة بحصول البيع في 6 من يناير سنة 1944 واحتمال تنازلها
عن حق الشفعة إلا أنها لا تؤدي إلى علمها بثمن المبيع وهو لازم ليتحقق به العلم الكافي
الذي يبدأ منه الميعاد الواجب فيه إظهار الرغبة في الأخذ بالشفعة. ومن ثم يكون الحكم
قاصر البيان في هذا الخصوص قصوراً يبطله ويستوجب نقضه دون حاجة إلى بحث بقية أسباب
الطعن.