أصدرت الحكم الآتيلم يتم التعرف على تاريخ الجلسة
الجريدة الرسمية – العدد 30 (مكرر) – السنة
الحادية والخمسون
23 رجب سنة 1429هـ، الموافق 26 يوليه سنة 2008م
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد السادس من يوليو سنة 2008م،
الموافق الثالث من رجب سنة 1429هـ.
برئاسة السيد المستشار/ ماهر عبد الواحد – رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين:
ماهر البحيري وعدلي محمود منصور وعلي عوض محمد صالح وماهر سامي يوسف ومحمد خيري طه
والدكتور عادل عمر شريف، وحضور السيد المستشار الدكتور/ حمدان حسن فهمي – رئيس هيئة
المفوضين، وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن – أمين السر.
أصدرت الحكم الآتي
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 103 لسنة
23 قضائية "دستورية".
المقامة من: السيد/ بكر عبد النبي محمد يوسف.
ضد
1 – السيد رئيس مجلس الوزراء.
2 – السيد وزير العدل.
3 – السيد رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية.
4 – السيد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي.
الإجراءات
بتاريخ 13 يونيه سنة 2001 أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب
المحكمة، طالباً الحكم بعدم دستورية نص البند (ح) من المادة والمادة من القانون
رقم 308 لسنة 1955 في شأن الحجز الإداري.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى لثلاثة أوجه، أولها:
لرفعها بعد الميعاد، وثانيها: لعدم بيان نصوص الدستور المدعى بمخالفتها وأوجه المخالفة
الدستورية، وثالثها: لانتفاء المصلحة في الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة
اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل في أن النيابة
العامة كانت قد قدمت المدعي – وهو الحارس على الأشياء المحجوز عليها – للمحاكمة الجنائية
في القضية رقم 11657 لسنة 1997 جنح بلقاس، متهمة إياه أنه في يوم 25/ 2/ 1997 بدد الأشياء
المحجوز عليها إدارياً، لصالح هيئة الأوقاف المصرية، وفاءً لمبلغ 37 و8177 جنيهاً،
قيمة إيجار سنة 1997 والمتأخرات عن الأطيان الزراعية التابعة لوقف المكاتب الأهلية
والمؤجرة من الهيئة لورثة عبد النبي محمد يوسف، وبجلسة 20/ 11/ 1997 قضت المحكمة غيابياً
بحبس المدعي سنة مع الشغل وكفالة مائتي جنيه، وقد عارض المدعي في هذا الحكم، وبجلسة
23/ 11/ 2000 قضت المحكمة باعتبار المعارضة كأن لم تكن، وإذ لم يرتض المدعي هذا القضاء
فقد طعن عليه بالاستئناف رقم 2713 لسنة 2001 جنح مستأنف المنصورة، والذي أعيد قيده
برقم 1444 لسنة 2002 جنح مستأنف شمال المنصورة، وأثناء نظر الاستئناف دفع المدعي بعدم
دستورية نص البند (ح) من المادة والمادة من القانون رقم 308 لسنة 1955 في شأن
الحجز الإداري، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت للمدعي برفع الدعوى الدستورية،
فقد أقام الدعوى الماثلة.
وحيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد، المبدى من هيئة قضايا الدولة،
فهو مردود، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة – وعملاً بنص البند (ب) من المادة من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 – أن المهلة التي تمنحها محكمة الموضوع
لرفع الدعوى الدستورية، لا يجوز زيادتها إلا من خلال مهلة جديدة تضيفها إلى المدة الأصلية
وقبل انقضائها، بما يكفل تداخلها معها، وبشرط ألا تزيد المدتان معاً على الأشهر الثلاثة
التي فرضها المشرع كحد أقصى لرفع الدعوى الدستورية، والتي لا يجوز لمن يقيمها تجاوزه.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان الثابت أن محكمة الموضوع بعد أن قدرت جدية الدفع بعدم
الدستورية المبدى من المدعي بجلسة 21/ 3/ 2001، أجلت نظر الدعوى لجلسة 16/ 5/ 2001
لتقديم ما يفيد رفع الدعوى أمام المحكمة الدستورية العليا، ثم قررت المحكمة إضافة مهلة
جديدة إلى المدة الأصلية وقبل انقضائها غايتها 4/ 7/ 2001، وهي وإن جاءت متجاوزة مدة
الثلاثة الأشهر المقررة كحد أقصى لرفع الدعوى الدستورية، إلا أن الثابت أن المدعي قد
أقام دعواه الماثلة بتاريخ 13/ 6/ 2001، في غضون مهلة الثلاثة الأشهر المشار إليها،
ومن ثم فإن الدفع بعدم قبول الدعوى من هذا الوجه يكون غير سديد، متعيناً القضاء برفضه.
وحيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى على سند من خلو صحيفة الدعوى الدستورية الراهنة
من بيان النصوص الدستورية المدعى بمخالفتها وأوجه المخالفة الدستورية، فهو مرود بأن
ما تغياه المشرع بالنص في المادة من قانون المحكمة الدستورية العليا على وجوب
أن تتضمن صحيفة الدعوى الدستورية بياناً بالنصوص الدستورية المدعى بمخالفتها وأوجه
المخالفة، هو ألا تكون صحيفة الدعوى مجهلة بالمسائل الدستورية المطروحة على هذه المحكمة،
ضماناً لتعيينها تعييناً كافياً، فلا تثير خفاءً في شأن مضمونها، أو اضطراباً حول نطاقها،
ليتمكن ذوو الشأن من إعداد دفاعهم ابتداءً ورداً وتعقيباً في المواعيد التي حددتها
المادة 37 من ذلك القانون، ولتتولى هيئة المفوضين بعد ذلك تحضير الدعوى، وإعداد تقرير
يكون محدداً للمسائل الدستورية المثارة، ورأيها فيها مسبباً، ومن ثم يكفي لبلوغ هذه
الغاية أن يكون تعيين هذه المسائل ممكناً، ويتحقق ذلك كلما كان بنيان عناصرها منبئاً
عن حقيقتها، لما كان ذلك، وكانت صحيفة الدعوى الماثلة قد أبانت – في غير خفاء – نعى
المدعي على النصين المطعون فيهما منحها الجهة الإدارية ميزة استثنائية خروجاً على القواعد
المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية، وذلك بتخويلها الحق في اقتضاء حقوقها
جبراً، وبقرار يصدر منها يكون معادلاً للسند التنفيذي، ويتضمن تحديداً لتلك الحقوق
سواءً تعلق الأمر بمصدرها أم بمقدارها، بما يكشف بجلاء عن نعيه على هذين النصين إخلالهما
بمبدأ سيادة القانون، ومبدأ خضوع الدولة للقانون، وهو ما يمثل تحديداً كافياً للنصوص
الدستورية المدعى بمخالفتها وأوجه المخالفة الدستورية كما ارتآها المدعي، ومن ثم فإن
الدفع بعدم قبول الدعوى من هذا الوجه أيضاً يكون في غير محله متعيناً رفضه.
وحيث إن المادة من القانون رقم 308 لسنة 1955 في شأن الحجز الإداري المعدل بالقانون
رقم 44 لسنة 1958 ينص على أن "يجوز أن تتبع إجراءات الحجز الإداري المبينة بهذا القانون
عند عدم الوفاء بالمستحقات الآتية في مواعيدها المحددة بالقوانين والمراسيم والقرارات
الخاصة بها وفي الأماكن وللأشخاص الذين يعينهم الوزراء المختصون: ……….. ( أ )
………. (ب) ……….. (ح) ما يكون مستحقاً لوزارة الأوقاف وغيرها من الأشخاص
الاعتبارية العامة من المبالغ المتقدمة وكذلك ما يكون مستحقاً لوزارة الأوقاف بصفتها
ناظراً أو حارساً من إيجارات أو أحكار أو أثمان الاستبدال للأعيان التي تديرها الوزارة".
وتنص المادة من هذا القانون على أن "لا يجوز اتخاذ إجراءات الحجز إلا بناءً على
أمر مكتوب صادر من الوزير أو رئيس المصلحة أو المحافظ أو المدير أو ممثل الشخص الاعتباري
العام حسب الأحوال أو من ينيبه كل من هؤلاء في ذلك كتابةً.
وحيث إن البين من استعراض أحكام القانون رقم 247 لسنة 1953 بشأن النظر على الأوقاف
الخيرية وتعديل مصارفها على جهات البر، والقانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف،
أنها ناطت بالوزارة النظر على الأوقاف الخيرية وإدارة أعيانها، وبهذه الصفة أجاز نص
البند (ح) من المادة من قانون الحجز الإداري للوزارة توقيع الحجز عند عدم الوفاء
بالإيجارات المستحقة للوقف، وقد خلفت هيئة الأوقاف المصرية الوزارة – إعمالاً لنص المادة
من القانون رقم 80 لسنة 1971 بشأن الهيئة المذكورة – في الاختصاص بإدارة واستثمار
أموال الأوقاف الخيرية والتصرف فيها، وذلك باعتبارها نائبة عن وزير الأوقاف بصفته ناظراً
على تلك الأوقاف، كما حلت الهيئة – بمقتضى نص المادة من القانون 80 لسنة 1971 المشار
إليه – محل الوزارة فيما لها من حقوق وما عليها من التزامات تتعلق بإدارة واستثمار
هذه الأموال، وبالتالي أصبح للهيئة بصفتها نائبة عن وزير الأوقاف كناظر للوقف رخصة
توقيع الحجز الإداري عند عدم الوفاء بالإيجارات المستحقة للوقف، وهو الأساس القانوني
لقيامها باتخاذ إجراءات الحجز الإداري في الحالة المعروضة، لعدم الوفاء بالإيجار المستحق
على الأطيان الزراعية التابعة لوقف المكاتب الأهلية، المؤجرة من الهيئة لورثة عبد النبي
محمد يوسف، ومن ثم فإن نطاق الدعوى الراهنة بالنسبة لنص البند (ح) من المادة من
قانون الحجز الإداري، يتحدد بما تضمنه هذا البند من تخويل وزارة الأوقاف بصفتها ناظراً
على الأوقاف الحق في توقيع الحجز الإداري عند عدم الوفاء بإيجارات الأعيان التي تديرها
الوزارة بهذه الصفة، وإذ كان ذلك، وكانت المحكمة الدستورية العليا قد سبق لها أن حسمت
المسألة الدستورية المتعلقة بهذا النص بحكمها الصادر في الدعوى رقم 104 لسنة 23 قضائية
"دستورية" بجلسة 9/ 1/ 2005 القاضي "بعدم دستورية نص البند (ح) من المادة من القانون
رقم 308 لسنة 1955 في شأن الحجز الإداري المعدل بالقانون رقم 44 لسنة 1958 فيما تضمنه
من النص على جواز اتباع إجراءات الحجز الإداري عند عدم الوفاء بما يكون مستحقاً لوزارة
الأوقاف بصفتها ناظراً من إيجارات للأعيان التي تديرها الوزارة" ونشر هذا الحكم في
الجريدة الرسمية بعددها رقم 3 تابع، بتاريخ 24/ 1/ 2005، وكان مقتضى نص المادتين (48،
49) من قانون المحكمة الدستورية العليا، أن يكون لقضاء هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية
حجية مطلقة في مواجهة الكافة، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، باعتباره قولاً
فصلاً في المسألة المقضي فيها، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه
عليها من جديد، مما يتعين معه القضاء باعتبار الخصومة منتهية بالنسبة لهذا النص.
وحيث إن القضاء بعدم دستورية نص البند (ح) من المادة من قانون الحجز الإداري، محدداً
نطاقه على النحو المتقدم، يستتبع حتماً استبعاد الحالة التي تناولها من مجال تطبيق
نص المادة من هذا القانون المطعون فيه، وعدم جواز اتخاذ إجراءات الحجز الإداري
المقررة به قِبَل المدعي، ليصبح الطعن عليه – في ضوء ذلك – لا محل له.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة باعتبار الخصومة منتهية.
| أمين السر | رئيس المحكمة |
