الطعن رقم 175 سنة 18 ق – جلسة 01 /06 /1950
أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
السنة الأولى – من 27 أكتوبر سنة 1949 لغاية 22 يونيه سنة 1950 – صـ 565
جلسة أول يونية سنة 1950
برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وكيل المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: عبد العزيز محمد بك ومحمد علي رشدي بك وعبد الحميد وشاحي بك ومحمد نجيب أحمد بك المستشارين.
القضية رقم 175 سنة 18 القضائية
ا – حكم. تسبيبه. استخلاصه من أوراق الدعوى نتيجة تؤدي إليها الأسباب
التي ذكرها. سكوته عن أوراق مقدمة ليس من شأنها أن تؤثر في النتيجة التي انتهى إليها.
لا يعيبه.
ب – حكم. تسبيبه. سند. ادعاء المتمسك به أن الطاعنين فيد قد أقروا بصحته بلسان محاميهم.
استخلاص المحكمة أن ما قرره المحامي في هذا الصدد كان مع التحفظ. أوراق الدعوى وظروفها
المبينة بالحكم تبرر هذا الاستخلاص. لا قصور.
1 – ما دامت المحكمة قد عنيت في حكمها بتمحيص الوقائع الجوهرية التي تعرض لها الخصوم
في صدد صحة السند محل الدعوى أو تزويره وناقشت الأدلة على ذلك من تقارير خبراء إلى
تقريرات الخصوم عن كنه السند وماهيته والغرض منه، وانتهت من كل هذا إلى نتيجة استخلصتها
من أسباب مؤدية إليها، فلا يعيب حكمها سكوته عن أوراق مقدمة من المتمسك بالسند ليس
من شأنها أن تؤثر في الحقيقة التي اقتنعت بها.
2 – إذا كان المتمسك بالسند قد تمسك في دفاعه لدى محكمة الموضوع بأن الطاعنين فيه قد
أقروا بلسان محاميهم في بعض الجلسات بصحة نسبة هذا السند إلى مورثهم وقصروا طعنهم عليه
من حيث سببه القانوني فلا يقبل منهم من بعد نقض هذا الإقرار القضائي ولا إنكار السند،
وكان الحكم إذ رد على ذلك بأن التقريرات المسندة إلى المحامي كانت من التحفظ مستخلصاً
ذلك مما ورد في محاضر الجلسات ومن أن المحامي لم يكن قد ألم بأطراف الموضوع واطلع على
جميع المستندات، وكان الثابت من وقائع الدعوى أن الطاعنين هم ورثة المدين وأن كل أوراق
تركة مورثهم كانت مودعة بالمجلس الحسبي وقد أجلت المحكمة الدعوى عدة مرات ليتمكنوا
من الاطلاع عليها – فإن ذلك الذي استخلصه الحكم يكون سائغاً، وإذا كان هؤلاء الطاعنون
بعد إطلاعهم على السند وفحصهم إياه قد انتهوا إلى إنكار توقيع مورثهم عليه فلا يجوز
مع هذه الظروف القول بأنهم سبق أن أقروا بصحة السند.
الوقائع
في يوم 16 من سبتمبر سنة 1948 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف
القاهرة الصادر في 23 من مايو سنة 1948 في الاستئناف رقم 102 سنة 65 ق وذلك بتقرير
طلبت فيه الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإلزام
المطعون عليهم بأن يدفعوا للطاعنة من مال وتركة المرحوم إبراهيم لمعي مبلغ 1400 جنيه
والفوائد بواقع 8% سنوياً من أول فبراير سنة 1935 حتى تمام السداد والمصاريف عن الدرجات
الثلاث والأتعاب مع تثبيت الحجز التحفظي المتوقع تحت يد بنك مصر والبنك الأهلي وجعله
نافذاً، واحتياطياً إحالة الدعوى على دائرة أخرى من دوائر محكمة استئناف القاهرة للفصل
فيها مجدداً. وفي 11 و23 و27 من سبتمبر سنة 1948 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن.
وفي 5 من أكتوبر سنة 1948 أودعت الطاعنة أصل ورقة إعلان الخصوم بالطعن وصورتين مطابقتين
للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته ولم يقدم المطعون
عليهم دفاعاً.
وفي 28 من فبراير سنة 1950 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها:
(أولاً) بعدم قبول الطعن بالنسبة إلى المطعون عليه الثاني لعدم إعلانه بتقرير الطعن.
(ثانياً) بقبول الطعن شكلاً بالنسبة إلى باقي المطعون عليهم ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنة
بالمصروفات ومصادرة الكفالة الخ الخ.
المحكمة
من حيث إن الطاعنة لم تعلن المطعون عليه الثاني بتقرير الطعن فيكون
الطعن غير مقبول شكلاً بالنسبة إليه.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة إلى باقي المطعون عليهم.
ومن حيث إنه بني على ثلاثة أسباب: حاصل أولها أن الحكم المطعون فيه إذ أغفل البيانات
التي أدلت بها الطاعنة وأقامت عليها الدليل على صحة السند المطعون فيه ومحصلها أنه
كان مودعاً باسمها في البنك الأهلي مبلغ 1400 جنيه سحبت منه تدريجياً وفي تواريخ تقرب
من تاريخ السند المطعون فيه وسابقة عليه مبلغ 600 جنيه بشيكات حررت لإذن زوجها محرر
السند وقد أقر المطعون عليهم بقبض مورثهم قيمة هذه الشيكات وأمرت المحكمة بإجراء المضاهاة
على توقيع المورث عليها – إذ أغفل الحكم مناقشة هذه الواقعة والرد عليها يكون قد عاره
قصور يبطله.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن هذه الواقعة فضلاً عن أنها لا تدل بذاتها على أن قيمة
الشيكات التي حررت من الطاعنة لإذن زوجها هي جزء من قيمة السند المطعون فيه، ذلك أنها
ليست معاصرة لتاريخ السند إذ تواريخها 21/6، 2/7، 7/9/ 1932 بينما أن تاريخ السند في
سنة 1934 فإنها ليس من شأنها أن تثبت صحة توقيع زوجها على السند. فلا يعيب الحكم المطعون
فيه سكوته عن الإشارة إليها ومناقشة الدليل المستفاد منها متى كان قد عنى بالرد على
الوقائع الجوهرية التي أثارها طرفا الخصومة فيما يتعلق بصحة السند أو تزويره، فناقش
الأدلة على ذلك وهي تقارير الخبراء وتقريرات الخصوم في هذا الخصوص، وانتهى من ذلك إلى
النتيجة التي وصل إليها محمولة على الأسباب التي أقيم عليها وهي أسباب رأت محكمة الموضوع
أنها كافية لبيان الحقيقة التي اقتنعت بها ولم تدع الطاعنة عيباً على الحكم من هذه
الناحية.
ومن حيث إن حاصل السبب الثاني أن الطاعنة تمسكت لدى محكمة الموضوع بأن المطعون عليهم
أقروا في بعض الجلسات بصحة نسبة السند إلى المورث وقصروا طعنهم على الالتزام من حيث
سببه أو علة صدوره من المورث، فليس لهم نقض هذا الإقرار القضائي ولا يقبل منهم بعد
ذلك إنكار السند، والحكم المطعون فيه إذ اكتفى في الرد على ذلك بالإشارة إلى المذكرة
المقدمة من المطعون عليهم قبل جلسة 18 من نوفمبر سنة 1941 وقال إنهم احتفظوا فيها بحقهم
في الطعن على السند مغفلاً ما ورد في محاضر الجلسات لدى محكمة الدرجة الأولى، إذ اكتفى
الحكم بذلك يكون قاصر الأسباب، ولا يرفع هذا القصور إحالته على أسباب الحكم المستأنف
الذي استند في الرد على دفاع الطاعنة إلى القول بأن ما ثبت في محاضر الجلسات على لسان
محامي المطعون عليهم إنما كان بعد التحفظ الثابت في طلب فتح باب المرافعة وأنه كان
يطلب تأجيل الدعوى حتى يتم جرد وفحص أوراق المورث المودعة بالمجلس الحسبي لعل فيها
ما يدل على أن السند وصية، إذ في هذا الذي قرره الحكم تجهيل للوقائع، ذلك أن دفاع المطعون
عليهم بعد إعادة القضية إلى المرافعة استقر على أن السند وصية بدون تحفظ، وقول الحكم
بأنهم لم يطلعوا على السند قول ينكره الواقع إذ الثابت أن السند كان مودعاً في ملف
الدعوى قبل ذلك.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن استخلاص الحكم مما ورد في محاضر الجلسات لدى محكمة
الدرجة الأولى بأن تقريرات محامي المطعون عليهم كانت مقترنة بالتحفظ الذي أورده في
طلب إعادة القضية إلى المرافعة وأنه لم يكن قد ألم بأطراف الموضوع واطلع على جميع المستندات،
هذا الاستخلاص سائغ يؤيده أن المطعون عليهم ورثة للمدين وقد كانت كل أوراق التركة مودعة
لدى المجلس الحسبي وأجلت المحكمة الدعوى عدة مرات ليتمكن المطعون عليهم من الاطلاع
عليها فإذا انتهوا بعد فحص السند إلى إنكار توقيع مورثهم عليه فلا يجوز مع هذه الظروف
القول بأنهم سبق أن أقروا بصحة السند.
ومن حيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه قد عاره قصور كما خالف القانون.
ذلك أن الطاعنة استندت في صحيفة استئنافها إلى أن المطعون عليهم سبق أن اتفقوا على
إنهاء الدعوى صلحاً وحرر لذلك مشروع محضر صلح اعترفوا فيه بحق الطاعنة في السند إلا
أن التوقيع لم يتم على هذا المحضر، كما ذكرت الطاعنة في مرافعاتها لدى محكمة الاستئناف
أن هذا الصلح هو عقد التخارج الذي أشار إليه المطعون عليهم والذي طلبوا تأجيل الدعوى
حتى ينتهي الصلح عليه، وتبعاً لذلك أقروا صراحة أن السند هو وصية، فعدول المطعون عليهم
عن هذا الإقرار بعد ذلك لا يؤثر شيئاً في حجيته بالنسبة إليهم، إلا أن المحكمة أهملت
دلالة هذا الإقرار القضائي وظنت أن عقد الصلح قد تم فقررت الانتقال إلى المجلس الحسبي
للاطلاع عليه فلما لم تجده اتخذت من ذلك دليلاً على الطاعنة.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن إشارة الحكم المطعون فيه إلى عدم وجود عقد التخارج
في المجلس الحسبي كانت إشارة عابرة ولم يتخذ منها الحكم دليلاً على الطاعنة، وإنما
استند الحكم إلى أن إمضاء أخت الطاعنة وزوجة أخرى للمدين المورث على محضر حصر التركة
الذي تمسكت فيه الطاعنة بالسند لا يفيد إقرار المطعون عليهم به.
ومن حيث إنه لما تقدم من الأسباب يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه.