الطعن رقم 555 لسنة 48 ق – جلسة 10 /12 /1978
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
السنة 29 – صـ 896
جلسة 10 من ديسمبر سنة 1978
برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينه، والدكتور أحمد رفعت خفاجي، وأحمد طاهر خليل، ومحمد حلمي راغب.
الطعن رقم 555 لسنة 48 القضائية
(1، 2) نصب. جريمة. "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض.
"أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
1 – إلحاق المتهمين أبناء المجني عليهم بمدرسة انتهى ترخيصها وتحصيل مبالغ منهم مقابل
ذلك بمقتضي إيصالات باسم المدرسة. بدعوى أن ذلك يخولهم التقدم لامتحان شهادة عامة.
على غير الواقع. تتحقق به جريمة النصب.
2 – استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من أدلتها وعناصرها. موضوعي.
1 – لما كان الحكم الابتدائي المؤيد والمكملة أسبابه بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة
الدعوى بما مؤداه أن الطاعن وآخر أوهما المجني عليهم أولياء أمور التلاميذ الراغبين
في اجتياز المرحلة الابتدائية بأن في مكنة أبنائهم أن يلتحقوا بمدرسة الشعب الخاصة
بالباجور باعتبارها معتمدة من وزارة التربية والتعليم وأن يتقدموا عن طريقها لامتحان
الشهادة الابتدائية وقاما بتحصيل مبالغ من المجني عليهم بوصف أنها أقساط مدرسية مقابل
إيصالات تحمل اسم هذه المدرسة على الرغم من انتهاء الترخيص بها مما لا يمكن معه أن
تصدر المنطقة التعليمية أرقام جلوس للدارسين فيها لأداء الامتحان، وكان مفاد ما أورده
الحكم أن الطاعن وآخر أوهما المجني عليهم بمشروع كاذب فانخدعوا به وتوصلا بهذه الوسيلة
من وسائل الاحتيال إلى الاستيلاء على المبالغ الموضحة بالأوراق من المجني عليهم، فإن
ما خلص إليه الحكم فيما تقدم سائغ ويتوافر به ركن الطرق الاحتيالية التي تقوم عليها
جريمة النصب التي دين الطاعن بها كما هي معرفة به في القانون.
2 – من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من مجموع الأدلة والعناصر المطروحة أمامها
على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها – لما كان ذلك
– وكانت المحكمة قد بينت في حكمها واقعة الدعوى على الصورة التي استقرت في وجدانها
وأوردت أدلة الثبوت المؤدية إليها، فإن ما يثيره الطاعن بدعوى انتفاء الطرق الاحتيالية
لأن المبالغ التي دفعها المجني عليهم كانت مقابل دروس للتقوية تلقاها أبناؤهم بالفعل
– لا يعدو أن يكون منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من واقع عناصر الدعوى ومن ثم
فهو جدل موضوعي في مسائل واقعية تملك محكمة الموضوع التقدير فيها بغير معقب عليها من
محكمة النقض. وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه قد عرض لهذا الدفاع وأطرحه في
قوله "أن المتهمين قاما بإيهام أولياء أمور التلاميذ المجني عليهم بأن أولادهم قد ألحقوا
بمدرسة الشعب المعتمدة من وزارة التربية والتعليم والمستفاد ذلك من الإيصالات المطبوعة
التي أعطيت لهم عن سداد الرسوم وقد أثبت بها اسم مدرسة الشعب الابتدائية الخاصة بالباجور
وهو أمر مخالف للحقيقة إذ أن تلك المدرسة كان قد انقضي ترخيصها من قبل فانخدعوا بذلك
المشروع الكاذب ولذلك هرعوا إلى الشرطة عندما تبينوا حقيقة الأمر بعد أن اكتشفوا أن
أولادهم التلاميذ لم يقيدوا ضمن التلاميذ المقيدين لأداء امتحان القبول بالإعدادي وفي
هذا ما يكذب دفاع المتهمين من أنهم ما أقاموا هذه الفصول إلا للتقوية إذ أن الإيصالات
التي تفيد سداد الرسوم لم يذكر بها شيء من أنها مجرد فصول لتقوية التلاميذ ولهذا فإن
المجني عليهم لم يكونوا على بينة من حقيقة الأمر وإلا لما أقدموا على إلحاق أبنائهم
بتلك المدرسة الوهمية التي لا تعترف بها مديرية التعليم والتي لم يرخص لها بمزاولة
هذا العمل". وما أورده الحكم سائغ ومن ثم فإن النعي عليه بدعوى القصور في التسبيب والفساد
في الاستدلال لا يكون له محل.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه وآخر منذ ستة أشهر سابقة توصلا بطريقة النصب والاحتيال إلى الاستيلاء على المبالغ المبينة بالتحقيقات والمملوكة لأولياء أمور التلاميذ وهم….. و…… و….. وذلك باستعمالها طرقاً احتيالية من شأنها إيهام المجني عليهم بوجود مشروع كاذب هو فتح مدرسة خاصة يتقدم منها التلاميذ لاجتياز الشهادة الابتدائية فاقتنع المجني عليهم بتلك الحيلة وسلموا المتهم الأول المبالغ والرسوم المقررة بالتحقيقات فاقتسمها مع المتهم الثاني (الطاعن) وطلبت عقابهما بالمادة 336 من قانون العقوبات ومحكمة الباجور الجزئية قضت في الدعوى غيابياً عملاً بمادة الاتهام بحبس كل منهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة 10 جنيهات لإيقاف التنفيذ بلا مصاريف جنائية عارض وقضي في معارضته بقبول المعارضة شكلاً وفي موضوعها بتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه. فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم ومحكمة شبين الكوم الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي موضوعه بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم كل من المتهمين خمسين جنيهاً. فطعن المحكوم عليه الثاني في هذا الحكم بطريق النقض… إلخ.
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة النصب
قد شابه البطلان كما انطوى على قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وخطأ في تطبيق القانون،
ذلك بأن الحكم صدر من غير الهيئة التي سمعت المرافعة في الدعوى. هذا إلى أن الطاعن
قد أثاره في دفاعه أمام المحكمة الاستئنافية أنه لم يستعمل طرقاً احتيالية لأن تحصيل
المبالغ من المجني عليهم تم مقابل تلقي أبنائهم دروس التقوية في المدرسة التي كان مرخصاً
بها من وزارة التربية والتعليم وهي وإن ألغت هذا الترخيص، فإن ذلك ما زال محل دعوى
مرفوعة أمام محكمة القضاء الإداري لما يفصل فيها وقد تلقى التلاميذ دروس التقوية بالفعل
واجتازوا الامتحان بنجاح. وقدم المستندات المؤيدة لذلك إلا أن المحكمة التفتت عن هذا
الدفاع مع جوهريته.
وحيث إنه يبين من المفردات المضمومة أن الهيئة التي سمعت المرافعة في الدعوى وقررت
حجزها للحكم هي ذات الهيئة التي تداولت في إصدار الحكم ووقعت على منطوقه – خلافاً لما
يزعمه الطاعن بوجه الطعن – فإن الحكم يكون سليماً وبمنأى عن البطلان. لما كان ذلك.
وكان الحكم الابتدائي المؤيد والمكملة أسبابه بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى
بما مؤداه أن الطاعن وآخر أوهما المجني عليهم أولياء أمور التلاميذ الراغبين في اجتياز
المرحلة الابتدائية بأن في مكنة أبنائهم أن يلتحقوا بمدرسة الشعب الخاصة بالباجور باعتبارها
معتمدة من وزارة التربية والتعليم وأن يتقدموا عن طريقها لامتحان الشهادة الابتدائية
وقاما بتحصيل مبالغ من المجني عليهم بوصف أنها أقساط مدرسية مقابل إيصالات تحمل اسم
هذه المدرسة على الرغم من انتهاء الترخيص بها مما لا يمكن معه أن تصدر المنطقة التعليمية
أرقام جلوس للدارسين فيها لأداء الامتحان، وكان مفاد ما أورده الحكم أن الطاعن وآخر
أوهما المجني عليهم بمشروع كاذب فانخدعوا به، وتوصلا بهذه الوسيلة من وسائل الاحتيال
إلى الاستيلاء على المبالغ الموضحة بالأوراق من المجني عليهم، فإن ما خلص إليه الحكم
فيما تقدم سائغ ويتوافر به ركن الطرق الاحتيالية التي تقوم عليها جريمة النصب التي
دين الطاعن بها كما هي معرفة به في القانون لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة
الموضوع أن تستخلص من مجموع الأدلة والعناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة
الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها، وكانت المحكمة قد بينت في حكمها واقعة
الدعوى على الصورة التي استقرت في وجدانها وأوردت أدلة الثبوت المؤدية إليها، فإن ما
يثيره الطاعن بدعوى انتفاء الطرق الاحتيالية لأن المبالغ التي دفعها المجني عليهم كانت
مقابل دروس للتقوية تلقاها أبناؤهم بالفعل – لا يعدم أن يكون منازعة في سلامة ما استخلصته
المحكمة من واقع عناصر الدعوى، ومن ثم فهو جدل موضوعي في مسائل واقعية تملك محكمة الموضوع
التقدير فيها بغير معقب عليها من محكمة النقض. وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه
أنه قد عرض لهذا الدفاع وأطرحه في قوله "إن المتهمين قاما بإيهام أولياء أمور التلاميذ
المجني عليهم بأن أولادهم قد ألحقوا بمدرسة الشعب المعتمدة من وزارة التربية والتعليم
والمستفاد ذلك من الإيصالات المطبوعة التي أعطيت لهم عن سداد الرسوم وقد ثبت بها اسم
مدرسة الشعب الابتدائية الخاصة بالباجور وهو أمر مخالف للحقيقة إذ أن تلك المدرسة كان
قد انقضى ترخيصها من قبل فانخدعوا بذلك المشروع الكاذب ولذلك هرعوا إلى الشرطة عندما
تبينوا حقيقة الأمر بعد أن اكتشفوا أن أولادهم التلاميذ لم يقيدوا ضمن التلاميذ المقيدين
لأداء امتحان القبول بالإعدادي وفي هذا ما يكذب دفاع المتهمين من أنهم ما أقاموا هذه
الفصول إلا للتقوية إذ أن الإيصالات التي تفيد سداد الرسوم لم يذكر بها شيء من أنها
مجرد فصول لتقوية التلاميذ ولهذا فإن المجني عليهم لم يكونوا على بينة من حقيقة الأمر
وإلا لما أقدموا على إلحاق أبنائهم بتلك المدرسة الوهمية التي لا تعترف بها مديرية
التعليم والتي لم يرخص لها بمزاولة هذا العمل". وما أورده الحكم سائغ، فإن النعي عليه
بدعوى القصور في التسبيب أو الفساد في الاستدلال لا يكون له محل. لما كان ما تقدم،
فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً، مع مصادرة الكفالة عملاً
بالمادة 36 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
