الطعن رقم 1394 لسنة 47 ق – جلسة 12 /06 /1978
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
السنة 29 – صـ 598
جلسة 12 من يونيه سنة 1978
برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد الواحد الديب، ومحمد صلاح الدين الرشيدي، ومحمد صفوت القاضي، ومحمد عبد الحميد صادق.
الطعن رقم 1394 لسنة 47 القضائية
قتل عمد. قصد جنائي. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
تميز القتل العمد والشروع فيه. بنية خاصة. هي قصد إزهاق الروح. وجوب استظهار الحكم
له وإيراداً ما يدل على توافره. الحديث عن الأفعال المادية. لا ينبئ بذاته عن توافره.
صعود المتهم بالسيارة على إفريز الطريق ومداهمة المجني عليه ومعاودة ذلك. لا تنبئ بذاتها
على توافر قصد إزهاق الروح.
من المقرر أن جرائم القتل العمد والشروع فيه تتميز قانوناً بنية خاصة هي انتواء القتل
وإزهاق الروح وهذه تختلف عن القصد الجنائي العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم
العمدية، ومن الواجب أن يعنى الحكم الصادر بالإدانة في تلك الجرائم – القتل العمد والشروع
فيه – عناية خاصة باستظهار هذا العنصر وإيراد المظاهر الخارجية التي تدل عليه، ومن
ثم فإنه لا يشفع للحكم المطعون فيه في هذا المقام ما ساقه من أسباب التدليل على توافر
قصد القتل، ذلك بأنها لا تفيد في مجموعها – على ما سلف بيانه – سوى الحديث عن الأفعال
المادية التي اقترفها الطاعن، والتي لا تنبئ بذاتها عن توافر هذا القصد لديه، ولا يغني
في ذلك ما قاله الحكم من أن الطاعن قصد قتل المجني عليه، إذ أن قصد إزهاق الروح إنما
هو القصد الخاص المطلوب استظهاره بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي رأت المحكمة
أنها تدل عليه، الأمر الذي يعيب الحكم.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه شرع في قتل….. عمداً بأن سار بسيارته عامداً إلى المجني عليه مرتقياً الإفريز وصدمه بالسيارة وضغطه على ساتر واق من الغارات الجوية وكرر ذلك قاصداً قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركه المجني عليه بالعلاج. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام. فقرر ذلك وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم طالباً الحكم له عليه بمبلغ ثلاثين ألفاً من الجنيهات على سبيل التعويض والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45 و46 و234/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن خمس سنوات وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ عشرة آلاف جنيه والمصاريف المدنية المناسبة ومبلغ خمسين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة. فطعن الوكيل عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض… إلخ.
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة
الشروع في القتل قد انطوى على خطأ في الإسناد وفساد في الاستدلال، ذلك بأن ما أورده
الحكم في استخلاصه لواقعة الدعوى وأقوال المجني عليه من أن الطاعن – عقب المشادة التي
حدثت بينه وبين المجني عليه – قدم بسيارته مندفعاً بها من الناحية البحرية على عكس
اتجاه المرور وصعد بها على إفريز العمارة لمداهمة المجني عليه فصدمه بها وأخذه إلى
الساتر الواقي لمدخل العمارة وضغط عليه وخفف من وطأة الصدمة ارتطام السيارة بعامود
النور القائم بجوار الساتر يناقض ما ثبت من المعاينة التي أجرتها المحكمة من أن قدوم
السيارة من هذا الاتجاه لا يؤدي إلى اصطدامها بعامود النور، هذا إلى أن ما ساقه الحكم
بياناً لنية القتل لدى الطاعن لا يكفي لاستظهارها والاستدلال على توافرها في حقه، مما
يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه استخلص واقعة الدعوى وأقوال المجني
عليه بما مؤداه، أنه بعد أن وقعت مشادة بين الطاعن والمجني عليه بالشقة رقم 14 من العمارة
المملوكة للطاعن، وذلك بسبب إشراف المجني عليه على استغلال تلك الشقة كمكتب لحساب مستأجرها
أثناء غيبته بالمملكة العربية السعودية، هبط المجني عليه ومرافقه…… أمام باب العمارة
انتظاراً لقدوم ابن المجني عليه الذي استدعاه تلفونيا لمرافقته في عودته إلى منزله،
وعندئذ قدم الطاعن بسيارته مضيئاً أنوارها الكاشفة مندفعاً بها في عكس اتجاه المرور
ثم صعد بها على إفريز العمارة صوب المجني عليه وصدمه بها وأخذه إلى الساتر الواقي من
الغارات الجوية والمقام أمام باب العمارة وضغط عليه، وخفف من شده أصدمة ارتطام السيارة
بعامود النور الكائن قرب هذا الساتر ثم تقهقر بالسيارة إلى الخلف وعاود الكرة فسقط
المجني عليه مستغيثاً، وحال الناس دون تكرار ذلك، كما استدل الحكم على ثبوت قصد القتل
لدى الطاعن من دلائل الثبوت المشار إليها، وهو ما يفصح عنه صعوده بالسيارة على الإفريز
ومداهمة المجني عليه بها…….. على الصورة سالفة البيان…… غير مكتف بقوة اندفاعها
على كفايتها مستعيناً بالساتر في هرس المجني عليه. ثم اختتم الحكم حديثه في هذا الخصوص
بقوله: "ثم ها هو يظفر بالمجني عليه لقمة سائغة أمامه إذ يمتطى سيارته ويعزف عن الذهاب
بها إلى حظيرتها بالناحية القبلية من باب العمارة كي يعملها بالمجني عليه حيث اقتنصه
بالناحية البحرية من ذلك الباب ووقف الساتر الواقي من الغارات الجوية وعامود الإنارة
والشجرة بين الناحيتين"، كما يبين من الرجوع إلى المفردات المضمومة أن المحكمة قد انتقلت
في 5 من إبريل سنة 1976 لمعاينة مكان الحادث وقد أثبتت في معاينتها ما نصه، "بتكليف
المدعي المدني بتصوير كيفية وقوع الحادث….. قال أنه كان يقف عند النهاية البحرية
للساتر…… إذ بسيارة المتهم تأتي من الناحية البحرية وتصعد الإفريز وتصدمه من الأمام
وتضغطه على الساتر وقد خفف من أثر مداهمتها له اصطدامها بعامود النور، ولما كان مجيء
السيارة من الناحية البحرية ومداهمته وفق هذا التصوير أمر لا يجعلها تصطدم بعامود النور،
فقد لفت نظره لذلك ووجه به فأصر على تصويره، وبالاستفسار منه عما إذا كانت السيارة
قد أتت من الناحية الغربية المواجهة لموقفه وقت الحادث حيث تكون قادمة في هذه الحالة
للاصطدام بعامود النور نفى ذلك وأصر على تصويره للحادث قائلاً إن هذا هو ما يذكره وأن
الحادث قد تقادم عليه العهد…….". لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد انطوى
على خطأ في التحصيل أسلمه إلى فساد في التدليل على قصد القتل هذا إلى ما هو مقرر من
أن جرائم القتل العمد والشروع فيه تتميز قانوناً بنية خاصة هي انتواء القتل وإزهاق
الروح وهذه تختلف عن القصد الجنائي العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم العمدية،
ومن الواجب أن يعنى الحكم الصادر بالإدانة في تلك الجرائم – القتل العمد والشروع فيه
– عناية خاصة باستظهار هذا العنصر وإيراد المظاهر الخارجية التي تدل عليه، ومن ثم فإنه
لا يشفع للحكم المطعون فيه في هذا المقام ما ساقه من أسباب التدليل على توافر القصد
القتل، ذلك بأنها لا تفيد في مجموعها – على ما سلف بيانه – سوى الحديث عن الأفعال المادية
التي اقترفها الطاعن، والتي لا تنبئ بذاتها عن توافر هذا القصد لديه، ولا يغني في ذلك
ما قاله الحكم من أن الطاعن قصد قتل المجني عليه، إذ أن قصد إزهاق الروح إنما هو القصد
الخاص المطلوب استظهاره بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي رأت المحكمة أنها تدل
عليه، الأمر الذي يعيب الحكم – فضلاً عن فساد استدلاله بالقصور في البيان الذي يستوجب
نقضه والإحالة دون حاجة لمناقشة وجوه الطعن الأخرى.
