الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 697 لسنة 26 ق – جلسة 27 /11 /1983 

مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والعشرون – العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1983 إلى آخر فبراير سنة 1984) – صـ 144


جلسة 27 من نوفمبر سنة 1983

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد صالح الساكت نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور نعيم عطيه جرجس ويحيى عبد الفتاح سليم البشري ومحمد فؤاد عبد الرازق الشعراوي وصلاح الدين أبو المعاطي نصير – المستشارين.

الطعن رقم 697 لسنة 26 القضائية

( أ ) دعوى – قبول الدعوى – عاملون مدنيون بالدولة – المادة 87 من القانون رقم 58 لسنة 1971.
نص المادة 87 من القانون رقم 58 لسنة 1971 لا يتعلق بالدعاوى التي يقتصر موضوعها على المطالبة بدين عادي – وإنما يتعلق بالدعاوى المتعلقة بتعديل المركز القانوني للموظف المستندة إلى القوانين والنظم والقرارات السابقة على نفاذ ذلك القانون – المطالبة بأجر عمل غير عادي ومكافأة تشجيعية وإنتاج وبدل طبيعة عمل وانتقال هي مطالبة بدين عادي – لا تخضع للميعاد الوارد بالمادة 87 – تطبيق [(1)].
(ب) عاملون مدنيون بالدولة – الاستدعاء للاحتياط.
احتفاظ العامل بالرواتب والتعويضات والأجور والمكافآت التشجيعية ومكافأة الإنتاج عن مدة استدعائه للاحتياط – ما لم يرد عليها التقادم الخمسي طبقاً للمادة 50 من اللائحة المالية للميزانية والحسابات – الاحتفاظ بالرواتب والتعويضات والأجور تقرر بالقانون 234 لسنة 1959 المعمول به من أول أكتوبر سنة 1959 – الاحتفاظ بالمكافآت والميزات المالية الأخرى تقرر بالقانون 132 لسنة 1964 المعدل للقانون سالف الذكر والمعمول به اعتباراً من 24/ 3/ 1964 – تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 22/ 3/ 1980 أودع الأستاذ صابر رزق المحامي وكيلاً عن السيد فوزي عبد الخالق محمد فتح الباب قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 697 لسنة 26 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 24/ 12/ 1979 والقاضي بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد وإلزام المدعي بالمصروفات وذلك في الدعوى رقم 767 لسنة 33 ق المقامة من السيد/ فوزي عبد الخالق محمد فتح الباب ضد السيدين وزير المالية ومدير عام مصلحة الضرائب بصفتيهما طالباً الحكم بأحقيته لأجر العمل غير العادي والمكافآت التشجيعية ومكافآت الإنتاج وبدل طبيعة العمل وبدل الانتقال الثابت وكافة الميزات الأخرى عن المدة التي قضاها بخدمة القوات المسلحة من تاريخ العمل بالقانون رقم 134 لسنة 1959 وذلك عن المدد من 9/ 4/ 1956 إلى 1/ 8/ 1958 ومن 15/ 4/ 1959 إلى 15/ 5/ 1959 ومن 26/ 5/ 1959 إلى 3/ 12/ 1966 ومن 17/ 5/ 1967 إلى 4/ 8/ 1967 وذلك مع إلزام المدعى عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقد انتهى تقرير الطعن للأسباب التي أوردها إلى طلب الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم للطاعن بطلباته التي أقام بها الدعوى رقم 767 لسنة 33 ق أمام محكمة القضاء الإداري مع إلزام المطعون ضدهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين. وكان الطاعن قد تقدم في 17/ 1/ 1980 بطلب المعافاة من الرسوم القضائية رقم 26 لسنة 26 ق وتقرر قبوله في 11/ 2/ 1980. وقد أعلن الطعن على النحو المبين بالأوراق. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري "دائرة التسويات" للفصل في موضوعها مع إبقاء الفصل في المصروفات. وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة وبجلسة 28/ 3/ 1983 قررت المحكمة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الثانية" التي نظرته بجلسة 9/ 10/ 1983 واستمعت إلى ما رأت لزوم الاستماع إليه من إيضاحات ذوي الشأن وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم. وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ساعة النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع هذه المنازعة تتحصل – حسبما يبين من أوراق الطعن في أن السيد/ فوزي عبد الخالق محمد فتح الباب أقام الدعوى رقم 697 لسنة 27 ق بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 26/ 2/ 1979 ضد السيد وزير المالية والسيد مدير عام مصلحة الضرائب طالباً الحكم بأحقيته في أجر العمل غير العادي والمكافآت التشجيعية ومكافآت الإنتاج وبدل طبيعة العمل وبدل الانتقال الثابت وكافة الميزات الأخرى عن المدد التي قضاها بخدمة القوات المسلحة من تاريخ العمل بالقانون رقم 234 لسنة 1956 وهي من 9/ 4/ 1956 إلى 1/ 8/ 1958 ومن 15/ 4/ 1959 إلى 15/ 5/ 1959 ومن 26/ 5/ 1959 إلى 3/ 12/ 1966 ومن 17/ 5/ 1967 إلى 4/ 8/ 1967 مع إلزام المدعى عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال المدعي شرحاً لدعواه إنه التحق بخدمة القوات المسلحة اعتباراً من 9/ 4/ 1956 برتبة ملازم ثان احتياط، وتدرج بالترقي إلى أن حصل على رتبة رائد احتياط في عام 1959 وأمضى في خدمة القوات المسلحة المدد من 9/ 4/ 1956 إلى 1/ 8/ 1958 ومن 15/ 4/ 1959 إلى 15/ 5/ 1959 ومن 21/ 5/ 1959 إلى 3/ 12/ 1966 ومن 17/ 5/ 1967 إلى 2/ 8/ 1967 وعاد إلى وظيفته المدنية بمصلحة الضرائب من 5/ 5/ 1967 ويقضي نظام العمل بمصلحة الضرائب باستحقاق العاملين بالمصلحة ومن بينهم المدعي الأجور الإضافية والمكافآت التشجيعية ومكافآت الإنتاج وبدل طبيعة العمل وبدل الانتقال الثابت، وأنه أثناء عمله بالقوات المسلحة أحجمت مصلحة الضرائب عن صرف هذه الميزات للمدعي بالمخالفة لأحكام المادة 31 من القانون رقم 234 لسنة 1959 المعدل بالقانون رقم 132 لسنة 1964 الأمر الذي دعاه إلى إقامة هذه الدعوى بعد أن رفضت المصلحة الاستجابة إلى العديد من شكاويه. وقدمت إدارة قضايا الحكومة مذكرة بدفاع المدعى عليهما بجلسة المرافعة في 19/ 11/ 1979 طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد استناداً إلى نص المادة 87 من القانون رقم 58 لسنة 1971 بنظام العاملين المدنيين بالدولة، واحتياطياً برفض الدعوى تأسيساً على أن الأجر الإضافي هو مبلغ يصرف للعامل الذي يؤدي عملاً بعد مواعيد العمل الرسمية ويرتبط استحقاقه بضوابط معينة متروك تقديرها للجهة الإدارية التي يتبعها العامل حيث يحق منحها لعامل دون آخر بعد قضاء عدد معين من الساعات الإضافية. ومن ثم فهو لا يعتبر حقاً لجميع العاملين وإنما يستحق لبعضهم ممن تتوافر فيهم تلك الضوابط. وكذلك فإن المكافآت التشجيعية تصرف للعامل الذي يؤدي عملاً ممتازاً، وهي كالأجور الإضافية قد تمنح لعامل دون آخر طبقاً لتقدير جهة الإدارة. وقد صدر القانون رقم 9 لسنة 1972 متضمناً منح العاملين المستدعين لخدمة الاحتياط من الحكومة أو المؤسسات العامة أو الوحدات الاقتصادية التابعة لها أو الشركات والمؤسسات الأهلية مكافآت وحوافز الإنتاج بذات النسب التي يحصل عليها زملاؤهم من العاملين الذين يسهمون في زيادة الإنتاج بصفة فعلية. كما أن بدل طبيعة العمل تقرر للعاملين بمصلحة الضرائب بمقتضى القرار الجمهوري رقم 192 لسنة 1972 وخلصت جهة الإدارة من كل ذلك إلى عدم أحقية المدعي في طلباته.
وبجلسة 24/ 12/ 1979 حكمت محكمة القضاء الإداري بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد وألزمت المدعي المصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها على أن المدعي يطلب أحقيته في الميزات المالية التي كان يتقاضاها بمصلحة الضرائب إبان مدد عمله بالقوات المسلحة استناداً إلى أحكام القانون رقم 231 لسنة 1959 معدلاً بالقانون رقم 132 لسنة 1964، وأن المادة 87 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1971 تنص على أنه "مع عدم الإخلال بنص المادة من القانون رقم 55 لسنة 1959 بتنظيم مجلس الدولة، يكون ميعاد رفع الدعوى إلى المحكمة المختصة ثلاث سنوات من تاريخ العمل بهذا القانون وذلك فيما يتعلق بالمطالبة بحقوق الخاضعين له التي نشأت قبل العمل به متى كانت مترتبة على أحكام القوانين والقواعد والقرارات والنظم السابقة على نفاذه، ولا يجوز بعد هذا الميعاد تعديل المركز القانوني للعامل على أي وجه من الوجوه إلا إذا كان ذلك تنفيذاً لحكم قضائي نهائي" والمستفاد من هذا النص أن المشرع استحدث به نظاماً قصد به تصفية الحقوق المترتبة على القوانين والقواعد والقرارات والنظم السابقة على نفاذه وذلك بشرطين: الأول، أن يكون الحق قد نشأ قبل نفاذ القانون رقم 58 لسنة 1971 والثاني أن يكون مصدر الحق أحكام القوانين والقواعد والقرارات والنظم السابقة في صدورها على نفاذ هذا القانون. فإذا توافر هذان الشرطان وانقضى ميعاد الثلاث سنوات المنصوص عليها في المادة السابقة ولم يكن العامل قد رفع دعوى المطالبة القضائية، ولم تكن الجهة الإدارية قد أجابته إلى طلبه امتنع وجوباً على المحكمة قبول الدعوى لتعلق هذا الميعاد بالنظام العام. والميعاد المنصوص عليه في المادة المشار إليها هو ميعاد سقوط لا يقبل وقفاً أو انقطاعاً ومن ثم فإن تقديم طلب الإعفاء من الرسوم القضائية لا يقطع هذا الميعاد. ولما كان المدعي قد أقام الدعوى الماثلة في 26/ 2/ 1979 للمطالبة بحقوق نشأت قبل العمل بالقانون رقم 58 لسنة 1971 ومستنداً إلى قانون سابق على نفاذ ذلك القانون. فمن ثم يتعين القضاء بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد، ويلزم المدعي المصروفات عملاً بنص المادة 184 مرافعات.
ويقوم الطعن الماثل على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وشابه القصور وجانبه الصواب فيما قضى به، وذلك لأن الدعوى مثار المنازعة هي من دعاوى التسويات التي لا تتقيد بالمواعيد والإجراءات المقررة لدعوى الإلغاء ومن ثم فقد كان يتعين قبولها شكلاً. هذا فضلاً عن أن طلبات الطاعن إنما تتمثل في أحقيته في الميزات المالية التي يتقاضاها زملاؤه بمصلحة الضرائب إبان مدة استدعائه بالقوات المسلحة. وهذا لا يتضمن تعديلاً لمركز قانوني أو رد الأقدمية على النحو الذي يتفق مع المادة 87 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1971. وقد جرى العمل على صرف هذه الميزات المالية للعاملين بمصلحة الضرائب، وذلك لتعويضهم عن الجهد الخاص الذي يبذلونه في أعمالهم. ومن ثم لا ينبغي أن يحرم من هذه الميزات المالية الذي يستدعى لخدمة القوات المسلحة. وإلا كان ذلك مخالفاً للمادة 31 من القانون رقم 234 لسنة 1959 معدلاً بالقانون رقم 132 لسنة 1964.
ومن حيث إنه ولئن كان المستفاد من نص المادة 87 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 58 لسنة 1971 أن المشرع استحدث فيها نظاماً عاماً قصد منه تصفية الحقوق المترتبة على القوانين والنظم السابقة على نفاذه، وذلك بشرطين أولهما أن يكون الحق قد نشأ قبل نفاذ القانون رقم 58 لسنة 1971 وثانيهما أن يكون مصدر الحق القوانين والقرارات السابقة في صدورها على هذا التاريخ. فإذا توافر هذان الشرطان تعين على صاحب الشأن المطالبة بحقه في الميعاد المنصوص عليه في هذه المادة، وهو ثلاث سنوات من 30/ 9/ 1971 تاريخ العمل بالقانون رقم 58 لسنة 1971. فإذا انقضى الميعاد ولم تكن الجهة الإدارية قد أجابته إلى طلبه ولم ترفع دعوى المطالبة القضائية خلاله امتنع وجوباً على المحكمة قبول الدعوى لتعلق الأمر بالنظام العام. كما يمتنع على الجهة الإدارية لذات السبب النظر في إجابته لطلبه ما لم يكن ذلك تنفيذاً لحكم قضائي نهائي، إلا أن ذلك قاصر على حالة ما إذا ترتب على إجابة هذا الطلب تعديل المركز القانوني للعامل وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن نص المادة 87 من القانون رقم 58 لسنة 1971 لا يتعلق في شيء بالدعاوى التي يقتصر موضوعها على المطالبة بالديون العادية المستحقة للموظفين قبل الحكومة، وإنما يتعلق بالدعاوى المتعلقة بالمركز القانوني للموظف، المستندة إلى القوانين والنظم والقرارات السابقة على نفاذ ذلك القانون، مما يقتضي أن يكون من شأنه تعديل المركز القانوني للعاملين الخاضعين له على أي وجه من الوجوه. والأمر ليس كذلك في خصوصية هذه الدعوى التي تتعلق بطلب المدعي صرف أجر العمل العادي والمكافآت التشجيعية ومكافآت الإنتاج وبدل طبيعة العمل وبدل الانتقال الثابت وكافة الميزات الأخرى عن المدد التي قضاها بخدمة القوات المسلحة في المدة من 9/ 4/ 1956 إلى 1/ 8/ 1958 ومن 15/ 4/ 1959 إلى 15/ 5/ 1959 ومن 26/ 5/ 1959 إلى 3/ 12/ 1966 ومن 17/ 5/ 1967 إلى 4/ 8/ 1967 وذلك من تاريخ العمل بالقانون رقم 234 لسنة 1959 بشأن قواعد خدمة الضباط الاحتياط بالقوات المسلحة فالدعوى على هذا الأساس ليست مطالبة بإنشاء حالة قانونية جديدة للمدعي غير تلك القائمة فعلاً وقانوناً خلال المدة المطالب عنها بهذا البدل، وإنما هي مطالبة بدين عادي للمدعي قبل الحكومة بمراعاة هذه الحالة وكأثر من آثارها ولا يسقط الحق في طلب هذا الدين إلا بمقتضى القواعد العادية. ومن ثم لا تخضع الدعوى للميعاد الوارد بالمادة 87 من القانون رقم 58 لسنة 1971 المشار إليه.
ومن حيث إن القانون 234 لسنة 1959 في شأن قواعد خدمة الضباط الاحتياط بالقوات المسلحة كان ينص في المادة 31 – قبل تعديلها بالقانون رقم 132 لسنة 1964 على أن "تتحمل كل من دوائر الحكومة ومؤسساتها العامة كامل رواتب وتعويضات وأجور المستدعين منها كضباط احتياط عن مدة دعوتهم للخدمة بالقوات المسلحة" ثم أصبح نص هذه المادة بعد تعديلها بالقانون رقم 132 لسنة 1964 يقضي بأن "تتحمل كل من دوائر الحكومة والمؤسسات العامة والشركات التابعة لها كامل رواتب وتعويضات وأجور ومكافآت والميزات الأخرى للمستدعين منها كضباط احتياط عن مدة دعوتهم للخدمة بالقوات المسلحة" وقد ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 132 لسنة 1964 المشار إليه تعليقاً على هذا النص أن تعديل المادة 31 قد تم بما يكفل حسم الخلافات في التفسير التي ثارت بشأن تطبيقها.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه ولئن كان الأصل في الأجور الإضافية أنها وسيلة استثنائية لتعويض بعض العاملين عن جهد خاص يبذلونه في فترات معينة، وهذا ما يكشف عنه تنظيم الأجور الإضافية، إذ يقتصر منحها على نسبة معينة من العاملين وعلى فئات محددة منهم، إلا أنه في مصلحة الضرائب يأخذ شكلاً آخر، مما اقتضى منح الأجور الإضافية للعاملين فيها بصفة شاملة ومنتظمة عملاً بالقرار الجمهوري رقم 707 لسنة 1960 باستثنائهم من أحكام قراري رئيس الجمهورية رقمي 156 لسنة 1959 و1328 لسنة 1959 بشأن الأجور الإضافية اللذين تضمنا قيوداً على منح الأجور الإضافية من حيث نسبة العاملين الذين يتقاضونه ودرجاتهم. ومن ثم فإن حرمان المستدعي للاحتياط من العاملين بهذه المصلحة من الأجور الإضافية يؤدي إلى حرمانهم من بعض رواتبهم وأجورهم وتعويضاتهم بالمخالفة لأحكام المادة 31 من القانون رقم 234 لسنة 1959 من قبل تعديله بالقانون رقم 132 لسنة 1964 وبعده من باب أولى.
ومن حيث إنه بالنسبة للمكافآت التشجيعية ومكافآت الإنتاج فإنها لا تدخل في عموم نص المادة 31 من القانون رقم 234 لسنة 1959 قبل إضافة عبارة (وكامل الميزات الأخرى) إليه بالقانون رقم 132 لسنة 1964 الذي عدلها بإضافة هذه العبارة إلى ما كان وارداً فيها من أن تتحمل كل من دوائر الحكومة والمؤسسات العامة كامل رواتب وتعويضات وأجور المستدعين فيها كضباط احتياط مدة دعوتهم للخدمة بالقوات المسلحة. فالحق في تقاضي هؤلاء المكافآت التشجيعية لم يتقرر إلا بمقتضى التعديل الذي جاء به القانون رقم 132 لسنة 1964 وعن المدة التالية لتاريخ العمل به باعتبارها من المزايا المقررة لوظائفهم.
ومن حيث إنه عن مرتب الانتقال الثابت لمأموري الضرائب الذي عدلت تسميته بالنسبة لهم إلى بدل طبيعة عمل بمقتضى القرار الجمهوري رقم 192 لسنة 1972 فسنده القانوني هو قرار مجلس الوزراء الصادر في 28/ 12/ 1949 "بتقرير مرتب انتقال ثابت اعتباراً من أول يناير سنة 1950 للموظفين الفنيين بمصلحة الضرائب على اختلاف درجاتهم وكذلك المفتشين الإداريين ومندوبي الحجز، وذلك بالفئات الموضحة بالمذكرة….." فيستحق ضابط الاحتياط المستدعى من العاملين الفنيين بمصلحة الضرائب مرتب الانتقال الثابت باعتباره من الرواتب والأجور المنصوص عليها في المادة 31 من القانون رقم 234 لسنة 1959 السالف الذكر.
ومن حيث إن حقوق المستدعين كضباط احتياط في الاحتفاظ بالرواتب والتعويضات والأجور عن مدة دعوتهم للخدمة بالقوات المسلحة إنما تقررت بالقانون رقم 234 لسنة 1959 المشار إليه، وقد نصت المادة 73 من هذا القانون على أن يعمل به اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1959 فإن أحقية المدعي في هذه المبالغ تقتصر على مدة استدعائه كضابط احتياط بالقوات المسلحة اعتباراً من هذا التاريخ ما لم يكن قد لحقها التقادم الخمسي المنصوص عليه في المادة 50 من اللائحة المالية للميزانية والحسابات على أن الحق في تقاضي المدعي للمكافآت التشجيعية ومكافآت الإنتاج التي تصرف لزميله في الوظيفة المدنية لم يتقرر إلا بمقتضى التعديل الوارد به القانون رقم 132 لسنة 1964 وعن المدة التالية لتاريخ العمل به، ذلك أن المادة 31 من القانون رقم 234 لسنة 1959 تقصر حق العاملين المستدعين إلى الخدمة بالقوات المسلحة على الاحتفاظ بالرواتب والأجور والتعويضات، ولم تنص على حقهم في الاحتفاظ بالمكافآت والميزات المالية الأخرى المقررة لوظائفهم المدنية إلا بموجب التعديل الوارد على المادة 31 المشار إليها بالقانون رقم 132 لسنة 1964 المعمول به اعتباراً من 24/ 3/ 1964 وعلى ذلك فإن حق المدعي في تقاضي ما يصرف لزميله في الوظيفة المدنية فعلاً من مكافآت تشجيعية ومكافآت إنتاج عن مدة استدعائه لا يبدأ إلا من هذا التاريخ حيث كان حقه قبله مقصوراً على الأجور والرواتب وحدها.
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت بأن المرتبات – من أجور ومكافآت وبدلات – بطبيعتها من الحقوق التي تتقادم بخمس سنوات باعتبارها دورية متجددة. وهاتان الصفتان لا تزالان ما تجمد منها. ولا يغير من طبيعة المرتب، كحق دوري متجدد، قيام المنازعة في أصل استحقاقه. كما قضت بأنه يقوم مقام المطالبة القضائية في قطع التقادم الطلب أو التظلم الذي يوجهه العامل إلى السلطة المختصة متمسكاً فيه بحقه وطالباً أدائه. وقد قدم المدعي ضمن حافظة مستنداته التي لم تجحدها جهة الإدارة ما يفيد تظلمه إليها في 24/ 9/ 1966 من عدم صرف مستحقاته طبقاً للمادة 31 من القانون رقم 234 لسنة 1959 معدلة بالقانون رقم 132 لسنة 1964 وقد كرر هذا التظلم في 7/ 2/ 1968 و20/ 7/ 1970 و31/ 3/ 1974 و27/ 5/ 1976 ومن ثم فإنه يستحق الفروق المالية المترتبة على أحقيته في الإفادة من المادة 31 من القانون رقم 234 لسنة 1959 وتعديلها بالقانون رقم 132 لسنة 1964 اعتباراً من 24/ 9/ 1961.
ومن حيث إنه متى كان ذلك، فإنه يتعين الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وبأحقية المدعي في مبالغ الأجر الإضافي ومرتب الانتقال الثابت طبقاً للقانون رقم 234 لسنة 1959 في فترة استدعائه للخدمة العسكرية كضابط احتياط من 24/ 9/ 1961 إلى 1/ 12/ 1966 ومن 17/ 5/ 1967 إلى 4/ 8/ 1967 وبأحقيته في المكافآت التشجيعية ومكافأة الإنتاج طبقاً للقانون المشار إليه معدلاً بالقانون رقم 132 لسنة 1964 في المدة من 24/ 3/ 1964 إلى 1/ 12/ 1966 ومن 17/ 5/ 1967 إلى 4/ 8/ 1967 ورفض ما عدا ذلك من طلبات. مع إلزام جهة الإدارة المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبأحقية المدعي في الأجر الإضافي ومرتب الانتقال الثابت من 24 من سبتمبر سنة 1961 حتى أول ديسمبر سنة 1966 ومن 17 مايو سنة 1967 حتى 4 من أغسطس سنة 1967 وللمكافآت التشجيعية ومكافأة الإنتاج من 24 من مارس سنة 1964 حتى أول ديسمبر سنة 1966 ومن 17 من مايو سنة 1967 حتى 24 من أغسطس سنة 1967 وبرفض ما عدا ذلك من الطلبات وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات.


[(1)] راجع في ذات المعنى الأحكام 616 – 28 ق (21/ 11/ 1982) – 782 – 24 ق (28/ 11/ 1982).

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات