الطعن رقم 912 لسنة 27 ق – جلسة 26 /11 /1983
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ
القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والعشرون – العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1983 إلى آخر فبراير سنة
1984) – صـ 134
جلسة 26 من نوفمبر سنة 1983
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد ثابت عويضة رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد محمد عبد المجيد وعبد الفتاح السيد بسيوني ومحمد عبد الرازق خليل وحسن حسنين علي – المستشارين.
الطعن رقم 912 لسنة 27 القضائية
جنسية – فقد الجنسية – الزواج من أجنبي – مدى الاحتفاظ بالجنسية.
زواج مصرية من أردني بعقد رسمي موثق – استخراج المذكورة جواز سفر أردني – معاملة السلطات
المصرية لها على أنها أجنبية – القانون رقم 82 لسنة 58 هو الواجب التطبيق على الحالة
المعروضة – هذا القانون نص في المادة 19 على أن مجرد زواج المرأة المتمتعة بجنسية الجمهورية
العربية من أجنبي لا يفقدها جنسيتها العربية – إلا إذا رغبت في الدخول في جنسية زوجها
وأثبتت رغبتها هذه عند الزواج أو أثناء قيام الزوجية – إثبات الرغبة لا يعني بالضرورة
إعلانها إلى وزير الداخلية هذه الرغبة تثبت بأي دليل يفيد توافرها – استخراج المذكورة
لجواز سفر أردني ومعاملة السلطات المصرية لها على أنها أجنبية يكفي في إثبات رغبتها
في الدخول في جنسية زوجها – مقتضى نص م 19 السابقة عدم جواز احتفاظ المرأة المتمتعة
بجنسية الجمهورية العربية المتحدة التي تتزوج بأجنبي بجنسيتها العربية إذا رغبت في
الدخول في جنسية زوجها وأثبتت هذه الرغبة عند الزواج أو أثناء قيام الزوجية وكان قانون
الزوج يدخلها في جنسيته – عدم جواز الاحتفاظ من باب أولى إذا ما تعدت الرغبة في اكتساب
جنسية زوجها إلى اكتسابها فعلاً – تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم السبت الموافق 9 من مايو سنة 1981 أودعت إدارة قضايا الحكومة
نائبة عن الطاعنين – قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم
912 لسنة 27 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد
والهيئات" بجلسة 10 من مارس سنة 1981 في الدعوى رقم 299 لسنة 33 القضائية، والقاضي
بقبول الدعوى شكلاً وفي موضوعها بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الحكومة بالمصاريف.
وطلب الطاعنان الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض
الدعوى مع إلزام المطعون ضدها بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه إلى قبول الطعن شكلاً ورفضه
موضوعاً وإلزام الطاعنين بالمصاريف.
وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 4/ 10/ 1982 وتدوول بجلساتها على الوجه الثابت
بالمحاضر، وبجلسة 2/ 5/ 1983 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا
"الدائرة الأولى" لنظره بجلسة أول أكتوبر سنة 1983. ونظرت المحكمة الطعن، وقررت إصدار
حكمها فيه بجلسة 29 من أكتوبر سنة 1983 ثم مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لإتمام
المداولة، وفيها صدر الحكم التالي وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
"المحكمة"
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – في أن المطعون ضدها
كانت قد أقامت الدعوى رقم 299 لسنة 33 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري – بعريضة
أودعتها قلم كتابها بتاريخ 28/ 11/ 1978 طلبت فيها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار
ومنعها في السفر مع إلزام المطعون ضدها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقالت شرحاً لدعواها إنها تزوجت بتاريخ 5/ 3/ 1973 بالسيد محمد سمير روبين الأردني
الجنسية، وبناء على ذلك حصلت على الجنسية الأردنية واستخرجت جواز سفر أردني برقم 365327
في 19/ 8/ 1973 وتسمت فيه باسم دلال محمد سمير روبين، وأنجبت من زوجها طفلاً، وظلت
تستخدم هذا الجواز في سفرها ودخولها إلى عدة بلاد – من بينها مصر التي كانت تدخل إليها
باعتبارها أجنبية، ويقيد اسمها في الدفتر المعد لإثبات إقامة الأجانب في قسم الشرطة
طبقاً لتعليمات وزارة الداخلية، كما كانت تحصل على موافقات بامتداد إقامتها في مصر
بوصفها أجنبية. واستطردت المدعية أن جواز سفرها المشار إليه انتهت مدته في 19/ 8/ 1987
أثناء وجودها بالقاهرة ومن ثم استخرجت جوازاً جديداً برقم 1798101 من السفارة الأردنية
وثابت به أنها حصلت على موافقة وزارة الداخلية المصرية بمد إقامتها باعتبارها أجنبية.
غير أنها فوجئت عند مغادرتها القاهرة بتاريخ 12/ 10/ 1978 بمنعها من السفر وذلك بالرغم
من كونها أردنية الجنسية وتعامل في مصر باعتبارها أجنبية وسبق ترددها عليها عدة مرات.
وانتهت المدعية إلى طلباتها في الدعوى. وردت جهة الإدارة على الدعوى بمذكرة جاء بها
أن المادة 20 من قانون الجنسية تنص على أن توجه الإقرارات وإعلانات الاختيار والأوراق
والطلبات الخاصة بالجنسية إلى وزير الداخلية أو من ينيبه في ذلك وأن تحرر على النماذج
التي يصدر قرار من وزير الداخلية بتحديدها ومؤدى ذلك أنه كان يتعين على المدعية أن
تعلن رغبتها في اكتساب جنسية زوجها الأردني إلى السلطات المصرية حتى يكون إعلان الرغبة
قانونياً وينتج أثره القانوني في مواجهة السلطات المصرية بأن يترتب على ذلك فقدانها
لجنسيتها المصرية ومعاملتها على أنها أردنية الجنسية طبقاً لحكم المادة 12 من القانون
رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية وهذا ما لم يحدث، ومن ثم تظل المدعية محتفظة
بجنسيتها المصرية وتخضع بذلك للقوانين المصرية. وأضافت مذكرة جهة الإدارة أنه غير صحيح
أن المدعية تعاملت مع السلطات المصرية بوصفها أردنية لأنها عوملت كمزدوجة الجنسية،
وذلك لا يسقط عنها الجنسية المصرية لأن اكتساب المدعية للجنسية الأردنية وفقاً لأحكام
القانون الأردني أمر ليس في استطاعة السلطات المصرية منه أو نكرانه، وأضافت المذكرة
أنه لا وجه للاستناد إلى أحكام اتفاقية الجنسية العربية التي وافقت عليها مصر بالقانون
رقم 28 لسنة 1954 لأن هذه الاتفاقية لم توضع موضع التنفيذ العملي حتى الآن فضلاً عما
هو معروف من تفكك جامعة الدول العربية وخروج مصر من عضويتها وما يترتب على ذلك من عدم
الالتزام باتفاقياتها السابقة، علاوة على أن اتفاقية الجنسية لم توافق عليها جميع دول
الجامعة في حينها الأمر الذي يتعين معه عدم الالتزام بها أو المحاجة بأحكامها.
وبجلسة 26/ 6/ 1979 حكمت محكمة القضاء الإداري برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه
وألزمت المدعية مصروفات هذا الطلب.
وبجلسة 10/ 3/ 1981 حكمت المحكمة في موضوع الدعوى بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام
الحكومة بالمصاريف. وأقامت قضاءها على أن مفاد حكم المادة 12 من القانون رقم 26 لسنة
1975 بشأن الجنسية المصرية أن زواج (المصرية) من أجنبي بعقد صحيح من شأنه أن يدخلها
في جنسية زوجها متى أبدت رغبتها في الدخول في هذه الجنسية في أي وقت أثناء قيام الزوجية
وكان قانوناً جنسية الزوج يسمح بدخولها فيها.
ويترتب على دخول هذه الزوجة في جنسية زوجها الأجنبية سقوط جنسيتها المصرية ما لم تعلن
رغبتها في الاحتفاظ بهذه الجنسية خلال سنة من تاريخ دخولها في جنسية الزوج. ولما كانت
هذه المادة لم تحدد وسيلة معينة لإعلان الرغبة في الدخول في جنسية الزوج فمن ثم يكون
إبداء هذه الرغبة بأية وسيلة تكشف عنها وتحمل معناها. وبالتالي فإن استخراج المصرية
المتزوجة بأجنبي جواز سفر من الدولة التي ينتمي إليها الزوج بجنسيته يعني أمرين (الأول)
أنها اختارت جنسية دولة الزوج وكشفت عن ذلك باستخراج جواز السفر (والثاني) أن قانون
جنسية زوجها يسمح بدخولها في هذه الجنسية بدليل استخراجها لجواز سفر بجنسيتها الجديدة.
وبتطبيق هذه القواعد على حالة المدعية يبين أنها قد أبدت رغبتها في اكتساب جنسية زوجها
الأردنية واكتسبتها بالفعل حيث استخرجت جواز سفر أردني أثبتت فيه اسمها (دلال محمد
سمير روبين) نسبة إلى زوجها. وتعاملت المدعية مع الحكومة المصرية باعتبارها أجنبية
وعاملتها الحكومة المصرية باعتبارها كذلك.
فكانت المدعية تمنح إقامة مؤقتة عند دخولها مصر ويقيد اسمها في السجل المعد لقيد الأجانب
في قسم الشرطة المختص على النحو المثبت بعدة صفحات من جواز السفر المذكور. ولما كان
زواج المدعية بالمدعو/ ……. الأردني قد تم بعقد زواج رسمي موثق بمكتب سجل مدني الأزبكية
برقم 951 بتاريخ 7/ 3/ 1973، فمن ثم تكون المدعية قد اكتسبت الجنسية الأردنية، وإذ
لم تبد رغبتها في الاحتفاظ بالجنسية المصرية، فإن هذه الجنسية تكون قد سقطت عنها، ومن
ثم يتعين معاملتها – في مواجهة السلطات المصرية – على أساس أنها أجنبية. واستطردت المحكمة
أنه لا مغير في حكم المادة 20 من قانون الجنسية التي تنص على أن الإقرارات وإعلانات
الاختيار والأوراق والطلبات المنصوص عليها في هذا القانون توجه إلى وزير الداخلية أو
من ينيبه في ذلك، وتحرر على النماذج التي يصدر قرار من وزير الداخلية بتحديدها – ذلك
أن المقصود بإعلانات الاختيار هي الإعلانات التي وردت النصوص بوجوب إبدائها في شكل
معين يتمثل في إخطار يوجه إلى وزير الداخلية مثلما نصت عليه المواد 3، 6، 7 من القانون
رقم 26 لسنة 1975 المشار إليه من وجوب إخطار أو إعلان وزير الداخلية بالرغبة في الاختيار
في حين لم يشترط ذلك لإعلان المصرية التي تزوجت من أجنبي لرغبتها في الدخول في جنسية
الزوج الأمر الذي يستفاد منه أن أحكام المادة 20 لا تسري على الحالة الأخيرة. ومما
يؤكد هذا النظر ويؤيده أن وزير الداخلية قد أصدر قراره رقم 1197 لسنة 1975 ببعض الأحكام
المنفذة لقانون الجنسية فنص في المادة الثانية منه على أن تقدم الإقرارات وإعلانات
الاختيار والأوراق والطلبات المنصوص عليها في القانون على النماذج المرفق صورتها. ولم
تتضمن هذه النماذج نموذجاً خاصاً بإعلان المصرية التي تتزوج من أجنبي لرغبتها في الدخول
في جنسية الزوج طبقاً للمادة 12 من القانون.
وأردفت المحكمة أنه متى كان الأمر على هذا النحو فمن ثم لا حاجة إلى التصدي لأحكام
الاتفاقية المعقودة بين دول الجامعة العربية والخاصة بجنسية أبناء الدول العربية. وانتهت
المحكمة إلى أنه لما كان القرار المطعون فيه الصادر بمنع المدعية من السفر قد قام أساساً
على اعتبارها مصرية وأن ما نسب إليها من سلوك يسئ إلى سمعة مصر في الخارج وإذ ثبت أن
المدعية تعتبر أجنبية وليست مصرية، فمن ثم يغدو القرار المطعون فيه باطلاً لافتقاده
ركن النية بحسبان أن نية وزارة الداخلية اتجهت إلى إحداث القرار لأثره في مواجهة إحدى
المصريات، وإذ كان حق الدولة في المنع من السفر إلى الخارج مقصوراً على مواطنيها، أما
الأجنبي فلا يسوغ اتخاذ هذا الإجراء في مواجهته وإن كان من الجائز منعه من دخول البلاد،
لذا فقد يتعين إلغاء القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن الطعن في الحكم المشار إليه يقوم على أن الترخيص أو عدم الترخيص في السفر
إلى خارج البلاد هو من الأمور المتروكة لتقدير الإدارة حسبما تراه متفقاً مع الصالح
العام، فلها أن ترفض الترخيص إذا قام لديها من الأسباب ما يبرر ذلك كما لو كان في سلوك
طالب الترخيص ما يضر بالبلاد أو يؤذي سمعتها في الخارج أو لغير ذلك من الأسباب المتعلقة
بالمصلحة العامة. ولما كانت المطعون ضدها وزوجها قد سبق القبض عليهما بالكويت لقيامهما
بأعمال منافية للآداب، وطلب رئيس القسم القنصلي بسفارة مصر بالكويت عدم منح تأشيرة
خروج للمطعون ضدها، وإدراج زوجها على قوائم الممنوعين من دخول البلاد وذلك لأن السلطات
الكويتية قامت بإبعادهما بتهمة القيام بأعمال الدعارة، وقد عرف عن الزوج أنه يسافر
إلى مصر لإحضار نسوة بعد الزواج منهن ويدفعهن إلى ممارسة الدعارة.
وأردف الطعن أن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن المادة 12 من القانون رقم 26 لسنة
1975 لم تحدد وسيلة معينة لإعلان رغبة المطعون ضدها في الدخول في جنسية الزوج وبالتالي
فإن استخراج جواز سفر لها من الدولة الأجنبية يعني رغبتها في الدخول في جنسية زوجها
– هذا القول غير سديد، ذلك أنه فضلاً عن استخراج جواز سفر للمطعون ضدها من دولة أجنبية
إنما يخضع لإجراءات ورقابة هذه الدولة ولا يحاج به أمام الدولة التي تحمل جنسيتها أصلاً
– فإن إعلان الرغبة في الدخول في جنسية أجنبية يجب أن يتم بإجراء واضح وصريح يدل بذاته
على اتخاذ هذا الموقف نظراً للنتائج البالغة الخطورة المترتبة على هذا الإعلان ومنها
فقدان الجنسية المصرية.
ومن حيث إنه يتعين بادئ ذي بدء تعيين قانون الجنسية الذي يحكم حالة المطعون ضدها ذلك
أن الثابت من الأوراق أن زواجها من المدعو….. الأردني الجنسية تم بعقد رسمي موثق
بمكتب سجل مدني الأزبكية برقم 951 بتاريخ 7/ 3/ 1973، وأن تاريخ استخراجها لجواز السفر
الأردني رقم 365327 الذي تسمت فيه باسم زوجها، ودل على أنها اكتسب الجنسية الأردنية
كان في 19/ 8/ 1973، ومن ثم فإن واقعة الزواج من أجنبي، واستخراج جواز السفر الأجنبي
التي يدور البحث حول ما إذا كانت تعتبر بمثابة إبداء رغبتها في اكتساب جنسية زوجها،
تلك الواقعتان تمتا في ظل العمل بأحكام القانون رقم 82 لسنة 1958 بشأن جنسية الجمهورية
العربية المتحدة الذي ظل معمولاً به حتى 29/ 5/ 1975 تاريخ العمل بالقانون رقم 26 لسنة
1975 بشأن الجنسية المصرية. ومتى استبان ذلك فإن القانون رقم 82 لسنة 1958 المشار إليه
يكون هو القانون الواجب التطبيق على الحالة المعروضة.
ومن حيث إن المادة 19 من القانون المذكور تنص على أن "المرأة المتمتعة بجنسية الجمهورية
العربية المتحدة التي تتزوج من أجنبي تحتفظ بجنسيتها المذكورة إلا إذا رغبت في الدخول
في جنسية زوجها، وأثبتت رغبتها هذه عند الزواج أو أثناء قيام الزوجية وكان قانون زوجها
يدخلها في جنسيته.
"وإذا كان عقد زواج المتمتعة بجنسية الجمهورية العربية المتحدة من أجنبي عقداً باطلاً
طبقاً لأحكام القوانين السارية في الجمهورية العربية المتحدة وصحيحاً طبقاً لأحكام
قانون الزوج، فإنها تظل متمتعة بجنسية الجمهورية العربية المتحدة ولا تدخل مطلقاً في
جنسية زوجها".
وتنص المادة 20 من هذا القانون على أنه "يجوز للمرأة المتمتعة بجنسية الجمهورية العربية
المتحدة التي فقدت جنسيتها وفقاً لأحكام المادتين السابقتين أن تسترد جنسية الجمهورية
العربية المتحدة عند انتهاء الزوجية إذا طلبت ذلك ووافق وزير الداخلية".
ومفاد ما تقدم أن المرأة التي كانت متمتعة بجنسية الجمهورية العربية المتحدة في ظل
العمل بأحكام القانون رقم 82 لسنة 1958 وتزوجت بأجنبي بعقد صحيح، ورغبت في الدخول في
جنسية زوجها وأثبتت رغبتها هذه عند الزواج أو أثناء قيام الزوجية وكان قانون زوجها
يدخلها في جنسيته، لا تحتفظ بجنسيتها الأصلية بل تفتقدها بحكم القانون دون حاجة إلى
صدور قرار بذلك، لأن حالة فقد الجنسية الأصلية في هذه الحالة تختلف عن حالات إسقاط
الجنسية التي وردت على سبيل الحصر في المادة 22 من القانون المشار إليه والتي تتطلب
صدور قرار مسبب من وزير الداخلية بإسقاط الجنسية عن المتمتع بها (قرار من رئيس الجمهورية
طبقاً لأحكام القانون رقم 282 لسنة 1959).
ومن حيث إنه بمقارنة حالة المرأة المتمتعة بجنسية الجمهورية العربية المتحدة التي تتزوج
من أجنبي والمنصوص عليها في المادة 19 السالفة الذكر، بحالة المرأة الأجنبية التي تتزوج
من شخص متمتع بجنسية الجمهورية العربية المتحدة والمنصوص عليها في المادة 13 من هذا
القانون، يبين أن هذه المادة تنص على أن "المرأة الأجنبية التي تتزوج من شخص يتمتع
بالجنسية العربية المتحدة لا تدخل في الجنسية المذكورة إلا إذا أعلنت وزير الداخلية
برغبتها في كسب هذه الجنسية واستمرت الزوجية قائمة مدة سنتين من تاريخ الإعلان. ويجوز
لوزير الداخلية بقرار مسبب قبل فوات المدة المشار إليها في الفقرة الأولى حرمان الزوجة
من حق الدخول في جنسية الجمهورية العربية المتحدة".
ومفاد ذلك أن المادة 19 المشار إليها – خلافاً للنهج الذي حددته المادة 13 السابقة
– لم تتطلب إعلان وزير الداخلية برغبة المرأة المتمتعة بجنسية الجمهورية العربية المتحدة
والتي تزوجت من رجل أجنبي في الدخول في جنسية زوجها. وإنما اكتفت بعبارة "إلا إذا رغبت
في الدخول في جنسية زوجها وأثبتت رغبتها هذه عند الزواج أو أثناء قيام الزوجية".
ولا ريب أن ثمة فارقاً واضحاً في المعنى بين أن يعلق حكم قانوني على مجرد رغبة المخاطب
به في اختيار موقف معين متى ثبتت هذه الرغبة بأي دليل، وبين أن يعلق تطبيق الحكم على
إعلان الرغبة إلى جهة محددة مثلما نصت عليه المادة 13 السالفة الذكر. والواقع أن هذه
المغايرة في عبارة النصين مقصود بها ترتيب مغايرة في حكم كل منهما حسبما سبق بيانه
– ذلك أن المادة 13 وهي تتناول حالة المرأة الأجنبية التي تتزوج من شخص متمتع بالجنسية
العربية المتحدة، لم ترتب على مجرد الزواج ورغبة الزوجة الأجنبية في كسب الجنسية العربية،
اكتسابها لهذه الجنسية، وإنما حولت لوزير الداخلية خلال سنتين من تاريخ إعلانه برغبة
الزوجة الأجنبية في كسب الجنسية العربية، أن يقرر عدم الاستجابة لهذه الرغبة وحرمان
الزوجة من حقها في الدخول في جنسية زوجها، ومن ثم كان لوزير الداخلية سلطة تقديرية
في هذا الخصوص، يتطلب إعمالها – بطبيعة الحال – أن يعلن برغبة الزوجة الأجنبية في اكتساب
الجنسية العربية. وهذا بخلاف حالة المرأة المتمتعة بجنسية الجمهورية العربية المتحدة
التي تتزوج من أجنبي، فإن المادة 19 المشار إليها، لم تدع لوزير الداخلية – أو غيره
– أية سلطة تقديرية في تقرير احتفاظها بهذه الجنسية، بل فرغ نص القانون من ترتيب الحكم
في هذه الحالة، فقرر من حيث الأصل أن مجرد زواج هذه المرأة من أجنبي لا يفقدها جنسيتها
العربية، إلا إذا رغبت في الدخول في جنسية زوجها وأثبتت رغبتها هذه عند الزواج أو أثناء
قيام الزوجية. ولا جدال أن إثبات الرغبة لا يعني بالضرورة إعلانها إلى وزير الداخلية.
وإنما تثبت بأي دليل يفيد توافرها.
ومن حيث إنه لا يغير من هذا النظر ما نصت عليه المادة 27 من القانون رقم 82 لسنة 1958
المشار إليه من أن "الإقرارات وإعلانات الاختيار والأوراق والطلبات المنصوص عليها في
هذا القانون يجب أن توجه إلى وزير الداخلية أو من يندبه لذلك بطريق الإعلان الرسمي
على يد محضر أو تسليمها بموجب إيصال إلى الموظف المختص في المحافظة أو المديرية أو
اللواء التابع له محل إقامة صاحب الشأن. وفي الخارج تسلم إلى الممثلين السياسيين للجمهورية
العربية المتحدة أو إلى قناصلها ويجوز بقرار من وزير الداخلية أن يرخص لأي موظف آخر
في تسلم هذه الإقرارات والإعلانات والأوراق والطلبات". لا مغير في ذلك، لأن محل إعمال
حكم هذه المادة حيث تكون نصوص القانون قد تطلبت إقراراً أو إعلاناً أو تقديم طلب أو
ورقة معينة مثلما نصت عليه المادة 13 السالفة الذكر وغيرها من نصوص القانون كالمواد
4، 10، 11، 12.
ومن حيث إن الثابت من الوقائع أن المطعون ضدها عقب زواجها من المدعو……. الأردني
الجنسية في 7/ 3/ 1973، استخرجت جواز سفر أردني برقم 365327 صدر في عمان بتاريخ 19/
8/ 1973، وكان منحها هذا الجواز تعبيراً عن اعتبارها أردنية الجنسية تطبيقاً لحكم المادة
10 من قانون جنسية شرق الأردن (المعلن عن تنفيذه في العدد 193 من الجريدة الرسمية الأردنية
في 13 ذي القعدة، سنة 1346 هـ الموافق 10 فبراير سنة 1928 م) التي تنص على أن "تعتبر
زوجة الأردني أردنية وزوجة الأجنبي أجنبية…" (مجموعة قوانين الجنسية في دول الجامعة
العربية – وثائق ونصوص – معهد الدراسات العربية العالية سنة 1958).
ثم ظلت تتردد على مصر وتدخل إليها بهذا الجواز ابتداء من 5/ 1/ 1974 – كما هو ثابت
بصحائفه – باعتبارها أجنبية، بل وأفردت لها مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية – ملف
الإقامة رقم 3936/ 215 المرفق بأوراق الطعن. وثابت بطلبات منح الإقامة أو امتدادها
المقدمة من المطعون ضدها للمصلحة أن جنسيتها أردنية، وكانت المصلحة تمنحها إقامة محددة
باعتبارها أجنبية. وقد أقرت المصلحة بذلك في كتابها رقم 17047 المؤرخ 15/ 12/ 1982
والموجه إلى مدير إدارة الشئون القانونية بوزارة الداخلية – المرفق بأوراق الطعن.
ومن حيث إنه لا مراء في أن استخراج المطعون ضدها لجواز سفر أردني عقب زواجها، واستخدامه
في الدخول إلى مصر والخروج منها، ومعاملة السلطات المصرية لها معاملة الأجانب بمنحها
إقامة بمصر لمدد محددة – كل ذلك يكفي في إثبات رغبتها في الدخول في جنسية زوجها الأردني،
بل واتصال هذه الرغبة بسلطات وزارة الداخلية المختصة، ومعاملتها من قبل هذه السلطات
على أساس أنها أجنبية الجنسية. ولا محاجة بما ادعته جهة الإدارة – في معرض دفاعها في
الدعوى – من أن المدعية كانت تعامل على أنها مزدوجة الجنسية، وأن اكتسابها الجنسية
الأردنية لا يسقط عنها الجنسية المصرية – لا محاجة في ذلك لأن مقتضى نص المادة 19 من
قانون الجنسية رقم 82 لسنة 1958 لا يجيز أن تحتفظ المرأة المتمتعة بجنسية الجمهورية
العربية المتحدة التي تتزوج من أجنبي بجنسيتها العربية إذا رغبت في الدخول في جنسية
زوجها وأثبتت هذه الرغبة عند الزواج أو أثناء قيام الزوجية وكان قانون الزوج يدخلها
في جنسيته، فمن باب أولى لا تحتفظ هذه الزوجة بجنسيتها العربية المتحدة – المصرية –
إذا ما تعدت الرغبة في اكتساب جنسية زوجها إلى اكتسابها فعلاً ومعاملة السلطات المصرية
لها على هذا الاعتبار.
وبناء عليه فإنه من غير المتصور قانوناً طبقاً لحكم المادة 19 المذكورة قيام حالة ازدواج
في الجنسية بالنسبة للمطعون ضدها – كما تدعي الإدارة – وذلك اعتباراً من تاريخ استخراجها
جواز سفر أردني في 19/ 8/ 1973، واستخدامها هذا الجواز في الدخول والخروج من مصر، ومعاملتها
من حيث الإقامة بمصر معاملة الأجانب.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون القرار المطعون فيه بمنع المطعون ضدها من السفر خارج مصر
باطلاً إذ لم يصادف شخصاً مصرياً يجوز للسلطات المصرية منعه من السفر. ويغدو هذا القرار
حقيقاً بالإلغاء.
ومن حيث إنه ولئن اتفقت هذه النتيجة مع ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه بمنطوقه –
إلا أن ذلك الحكم قد أخطأ في تطبيق أحكام القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية
على واقعات الدعوى غافلاً عن أن المركز القانوني للمدعية باعتبارها أجنبية وفقدها جنسيتها
المصرية كان قد تحدد واكتملت عناصره في ظل العمل بأحكام القانون رقم 82 لسنة 1958 وقبل
صدور القانون رقم 26 لسنة 1975، ومن ثم فقد جانب الحكم المطعون فيه الصواب إذ طبق قانون
غير واجب التطبيق في المجال الزمني لواقعات الدعوى. غاية الأمر أنه وقد انتهت هذه المحكمة
إلى ذات النتيجة التي قضى بها الحكم المطعون فيه بمنطوقه، فمن ثم لا وجه لإلغائه. ويتعين
والحالة هذه القضاء برفض الطعن وإلزام الجهة الإدارية مصاريف الطعن – عملاً بحكم المادة
184 مرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعنة مصروفات الطعن.