الطعن رقم 940 لسنة 47 ق – جلسة 22 /01 /1978
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
السنة 29 – صـ 74
جلسة 22 من يناير سنة 1978
برياسة السيد المستشار حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينه، ويعيش رشدي، ومحمد وهبه، وأحمد طاهر خليل.
الطعن رقم 940 لسنة 47 القضائية
(1، 2) قتل خطأ. نيابة عامة. مأمور الضبط القضائي. إثبات "شهود".
"خبرة". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق عضو النيابة. بوصفه رئيساً للضبطية القضائية. في الاستعانة بأهل الخبرة وفي
طلب رأيهم شفهيا أو بالكتابة بغير حلف يمين. المادة 29 إجراءات جنائية.
لمحكمة الموضوع الأخذ بأقوال الشاهد في أية مرحلة ولو خالفت ما شهد به أمامها.
دون إلزام ببيان العلة. لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم
إليها وفي مفاضلة التقارير عند تعددها.
قول الحكم يتوافر الخطأ في جانب المتهم استناداً إلى ما شهد به أعضاء لجنة فنية. رغم
عدم القيام بأية تجارب معملية. لا يعيبه.
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها. غير مقبول.
1 – لما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه – بين واقعة
الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل الخطأ التي دان الطاعن بها
وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، لما كان ذلك وكان
النعي على الحكم استناده إلى تقرير لجنة الإسكان بقالة أنه لم يصدر قرار بندبها من
سلطة التحقيق ولم يؤد أعضاؤها اليمين القانونية قبل مباشرة المأمورية المندوبين لها
فقد قام الحكم الابتدائي بالرد عليه بقوله: "وحيث إن الثابت من الأوراق أن النيابة
العامة هي التي قامت بتحقيق الواقعة بنفسها وكذلك أصدرت قرارها بتشكيل لجنة من السادة
مهندسي وزارة الإسكان ومن ثم يكون ندب هذه اللجنة قد صدر منها باعتبارها سلطة تحقيق.
هذا بالإضافة إلى أن الأصل أن الإجراءات المتعلقة بالشكل كتحليف الخبراء اليمين على
إبداء رأيهم بالذمة إعمالاً للمادة 86 من قانون الإجراءات الجنائية قد روعيت ولم يقدم
المتهم دليلاً ما يثبت أن أعضاء اللجنة سالفة الذكر لم يحلفوا اليمين القانونية قبل
إبداء رأيها ومن ثم يضحى ما يثيره المتهم في هذا الخصوص على أساس غير سليم من القانون
خليقاً بالرفض". وهو رد سائغ، فضلاً عن ذلك فإنه وإن أوجب القانون على الخبراء أن يحلفوا
يميناً أمام سلطة التحقيق بأن يبدوا رأيهم بالذمة وأن يقدموا تقريرهم كتابة إلا أنه
من المقرر أن عضو النيابة بوصف كونه صاحب الحق في إجراء التحقيق ورئيس الضبطية القضائية
له من الاختصاص ما خوله القانون لسائر رجال الضبطية القضائية طبقاً للمادتين 24 و31
من قانون الإجراءات الجنائية، لما كان ذلك وكانت المادة 29 من هذا القانون تجيز لمأموري
الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات أن يستعينوا بأهل الخبرة وأن يطلبوا رأيهم شفهياً
أو بالكتابة بغير حلف يمين، وكان القانون لا يشترط في مواد الجنح والمخالفات إجراء
أي تحقيق قبل المحاكمة، فإنه على فرض صحة ما نعاه الطاعن في هذا الخصوص – فإنه ليس
ثمة ما يمنع من الأخذ بما جاء بتقرير اللجنة وبما شهد به أعضاؤها ولو لم يحلفوا اليمين
قبل مباشرة المأمورية على أنه ورقة من أوراق الاستدلال في الدعوى المقدمة للمحكمة وعنصراً
من عناصرها ما دام أنه كان مطروحاً على بساط البحث وتناوله الدفاع بالتفنيد والمناقشة
– كما هو الحال في الدعوى الماثلة – ومن ثم يضحى هذا النعي في غير محله.
2 – لما كان وزن أقوال الشاهد مرجعه إلى محكمة الموضوع ولها الأخذ بها في أية مرحلة
ولو كانت مخالفة لما شهد به أمامها دون تلتزم ببيان السبب وفي أخذها بأقوال الشاهد
ما يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان
لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها ما دامت قد اطمأنت
إلى ما جاء به فلا يجوز مجادلتها فيه، وكان الحكم المطعون فيه قد تكفل بالرد على ما
أثاره المدافع عن الطاعن بشأن التدليل على توافر الخطأ في حق الطاعن بما ورد بتقرير
اللجنة وبشهادة أعضائها دون القيام بأي تجارب معملية، واكتفاء بما شاهدوه بالعين المجردة
بقوله: "….. وهذه المحكمة رأت وقوفاً على وجه الحق في الدعوى واستجلاء للحقيقة سماع
أقوال أعضاء تلك اللجنة المذكورة أسماؤهم في المحضر وبسؤالهم اتفقت كلمتهم على أن سبب
انهيار المنزل كان بسبب خطأ المتهم متمثلاً في رداءة خلطه الأسمنت والرمل والزلط وعدم
التزام المتهم الأصول الفنية في البناء باستعمال حديد مسحوب لا يصلح للبناء ولم يراع
المسافات القانونية بين كل سيخ وآخر ولم يضع الكوابيل اللازمة في الأعمدة وكان دفاع
المتهم أن التحقيق كان قاصراً لعدم إرسال عينة من مخلفات المبنى لحساب قيمة الجهد الذي
يتحمله المبنى وأن هذا الدفاع في غير محله لأن جميع أعضاء اللجنة قرروا بأن سبب الانهيار
وهو عدم تحمل الأعمدة الخرسانية البناء القائم عليها بسبب رداءة الصنع والمواد المستعملة
في البناء وأن ذلك يبين بالعين المجردة دون الحاجة إلى الرجوع إلى المعامل للتحليل"،
كما نقل الحكم الابتدائي عن تقرير اللجنة أنه تبين لها بعد معاينتها العقار المنهار….."
أن المتهم قام ببناء بدروم ودور أرضي وخمسة أدوار علوية هيكل خرساني على أساسات منفصلة
وحدث انهيار كامل المبنى وقد وجد من المعاينة أن مستوى التنفيذ رديء جدا وواضح أن خلطات
الهيكل الخرساني ضعيفة للغاية سواء في نوعية الأسمنت أو الرمل الذي تدخل فيه بعض شوائب
ولا تنطبق عليه مواصفات حبيبات الرمل الواجب استخدامها في الخرسانة المسلحة كما أن
الزلط غير متدرج وبه نسبة عالية من الزلط الكبير كما أن جميع الحديد المستعمل من الحديد
المسحوب الغير مسموح باستعماله، كما أن متوسط سمك الأسمنت في الأجزاء التي وجدت أقل
من السمك الذي يجب ألا يقل عن 10 سم وحديد التسليح وتوزيعه أقل من الكميات التصميمية
المقررة سواء في الأقطار المستعملة أو نسبته وتوزيعه على السطح أو سقوطه….. كما أن
قطاعات الكمرات أقل من القطاعات التصميمية بالنسبة لأطوالها والأحمال الواقعة عليها
علاوة على قلة نسبة حديد التسليح بها وعدم اتباع الأصول الفنية في استخدامه بالنسبة
للعزم كما أن الحديد المستعمل في الأعمدة من أقطار 3/ 8 بوصة الغير مسموح باستعماله
في تسليح الأعمدة وموضوع بطريقة غير فنية والكانات بالأعمدة من حديد 1/ 8 بوصة وتوجد
قطاعات كاملة من الأعمدة بدون كأنات ولا توجد أشاير ربط….. بالإضافة إلى أن المتهم
قام بتنفيذ كامل البناء في مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر مخالفاً بذلك المواصفات الزمنية
اللازمة لتنفيذ الأعمال الإنشائية والمعمارية"…… لما كان ذلك، وكان من المقرر أن
تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات
مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير
المقدم إليها دون أن تلتزم بندب خبير آخر ما دام استنادها في الرأي الذي انتهت إليه
هو استناد سليم لا يجافي المنطق والقانون، وكان يبين من مدونات الحكمين الابتدائي والاستئنافي
أن محكمة الموضوع أقامت قضاءها ما على ما اقتنعت به من أسانيد حواها تقرير أعضاء لجنة
الإسكان الذي لم ينازع الطاعن في صحة ما نقله الحكم عنه، وعلى ما شهد به أعضاء تلك
اللجنة أمام المحكمة الاستئنافية بما لا يخرج عما تضمنه التقرير، وأوضح الحكمان تفصيلاً
الأخطاء التي وقعت من الطاعن والتي اكتشفها أعضاء اللجنة بالعين المجردة من معاينة
المبنى بعد انهياره بما يوفر في حقه ركن الخطأ في الجريمة التي دين عنها. لما كان ذلك،
فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها التي خلصت إليها في منطق سائغ كما أنه لا يصح النعي
عليها عدم أخذها بالنتيجة التي انتهى إليها تقرير خبير الجدول ذلك أن ما يثيره الطاعن
في هذا الشأن ينحل إلى جدل في تقدير الدليل مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما
كان ذلك، وكان الطاعن لم يطلب إلى محكمة الموضوع ندب خبير آخر من غير مهندسي مديرية
الإسكان تحقيقاً لما ادعاه في طعنه فإنه لا يصح له أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء
لم يطلبه منها. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه "تسبب خطأ في موت….. و…… وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وإخلاله إخلالاً جسيماً بما تفرضه عليه أصول حرفته بأن لم يطبق المواصفات الفنية للتنفيذ في البناء المبين بالمحاضر. كما استعمل في بنائه مواد رديئة مما أدى إلى ضعف الخراسنات وعدم تحمل أعمدة البناء للأحمال الواقعة عليها كما أتم التنفيذ في مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر مخالفاً بذلك المواصفات الزمنية اللازمة لتنفيذ الأعمال الإنشائية والمعمارية وقد ترتب على ذلك تفتت الأعمدة الحاملة للهيكل الخرسانى للبدروم وحدوث انهيار كامل للمبنى فحدثت إصابات المجني عليهم سالفي البيان والتي أودت بحياتهم. وطلبت عقابه بالمادة 238/ 302 من قانون العقوبات. ومحكمة مصر الجديدة الجزئية قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم سبع سنوات مع الشغل وكفالة خمسمائة جنيهاً لوقف التنفيذ. فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض… إلخ.
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل
الخطأ قد شابه خطأ في تطبيق القانون وفساد في الاستدلال وقصور في التسبيب وإخلال بحق
الدفاع ذلك بأنه عول في إدانته على تقرير لجنة الإسكان وشهادة أعضائها رغم ما دفع به
من بطلان أعمال تلك اللجنة لعدم صدور قرار بالندب من سلطة التحقيق ولأن أعضاءها لم
يؤدوا اليمين القانونية قبل مباشرتهم المأمورية لمندوبين لها، ورد الحكم على هذا الدفع
رداً غير سائغ، كما استدل الحكم على توافر الخطأ في حق الطاعن بما شهد به أعضاء اللجنة
من أنه تبين لهم بالعين المجردة رداءه مكونات خليط الأسمنت والزلط والرمل ومن استعماله
حديداً مسحوباً غير جائز استعماله في الخرسانة، ومن عدم مراعاته المسافات القانونية
بين أسياخ الحديد وعدم وضع الكوابل اللازمة للأعمدة، في حين أن أحد أعضاء تلك اللجنة
قرر في تحقيقات النيابة أنه كان يتعين إجراء تحليل معملي لبيان مدى ضعف العينات الخرسانية
واستكمال الدراسات الإنشائية من واقع الرسومات وما تم تنفيذه لتحديد جهود الشد الواقعة
على أحمال المبنى والكشف على الأساسات واستكمال التحليلات للتحقق من صلاحية التربة
وسلامة الأساسات وتنفيذ الشدادات اللازمة لربط القواعد الجانبية، ويتفق الشاهد في ذلك
مع ما طلبته اللجنة المشكلة برئاسة السيد وكيل كلية هندسة عين شمس وما طلبه مكتب خبراء
وزارة العدل – كما شهد بجلسة المحاكمة الاستئنافية عندما استوضحته المحكمة عن جدوى
التحليل المعملي لمكونات الخرسانة بأن التحليل المعملي يحدد الجهد الذي تتحمله الخرسانة
وأنه على الرغم من عدم إجراء هذا التحليل فقد قام بتحديد الجهد بأنه أقل من المطلوب
مؤسساً ذلك على واقع الرسم والطبيعة دون أن يبين كيفية إمكان احتساب الجهد بنسبة معينة
دون إجراء تجارب معملية على عينات تؤخذ من الموقع، بما يجعل تلك الأقوال الغير مدعمة
بدليل فني غير صالحة للاستدلال على توافر الخطأ في حق الطاعن. هذا إلى أن المحكمة الاستئنافية
أطرحت تقرير خبير الجدول الذي ندبته والذي خلص إلى أن سبب انهيار المبنى هو أخطاء فنية
في التصميم المعماري ونفى أن يكون سببه الإنشاءات، بقالة أنها لا تطمئن إليه دون بيان
لأسانيد عدم اطمئنانها، وفضلاً على ذلك فقد عاب الطاعن على أقوال الشهود من لجنة الإسكان
أن شهادتهم على النحو الذي شهدوا به كان مبعثها درء المسئولية الملقاة على عاتقهم نتيجة
تقصيرهم في مراجعة الرسم الهندسي قبل إصدار الترخيص بالمبنى الأمر الذي يوجب ندب هيئة
محايدة لإبداء رأيها في سبب الحادث، ورغم جوهرية هذا الدفاع الذي قد يترتب على تحقيقه
تغير وجه الرأي في الدعوى فإن المحكمة لم تجبه إليه، كل ذلك مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه – بين واقعة الدعوى
بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل الخطأ التي دان الطاعن بها وأورد
على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، لما كان ذلك، وكان النعي
على الحكم استناده إلى تقرير لجنة الإسكان بقالة أنه لم يصدر قرار بندبها من سلطة من
سلطة التحقيق ولم يؤد أعضاؤها اليمين القانونية قبل مباشرة المأمورية المندوبين لها
فقد قام الحكم الابتدائي بالرد عليه بقوله: "وحيث إن الثابت من الأوراق إن النيابة
العامة هي التي قامت بتحقيق الواقعة بنفسها وكذلك أصدرت قرارها بتشكيل لجنة من السادة
مهندسي وزارة الإسكان ومن ثم يكون ندب هذه اللجنة قد صدر منها باعتبارها سلطة تحقيق،
هذا بالإضافة إلى أن الأصل أن الإجراءات المتعلقة بالشكل كتحليف الخبراء اليمين على
إبداء رأيهم بالذمة إعمالاً للمادة 86 من قانون الإجراءات الجنائية قد روعيت ولم يقدم
المتهم دليلاً ما يثبت أن أعضاء اللجنة سالفة الذكر لم يحلفوا اليمين القانونية قبل
إبداء رأيها، ومن ثم يضحي ما يثيره المتهم في هذا الخصوص على غير أساس غير سليم من
القانون خليقاً بالرفض". وهو رد سائغ، فضلاً عن ذلك فإنه وإن أوجب القانون على الخبراء
أن يحلفوا يميناً أمام سلطة التحقيق بأن يبدو رأيهم بالذمة وأن يقدموا تقريرهم كتابة
إلا أنه من المقرر أن عضو النيابة بوصف كونه صاحب الحق في إجراء التحقيق ورئيس الضبطية
القضائية له من الاختصاص ما خوله القانون لسائر رجال الضبطية القضائية طبقاً للمادتين
24 و31 من قانون الإجراءات الجنائية، لما كان ذلك، وكانت المادة 29 من هذا القانون
تجيز لمأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات أن يستعينوا بأهل الخبرة وأن يطلبوا
رأيهم شفهيا أو بالكتابة بغير حلف يمين، وكان القانون لا يشترط في مواد الجنح والمخالفات
إجراء أي تحقيق قبل المحاكمة، فإنه على فرض صحة ما نعاه الطاعن في هذا الخصوص – فإنه
ليس ثمة ما يمنع من الأخذ بما جاء بتقرير اللجنة وبما شهد به أعضاؤها ولو لم يحلفوا
اليمين قبل مباشرة المأمورية على أنه ورقة من أوراق الاستدلال في الدعوى المقدمة للمحكمة
وعنصراً من عناصرها ما دام أنه كان مطروحاً على بساط البحث وتناوله الدفاع بالتفنيد
والمناقشة – كما هو الحال في الدعوى الماثلة – ومن ثم يضحى هذا النعي في غير محله.
لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشاهد مرجعه إلى محكمة الموضوع ولها الأخذ بها في أية
مرحلة ولو كانت مخالفة لما شهد به أمامها دون تلتزم ببيان السبب وفي أخذها بأقوال الشاهد
ما يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان
لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها ما دامت قد اطمأنت
إلى ما جاء به فلا يجوز مجادلتها فيه، وكان الحكم المطعون فيه قد تكفل بالرد على ما
أثاره المدافع عن الطاعن بشأن التدليل على توافر الخطأ في حق الطاعن بما ورد بتقرير
اللجنة وبشهادة أعضائها دون القيام بأي تجارب معملية، واكتفائه بما شاهدوه بالعين المجردة
بقوله…… وهذه المحكمة رأت وقوفاً على وجه الحق في الدعوى واستجلاء للحقيقة سماع
أقوال أعضاء تلك اللجنة المذكورة أسماؤهم في المحضر وبسؤالهم اتفقت كلمتهم على أن سبب
انهيار المنزل كان بسبب خطأ المتهم متمثلاً في رداء خلطه الأسمنت والرمل والزلط وعدم
التزام المتهم الأصول الفنية في البناء باستعمال حديد مسحوب لا يصلح للبناء ولم يراع
المسافات القانونية بين كل سيخ وآخر ولم يضع الكوابيل اللازمة في الأعمدة وكان دفاع
المتهم أن التحقيق كان قاصراً لعدم إرسال عينة من مخلفات المبنى لحساب قيمة الجهد الذي
يتحمله المبنى وإن هذا الدفاع في غير محله لأن جميع أعضاء اللجنة قرروا بأن سبب الانهيار
هو عدم تحمل الأعمدة الخرسانية البناء القائم عليها بسبب رداءة الصنع والمواد المستعملة
في البناء وأن ذلك يبين بالعين المجردة دون الحاجة إلى الرجوع إلى المعامل للتحليل،
كما نقل الحكم الابتدائي عن تقرير اللجنة أنه تبين لها بعد معاينتها العقار المنهار…..
أن المتهم قام ببناء بدروم أرضي وخمسة أدوار علوية هيكل خرساني على أساسات منفصلة وحدث
انهيار كامل المبنى وقد وجد من المعاينة أن مستوى التنفيذ رديء جداً وواضح أن خلطات
الهيكل الخرساني ضعيفة للغاية سواء في نوعية الأسمنت أو الرمل الذي تدخل فيه بعض شوائب
ولا تنطبق عليه مواصفات حبيبات الرمل الواجب استخدامها في الخرسانة المسلحة كما أن
الزلط غير متدرج وبه نسبة عالية من الزلط الكبير كما أن جميع الحديد المستعمل من الحديد
المسحوب الغير مسموح باستعماله، كما أن متوسط سمك الأسمنت في الأجزاء التي وجدت أقل
من السمك الذي يجب ألا يقل عن 10 سم وحديد التسليح وتوزيعه أقل من الكميات التصميمية
المقررة سواء في الأقطار المستعملة أو نسبته وتوزيعه على السطح أو سقوطه…… كما
أن قطاعات الكمرات أقل من القطاعات التصميمية بالنسبة لأطوالها والأحمال الواقعة عليها
علاوة على قلة نسبة حديد التسليح بها وعدم اتباع الأصول الفنية في استخدامه بالنسبة
للعزم كما أن الحديد المستعمل في الأعمدة من أقطار 3/ 8 بوصة الغير مسموح باستعماله
في تسليح الأعمدة وموضوع بطريقة غير فنية والكانات بالأعمدة من حديد 1/ 8 بوصة وتوجد
قطاعات كاملة من الأعمدة بدون كانات ولا توجد أشاير ربط….. بالإضافة إلى أن المتهم
قام بتنفيذ كامل البناء في مدة لا تتجوز ثلاثة أشهر مخالفاً بذلك المواصفات الزمنية
اللازمة لتنفيذ الأعمال الإنشائية والمعمارية……." لما كان ذلك، وكان من المقرر
أن تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات
مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير
المقدم إليها دون أن تلتزم بندب خبير آخر ما دام استنادها في الرأي الذي انتهت إليه
هو استناد سليم لا يجافي المنطق والقانون، وكان يبين من مدونات الحكمين الابتدائي والاستئنافي
أن محكمة الموضوع أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أسانيد حواها تقرير أعضاء لجنة
الإسكان الذي لم ينازع الطاعن في صحة ما نقله الحكم عنه، وعلى ما شهد به أعضاء تلك
اللجنة أمام اللجنة أمام المحكمة الاستئنافية بما لا يخرج عما تضمنه التقرير، وأوضح
الحكمان تفصيلاً الأخطاء التي وقعت من الطاعن والتي اكتشفها أعضاء اللجنة بالعين المجردة
من معاينة المبنى بعد انهياره بما يوفر في حقه ركن الخطأ في الجريمة التي دين عنها،
لما كان ذلك، فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها التي خلصت إليها في منطق سائغ، كما
أنه لا يصح النعي عليها عدم أخذها بالنتيجة التي انتهى إليها تقرير خبير الجدول ذلك
أن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل في تقدير الدليل مما لا يجوز إثارته
أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يطلب إلى محكمة الموضوع ندب خبير آخر
من غير مهندسي مديرية الإسكان تحقيقاً لما ادعاه في طعنه فإنه لا يصح له أن ينعى على
المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلبه منها. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على
غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
