الطعن رقم 930 لسنة 50 ق – جلسة 05 /11 /1980
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
السنة 31 – صـ 965
جلسة 5 من نوفمبر سنة 1980
برياسة السيد المستشار محمد وجدي عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: حسن عثمان عمار، وإبراهيم حسين رضوان، وحسين كامل حنفي، ومحمد سالم يونس.
الطعن رقم 930 لسنة 50 القضائية
إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما
لا يوفره". إثبات. "شهود". محكمة الجنايات. "الإجراءات أمامها". نقض. "أسباب الطعن.
ما لا يقبل منها".
سكوت الدفاع عن التمسك بسماع الشهود. ومواصلته المرافعة دون الإصرار على ذلك. مفاده.
تنازله الضمني عن سماعهم.
محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "شهود". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع.
ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم. موضوعي.
أخذ المحكمة بشهادة الشهود. مفاده. إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها
على عدم الأخذ بها.
تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله. لا يعيب الحكم. متى استخلص الحقيقة من أقواله. بما
لا تناقض فيه.
محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات الشاهد وبيان ما أخذت به، حسبها إيراد ما اطمأنت
إليه منها.
حق محكمة الموضوع في الأخذ بأقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل التحقيق. دون بيان العلة.
ضرب أفضى إلى موت. رابطة السببية. مسئولية جنائية. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
رابطة السببية في المواد الجنائية. حدودها؟
كون وفاة المجني عليه مرجعها إلى تلوث موضع الإصابة بمرض التيتانوس وما ضاعف ذلك من
التهاب رئوي. يقطع بتوافر رابطة السببية بين الإصابة والوفاة.
حكم. "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
خطأ الحكم في بيان تاريخ الواقعة. لا يعيبه. ما دام هذا التاريخ لا يتصل بحكم القانون
على الواقعة. وما دام الطاعن لا يدعي أن الدعوى الجنائية قد انقضت بمضي المدة.
1 – من المقرر أن سكوت الدفاع عن التمسك بسماع أقوال الشهود ومواصلة المرافعة دون إصرار
على طلب سماعهم إنما يفيد أنه قد تنازل عنه ضمناً.
2 – من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء
على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة
الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم
فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها،
وأن تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام قد
استخلص الحقيقة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، وكانت المحكمة غير ملزمة
بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان أخذها بما اقتنعت به، بل حسبها أن تورد منها ما
تطمئن إليه وتطرح ما عداه ولها في ذلك أن تأخذ بأقواله في أي مرحلة من مراحل التحقيق
والمحاكمة دون أن تبين العلة في ذلك، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن
يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في استنباط معتقدها مما لا تجوز
إثارته أمام محكمة النقض.
3 – لما كان الطاعن لا ينازع في أن ما أورده الحكم نقلاً عن التقرير الطبي الشرعي –
الذي حرر بعد إجراء الصفة التشريحية – له معينه الصحيح من ذلك التقرير ومؤداه أن وفاة
المجني عليه تعزي إلى تلوث موضع إصابة المجني عليه بأسفل الساق اليمنى بمكروب التيتانوس
وما ضاعف ذلك من التهاب رئوي شعبي مزدوج، فإن في ذلك ما يقطع بتوافر رابطة السببية
بين الفعل المسند إلى الطاعن وبين الوفاة.
4 – من المقرر أن خطأ الحكم في بيان تاريخ الواقعة – بفرض حصوله – لا يعيبه طالما أن
هذا التاريخ لا يتصل بحكم القانون على الواقعة وما دام الطاعن لم يدع أن الدعوى الجنائية
قد انقضت بمضي المدة.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه ضرب…….. بفأس على قدمه اليمنى فأحدث به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يكن يقصد في ذلك قتلاً ولكن الضرب أفضى إلى موته، وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام فقرر ذلك، وادعت……. عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر مدنياً قبل المتهم بمبلغ خمسة آلاف جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة جنايات دمنهور قضت حضورياً عملاً بالمادتين 236/ 1 – 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وبإلزامه بأن يؤدي للمدعية بالحق المدني عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها قصر المرحوم……. مبلغ خمسة آلاف جنيه والمصروفات المدنية. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض… إلخ.
المحكمة
من حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة
ضرب أفضى إلى موت قد انطوى على إخلال بحق الدفاع وشابه فساد في الاستدلال وقصور في
التسبيب وخالف الثابت في الأوراق، ذلك بأن المحكمة لم تسمع سوى أقوال شاهد واحد من
شهود النفي برغم عدم تنازل الطاعن عن سماع باقيهم، وقد أبدى محاميه دفاعاً حاصله أن
المجني عليه وإخوته هم الذين اعتدوا على الطاعن بالضرب وأحدثوا به إصاباته بدلالة ما
قرره نائب العمدة وما شهد به…… وما ورد بمحضر الشرطة المؤرخ 6/ 10/ 1976 إلا أن
الحكم لم يعرض لهذا الدفاع معتنقاً تصوير المجني عليه للحادث ومعولاً في ذلك على أقواله
التي أدلى بها في اليوم التالي في التحقيقات برغم تعارض هذه الأقوال مع ما قرره وذووه
في محضر الضبط كما اتخذ من تقرير الصفة التشريحية ركيزة لمساءلة الطاعن عن وفاة المجني
عليه في حين أن ما ورد بالتقرير لا يعدو أن يكون رأياً فنياً قائماً على مجرد الاحتمال
والترجيح لا على الجزم واليقين هذا إلى أن ما أورده الحكم في مقام التدليل على توافر
رابطة السببية بين الإصابة والوفاة، منسوباً إلى تقرير الصفة التشريحية إنما ورد في
تقرير لاحق. وأخيراً فإن الحكم أورد تاريخاً للواقعة يخالف التاريخ الحقيقي لها، كل
ذلك مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة
الضرب المفضي إلى الموت التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها
أن تؤدي إلى ما رتب عليها، استقاها من أقوال المجني عليه والشهود ومن تقرير الصفة التشريحية.
لما كان ذلك وكان من المقرر أن سكوت الدفاع عن التمسك بسماع أقوال الشهود ومواصلة المرافعة
دون إصرار على طلب سماعهم إنما يفيد أنه قد تنازل عنه ضمناً – ولما كان الثابت أن المدافع
عن الطاعن لم يتمسك بسماع أقوال باقي شهود النفي بل ترافع في موضوع الدعوى وانتهى إلى
طلب البراءة فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً. لما كان ذلك وكان الحكم
قد حصل أقوال المجني عليه بما مؤداه أن الطاعن ضربه بفأس على قدمه اليمنى، وكان من
المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على
أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع
تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن
ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها،
وأن تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام قد
استخلص الحقيقة من أقواله استخلاصاً سائغاً ولا تناقض فيه، وكانت المحكمة غير ملزمة
بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان أخذها بما اقتنعت به، بل حسبها أن تورد منها ما
تطمئن إليه وتطرح ما عداه ولها في ذلك أن تأخذ بأقواله في أي مرحلة من مراحل التحقيق
والمحاكمة دون أن تبين العلة في ذلك، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن
يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في استنباط معتقدها مما لا تجوز
إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان الطاعن لا ينازع في أن ما أورده الحكم نقلاً
عن التقرير الطبي الشرعي – الذي حرر بعد إجراء الصفة التشريحية – له معينه الصحيح من
ذلك التقرير ومؤداه أن وفاة المجني عليه تعزي إلى تلوث موضع إصابة المجني عليه بأسفل
الساق اليمنى بمكروب التيتانوس وما ضاعف ذلك من التهاب رئوي شعبي مزدوج، فإن في ذلك
ما يقطع بتوافر رابطة السببية بين الفعل المسند إلى الطاعن وبين الوفاة. لما كان ذلك
وكان من المقرر أن خطأ الحكم في بيان تاريخ الواقعة – بفرض حصوله – لا يعيبه طالما
أن هذا التاريخ لا يتصل بحكم القانون على الواقعة وما دام الطاعن لم يدع أن الدعوى
الجنائية قد انقضت بمضي المدة. لما كان ما تقدم فإن الطعن يكون على غير أساس ويتعين
لذلك رفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن المصاريف المدنية.
