الرئيسية الاقسام القوائم البحث

قاعدة رقم الطعن رقم 286 لسنة 25 قضائية “دستورية” – جلسة 13 /03 /2005 

أحكام المحكمة الدستورية العليا – الجزء الحادي عشر (المجلد الأول)
من أول أكتوبر 2003 حتى آخر أغسطس 2006 – صـ 1644

جلسة 13 مارس سنة 2005

برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعي – رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إلهام نجيب نوار ومحمد عبد العزيز الشناوي وماهر سامي يوسف والسيد عبد المنعم حشيش ومحمد خيري طه وسعيد مرعي عمرو. وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما – رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن – أمين السر.

قاعدة رقم
القضية رقم 286 لسنة 25 قضائية "دستورية"

1 – دعوى دستورية "المصلحة الشخصية المباشرة: مناطها".
المصلحة الشخصية المباشرة – وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع.
2 – تأمين اجتماعي "دعمه – تضامن اجتماعي".
حرص الدستور في المادة منه على دعم التأمين الاجتماعي حين ناط بالدولة مد خدماتها في هذا المجال إلى المواطنين بجميع فئاتهم في الحدود التي يبينها القانون، من خلال تقرير ما يعينهم على مواجهة بطالتهم أو عجزهم عن العمل أو شيخوختهم، ذلك أن مظلة التأمين الاجتماعي هي التي تكفل بمداها واقعاً أفضل يؤمن المواطن في غده، وينهض بموجبات التضامن الاجتماعي التي يقوم عليها المجتمع وفقاً لنص المادة من الدستور، بما يؤكد أن الرعاية التأمينية ضرورة اجتماعية بقدر ما هي ضرورة اقتصادية.
3 – معاش "توافر أصل استحقاقه – عدم جواز المساس به".
الحق في المعاش متى توافر أصل استحقاقه وفقاً للقانون فإنه ينهض التزاماً على الجهة التي تقرر عليها، بحيث إذا توافرت في المؤمن عليه الشروط التي تطلبها القانون لاستحقاق المعاش استقر مركزه القانوني إزاء هذا المعاش بصفة نهائية، ولا يجوز من بعد الانتقاص منه.
4 – تشريع "استهدافه تطبيق مجال تطبيقه – عدوان على حقوق شخصية".
المادة من القانون رقم 107 لسنة 1987 بعد تعديله بالقانون رقم 30 لسنة 1992 في شأن زيادة المعاشات – حرمان فئة من المؤمن عليهم من المزايا التأمينية التي كفلها لهم قانون التأمين الاجتماعي، يتمخض عدواناً على حقوقهم الشخصية.
5 – مبدأ المساواة "قيداً على السلطة التقديرية للمشرع في مجال تنظيم الحقوق".
مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون، المنصوص عليه في المادة من الدستور والذي رددته الدساتير المصرية المتعاقبة جميعها، بحسبانه ركيزة أساسية للحقوق والحريات على اختلافها وأساساً للعدل والسلام الاجتماعي، غايته صون الحقوق والحريات في مواجهة صور التمييز التي تنال منها أو تقيد ممارستها، باعتباره وسيلة لتقرير الحماية القانونية المتكافئة التي لا تمييز فيها بين المراكز القانونية المتماثلة، وقيداً على السلطة التقديرية التي يملكها المشرع في مجال تنظيم الحقوق، والتي لا يجوز بحال أن تؤول إلى التمييز بين المراكز القانونية التي تتحدد وفق شروط موضوعية يتكافأ المواطنون خلالها أمام.
6 – تشريع "شرط – تمييز تحكمي".
المادة من القانون رقم 30 لسنة 1992 في شأن زيادة المعاشات وتعديل بعض أحكام قانون التأمين الاجتماعي.
7 – الملكية الخاصة "حمايتها – امتدادها إلى الأموال جميعها".
الحماية التي أظل بها الدستور الملكية الخاصة لضمان صونها من العدوان عليها وفقاً لنص المادة منه، تمتد إلى الأموال جميعها دون تمييز بينها، باعتبار أن المال هو الحق ذو القيمة المالية سواء كان هذا الحق شخصياً أم عينياً أم كان من حقوق الملكية الأدبية أو الفنية أو الصناعية.
1 – وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع، وكانت غاية المدعيين هي الحكم بعدم دستورية نص البند رقم من المادة المشار إليه، فيما تضمنه من اشتراط أن تكون سن المؤمن عليه 50 سنة فأكثر لزيادة المعاش المستحق في الحالة المنصوص عليها في البند رقم من المادة من قانون التأمين الاجتماعي، وهو الشرط الذي حال بينهما والحصول على الزيادة في المعاش التي تقررت بنص المادة سالف الذكر والتي يدور حولها النزاع في الدعوى الموضوعية لعدم بلوغهما سن الخمسين في تاريخ طلب الصرف، وبالتالي فإن المصلحة الشخصية المباشرة تكون متحققة في الطعن على هذا النص بحسبان أن الفصل في مدى دستوريته سيكون له أثره وانعكاسه الأكيد على الدعوى الموضوعية والطلبات المطروحة بها وقضاء محكمة الموضوع فيها.
2 – وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدستور حرص في المادة منه على دعم التأمين الاجتماعي حين ناط بالدولة مد خدماتها في هذا المجال إلى المواطنين بجميع فئاتهم في الحدود التي يبينها القانون، من خلال تقرير ما يعينهم على مواجهة بطالتهم أو عجزهم عن العمل أو شيخوختهم، ذلك أن مظلة التأمين الاجتماعي هي التي تكفل بمداها واقعاً أفضل يؤمن المواطن في غده، وينهض بموجبات التضامن الاجتماعي التي يقوم عليها المجتمع وفقاً لنص المادة من الدستور، بما يؤكد أن الرعاية التأمينية ضرورة اجتماعية بقدر ما هي ضرورة اقتصادية، وأن غايتها أن تؤمن المشمولين بها في مستقبل أيامهم عند تقاعدهم أو عجزهم أو مرضهم، وأن تكفل الحقوق المتفرعة عنها لأسرهم بعد وفاتهم.
3 – التنظيم التشريعي للحقوق التي كفلها المشرع في هذا النطاق يكون مجافياً أحكام الدستور منافياً لمقاصده إذا تناول هذه الحقوق بما يهدرها أو يعود بها إلى الوراء، وإذ صدرت نفاذاً لذلك قوانين التأمين الاجتماعي المتعاقبة مقررة الحق في المعاش مبينة حالات استحقاقه وقواعد منحه وشروط اقتضائه، فإن لازم ذلك أن الحق في المعاش متى توافر أصل استحقاقه وفقاً للقانون فإنه ينهض التزاماً على الجهة التي تقرر عليها، بحيث إذا توافرت في المؤمن عليه الشروط التي تطلبها القانون لاستحقاق المعاش استقر مركزه القانوني إزاء هذا المعاش بصفة نهائية، ولا يجوز من بعد الانتقاص منه، ذلك أن المساس به بعد اكتماله ليس إلا هدماً لوجوده، وإحداثاً لمركز قانوني جديد يستقل عن المركز السابق الذي نشأ مستوفياً لشرائطه بما يخل بالحقوق التي رتبها بإنكار موجباتها.
4 – نص المادة من القانون رقم 107 لسنة 1987 بعد تعديله بالقانون رقم 30 لسنة 1992 قد قرر زيادة المعاشات التي تستحق اعتباراً من 1/ 7/ 1992، إلا أنه اشترط لاستحقاق تلك الزيادة بالنسبة للمخاطبين بحكم البند رقم من المادة من قانون التأمين الاجتماعي، أن يكون طالب الصرف قد بلغ من العمر 50 سنة فأكثر في تاريخ طلب الصرف، هادفاً من وراء ذلك إلى تضييق مجال تطبيقه، وذلك بتغيير عناصر الحق في المعاش بما يخل بالمركز القانوني لطائفة معينة من المؤمن عليهم هم من لم يبلغوا من العمر 50 سنة، ويخرجهم من نطاق تطبيقه، رغم تحقق شرط استحقاقهم أصل المعاش المقرر قانوناً عملاً بحكم المادة من قانون التأمين الاجتماعي، بما مؤداه حرمان فئة من المؤمن عليهم من المزايا التأمينية التي كفلها لهم قانون التأمين الاجتماعي، ويتمخض بالتالي عدواناً على حقوقهم الشخصية التي سعى الدستور إلى صونها، ومجاوزة من المشرع لنطاق السلطة التقديرية التي يملكها في مجال تنظيم الحقوق، وذلك من خلال اقتحام المجال الذي يؤكد جوهرها ويكفل فعاليتها، بالمخالفة لنص المادة من الدستور..
5 – مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون، المنصوص عليه في المادة من الدستور والذي رددته الدساتير المصرية المتعاقبة جميعها، بحسبانه ركيزة أساسية للحقوق والحريات على اختلافها وأساساً للعدل والسلام الاجتماعي، غايته صون الحقوق والحريات في مواجهة صور التمييز التي تنال منها أو تقيد ممارستها، باعتباره وسيلة لتقرير الحماية القانونية المتكافئة التي لا تمييز فيها بين المراكز القانونية المتماثلة، وقيداً على السلطة التقديرية التي يملكها المشرع في مجال تنظيم الحقوق، والتي لا يجوز بحال أن تؤول إلى التمييز بين المراكز القانونية التي تتحدد وفق شروط موضوعية يتكافأ المواطنون خلالها أمام القانون، فإن خرج المشرع على ذلك سقط في حمأة المخالفة الدستورية.
6 – النص المطعون فيه اشترط لإفادة المعاملين بحكم البند رقم من المادة من قانون التأمين الاجتماعي من الزيادة في المعاش التي تقررت بمقتضاه بلوغ سن المؤمن عليه 50 سنة فأكثر في تاريخ طلب الصرف، متبنياً بذلك تمييزاً تحكمياً بين المؤمن عليهم المعاملين بحكم البند رقم من المادة المشار إليه، لا يستند إلى أسس موضوعية، إذ اختص فئة المؤمن عليهم المخاطبين بأحكام هذا النص ممن بلغوا سن الخمسين فأكثر بحقوق تأمينية تتمثل في تلك الزيادة في المعاش، التي حجبها عن قرنائهم المخاطبين بذات النص ممن لم يبلغوا هذا السن، حال كون الخطر المؤمن ضده قائم في شأن أفراد هاتين الفئتين، وجميعهم مؤمن عليهم قاموا بسداد الاشتراكات مدة 240 شهراً على الأقل، وهي المدة المحددة بالنص المانح لأصل المعاش، وكان يجب ضماناً للتكافؤ في الحقوق بينهم أن تنتظمهم قواعد موحدة لا تقيم في مجال تطبيقها تمييزاً بين المخاطبين بها، بما مؤداه أن النص المطعون فيه يكون قد جاء مخالفاً للمادة من الدستور.
7 – نجم عن التمييز التحكمي الذي ترتب على النص الطعين على النحو المتقدم بيانه حرمان من لم يبلغوا من العمر 50 سنة في الحالة المنصوص عليها في البند رقم من المادة سالف الذكر من الزيادة التي تقررت في المعاش، وبالتالي نقصان معاشهم عن معاش من بلغوا تلك السن رغم تساويهم في استحقاق أصل المعاش، وكان قضاء هذه المحكمة قد اطرد على أن الحماية التي أظل بها الدستور الملكية الخاصة لضمان صونها من العدوان عليها وفقاً لنص المادة منه، تمتد إلى الأموال جميعها دون تمييز بينها، باعتبار أن المال هو الحق ذو القيمة المالية سواء كان هذا الحق شخصياً أم عينياً أم كان من حقوق الملكية الأدبية أو الفنية أو الصناعية، وكان الحق في الزيادة في المعاش شأنه في ذلك شأن المعاش الأصلي إذا توافر أصل استحقاقه ينهض التزاماً على الجهة التي تقرر عليها، وعنصراً إيجابياً في ذمة صاحب المعاش أو المستحقين عنه، تتحدد قيمته وفقاً لأحكام قانون التأمين الاجتماعي، بما لا يتعارض مع أحكام الدستور، فإن النص الطعين ينحل والحالة هذه عدواناً على حق الملكية بالمخالفة لنص المادة من الدستور.


الإجراءات

بتاريخ 7/ 12/ 2003، أودع المدعيان صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، بطلب الحكم بعدم دستورية نص المادة من القانون رقم 30 لسنة 1992 بزيادة المعاشات وتعديل بعض أحكام قوانين التأمين الاجتماعي فيما تضمنه من اشتراط أن يكون سن المؤمن عليه 50 سنة فأكثر لزيادة المعاش المستحق في الحالة المنصوص عليها في البند رقم من المادة من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل في أن المدعيين كانا قد أقاما وآخرون الدعوى رقم 282 لسنة 2001 عمال كلي أمام محكمة طنطا الابتدائية ضد المدعى عليهما الثالث والرابع، بطلب الحكم بأحقيتهما في إعادة تسوية معاشهما طبقاً لنص المادة من قانون التأمين الاجتماعي، والمادة من القانون رقم 107 لسنة 1987 بتعديل بعض أحكام قانون التأمين الاجتماعي، وعلى ضوء حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 9/ 9/ 2000 في الدعوى رقم 1 لسنة 18 قضائية "دستورية"، وصرف الفروق المستحقة لهما من تاريخ انتهاء خدمتهما مضافاً إليها الفوائد القانونية وقدرها 7% من تاريخ الاستحقاق وحتى تاريخ التنفيذ، قولاً منهما أنهما كانا يعملان بشركة طنطا للكتان والزيوت، وانتهت خدمتهما بالشركة بالإحالة إلى المعاش المبكر بناء على طلبهما، وتم تسوية المعاش المستحق لهما على هذا الأساس دون حساب الزيادة في المعاش المقررة بالمادة من القانون رقم 107 لسنة 1987 المعدلة بالقانون رقم 30 لسنة 1992، بعد أن قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص المادة سالفة الذكر – قبل تعديلها بالقانون رقم 30 لسنة 1992 – فيما تضمنه من اشتراط أن تكون سن المؤمن عليه 50 سنة فأكثر لزيادة المعاش المستحق في الحالة المنصوص عليها في البند رقم من المادة من قانون التأمين الاجتماعي، والذي ينسحب – من وجهة نظر المدعيين – على النص المذكور بعد تعديله بالقانون المشار إليه، الذي تضمن ذات الشرط المقضي بعدم دستوريته، وبجلسة 21/ 4/ 2003 قضت المحكمة برفض الدعوى، وإذ لم يرتض المدعيان هذا القضاء فقد طعنا عليه بالاستئناف رقم 308 لسنة 53 قضائية أمام محكمة استئناف طنطا، وأثناء نظر الاستئناف دفع المدعيان بعدم دستورية نص المادة من القانون رقم 30 لسنة 1992، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع وصرحت للمدعيين برفع الدعوى الدستورية، فقد أقاما دعواهما الماثلة.
وحيث إن المادة من القانون رقم 107 لسنة 1987 – بعد تعديلها بمقتضى نص المادة من القانون رقم 30 لسنة 1992 – تنص على أن "تزاد المعاشات التي تستحق اعتباراً من 1/ 7/ 1992 في إحدى الحالات الآتية: –
1 – ………………
2 – الحالة المنصوص عليها في البند من المادة المشار إليها متى كانت سن المؤمن عليه في تاريخ طلب الصرف 50 سنة فأكثر.
3 – ……………… وتحدد الزيادة بنسبة 25% من المعاش بحد أدنى مقداره عشرون جنيهاً شهرياً وبحد أقصى مقداره خمسة وثلاثون جنيهاً شهرياً……….".
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة – وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع، وكانت غاية المدعيين هي الحكم بعدم دستورية نص البند رقم من المادة المشار إليه، فيما تضمنه من اشتراط أن تكون سن المؤمن عليه 50 سنة فأكثر لزيادة المعاش المستحق في الحالة المنصوص عليها في البند رقم من المادة من قانون التأمين الاجتماعي، وهو الشرط الذي حال بينهما والحصول على الزيادة في المعاش التي تقررت بنص المادة سالف الذكر – والتي يدور حولها النزاع في الدعوى الموضوعية – لعدم بلوغهما سن الخمسين في تاريخ طلب الصرف، وبالتالي فإن المصلحة الشخصية المباشرة تكون متحققة في الطعن على هذا النص بحسبان أن الفصل في مدى دستوريته سيكون له أثره وانعكاسه الأكيد على الدعوى الموضوعية والطلبات المطروحة بها وقضاء محكمة الموضوع فيها.
وحيث إن المدعيين ينعيان على النص المطعون فيه محدداً نطاقاً على النحو المتقدم إخلاله بمبدأ المساواة إذ مايز بين المعاملين بحكم البند رقم من المادة من قانون التأمين الاجتماعي على أساس السن دون نظر إلى مدة الخدمة التي سددت عنها الاشتراكات والتي تعتبر العنصر الأساسي في استحقاق المعاش، كما ينعيان على هذا النص مخالفة المواد (17، 34، 122) من الدستور، بما تضمنه من حرمان فئة من المؤمن عليهم من الزيادة في المعاش رغم استحقاقهم أصل المعاش طبقاً لنص المادة المشار إليه.
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدستور حرص في المادة منه على دعم التأمين الاجتماعي حين ناط بالدولة مد خدماتها في هذا المجال إلى المواطنين بجميع فئاتهم في الحدود التي يبينها القانون، من خلال تقرير ما يعينهم على مواجهة بطالتهم أو عجزهم عن العمل أو شيخوختهم، ذلك أن مظلة التأمين الاجتماعي هي التي تكفل بمداها واقعاً أفضل يؤمن المواطن في غده، وينهض بموجبات التضامن الاجتماعي التي يقوم عليها المجتمع وفقاً لنص المادة من الدستور، بما يؤكد أن الرعاية التأمينية ضرورة اجتماعية بقدر ما هي ضرورة اقتصادية، وأن غايتها أن تؤمن المشمولين بها في مستقبل أيامهم عند تقاعدهم أو عجزهم أو مرضهم، وأن تكفل الحقوق المتفرعة عنها لأسرهم بعد وفاتهم، كما عهد الدستور بنص المادة إلى المشرع بصوغ القواعد التي تتقرر بموجبها على خزانة الدولة، المرتبات والمعاشات والتعويضات والإعانات والمكافآت والجهات التي تتولى تطبيقها، لتهيئة الظروف الأفضل التي تفي باحتياجات من تقررت لمصلحتهم، وتكفل مقوماتها الأساسية التي يتحررون بها من العوز وينهضون معها بمسئولية حماية أسرهم والارتقاء بمعيشتها، بما مؤداه أن التنظيم التشريعي للحقوق التي كفلها المشرع في هذا النطاق يكون مجافياً أحكام الدستور منافياً لمقاصده إذا تناول هذه الحقوق بما يهدرها أو يعود بها إلى الوراء، وإذ صدرت – نفاذاً لذلك – قوانين التأمين الاجتماعي المتعاقبة مقررة الحق في المعاش مبينة حالات استحقاقه وقواعد منحه وشروط اقتضائه، فإن لازم ذلك أن الحق في المعاش متى توافر أصل استحقاقه وفقاً للقانون فإنه ينهض التزاماً على الجهة التي تقرر عليها، بحيث إذا توافرت في المؤمن عليه الشروط التي تطلبها القانون لاستحقاق المعاش استقر مركزه القانوني إزاء هذا المعاش بصفة نهائية، ولا يجوز من بعد الانتقاص منه، ذلك أن المساس به بعد اكتماله ليس إلا هدماً لوجوده، وإحداثاً لمركز قانوني جديد يستقل عن المركز السابق الذي نشأ مستوفياً لشرائطه بما يخل بالحقوق التي رتبها بإنكار موجباتها.
وحيث إن نص المادة من القانون رقم 107 لسنة 1987 بعد تعديله بالقانون رقم 30 لسنة 1992 قد قرر زيادة المعاشات التي تستحق اعتباراً من 1/ 7/ 1992، إلا أنه اشترط لاستحقاق تلك الزيادة بالنسبة للمخاطبين بحكم البند رقم من المادة من قانون التأمين الاجتماعي، أن يكون طالب الصرف قد بلغ من العمر 50 سنة فأكثر في تاريخ طلب الصرف، هادفاً من وراء ذلك إلى تضييق مجال تطبيقه، وذلك بتغيير عناصر الحق في المعاش بما يخل بالمركز القانوني لطائفة معينة من المؤمن عليهم هم من لم يبلغوا من العمر 50 سنة، ويخرجهم من نطاق تطبيقه، رغم تحقق شرط استحقاقهم أصل المعاش المقرر قانوناً عملاً بحكم المادة من قانون التأمين الاجتماعي، بما مؤداه حرمان فئة من المؤمن عليهم من المزايا التأمينية التي كفلها لهم قانون التأمين الاجتماعي، ويتمخض بالتالي عدواناً على حقوقهم الشخصية التي سعى الدستور إلى صونها، ومجاوزة من المشرع لنطاق السلطة التقديرية التي يملكها في مجال تنظيم الحقوق، وذلك من خلال اقتحام المجال الذي يؤكد جوهرها ويكفل فعاليتها، بالمخالفة لنص المادة من الدستور.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون، المنصوص عليه في المادة من الدستور والذي رددته الدساتير المصرية المتعاقبة جميعها، بحسبانه ركيزة أساسية للحقوق والحريات على اختلافها وأساساً للعدل والسلام الاجتماعي، غايته صون الحقوق والحريات في مواجهة صور التمييز التي تنال منها أو تقيد ممارستها، باعتباره وسيلة لتقرير الحماية القانونية المتكافئة التي لا تمييز فيها بين المراكز القانونية المتماثلة، وقيداً على السلطة التقديرية التي يملكها المشرع في مجال تنظيم الحقوق، والتي لا يجوز بحال أن تؤول إلى التمييز بين المراكز القانونية التي تتحدد وفق شروط موضوعية يتكافأ المواطنون خلالها أمام القانون، فإن خرج المشرع على ذلك سقط في حمأة المخالفة الدستورية.
وحيث إن النص المطعون فيه اشترط لإفادة المعاملين بحكم البند رقم من المادة من قانون التأمين الاجتماعي من الزيادة في المعاش التي تقررت بمقتضاه بلوغ سن المؤمن عليه 50 سنة فأكثر في تاريخ طلب الصرف، متبنياً بذلك تمييزاً تحكمياً بين المؤمن عليهم المعاملين بحكم البند رقم من المادة المشار إليه، لا يستند إلى أسس موضوعية، إذ اختص فئة المؤمن عليهم المخاطبين بأحكام هذا النص ممن بلغوا سن الخمسين فأكثر بحقوق تأمينية تتمثل في تلك الزيادة في المعاش، التي حجبها عن قرنائهم المخاطبين بذات النص ممن لم يبلغوا هذا السن، حال كون الخطر المؤمن ضده قائم في شأن أفراد هاتين الفئتين، وجميعهم مؤمن عليهم قاموا بسداد الاشتراكات مدة 240 شهراً على الأقل، وهي المدة المحددة بالنص المانح لأصل المعاش، وكان يجب ضماناً للتكافؤ في الحقوق بينهم أن تنتظمهم قواعد موحدة لا تقيم في مجال تطبيقها تمييزاً بين المخاطبين بها، بما مؤداه أن النص المطعون فيه يكون قد جاء مخالفاً للمادة من الدستور.
وحيث إنه فضلاً عن ذلك، فقد نجم عن التمييز التحكمي الذي ترتب على النص الطعين على النحو المتقدم بيانه حرمان من لم يبلغوا من العمر 50 سنة في الحالة المنصوص عليها في البند رقم من المادة سالف الذكر من الزيادة التي تقررت في المعاش، وبالتالي نقصان معاشهم عن معاش من بلغوا تلك السن رغم تساويهم في استحقاق أصل المعاش، وكان قضاء هذه المحكمة قد اطرد على أن الحماية التي أظل بها الدستور الملكية الخاصة لضمان صونها من العدوان عليها وفقاً لنص المادة منه، تمتد إلى الأموال جميعها دون تمييز بينها، باعتبار أن المال هو الحق ذو القيمة المالية سواء كان هذا الحق شخصياً أم عينياً أم كان من حقوق الملكية الأدبية أو الفنية أو الصناعية، وكان الحق في الزيادة في المعاش – شأنه في ذلك شأن المعاش الأصلي – إذا توافر أصل استحقاقه ينهض التزاماً على الجهة التي تقرر عليها، وعنصراً إيجابياً في ذمة صاحب المعاش أو المستحقين عنه، تتحدد قيمته وفقاً لأحكام قانون التأمين الاجتماعي، بما لا يتعارض مع أحكام الدستور، فإن النص الطعين ينحل – والحالة هذه – عدواناً على حق الملكية بالمخالفة لنص المادة من الدستور.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم دستورية نص البند رقم من المادة من القانون رقم 107 لسنة 1987 بتعديل بعض أحكام قانون التأمين الاجتماعي المعدل بالقانون رقم 30 لسنة 1992 بزيادة المعاشات وتعديل بعض أحكام قانون التأمين الاجتماعي فيما تضمنه من اشتراط أن تكون سن المؤمن عليه 50 سنة فأكثر لزيادة المعاش المستحق في الحالة المنصوص عليها في البند رقم من المادة من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، وألزمت الحكومة المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات