الطعن رقم 1770 لسنة 2 ق – جلسة 20 /04 /1957
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ
القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية – العدد الثاني (من أول فبراير إلى آخر مايو سنة 1957) – صـ 966
جلسة 20 من إبريل سنة 1957
برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.
القضية رقم 1770 لسنة 2 القضائية
( أ ) كادر العمال – المركز القانوني للعامل يتقرر تبعاً للخدمة
المسندة إليه في قرار تعيينه – متى كانت الوظيفة المعين فيها العامل مسماة فهذه التسمية
هي التي تحدد نوع عمله ودرجته وأجره – ليس له أن يغير تسمية حرفته وخصائصها إلى حرفة
أخرى ولو تماثلتا في الدرجة والأجر.
(ب) كادر العمال – وظيفة "عامل حصر" تختلف عن وظيفة "ملاحظ أسماك" – بعض وجوه الخلاف
بينهما.
1 – إن المركز القانوني للعامل يتقرر تبعاً للحرفة المسندة إليه في القرار الصادر بتعيينه.
فليس له أن يختار بإرادته حرفة سواها ليقوم بعملها أو أن يغير تسمية حرفته وخصائصها
إلى حرفة أخرى ولو تماثلت الحرفتان في الدرجة والأجر المقررين لهما؛ ذلك أن قواعد كادر
العمال تقضي – لحكمة تتعلق بصالح العمل واحتياجاته – بوجوب تحديد عدد كل فئة من فئات
الصناع أو العمال في كل قسم بوزارة أو مصلحة حسب ما تقتضيه حالة العمل وبمراعاة نسب
معينة نص عليها الكادر المذكور، وكل خروج على ذلك ينطوي على إخلال بهذه الحكمة. هذا
إلى أن إسناد الوظيفة إلى العامل يتوقف على توافر خبرة مهنية فيه قد لا تتحقق له في
وظيفة أخرى. كما أنه متى كانت الوظيفة التي عين فيها العامل مسماة فإن هذه التسمية
هي التي تحدد نوع العمل المنوط به أداؤه وكذا درجته وأجره. فإذا كان الثابت أن وظيفة
عامل الحصر تغاير وظيفة الوزان فإن المدعي في أولاهما يحدد مركزه بما ينفي كل صلة له
بالثانية التي لم يزاول عملها قط، والتي لا وجود لها – فضلاً عن ذلك – بميزانية المصلحة.
2 – إن وظيفة "عامل حصر" وردت للمرة الأولى بالجدول الذي تضمنه كتاب وزارة المالية
رقم م 58 – 31/ 21 م الصادر في أكتوبر سنة 1946 باعتبارها من الوظائف التي أغفلتها
الكشوف الأصلية الملحقة بكادر العمال والتي رؤي إجراء أحكام هذا الكادر عليها وانتفاع
شاغليها بهذه الأحكام. وقد حددت لها في هذا الجدول الدرجة (140/ 240 م) ووصفت بأنها
لعامل "عادي". أما وظيفة "ملاحظ أسماك" فقد وردت في الكشف رقم 4 من الكشوف حرف "ب"
الملحقة بكادر العمال، وهو الكشف الخاص بالصناع أو العمال الفنيين في الوظائف التي
لا تحتاج إلى دقة وخصصت لها الدرجة (200/ 360 م). وظاهر من اختلاف الدرجة والأجر المقدرين
لكل من هاتين الوظيفتين ومن تسمية كل منهما وكذا من ورود وظيفة "ملاحظ أسماك" منذ بادئ
الأمر في الكشوف المرافقة لكادر العمال باعتبارها من وظائف الصناع الفنيين التي لا
تحتاج إلى دقة، وإضافة وظيفة "عامل حصر" إلى هذا الكادر فيما بعد بوصفها من وظائف العمال
العاديين التي سكت عنها الكادر المذكور – أن كلاً من هاتين الوظيفتين تغاير الأخرى
من وجوه عدة، سواء من حيث الاختصاص أو نوع العمل أو طبيعته الفنية أو الدرجة المقررة
لمن يقوم به أو الأجر المقدر له. ولو تماثلت هاتان الوظيفتان واتحدتا لما تباين المركز
القانوني الذي حدده الشارع لكل منهما ولأغنت إحداهما عن الأخرى، وما كان ثمة مقتضى
للاستدراك الذي لجأ إليه كتاب وزارة المالية الصادر في أكتوبر سنة 1946 آنف الذكر.
إجراءات الطعن
في 20 من أغسطس سنة 1956 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 1770 لسنة 2 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بالإسكندرية بجلسة 26 من يونيه سنة 1956 في الدعوى رقم 131 لسنة 3 القضائية المقامة من عبد الفتاح محمود شهاب ضد مصلحة السواحل والمصايد وحرس الجمارك، القاضي: "باستحقاق المدعي لدرجة صانع غير دقيق (200/ 360 م) من تاريخ دخوله الخدمة وما يترتب على ذلك من آثار، وصرف الفروق من خمس سنوات سابقة على تقديم شكواه إلى الجهة الإدارية في 8 من أكتوبر سنة 1955، مع إلزام الجهة الإدارية المصاريف ومبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة، ورفض ما عدا ذلك من الطلبات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه "الحكم بقبول هذا الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المدعي، مع إلزامه بالمصرفات". وقد أعلن هذا الطعن إلى وزارة الحربية في 29 من أغسطس سنة 1956 وإلى المطعون عليه في 5 من سبتمبر سنة 1956، وعين لنظره أمام هذه المحكمة جلسة 23 من مارس سنة 1957. وقد انقضت المواعيد القانونية دون أن يقدم أي من الطرفين مذكرة بملاحظاته. وفي 2 من مارس سنة 1957 أبلغ الطرفان بميعاد الجلسة، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة – حسبما يبين من أوراق الطعن – تتحصل في أن المطعون
عليه أقام الدعوى رقم 131 لسنة 3 القضائية أمام المحكمة الإدارية بالإسكندرية بعريضة
أودعها سكرتيرية المحكمة في 24 من نوفمبر سنة 1955، قال فيها إنه عين بمصلحة خفر السواحل
ومصايد الأسماك اعتباراً من 30 من يناير سنة 1930 عاملاً لحصر الأسماك بأجر يومي قدره
100 م. ولما كان كادر العمال قد شمل في الكشف رقم 4 من كشوف حرف (ب) الملحقة به وظيفة
"ملاحظ أسماك" واعتبرها من الوظائف الفنية التي لا تحتاج إلى دقة بفئة (200/ 360 م)،
وكانت وظيفته وإن سميت عامل حصر أسماك ليست سوى وظيفة ملاحظ أسماك الواردة في الكادر،
فإنه تأسيساً على ذلك يطلب "الحكم بتسوية حالته طبقاً لكادر العمال على أساس شغله وظيفة
ملاحظ أسماك بفئة (200/ 360 م) من تاريخ دخوله الخدمة في 30 من يناير سنة 1930 وما
يترتب على ذلك من آثار، وصرف الفروق من أول مايو سنة 1945". وقد ردت مصلحة السواحل
والمصايد وحرس الجمارك على هذه الدعوى بأن المدعي عين بها في 30 من يناير سنة 1930
بأجر يومي قدره 100 م باعتباره عاملاً عادياً، ثم سويت حالته طبقاً لقواعد كادر العمال،
وطبقت عليه كشوف حرف (ب) فوضعته وزارة التجارة والصناعة التي كان تابعاً لها في ذلك
الحين في الدرجة من 140 م إلى 240 م بوصفه "عامل حصر"، ومنحته 140 م أجراً يومياً من
تاريخ دخوله الخدمة في 30 من يناير سنة 1930، وعدل أجره على هذا الأساس فأصبح يتقاضى
أجراً يومياً قدره 300 م اعتباراً من أول يوليه سنة 1955، ولا توجد بميزانية المصلحة
وظيفة "عامل حصر" وإنما هناك وظيفة ناظر حلقة أو ملاحظ أسماك بدرجة صانع غير دقيق،
وهي وظيفة فنية تستلزم اجتياز العامل امتحاناً فنياً لإمكان تعيينه فيها وهو ما لم
يحدث بالنسبة إلى المدعي، مما لا يدع مجالاً للشك في أنه عامل عادي وأنه لا يستحق تسوية
حالته على الأساس الذي يطالب به. وقد دفعت المصلحة – فضلاً عن هذا – بالتقادم الخمسي
المسقط استناداً إلى المادة 375 من القانون المدني. وبجلسة 29 من مايو سنة 1956 عدل
المدعي طلباته إلى المطالبة بصفة أصلية بتسوية حالته على أساس اعتباره وزاناً أسوة
بزملائه وبصفة احتياطية بتسوية حالته على أساس اعتباره ملاحظ أسماك في درجة صانع غير
دقيق في الفئة (200/ 360 م). وقد دفعت المصلحة هذا الطلب الأصلي بأنه لا توجد بميزانيتها
وظيفة وزان التي يطالب المدعي بتسوية حالته عليها، والتي لم يشغلها قط لعدم وجودها،
هذا من ناحية الواقع، أما من ناحية القانون فإن وظيفة "وزان بسواحل الغلال" التي يتطلع
إليها إنما المقصود بها من يقوم بوزن الغلال لا من يقوم بوزن الأسماك في المصائد. وأما
عن الطلب الاحتياطي فقد رددت المصلحة دفاعها السابق في شأنه. وبجلسة 26 من يونيه سنة
1956 قضت المحكمة الإدارية في هذه الدعوى "باستحقاق المدعي لدرجة صانع غير دقيق (200/
360 م) من تاريخ دخوله الخدمة وما يترتب على ذلك من آثار، وصرف الفروق من خمس سنوات
سابقة على تقديم شكواه إلى الجهة الإدارية في 8 من أكتوبر سنة 1955، مع إلزام الجهة
الإدارية المصاريف ومبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة، ورفض ما عدا ذلك من الطلبات".
وأقامت قضاءها فيما يتعلق بالطلب الأصلي على أن وظيفة وزان لم ترد في الكشوف الصادرة
مع الكتاب الدوري المنفذ لأحكام كادر العمال في 16 من أكتوبر سنة 1945 وإنما وردت في
كتابي وزارة المالية الدوريين رقم م 58 – 31/ 21 م الصادرين في أكتوبر سنة 1946 ومارس
سنة 1947، والمقصود بها في هذين الكتابين هي الوظيفة المخصصة لوزاني السواحل والأسواق
في حين أن المدعي ليس من أفراد هذه الطائفة؛ إذ أنه من عمال الحصر التابعين لمصلحة
المصايد. وفيما يتعلق بالطلب الاحتياطي على أنه يبين من إجابة المصلحة أنه لم ترد بميزانيتها
وظيفة عامل حصر، وأن الكشوف الملحقة بكادر العمال لم تتضمن أي ذكر لهذه الوظيفة، إلا
أن وظيفة ملاحظ أسماك وردت في هذه الكشوف؛ ومن ثم فإن من حق المدعي أن يفيد من الوضع
الخاص بعدم إدراج وظيفة عامل حصر في ميزانية الجهة الإدارية وإدراج وظيفة ملاحظ أسماك
في الميزانية ذاتها. ويتعين وضعه في درجة صانع غير دقيق منذ دخوله الخدمة دون اعتداد
بعدم أدائه امتحاناً لوظيفة ملاحظ أسماك؛ لأن منح درجة صانع غير دقيق لا يستلزم أداء
امتحان ما؛ على ألا يمنح الفروق المالية الناتجة عن تسوية حالته على هذا الأساس إلا
عن السنوات الخمس السابقة على تاريخ الشكوى المقدمة منه في 8 من أكتوبر سنة 1955. وقد
طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم بعريضة أودعها سكرتيرية هذه المحكمة
في 20 من أغسطس سنة 1956، واستند في أسباب طعنه إلى أنه وإن كانت المحكمة قد أصابت
في القضاء برفض الطلب الأصلي إلا أنها قد جانبت الصواب في القضاء للمدعي بطلبه الاحتياطي؛
ذلك أن وظيفة عامل حصر وإن لم ترد بالكشوف الأصلية الملحقة بكادر العمال إلا أنها قد
وردت بعد ذلك في كتاب وزارة المالية الدوري رقم م 58 – 31/ 21 م 1 الصادر في أكتوبر
سنة 1946 من بين الوظائف التي أغفلها الكادر عند صدوره. وقد وردت بهذا الكتاب على أنها
من الفئة (140/ 240 م) عادي، ولذلك يكون وضع المدعي في وظيفة عامل حصر قد تم صحيحاً،
ولا محل لاعتباره ملاحظ أسماك في درجة صانع غير دقيق (200/ 360 م)؛ إذ أن هذه وظيفة
أخرى وردت في الكشوف الملحقة بكادر العمال. ولو كانت الوظيفتان متحدتين لما كان هناك
داع لورود وظيفة عامل الحصر في كتاب وزارة المالية الدوري المشار إليه. ولما كان المجال
مجال تسوية حال المدعي بالتطبيق لأحكام كادر العمال وليس مجال تعيين فلا وجه لما ذهب
إليه الحكم المطعون فيه من التحدي بعدم إدراج الوظيفة الواردة بكادر العمال بميزانية
المصلحة التي يتبعها العامل. وانتهى السيد رئيس هيئة المفوضين من هذا إلى طلب "الحكم
بقبول هذا الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض دعوى المدعي،
مع إلزامه بالمصروفات".
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد صادفه الصواب فيما قضى به من رفض الطلب الأصلي للمدعي
وهو استحقاقه لوظيفة وزان؛ إذ الثابت بملف خدمته أنه معين في وظيفة معينة هي وظيفة
عامل حصر أسماك في حين أن وظيفة وزان الوارد ذكرها بكل من كتابي وكيل وزارة المالية
رقم م 58 – 31/ 21 م 1 الموجهين إلى وزرة التجارة والصناعة في أكتوبر سنة 1946 ومارس
سنة 1947 إنما ينصرف مدلولها – بحسب تسميتها طبقاً لمفهوم هذين الكتابين والكتب الأخرى
المتبادلة بين وزارة التجارة والصناعة ووزارة المالية – إلى الوظيفة المخصصة لوزاني
سواحل الغلال الأسواق التي يختلف عملها في طبيعته اختلافاً بيناً عن عمل وظيفة عامل
حصر الأسماك التي يشغلها المدعي والتي تضمنها الجدول الوارد بكتاب وزارة المالية رقم
م 58 – 31/ 21 م 1 الصادر في أكتوبر سنة 1946 المتقدم ذكره؛ وآية ذلك أن الكتاب المشار
إليه نص بجدوله في الوقت ذاته على كل من وظيفتي "وزان" و"عامل حصر"، وحدد لكل مهنة
منهما درجة وأجراً خلاف الأخرى، الأمر الذي يقطع بتباينهما. وإذ كان المركز القانوني
للعامل يتقرر تبعاً للحرفة المسندة إليه في القرار الصادر بتعيينه، فليس له أن يختار
بإرادته حرفة سواها ليقوم بعملها أو أن يغير تسمية حرفته وخصائصها إلى حرفة أخرى ولو
تماثلت الحرفتان في الدرجة والأجر المقررين لهما؛ ذلك أن قواعد كادر العمال تقضي –
لحكمة تتعلق بصالح العمل واحتياجاته – بوجوب تحديد عدد كل فئة من فئات الصناع أو العمال
في كل قسم بوزارة أو مصلحة حسب ما تقتضيه حالة العمل وبمراعاة نسب معينة نص عليها الكادر
المذكور، وكل خروج على ذلك ينطوي على إخلال بهذه الحكمة. هذا إلى أن إسناد الوظيفة
إلى العامل يتوقف على توافر خبرة مهنية فيه قد لا تتحقق له في وظيفة أخرى. كما أنه
متى كانت الوظيفة التي عين فيها العامل مسماة فإن هذه التسمية هي التي تحدد نوع العمل
المنوط به أداؤه وكذا درجته وأجره. فوظيفة عامل الحصر تغاير وظيفة الوزان، وتعيين المدعي
في أولاهما يحدد مركزه بما ينفي كل صلة له بالثانية التي لم يزاول عملها قط، والتي
لا وجود لها – فضلاً عن ذلك – بميزانية المصلحة.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالطلب الاحتياطي للمدعي وهو تسوية حالته طبقاَ لأحكام كادر
العمال على أساس اعتباره شاغلاً لوظيفة ملاحظ أسماك في الفئة (200 م/ 360 م) من تاريخ
دخوله الخدمة في 30 من يناير سنة 1930 وما يترتب على ذلك من آثار، استناداً إلى أن
هذه الوظيفة وإن سميت عامل حصر أسماك إلا أنها ليست في حقيقتها سوى وظيفة ملاحظ أسماك
الواردة في الكادر، فإنه يبين من الأوراق أن المذكور عين اعتباراً من 30 من يناير سنة
1930 بأجر يومي قدره 100 م باعتباره عاملاً عادياً، ثم سويت حالته بالتطبيق لقواعد
كادر العمال بالقرار الوزاري رقم 184 لسنة 1947 الصادر من وزير التجارة والصناعة في
16 من إبريل سنة 1947، وذلك بناء على كتاب وزارة المالية رقم م 58 – 31/ 21 م 1 الصادر
في شهر أكتوبر سنة 1946 الذي أضاف إلى وظائف كادر العمال وظائف من بينها وظيفة "عامل
حصر" الذي عده عاملاً عادياً. وبمقتضى هذه التسوية وضع في الدرجة (140/ 240 م) المقدرة
لوظيفة عامل حصر في كتاب المالية المشار إليه، وذلك اعتباراً من تاريخ دخوله الخدمة،
ثم تدرجت أجرته على هذا الأساس.
ومن حيث إن وظيفة "عامل حصر" وردت للمرة الأولى بالجدول الذي تضمنه كتاب وزارة المالية
رقم م 58 – 31/ 21 م 1 الصادر في أكتوبر سنة 1946 باعتبارهم من الوظائف التي أغفلتها
الكشوف الأصلية الملحقة بكادر العمال والتي رؤي إجراء أحكام هذا الكادر عليها وانتفاع
شاغليها بهذه الأحكام. وقد حددت لها في هذا الجدول الدرجة (140/ 240 م) ووصفت بأنها
لعامل "عادي". أما وظيفة "ملاحظ أسماك" فقد وردت في الكشف رقم 4 من الكشوف حرف "ب"
الملحقة بكادر العمال وهو الكشف الخاص بالصناع أو العمال الفنيين في الوظائف التي لا
تحتاج إلى دقة وخصصت لها الدرجة (200/ 360 م). وظاهر من اختلاف الدرجة والأجر المقدرين
لكل من هاتين الوظيفتين ومن تسمية كل منهما وكذا من ورود وظيفة "ملاحظ أسماك" منذ بادئ
الأمر في الكشوف المرافقة لكادر العمال باعتبارها من وظائف الصناع الفنيين التي لا
تحتاج إلى دقة، وإضافة وظيفة "عامل حصر" إلى هذا الكادر فيما بعد بوصفها من وظائف العمال
العاديين التي سكت عنها الكادر المذكور – أن كلاً من هاتين الوظيفتين تغاير الأخرى
من وجوه عدة، سواء من حيث الاختصاص أو نوع العمل أو طبيعته الفنية أو الدرجة المقررة
لمن يقوم به أو الأجر المقدر له. ولو تماثلت هاتان الوظيفتان واتحدتا لما تباين المركز
القانوني الذي حدده الشارع لكل منهما ولأغنت إحداهما عن الأخرى. وما كان ثمة مقتض للاستدراك
الذي لجأ إليه كتاب وزارة المالية الصادر في أكتوبر سنة 1946 آنف الذكر.
ومن حيث إن خلو ميزانية المصلحة التي عين بها المدعي من وظيفة عامل حصر وقت تعيينه،
وإدراج وظيفة ملاحظ أسماك في تلك الميزانية في ذلك الحين، لا يرتب للمذكور حقاً في
هذه الوظيفة الأخيرة التي لم تنصرف نية الإدارة إلى إسنادها إليه ولم يقم بعملها قط،
والتي يتطلب التعيين فيها شروطاً لم يثبت توافرها فيه؛ ذلك أن المصلحة إنما عينته في
وظيفة عامل عادي لا في وظيفة ملاحظ أسماك، ثم قامت بتسوية حالته بعد ذاك عقب صدور كتاب
المالية رقم م 58 – 31/ 21 م 1 في شهر أكتوبر سنة 1946 على أساس ما قضى به هذا الكتاب.
ولما كانت التسوية التي أجرتها له قد تمت وفقاً لأحكام الكتاب المشار إليه اعتباراً
من تاريخ دخوله الخدمة وعلى أساس وضعه الصحيح في الوظيفة المحددة التي عين فيها، فإن
طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة يكون في محله، ويكون الحكم المطعون فيه – إذ قضى
باستحقاق المدعي لدرجة صانع غير دقيق (200/ 360 م) من تاريخ دخوله الخدمة، وما يترتب
على ذلك من آثار وفروق – قد جانب الصواب، ويتعين القضاء بإلغائه، وبرفض الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.