الطعن رقم 181 سنة 25 ق – جلسة 10 /05 /1955
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الثالث – السنة 6 – صـ 976
جلسة 10 من مايو سنة 1955
برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل المستشار، وبحضور السادة الأساتذة: مصطفى كامل، و محمد عبد الرحمن يوسف، ومحمود محمد مجاهد، ومحمد محمد حسنين المستشارين.
القضية رقم 181 سنة 25 القضائية
(أ) إجراءات. استجواب المتهم. حصوله بحضور محاميه وعدم اعتراضه
عليه. يسقط حقه فى الدفع ببطلان الاجراءات المبنى على هذا السبب.
(ب) إجراءات. شفوية المرافعة. إثبات. شاهد. الاعتماد على أقواله فى التحقيق الابتدائى
دون سماعه بالجلسة. متى يصح ذلك؟
1- إن حق المتهم فى الدفع ببطلان الاجراءات المبنى على أن المحكمة استجوبته يسقط وفقا
للفقرة الأولى من المادة 333 من قانون الاجراءات الجنائية إذا حصل الاستجواب بحضور
محامى المتهم ولم يبد اعتراضا عليه.
2- للمحكمة بمقتضى القانون أن تعول فى حكمها على أقوال شاهد فى التحقيق الابتدائى ولو
لم تسمعه فى الجلسة ما دام المتهم لم يطلب سماع شهادته أو تلاوة أقواله وما دامت المحكمة
قد حققت شفوية المرافعة بسماعها من حضر من شهود الاثبات فى مواجهة المتهم.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: وهو صراف منوط بحساب نقود، تجارى على اختلاس مبلغ ثلاثة آلاف وثلاثمائة وثمانية جنيهات من الأموال الأميرية التى فى عهدته. وطلبت من غرفة الاتهام إحالته على محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادة 112 من قانون العقوبات. فصدر قرارها بذلك ومحكمة جنايات شبين الكوم قضت حضوريا – عملا بمادة الاتهام – بمعاقبة اسحق يوسف عطية بالسجن لمدة عشر سنوات وبرد المبلغ المختلس وقدره ثلاثة آلاف وثلاثمائة وثمانية جنيهات وبغرامة مساوية لهذا المبلغ. فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض… الخ.
المحكمة
… وحيث إن مبنى الوجه الأول هو أن المحكمة استجوبت الطاعن وناقشته
مناقشة مستفيضة فى موضوع التهمة وظروفها وأدلتها دون أن تحصل منه على موافقة إلا بعد
أن تم استجوابه، وفى ذلك ما يبطل الاجراءات لمخالفته لنص المادة 274 من قانون الاجراءات
الجنائية.
وحيث إنه لما كان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن استجواب المتهم تم بموافقة الدفاع
ودون اعتراض منه فليس له أن ينعى عليها من بعد، أنها استجوبته، هذا إلى أن حق المتهم
فى الدفع ببطلان الاجراءات المبنى على هذا السبب قد سقط وفقا للفقرة الأولى من المادة
333 من قانون الاجراءات الجنائية، لأن هذا الاجراء حصل بحضور محامى المتهم ولم يبد
اعتراضا عليه ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الوجه لا يكون له محل.
وحيث إن مبنى الوجه الثانى، هو أن الحكم المطعون فيه، شابه الفساد فى الاستدلال، وبنى
على إجراءات باطلة، إذ استند فى إدانة الطاعن ضمن ما أستند إلى شهادة عبد الحميد موسى
الشوربجى رغم أن المحكمة لم تسمع شهادته بالجلسة واستند الحكم أيضا فى الادانة إلى
أقوال مصطفى حسن سلام ونعمان ابراهيم فى التحقيقات مع مخالفة هذه الأقوال لما شهدا
به فى الجلسة مؤيدا لدفاع الطاعن، وكان يتعين على المحكمة ألا تعول إلا على شهادتهما
فى الجلسة، كذلك استند الحكم إلى شهادة الشاهد أنور عياد مع أن هناك ثلاثة شهود كذبوه،
ولم يبين الحكم علة أخذه بشهادته دون شهادتهم، وجاء بالحكم أن الصراف أسعد اسحق كذب
الطاعن فى واقعة تعليل ذهاب هذا الأخير إلى مكتبه فى وقت مبكر مع أن ما ورد فى التحقيق
يخالف ذلك، ومع أن زملاء الطاعن شهدوا باعتياده على التبكير فى عمله، هذا إلى أن الطاعن
أثبت أن إهمال الحراسة مرجعه إلى جهة الادارة، أما ما قاله الحكم من أن مخالفة التعليمات
فى شأن وجوب توريد المبالغ التى تصل إلى 300 جنيه تغتفر للشخص البرئ ولا تغتفر لمثل
المتهم وتعد دليلا عليه، فانه قول لا يصح الأخذ به، كما ذكر الحكم أنه ثبت وجود عجز
فى عهدة الطاعن قدره 12 جنيها و470 مليما تبقى من المبلغ المخصص لمقاومة دودة القطن،
مع أن الطاعن أثبت أن هذا المبلغ لم يكن فى عهدته هو، بل فى عهدة مأمور المركز، واثبت
التحقيق أيضا وجود هذا المبلغ بتمامه وأنه لم يختلس، كذلك استند فى إثبات عسر الطاعن
إلى شهادة عبد الحميد عرفه رغم ثبوت ما يخالف ذلك بدلالة ما أسفر عنه تفتيش منزل الطاعن
من وجود دفاتر توفير لأولاده ووجود سند محرر لصالح زوجته بمبلغ 150 جنيها واعتمد الحكم
أيضا فى إدانة الطاعن فيما اعتمد على تقارير الأطباء الشرعيين، وعلى تقرير اللجنة الادارية
التى قامت بعمل الحساب مع أن هذه التقارير لا تؤدى إلى ما انتهى إليه الحكم.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية المكونة
لجريمة اختلاس الأموال الأميرية وأورد على ثبوت وقوع هذه الجريمة من الطاعن أدلة سائغة
من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان للمحكمة بمقتضى القانون أن
تعول فى حكمها على أقوال شاهد فى التحقيق الابتدائى ولو لم تسمعه فى الجلسة ما دام
الطاعن لم يطلب سماع شهادته أو تلاوة أقواله وما دامت المحكمة قد حققت شفوية المرافعة
بسماعها من حضر من شهود الاثبات فى مواجهة الطاعن، وكان للمحكمة أيضا فى حدود سلطتها
التقديرية أن تأخذ بقول للشاهد أبداه فى التحقيق الابتدائى، ولو خالف قولا آخر له أبداه
فى الجلسة، كما أن لها أن تعول على أقوال بعض الشهود، وتعرض عن أقوال البعض الآخر دون
أن تبين العلة فى ذلك، إذ الأمر مرجعه إلى تقديرها لقوة الدليل المطروح أمامها واقتناعها
به واطمئنانها إلى صحته، فإن ما يثيره الطاعن فى سياق طعنه ليس إلا جدلا واردا على
موضوع الدعوى وتقدير أدلة الإثبات فيها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تصح إثارته
أمام محكمة النقض.
أما ما يثيره فى شأن مبلغ الـ 12 جنيها و470 مليما فقد عرض له الحكم وتحدث عنه فى بيان
الدليل التاسع من أدلة الاثبات ورد عليه بما يفنده ويبرر اطراحه.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.