الطعن رقم 1653 لسنة 2 ق – جلسة 20 /04 /1957
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ
القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية – العدد الثاني (من أول فبراير إلى آخر مايو سنة 1957) – صـ 955
جلسة 20 من إبريل سنة 1957
برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.
القضية رقم 1653 لسنة 2 القضائية
( أ ) نقل الموظف – جواز النقل من وظيفة إلى أخرى ما دامت الأخيرة
ليست أقل درجة من الأولى – مثال.
(ب) موظف – نقله من وظيفة رئيس قلم جنائي بإحدى النيابات الجزئية إلى وظيفة كاتب بالنيابة
الكلية بدرجته – من الملاءمات المتروكة لرئيس النيابة بحسبانه توزيعاً للعمل على كتاب
النيابات – المادة 59 من قانون نظام القضاء.
1 – إن الجزاءات التي عددتها المادة 84 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي
الدولة، ليس من بينها التنزيل في الوظيفة كما كان الحال قبل العمل بالقانون سالف الذكر.
وقد أجازت المادة 47 من القانون المشار إليه النقل من وظيفة إلى أخرى ما دامت درجة
الوظيفة المنقول إليها الموظف ليست أقل من درجة الوظيفة المنقول منها. فالقول بأن نقل
المدعي من وظيفة رئيس قلم جنائي بإحدى النيابات الجزئية إلى وظيفة كاتب بالنيابة الكلية
قد قصد به أن يكون بمثابة عقوبة توقع عليه إلى جانب الخصم من مرتبه، هو مذهب لا يستند
إلى أساس سليم من القانون؛ ذلك أن المدعي قد نقل إلى وظيفة لا تقل درجتها عن درجة وظيفته
الأولى، فلم يتضمن نقله أي تنزيل له في الدرجة.
2 – إن المادة 59 من القانون رقم 147 لسنة 1949 بشأن نظام القضاء تنص على أن: "رئيس
كل محكمة يتولى توزيع الأعمال على كتابها وتحديد محل كل منهم وتعيين رؤساء الأقلام
والكتاب الأول بالمحاكم الجزئية وكذلك نقل الكتاب وندبهم داخل دائرة المحكمة، ويتولى
رئيس كل نيابة كلية هذه الأعمال بالنسبة لكتاب النيابات التابعين له". ومن ثم فإن نقل
المدعي من وظيفة رئيس قلم جنائي بإحدى النيابات الجزئية إلى وظيفة كاتب بالنيابة الكلية
بدرجته، لا يعدو أن يكون توزيعاً للأعمال على كتاب النيابات، فهو بهذه المثابة من الملاءمات
المتروكة لتقدير رئيس النيابة حسبما يكون متفقاً مع الصالح العام، طبقاً للمادة 59
سالفة الذكر.
إجراءات الطعن
في 5 من يوليه سنة 1956 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بالإسكندرية بجلسة 29 من مايو سنة 1956 في الدعوى رقم 289 لسنة 3 القضائية المقامة من حامد محمد السويفي ضد وزارة العدل (النيابة العمومية)، القاضي: "بإلغاء القرار الصادر من السيد رئيس نيابة الإسكندرية بتاريخ 17/ 8/ 1954 فيما تضمنه من نقل المدعي من وظيفة رئيس القلم الجنائي بنيابة المنشية إلى وظيفة كاتب بنيابة الإسكندرية الكلية، مع إلزام الجهة الإدارية المصاريف ومبلغ 300 قرش مقابل أتعاب المحاماة ورفض ما عدا ذلك من الطلبات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين، للأسباب التي استند إليها في عريضة طعنه، "قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع إلغاء الحكم فيما قضى به من إلغاء أمر النقل المطعون فيه، والقضاء بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر الدعوى في هذا الشق". وقد أعلن هذا الطعن إلى وزارة العدل في 2 من سبتمبر سنة 1956، وإلى المطعون عليه في 10 من سبتمبر سنة 1956، وعين لنظره جلسة 23 من مارس سنة 1957، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم أرجئ إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل، حسبما يبين من أوراق الطعن، في أن المطعون عليه
أقام دعواه يطلب فيها إلغاء القرار الصادر من السيد رئيس نيابة الإسكندرية في 17 من
أغسطس سنة 1954 فيما قضى به من خصم ثلاثة أيام من راتبه، وكذلك إلغاءه فيما تضمن من
نقله من وظيفة رئيس القلم الجنائي بنيابة المنشية إلى وظيفة كاتب بالنيابة الكلية.
وفي 29 من مايو سنة 1956 قضت المحكمة الإدارية بالإسكندرية "بإلغاء القرار الصادر من
السيد رئيس نيابة الإسكندرية في 27 من أغسطس سنة 1954 فيما تضمنه من نقل المدعي من
وظيفة رئيس القلم الجنائي بنيابة المنشية إلى وظيفة كاتب بنيابة الإسكندرية الكلية،
مع إلزام الجهة الإدارية المصاريف ومبلغ 300 قرش مقابل أتعاب المحاماة، ورفض ما عدا
ذلك من الطلبات". وأسست قضاءها على أنه "وإن نصت المادة 76 من قانون نظام القضاء بأن
يعمل كتاب النيابة في كل محكمة تحت رقابة رئيس القلم الجنائي وهؤلاء جميعاً خاضعون
لرئيس النيابة، فليس في ذلك دليل على أن وظيفة (رئيس القلم الجنائي) تختلف في طبيعتها
عن وظيفة (كاتب) بالنيابة، خاصة متى كانت الأولى بإحدى النيابات الجزئية والثانية بنيابة
كلية، بل كثيراً ما يكون الشاغل لوظيفة رئيس القلم ببعض النيابات الجزئية في درجة أدنى
من درجة كثير من كتبة النيابات الكلية، ومن ثم فقد جاز في الظروف العادية نقل المدعي
من وظيفة رئيس قلم بنيابة جزئية إلى وظيفة كاتب بالنيابة الكلية، دون أن يقال بأن في
ذلك تنزيلاً له منطوياً على عقوبة مقنعة. غير أنه في الظروف التي صدر فيها القرار محل
الطعن، وقد تصدر بنسبة أمور معينة إلى المدعي، رأى فيها السيد رئيس النيابة الذي أصدر
القرار (ما يعتبر من المدعي إثارة للشبهة قبله ومتعارضاً مع ما يطلب من الموظف من البعد
عن مواطن الظنون، الأمر الذي يقتضي مجازاته) وانتهى القرار إلى الخصم من مرتبه، ثم
نقله إلى وظيفة كاتب بالنيابة الكلية، فإن في ذلك ما يشير بجلاء إلى أنه قصد بالإجراء
الأخير أن يكون بمثابة عقوبة توقع عليه إلى جانب الخصم من مرتبه".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن قرار النقل المحكوم بإلغائه من القرارات الإدارية التي
لا يقبل طلب إلغائها؛ وآية ذلك أن نقل المدعي من وظيفة رئيس قلم جنائي في نيابة جزئية
إلى كاتب بالنيابة الكلية هو إجراء داخلي بحت يملكه رئيس النيابة المنوط به – بحكم
القانون – الإشراف على أعمال النيابة العامة في حدود مدينة الإسكندرية باعتبارها وحدة
لا تتجزأ.
ومن حيث إن المحكمة قد اعتبرت النقل يخفي جزاءً تأديبياً، وأنه صدر باطلاً لمخالفته
للأوضاع المرسومة في قانون نظام القضاء في شأن تأديب موظفي النيابات.
ومن حيث إنه لا يلزم لكي يعتبر القرار الإداري بمثابة الجزاء التأديبي المقنع أن يكون
متضمناً عقوبة من العقوبات التأديبية المعينة، وإلا لكان جزاءً تأديبياً صريحاً، وإنما
يكفي أن تتبين المحكمة من ظروف الأحوال وملابساتها أن نية الإدارة اتجهت إلى عقاب الموظف،
ولكن بغير اتباع الإجراءات والأوضاع المقررة لذلك، فانحرفت بسلطتها في القرار لتحقيق
هذا الغرض المستتر، فيكون القرار بمثابة الجزاء التأديبي المقنع، ويكون عندئذ مشوباً
بعيب إساءة استعمال السلطة ومخالفاً للقانون، أما إذا تبين أنها لم تنحرف بسلطتها لتحقيق
مثل هذا الغرض الخفي، وإنما استعملتها في تحقيق المصلحة العامة التي أعد لها القرار،
كان سليماً ومطابقاً للقانون [(1)].
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى أن نقل المدعي من وظيفة رئيس قلم جنائي بإحدى
النيابات الجزئية إلى وظيفة كاتب بالنيابة الكلية قد "قصد به أن يكون بمثابة عقوبة
توقع عليه إلى جانب الخصم من مرتبه"، وهو مذهب لا يستند إلى أساس سيلم من القانون؛
ذلك أن المدعي قد نقل إلى وظيفة لا تقل درجتها عن درجة وظيفته الأولى فلم يتضمن نقله
أي تنزيل له. ويجب التنبيه إلى أن الجزاءات التي عددتها المادة 84 من القانون رقم 210
لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة – وهو الذي يحكم واقعة الدعوى – ليس من بينها التنزيل
في الوظيفة كما كان الحال قبل العمل بالقانون سالف الذكر، كما أجازت المادة 47 من القانون
المشار إليه النقل من وظيفة إلى أخرى ما دامت درجة الوظيفة المنقول إليها الموظف ليست
أقل من درجة الوظيفة المنقول منها.
ومن حيث إن المادة 59 من القانون رقم 147 لسنة 1949 بشأن نظام القضاء تنص على أن "رئيس
كل محكمة يتولى توزيع الأعمال على كتابها وتحديد محل كل مهم وتعيين رؤساء الأقلام والكتاب
الأول بالمحاكم الجزئية وكذلك نقل الكتاب وندبهم داخل دائرة المحكمة، ويتولى رئيس كل
نيابة كلية هذه الأعمال بالنسبة لكتاب النيابات التابعين له".
ومن حيث إنه يظهر من ذلك أن نقل المدعي من وظيفة رئيس قلم جنائي بإحدى النيابات الجزئية
إلى وظيفة كاتب بالنيابة الكلية بدرجته لا يعدو أن يكون توزيعاً للأعمال على كتاب النيابات،
فهو بهذه المثابة من الملاءمات المتروكة لتقدير رئيس النيابة حسبما يكون متفقاً مع
الصالح العام طبقاً للمادة 59 من قانون نظام القضاء.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء أمر النقل قد أخطأ
في تطبيق القانون ويتعين إلغاؤه على الوجه المبين بالمنطوق.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء قرار النقل، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.
[(1)] راجع السنة الأولى في هذه المجموعة بند 112 صفحة 924
