قاعدة رقم الطعن رقم 59 لسنة 25 قضائية “دستورية” – جلسة 19 /12 /2004
أحكام المحكمة الدستورية العليا – الجزء الحادي
عشر (المجلد الأول)
من أول أكتوبر 2003 حتى آخر أغسطس 2006 – صـ 1205
جلسة 19 ديسمبر سنة 2004
برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعي – رئيس المحكمة وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد العزيز الشناوي وماهر سامي يوسف والسيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعي عمرو والدكتور عادل عمر شريف وتهاني محمد الجبالي. وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما – رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن – أمين السر.
قاعدة رقم
القضية رقم 59 لسنة 25 قضائية "دستورية"
1 – هيئة عامة "عاملون بالبنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي
– تشريع موضوعي".
البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي هيئة عامة، ومن ثم فهو شخص من أشخاص القانون
العام ويعتبر العاملون فيه موظفين عاميين يرتبطون به بعلاقة تنظيمية تحكمها لائحة نظام
العاملين بالبنك، وتعتبر هذه اللائحة تشريعاً بالمعنى الموضوعي تمتد إليه رقابة المحكمة
الدستورية العليا.
2 – حق العمل "شرطه أدائه".
ضمان الشروط التي يكون أداء العمل في نطاقها منصفاً وإنسانياً ومواتياً، فلا تنتزع
هذه الشروط قسراً من محيطها.
3 – حق العمل "تنظيمه – إجازة".
تخويل الدستور السلطة التشريعية بمقتضى المادة 13 تنظيم حق العمل – لا يجوز لها أن
تعطل جوهره، أو تهدر حقوق يملكها العامل ومنها حقه في الإجازة وإلا كان ذلك منها عدواناً
على صحته البدنية والنفسية وإخلالاً بأحد التزاماتها الجوهرية.
4 – إجازة سنوية "الحق فيها".
حق العامل في الإجازة السنوية فريضة اقتضاها المشرع من العامل وجهة الإدارة فلا يملك
أيهما إهدارها كلياً أو جزئياً إلا لأسباب قوية تقتضيها مصلحة العمل.
5 – إجازة سنوية "رصيد: تعويض".
كلما كان فوات الإجازة راجعاً إلى جهة العمل أو لأسباب اقتضتها ظروف أدائه دون أن يكون
لإرادة العامل دخل فيها كانت جهة العمل مسئولة عن تعويضه عما تجمع منها.
6 – تشريع "المادة من لائحة شئون العاملين بالبنك الرئيسي للتنمية والائتمان
الزراعي – رصيد إجازات – عوار".
ما تضمنه هذا النص من حرمان العامل من البدل النقدي لرصيد إجازاته الاعتيادية فيما
جاوز خمسة أشهر يخالف الدستور متى كانت مصلحة العمل هي التي اقتضت عدم حصوله على هذا
الرصيد.
1 – البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي والذي ينص قانون إنشائه رقم 117 لسنة
1976 على أنه هيئة عامة قابضة لها شخصية اعتبارية مستقلة، يعتبر من أشخاص القانون العام
ويكون العاملون فيه موظفين عامين ويرتبطون به بعلاقة تنظيمية تحمها لائحة نظام العاملين
بالبنك والصادرة بقرار من مجلس إدارته متضمنة النص المطعون فيه، وهي بهذه المثابة تعتبر
تشريعاً بالمعنى الموضوعي بما يمتد إليه اختصاص هذه المحكمة في الرقابة الدستورية.
2 – من المقرر في قضاء هذه المحكمة – أن لكل حق أوضاعاً يقتضيها أو آثاراً يرتبها من
بينها – في مجال حق العمل – ضمان الشروط التي يكون أداء العمل في نطاقها منصفاً وإنسانياً
ومواتياً. فلا تنتزع هذه الشروط قسراً من محيطها، ولا ترهق بفحواها بيئة العمل ذاتها،
أو تناقض بأثرها ما ينبغي أن يرتبط حقاً وعقلاً بالشروط الضرورية لأداء العمل بصورة
طبيعية لا تحامل فيها، ومن ثم لا يجوز أن تنفصل الشروط التي يتطلبها المشرع لمباشرة
عمل أو أعمال بذواتها، عن متطلبات ممارستها، وإلا كان تقريرها انحرافاً بها عن غايتها
يستوي في ذلك أن يكون سندها علاقة عقدية أو رابطة لائحية.
3 – الدستور وإن خول السلطة التشريعية بنص المادة تنظيم حق العمل إلا أنها لا
يجوز لها أن تعطل جوهره. ولا أن تتخذ من حمايتها للعامل موطئاً لإهدار حقوق يملكها،
وعلى الأخص تلك التي تتصل بالأوضاع التي ينبغي أن يمارس العمل فيها ويندرج تحتها الحق
في الإجازة السنوية التي لا يجوز لجهة العمل أن تحجبها عن عامل يستحقها وإلا كان ذلك
منها عدواناً على صحته البدنية والنفسية. وإخلالاً بأحد التزاماتها الجوهرية التي لا
يجوز للعامل بدوره أن يتسامح فيها، ونكولاً عن الحدود المنطقية التي ينبغي وفقاً للدستور
أن تكون إطاراً لحق العمل، واستتاراً بتنظيم هذا الحق للحد من مداه.
4 – إن المشرع – وفى الإطار السابق بيانه – قد صاغ بنص المادة من قانون نظام العاملين
المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 المعدل بالقانون رقم 219 لسنة 1991
– وهو القانون العام بالنسبة للعاملين بالدولة وهيئاتها العامة – حق العامل في الإجازة
السنوية فغدا بذلك حقاً مقرراً له بنص القانون. يظل قائماً ما بقيت الرابطة الوظيفية
قائمة وقد أخذت عنه لائحة العاملين بالبنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي متضمنة
ذات الأحكام متوخية لذات الأهداف.
إن المشرع تغيا من ضمان حق العامل في إجازة سنوية بالشروط التي حددها أن يستعيد العامل
خلالها قواه المادية والمعنوية. ولا يجوز بالتالي أن ينزل العامل عنها ولو كان هذا
النزول ضمنياً بالامتناع عن طلبها، إذ هي فريضة اقتضاها المشرع من كل من العامل وجهة
الإدارة فلا يملك أيهما إهدارها كلياً أو جزئياً إلا لأسباب قوية تقتضيها مصلحة العمل،
ولا أن يدعى العامل أنه بالخيار بين طلبها أو تركها، وإلا كان التخلي عنها إنهاكاً
لقواه، وتبديداً لطاقاته، وإضراراً بمصلحة العمل ذاتها التي يتعذر صونها مع الاستمرار
فيه دون انقطاع. بل إن المشرع اعتبر حصول العامل على إجازة اعتيادية لمدة ستة أيام
متصلة كل سنة أمراً لا يجوز الترخص فيه، أو التذرع دون تمامه بدواعي مصلحة العمل وهو
ما يقطع بأن الحق في الإجازة السنوية يتصل بقيمة العمل وجدواه وينعكس بالضرورة على
كيان الجماعة ويمس مصالحها العليا صوناً لقوتها الإنتاجية البشرية.
5، 6 – إن المشرع قد دل بما تضمنته المادة من لائحة شئون العاملين بالبنك المدعى
عليه (الفقرة المطعون عليها)، إنه لا يجوز أن يتخذ العامل من الإجازة السنوية وعاءً
ادخارياً من خلال ترحيل مددها التي تراخى في استعمالها، ثم تجميعها ليحصل بعد انتهاء
خدمته على ما يقابلها من الأجر، وكان ضمان المشرع لمصلحة العمل ذاتها قد اقتضاه أن
يرد على العامل سوء قصده، فلم يجز له أن يحصل على ما يساوي أجر هذا الرصيد إلا عن مدة
لا تجاوز أربعة أشهر، بيد أن هذا الحكم لا ينبغي أن يسري على إطلاقه، بما مؤداه أنه
كلما كان فوات الإجازة راجعاً إلى جهة العمل أو لأسباب اقتضتها ظروف أدائه دون أن يكون
لإرادة العامل دخل فيها كانت جهة العمل مسئولة عن تعويضه عنها، فيجوز للعامل عندئذ
– وكأصل عام – أن يطلبها جملة فيما جاوز ستة أيام كل سنة إذا كان اقتضاء ما تجمع من
إجازاته السنوية على هذا النحو ممكناً عيناً، وإلا كان التعويض النقدي عنها واجباً.
تقديراً بأن المدة التي امتد إليها الحرمان من استعمال تلك الإجازة مردها إلى جهة العمل،
فكان لازماً أن تتحمل وحدها تبعة ذلك.
الحق في هذا التعويض لا يعدو أن يكون من العناصر الإيجابية للذمة المالية للعامل، مما
يندرج في إطار الحقوق التي تكفلها المادتان (32 و34) من الدستور اللتان صان بهما الملكية
الخاصة والتي جرى قضاء هذه المحكمة على اتساعها للأموال بوجه عام وانصرافها بالتالي
إلى الحقوق الشخصية والعينية جميعها، متى كان ذلك، فإن حرمان العامة من التعويض المكافئ
للضرر والجابر له يكون مخالفاً للحماية الدستورية المقررة للملكية الخاصة.
الإجراءات
بتاريخ الخامس من شهر فبراير سنة 2003، ورد إلى قلم كتاب المحكمة
الدستورية العليا ملف الدعوى رقم 4391 لسنة 56 قضائية، من محكمة القضاء الإداري تنفيذاً
لقرارها الصادر بجلسة 30/ 12/ 2002 بوقف الدعوى وإحالتها إلى هذه المحكمة للفصل في
دستورية نص المادة من لائحة شئون العاملين بالبنك الرئيسي للتنمية والائتمان
الزراعي والصادرة بقرار مجلس الإدارة رقم بتاريخ 23/ 3/ 1985 والمعدلة في 26/
4/ 1993، فيما تضمنته من حرمان العامل من البدل النقدي لرصيد إجازاته الاعتيادية فيما
جاوز أربعة أشهر.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة
اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق – تتحصل في أن المدعي كان
قد أقام الدعوى رقم 1679 لسنة 1998 عمال كلي أمام محكمة جنوب القاهرة ضد المدعى عليه،
بطلب الحكم بأداء المقابل النقدي عن كامل إجازاته الاعتيادية التي لم يحصل عليها أثناء
مدة خدمته بالبنك، البالغة 261 يوماً حيث لم يصرف له سوى 120 يوماً وفقاً للحد الأقصى
المقرر بموجب المادة من لائحة شئون العاملين بالبنك، وبتاريخ 29/ 12/ 1998 حكمت
المحكمة بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة العمال الجزئية، حيث
قيدت لديها برقم 872 لسنة 1999 عمال جنوب القاهرة، وبجلسة 22/ 3/ 2001 حكمت المحكمة
بإلزام البنك المدعى عليه بأن يؤدي للمدعي المقابل النقدي عن كامل إجازاته الاعتيادية
التي لم يحصل عليها أثناء مدة خدمته بالبنك، وإذ لم يرتض البنك المدعى عليه هذا القضاء
فقد طعن عليه بالاستئناف رقم 324 لسنة 2001 أمام محكمة عمال مستأنف القاهرة، وبتاريخ
25/ 10/ 2001 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بعدم اختصاص
المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري حيث قيدت برقم 4391
لسنة 56 قضائية، وإذ تراءى للمحكمة الأخيرة عدم دستورية نص المادة من لائحة شئون
العاملين بالبنك لاتفاقها مع نص الفقرة الأخيرة من المادة من قانون نظام العاملين
المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، والذي قضت المحكمة الدستورية العليا
بجلسة 6/ 5/ 2000 بعدم دستوريته، فقد قررت وقف الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الدستورية
العليا للفصل في دستورية النص محل الدعوى الراهنة.
وحيث إن نطاق الدعوى الماثلة ينحصر في ما تضمنه نص المادة من لائحة شئون العاملين
بالبنك المدعى عليه من وضع حد أقصى لرصيد الإجازات التي يستحق العامل مقابلاً نقدياً
عنها، وهو ما تتحقق به المصلحة في الدعوى.
وحيث إن المدعي في الدعوى المعروضة كان من العاملين بالبنك الرئيسي للتنمية والائتمان
الزراعي والذي ينص قانون إنشائه رقم 117 لسنة 1976 على أنه هيئة عامة قابضة لها شخصية
اعتبارية مستقلة، ومن ثم يكون من أشخاص القانون العام ويكون العاملون فيه موظفين عامين
يرتبطون به بعلاقة تنظيمية تحكمها لائحة نظام العاملين بالبنك والصادرة بقرار من مجلس
إدارته متضمنة النص المطعون فيه، وهي بهذه المثابة تعتبر تشريعاً بالمعنى الموضوعي
بما يمتد إليه اختصاص هذه المحكمة في الرقابة الدستورية. ويغدو الدفع بعدم اختصاص المحكمة
على غير أساس متعيناً الحكم بعدم قبوله.
وحيث إنه – من المقرر في قضاء هذه المحكمة – أن لكل حق أوضاعاً يقتضيها أو آثاراً يرتبها
من بينها – في مجال حق العمل – ضمان الشروط التي يكون أداء العمل في نطاقها منصفاً
وإنسانياً ومواتياً. فلا تنتزع هذه الشروط قسراً من محيطها، ولا ترهق بفحواها بيئة
العمل ذاتها، أو تناقض بأثرها ما ينبغي أن يرتبط حقاً وعقلاً بالشروط الضرورية لأداء
العمل بصورة طبيعية لا تحامل فيها، ومن ثم لا يجوز أن تنفصل الشروط التي يتطلبها المشرع
لمباشرة عمل أو أعمال بذواتها، عن متطلبات ممارستها، وإلا كان تقريرها انحرافاً بها
عن غايتها يستوي في ذلك أن يكون سندها علاقة عقدية أو رابطة لائحية.
وحيث إن الدستور وإن خول السلطة التشريعية بنص المادة تنظيم حق العامل إلا أنها
لا يجوز لها أن تعطل جوهره. ولا أن تتخذ من حمايتها للعامل موطئاً لإهدار حقوق يملكها.
وعلى الأخص تلك التي تتصل بالأوضاع التي ينبغي أن يمارس العمل فيها ويندرج تحتها الحق
في الإجازة السنوية التي لا يجوز لجهة العمل أن تحجبها عن عامل يستحقها وإلا كان ذلك
منها عدواناً على صحته البدنية والنفسية. وإخلالاً بأحد التزاماتها الجوهرية التي لا
يجوز للعامل بدوره أن يتسامح فيها، ونكولاً عن الحدود المنطقية التي ينبغي وفقاً للدستور
أن تكون إطاراً لحق العمل، واستتاراً بتنظيم هذا الحق للحد من مداه.
وحيث إن المشرع – وفى الإطار السابق بيانه – قد صاغ بنص المادة من قانون نظام
العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 المعدل بالقانون رقم 219
لسنة 1991 – وهو القانون العام بالنسبة للعاملين بالدولة وهيئاتها العامة – حق العامل
في الإجازة السنوية فغدا بذلك حقاً مقرراً له بنص القانون. يظل قائماً ما بقيت الرابطة
الوظيفية قائمة وقد أخذت عنه لائحة العاملين بالبنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي
متضمنة ذات الأحكام متوخية لذات الأهداف.
وحيث إن المشرع تغيا من ضمان حق العامل في إجازة سنوية بالشروط التي حددها أن يستعيد
العامل خلال قواه المادية والمعنوية. ولا يجوز بالتالي أن ينزل العامل ولو كان هذا
النزول ضمنياً بالامتناع عن طلبها، إذ هي فريضة اقتضاها المشرع من كل من العامل وجهة
الإدارة فلا يملك أيهما إهدارها كلياً أو جزئياً إلا لأسباب قوية تقتضيها مصلحة العمل،
ولا أن يدعى العامل أنه بالخيار بين طلبها أو تركها، وإلا كان التخلي عنها إنهاكاً
لقواه، وتبديداً لطاقاته، وإضراراً بمصلحة العمل ذاتها التي يتعذر صونها مع الاستمرار
فيه دون انقطاع. بل إن المشرع اعتبر حصول العامل على إجازة اعتيادية لمدة ستة أيام
متصلة كل سنة أمراً لا يجوز الترخص فيه، أو التذرع دون تمامه بدواعي مصلحة العمل وهو
ما يقطع بأن الحق في الإجازة السنوية يتصل بقيمة العمل وجدواه وينعكس بالضرورة على
كيان الجماعة ويمس مصالحها العليا صوناً لقوتها الإنتاجية البشرية.
وحيث إن المشرع قد دل بما تضمنته المادة من لائحة شئون العاملين بالبنك المدعى
عليه (الفقرة المطعون عليها)، إنه لا يجوز أن يتخذ العامل من الإجازة السنوية وعاءً
ادخارياً من خلال ترحيل مددها التي تراخى في استعمالها، ثم تجميعها ليحصل بعد انتهاء
خدمته على ما يقابلها من الأجر، وكان ضمان المشرع لمصلحة العمل ذاتها قد اقتضاه أن
يرد على العامل سوء قصده، فلم يجز له أن يحصل على ما يساوي أجر هذا الرصد إلا عن مدة
لا تجاوز أربعة أشهر، بيد أن هذا الحكم لا ينبغي أن يسري على إطلاقه، بما مؤداه أنه
كلما كان فوات الإجازة راجعاً إلى جهة العمل أو لأسباب اقتضتها ظروف أدائه دون أن يكون
لإرادة العامل دخل فيها كانت جهة العمل مسئولة عن تعويضه عنها، فيجوز للعامل عندئذ
– وكأصل عام – أن يطلبها جملة فيما جاوز ستة أيام كل سنة إذا كان اقتضاء ما تجمع من
إجازاته السنوية على هذا النحو ممكناً عيناً، وإلا كان التعويض النقدي عنها واجباً.
تقديراً بأن المدة التي امتد إليها الحرمان من استعمال تلك الإجازة مردها إلى جهة العمل،
فكان لازماً أن تتحمل وحدها تبعة ذلك.
وحيث إن الحق في هذا التعويض لا يعدو أن يكون من العناصر الإيجابية للذمة المالية للعامل،
مما يندرج في إطار الحقوق التي تكفلها المادتان (32 و34) من الدستور اللتان صان بهما
الملكية الخاصة والتي جرى قضاء هذه المحكمة على اتساعها للأموال بوجه عام وانصرافها
بالتالي إلى الحقوق الشخصية والعينية جميعها، متى كان ذلك، فإن حرمان العامة من التعويض
المكافئ للضرر والجابر له يكون مخالفاً للحماية الدستورية المقررة للملكية الخاصة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص المادة من لائحة شئون العاملين بالبنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي الصادرة بقرار مجلس الإدارة رقم المؤرخ 23/ 3/ 1985 والمعدل في 26/ 4/ 1993، وذلك فيما تضمنته من حرمان العامل من البدل النقدي لرصيد إجازاته الاعتيادية فيما جاوز أربعة أشهر، متى كان عدم الحصول على هذا الرصيد راجعاً إلى أسباب اقتضتها مصلحة العمل.
