الرائيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 1665 لسنة 2 ق – جلسة 16 /03 /1957 

مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية – العدد الثاني (من أول فبراير إلى آخر مايو سنة 1957) – صـ 706


جلسة 16 من مارس سنة 1957

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

القضية رقم 1665 لسنة 2 القضائية

جامعة الإسكندرية – اختصاص مجلس الجامعة بالتحقق من القيمة العلمية للدرجات الأجنبية الحاصل عليها المرشح للترقية أو التعيين.
إن القانون رقم 32 لسنة 1942 الخاص بإنشاء وتنظيم جامعة فاروق الأول (الإسكندرية) قد نص في مادته التاسعة على اختصاصات مجلس الجامعة؛ ومن بينها ما نص عليه في الفقرة الخامسة وهو "تعيين الأساتذة وسائر أعضاء هيئة التدريس وترقيتهم وتأديبهم ونقلهم من الجامعة". وليس من شك في أن أول واجبات المجلس، وهو بصدد تعيين أو ترقية أعضاء هيئة التدريس، أن يتثبت من توافر الشروط القانونية اللازمة للترشيح للترقية أو للتعيين، وسبيل ذلك هو التحقق من القيمة العلمية للدرجات الأجنبية التي حصلوا عليها، وما إذا كانت معادلة للدرجات المصرية أم لا. ولا جدال أيضاً في أن لدى المجلس من وسائله من خبرة رجاله ومركزهم العلمي ما يؤهله للاضطلاع بهذه المهمة على خير وجه. فإذا انتهى المجلس بعد الفحص والدراسة إلى رأي معين في القيمة العلمية للدرجة الحاصل عليها المرشح للتعيين أو الترقية فيه، فلا يمكن النعي على قراره بأنه صدر من غير مختص بإصداره.


إجراءات الطعن

في 14 من يوليه سنة 1956 أودع رئيس هيئة المفوضين طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة) بجلسة 17 من مايو سنة 1956 في الدعوى رقم 6091 سنة 8 ق المرفوعة من الدكتور فتح الله عوض ضد جامعة الإسكندرية، القاضي "بعدم قبول الطعن شكلاً لرفعه بعد الميعاد، وإلزام المدعي بالمصروفات". وطلب رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في صحيفة الطعن، "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بقبول الدعوى شكلاً، وإعادتها إلى محكمة القضاء الإداري للفصل في موضوعها". وقد أعلن الطعن للجامعة في 25 من أغسطس سنة 1956 وللمدعي في 18 من أغسطس سنة 1956، وعين لنظره جلسة 16 من فبراير سنة 1957، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات، ثم أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
أ – عن قبول الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري:
من حيث إن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد قد أقام قضاءه على أن "الثابت أن المدعي أقام هذه الدعوى طالباً إلغاء قرار اللجنة القضائية الصادر في التظلم رقم 146 لسنة 1 ق بعريضتها المودعة سكرتيرية المحكمة في أول إبريل سنة 1954، وأن قرار اللجنة القضائية فيه قد أعلن إليه باعترافه في عريضة الدعوى في 30 من يناير سنة 1954، فيكون الطعن قد رفع بعد الميعاد القانوني، ويكون غير مقبول شكلاً".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المدعي قدم شهادة من إدارة البريد بالإسكندرية محررة في 10 من يوليه سنة 1956 بأنه تسلم قرار اللجنة القضائية في أول فبراير سنة 1954، وبذلك تكون الدعوى قد رفعت في الميعاد القانوني مما يتعين معه القضاء بقبولها شكلاً.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن المدعي قدم شهادة من المحكمة الإدارية لمصالح الحكومة بالإسكندرية مؤرخة 12 من يوليه سنة 1956 بأنه "بالرجوع إلى دفاتر القيودات الخاصة بتصدير هذا الحكم، يبين أن الحكم رقم 146 سنة 1 ق الصادر باسم الدكتور فتح الله عوض مقيد تحت رقم 2084 صادر من المحكمة بتاريخ 28 من يناير سنة 1954، وقد أرسل مسجلاً للمدعي عن طريق مكتب بريد السلطان حسين مقيداً على الاستمارة 6 مراسلات تحت رقم 3617 بتاريخ 28 من يناير سنة 1954 وقد تحررت هذه الشهادة لسيادته بذلك"، كما قدم شهادة من قلم الاستعلامات بإدارة بريد الإسكندرية مؤرخة 10 من يوليه سنة 1956 بأن المسجل رقم 3617 الصادر من بريد السلطان حسين بتاريخ 28 من يناير سنة 1954 برسم الدكتور فتح الله عوض بكلية العلوم بجامعة الإسكندرية تسلم قانوناً للمرسل إليه في أول فبراير سنة 1954.
ومن حيث إنه واضح مما تقدم أن إعلان المدعي بقرار اللجنة القضائية كان في أول فبراير سنة 1954 لا في30 من يناير سنة 1954 كما ورد بصحيفة الطعن؛ وإذ كان الطعن قد أودع سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في أول إبريل سنة 1954، فإنه يكون – والحالة هذه – قد رفع في الميعاد القانوني؛ ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد وقع مخالفاً للقانون ويتعين إلغاؤه.
(ب) عن موضوع الدعوى:
ومن حيث إن الدعوى صالحة للحكم فيها.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل في أن المدعي رفع إلى اللجنة القضائية لجميع مصالح الحكومة بالإسكندرية التظلم رقم 146 سنة 1 ق بعريضة أودعها سكرتيرية اللجنة في 7 من إبريل سنة 1953، طالباً إلغاء ترقية الدكتور سيد أمين إلى وظيفة مدرس (ب) وأحقية المتظلم لهذه الدرجة مع حساب أقدميته فيها من 11 من أغسطس سنة 1952، وقال بياناً لذلك إن الدكتور سيد أمين حصل على درجة الدكتوراة من مصر بعد حصول المتظلم على شهادة F. L. من جامعة أوبسالا بالسويد بما يزيد على ثلاثة أشهر، وقد رقت الجامعة الدكتور سيد أمين وتركت المدعي بحجة أن قيمة شهادته غير معروفة لديها. وأنه يبين من كتاب جامعة أوبسالا المرفق بالأوراق ومن الأدلة الواقعية أن شهادة المدعي تعادل شهادة المطعون في ترقيته، ولذلك قدم تظلمه. وقد ردت الجامعة على التظلم بأن المدعي حصل على بكالوريوس العلوم سنة 1945 وعين بوظيفة معيد بكلية العلوم في 12 من ديسمبر سنة 1946. وفي يوليه سنة 1949 أوفد في بعثة عملية للسويد لمدة أربعة أشهر ثم مدت بعد ذلك إلى أن عاد في 5 من مايو سنة 1951 بعد حصوله على درجة Philosophi Licentiat من جامعة أوبسالا، وأنه قدم طلباً إلى الجامعة يلتمس فيه اعتبار هذه الشهادة معادلة لدرجة الدكتوراة في الفلسفة في النظام الإنجليزي والمصري، ولما كان له زميل آخر حصل على الشهادة نفسها من جامعة لند بالسويد فقد كتبت الجامعة إلى هيئة التربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) بباريس في 29 من يناير سنة 1952 وإلى جامعة لند بالسويد في 22 من مارس سنة 1952 تستعلم عما إذا كانت هذه الشهادة تعادل درجة الدكتوراة، فجاء الرد منهما بما يفيد أنها لا تعادل درجة الدكتوراة، وأن جامعات السويد تمنح درجة أخرى أعلى منها هي درجة الدكتوراة، ومن جهة أخرى كتبت جامعة أوبسالا إلى عميد كلية العلوم بأن هذه الشهادة تعادل درجة الماجستير الإنجليزية. وبناء على ذلك عرض الأمر على لجنة اللوائح بالجامعة لتقدير قيمة هذه الشهادة، فقررت في 6 من مايو سنة 1953 بأنها لا تعادل درجة الدكتوراة ووافق مجلس الجامعة على رأي لجنة اللوائح بجلستيه المنعقدتين في 11 و20 من مايو سنة 1953. وأما الدكتور سيد أمين فقد حصل على بكالوريوس العلوم سنة 1945 وعين بوظيفة معيد في الكلية في 15 من أكتوبر سنة 1946، ثم حصل على درجة الدكتوراة من جامعة الإسكندرية بقرار مجلس الجامعة في 16 من نوفمبر سنة 1952، ووافق مجلس الجامعة في 15 من مارس سنة 1953 على تعيينه في وظيفة مدرس (ب) من هذا التاريخ ومنحه أقدمية اعتبارية في هذه الوظيفة من 16 من نوفمبر سنة 1952 تاريخ حصوله على درجة الدكتوراة، وخلصت الجامعة من ذلك إلى أن المدعي غير محق في تظلمه. وبجلسة 5 من أغسطس سنة 1953 قررت اللجنة القضائية "رفض التظلم وإلزام رافعه بالمصروفات". واستندت في ذلك إلى أن "قرارات هذه اللجنة استقرت على أنه في شأن التعيين في وظائف هيئة التدريس يكون الرجوع دائماً إلى الأقدمية في الدرجة السابقة بغض النظر عن الأسبقية في الحصول على درجة الدكتوراة ما دام أنه وقت إجراء التعيين كان كل من المتظلم والمطعون في تعيينه حاصلاً على هذه الشهادة"، وأن "المطعون في ترقيته لم يكن أقدم من المتظلم في الدرجة السابقة فحسب، بل كان في درجة تالية لدرجة المتظلم مما يجعله أحق بالتعيين في وظيفة مدرس ب، وأنه "فضلاً عما تقدم فإن مؤهل المتظلم لا زال تقديره محل نزاع…. وقد تبين للجنة أثناء فحص الموضوع أن مجلس الجامعة هو الذي قطع بأمر في شأن مؤهل المتظلم، وأنه وإن كان أمر مؤهل المتظلم لا يفيده في تظلمه الحالي على الوجه المتقدم، إلا أنه تبين أن المادة الثانية من المرسوم الصادر في 26 من يوليه سنة 1950 بإنشاء مجلس أعلى للجامعات المصرية جعلت معادلة الشهادات الأجنبية من اختصاص المجلس الأعلى للجامعات، ونصت المادة الثالثة على أن كل قرار يصدره مجلس إحدى الجامعات في أمر يدخل في اختصاص المجلس الأعلى للجامعات يجب عرضه على هذا المجلس لإبداء الرأي فيه قبل التصديق عليه من وزير المعارف العمومية".
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن المدعي حصل على بكالوريوس العلوم في سنة 1945 والتحق بجامعة الإسكندرية بوظيفة معيد بكلية العلوم في 12 من فبراير سنة 1946. وفي مايو سنة 1949 أوفد في بعثة عملية إلى جامعة أوبسالا بالسويد لمدة أربعة أشهر مدت تباعاً إلى أن عاد في 5 من مايو سنة 1951 بعد أن حصل من تلك الجامعة على شهادة Philosophi Licentiat. وبمناسبة تعيين الدكتور سيد أمين حسن في وظيفة مدرس (ب) في 15 من مارس سنة 1953 نازع المدعي في هذا التعيين على أساس أنه حاصل على درجة الدكتوراة قبل الدكتور سيد أمين حسن؛ ومن ثم فهو أحق بهذه الدرجة منه.
ومن حيث إنه لا جدال في أنه يشترط فيمن يعين مدرساً أن يكون حائزاً لدرجة الدكتوراة من جامعة مصرية، وفي الجراحة وجراحة طب الأسنان والصيدلة والمحاسبة لدرجة الماجستير من جامعة مصرية، وفي الشريعة الإسلامية وآداب اللغة العربية على درجة في المادة من جامعة مصرية أو معهد مصري أو أن يكون حائزاً لدرجة من جامعة أجنبية أو معهد تعتبر معادلة لإحدى الدرجات المذكورة مع مراعاة أحكام القوانين واللوائح المعمول بها.
ومن حيث إن مثار هذه المنازعة هو ما إذا كانت الدرجة التي حصل عليها المدعي من جامعة أوبسالا بالسويد تعتبر معادلة لدرجة الدكتوراة التي يشترط القانون حصول المرشح عليها للتعيين في وظيفة مدرس أم أنها أدنى من ذلك.
ومن حيث إن التقدير العلمي لدرجة .Ph.L الحاصل عليها المدعي كانت محل بحث سابق بالجامعة وذلك بمناسبة حصول أحد زملائه – الأستاذ فتحي يوسف فهمي – على مثل هذه الدرجة من جامعة لند بالسويد أيضاً، ولجأت الجامعة وقتذاك إلى هيئة التربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) في 22 من يناير سنة 1952 وإلى جامعة لند بالسويد في 22 من مارس سنة 1952 تسألها الرأي في ذلك، فكان الرد بأن جامعات السويد تمنح درجة أخرى أعلى من هذه الدرجة وهي درجة الدكتوراة Ph.D.. كما سبق أن كتبت جامعة أوبسالا إلى كلية العلوم في 25 من أغسطس سنة 1950 بمناسبة النظر في مد مدة بعثة المدعي بأن درجة Ph.L. أقرب ما تكون إلى درجة M.A. الإنجليزية، وأن درجة الدكتوراة تحتاج إلى دراسة قد تمتد من عامين إلى ثلاثة بعد الحصول على Ph.L.. وقد رأت الجامعة مع ذلك عرض الأمر على لجنة اللوائح بالجامعة لتبدي رأيها في الموضوع، وبعد أن اطلعت الجامعة على المكاتبات المتبادلة في شأن التقدير العلمي لهذه الدرجة وعلى نظم الدراسة لهذه الدرجة وشروط الحصول عليها انتهى رأيها في 6 من مايو سنة 1953 إلى أن درجة Ph.L. لا تعادل درجة الدكتوراة، وقد عرض قرار لجنة اللوائح على مجلس الجامعة بجلسته المنعقدة في 11 و20 من مايو سنة 1953 فوافق عليه.
ومن حيث إنه لا وجه لما يتحدى به المدعي من أن مجلس الجامعة لا يملك تقدير الدرجات العلمية التي تمنحها الجامعات الأجنبية بمقولة إن اختصاصات مجلس الجامعة محددة بطريق الحصر في قانون إنشائها، وليس من بينها تقدير الدرجات العلمية، وإنما هذا التقدير من اختصاص مجالس الجامعات الأعلى، لا وجه لذلك؛ إذ أنه فضلاً عن أن هذا المجلس لم يكن قائماً وقت الحركة المطعون فيها إذ ألغي بالمرسوم الصادر في 31 من مايو سنة 1951 فإن القانون رقم 32 لسنة 1942 الخاص بإنشاء وتنظيم جامعة فاروق الأول (الإسكندرية) قد نص في مادته التاسعة على اختصاصات مجلس الجامعة ومن بينها ما نص عليه في الفقرة الخامسة وهو "تعيين الأساتذة وسائر أعضاء هيئة التدريس وترقيتهم وتأديبهم ونقلهم من الجامعة". وليس من شك في أن أول واجبات المجلس وهو بصدد تعيين أو ترقية أعضاء هيئة التدريس أن يتثبت من توافر الشروط القانونية اللازمة للترشيح للترقية أو للتعيين، وسبيل ذلك هو التحقق من القيمة العلمية للدرجات الأجنبية التي حصلوا عليها وما إذا كانت معادلة للدرجات المصرية أم لا، ولا جدال أيضاً في أن لدى المجلس من وسائله ومن خبرة رجاله ومركزهم العلمي ما يؤهله للاضطلاع بهذه المهمة على خير وجه. فإذا انتهى المجلس بعد الفحص والدراسة إلى رأي معين في القيمة العلمية للدرجة الحاصل عليها المرشح للتعيين أو للترقية، فلا يمكن النعي على قرراه بأنه صدر من غير مختص بإصداره.
ومن حيث إنه لما كان يشترط للتعيين في وظيفة مدرس الحصول على درجة الدكتوراة من جامعة مصرية أو على درجة من جامعة أجنبية تعادلها، وقد رأى مجلس الجامعة أن الدرجة التي حصل عليها المدعي لا تعادل درجة الدكتوراة؛ فمن ثم تكون دعواه على غير أساس سليم من القانون حقيقة بالرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وبقبول الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري، وبرفضها موضوعاً، وألزمت المدعي بالمصروفات.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات