الرئيسية الاقسام القوائم البحث

قاعدة رقم الطعن رقم 82 لسنة 22 قضائية “دستورية” – جلسة 19 /12 /2004 

أحكام المحكمة الدستورية العليا – الجزء الحادي عشر (المجلد الأول)
من أول أكتوبر 2003 حتى آخر أغسطس 2006 – صـ 1168

جلسة 19 ديسمبر سنة 2004

برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعي – رئيس المحكمة وبحضور السادة المستشارين: محمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلي عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصي وماهر سامي يوسف. وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما – رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن – أمين السر.

قاعدة رقم
القضية رقم 82 لسنة 22 قضائية "دستورية"

1 – دعوى دستورية "حجية الحكم فيها – عدم قبول الدعوى".
سابقة الحكم برفض الطعن على النص الطعين – حجيته مطلقة – عدم قبول الدعوى.
2 – دعوى دستورية "نطاق حجية الحكم فيها".
الحجية المطلقة للأحكام الصادرة في الدعاوى الدستورية يقتصر نطاقها على النصوص التشريعية التي فصلت فيها المحكمة الدستورية العليا فصلاً حاسماً بقضائها – لا تمتد تلك الحجية إلى ما لم يكن مطروحاً على المحكمة ولم تفصل فيه بالفعل.
3 – حرية التعاقد "صلتها بالحق في الملكية – زيادة أجرة".
حرية التعاقد قاعدة أساسية يقتضيها الدستور صوناً للحرية الشخصية، فهي من خصائصها الجوهرية – وهي كذلك وثيقة الصلة بالحق في الملكية – جواز تنظيمها بما يكفل أداءها لوظيفتها الاجتماعية في نطاق العلائق الإيجارية.
4 – دستور "المادتان (4 و23) مفهومهما – علاقة إيجارية – توازنها – سلطة تقديرية".
الدستور وإن نص في المادتين (4 و23) على قيام المجتمع على أساس من العدل والكفاية إلا أن ذلك لا يعني الإخلال بحق المشرع في مباشرة سلطته التقديرية في مجال تنظيم الحقوق.
1 – سبق أن حسمت المحكمة الدستورية العليا أمر دستورية المادة من القانون رقم 6 لسنة 1997، بحكميها الصادرين في 11/ 5/ 2003، 6/ 7/ 2003 في الدعويين رقمي 14 لسنة 21 قضائية "دستورية" و98 لسنة 21 قضائية "دستورية"، إذ قُضي في كل منهما برفض الدعوى، وإذ نشر هذان الحكمان في الجريدة الرسمية الأول بالعدد رقم 22 تابع في 29/ 5/ 2003 والثاني بالعدد 30 مكرر في 26/ 7/ 2003، وكان مقتضى نص المادتين (48، 49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 أن يكون لقضاء هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية حجية مطلقة في مواجهة الكافة، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، باعتباره قولاً فصلاً لا يقبل تعقيباً من أي جهة كانت، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه، أو إعادة طرحه عليها من جديد.
2 – نطاق الحجية المطلقة للأحكام الصادرة في الدعاوى الدستورية يقتصر نطاقها على النصوص التشريعية التي كانت مثاراً للمنازعة حول دستوريتها وفصلت فيها المحكمة فصلاً حاسماً بقضائها، أما ما لم يكن مطروحاً على المحكمة ولم تفصل فيه بالفعل، فلا تمتد إليه هذه الحجية. لما كان ذلك وكان الحكم الصادر في القضية رقم 21 لسنة 7 قضائية "دستورية" قد اقتصر على القضاء بعدم دستورية نص المادة من القانون رقم 136 لسنة 1981 فيما تضمنه من استثناء الأماكن المستعملة في أغراض لا تدخل في نطاق النشاط التجاري أو الصناعي أو المهني الخاضع للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية أو الضريبة على أرباح المهن غير التجارية، وذلك بالنسبة إلى تطبيق ما تضمنته المادة من زيادة الأجرة، ولم يكن الطعن على المادة الأخيرة مطروحاً على المحكمة، ومن ثم فلم تكن مثاراً للمنازعة حول دستوريتها، فلا تمتد إليها حجية الحكم.
3 – بأن حرية التعاقد، وإن كانت قاعدة أساسية يقتضيها الدستور صوناً للحرية الشخصية، وهذه الحرية وإن كانت تعتبر في القضاء المقارن حقاً طبيعياً، ولازماً كذلك لكل إنسان، إلا أنه يستحيل وصفها بالإطلاق، بل يجوز فرض قيود عليها وفق أسس موضوعية تكفل متطلباتها دون زيادة أو نقصان، فلا تكون حرية التعاقد بذلك إلا حقاً موصوفاً يدنيها من أهدافها قدر من التوازن بين جموحها وتنظيمها، وفي إطار هذا التوازن تتحدد دستورية القيود التي يفرضها المشرع عليها. كما أنه من المقرر كذلك – في قضاء هذه المحكمة – أن حرية التعاقد فوق كونها من الخصائص الجوهرية للحرية الشخصية، فإنها كذلك وثيقة الصلة بالحق في الملكة، وذلك بالنظر إلى الحقوق التي ترتبها العقود بين أطرافها، وأياً كان المدين بأدائها، وأن الملكية الخاصة لم تعد حقاً مطلقاً، بل يجوز تنظيمها بما يكفل أداءها لوظيفتها الاجتماعية التي تتحدد في نطاق العلائق الإيجارية بمراعاة خصائص الأحوال وزمن إنشائها، وطبيعة المصالح التي تتزاحم حولها، وضرورة موازنتها بما يكفل التوفيق بينها على ضوء استشراء أزمة الإسكان وحدة تفاقمها في زمن معين.
4 – ما قدره الدستور في المادتين (4 و23) من قيام المجتمع على أساس من العدل والكفاية، بما يحول دون الاستغلال ووضع خطط شاملة تكفل زيادة الدخل القومي وعدالة التوزيع ورفع مستوى المعيشة وزيادة فرص العمل وتقريب الفروق بين الطبقات لا يعني – كذلك – الإخلال بحق المشرع في مباشرة سلطته التقديرية في مجال تنظيم الحقوق، اتباعاً لضوابط الدستور.
– تدخل المشرع بالنص الطعين – بتقرير زيادة معقولة في أجرة الأماكن المؤجرة لغير أغراض السكنى تتناسب مع زمن إنشاء المبنى المؤجر، بهدف عدم مضارة المؤجرين، مقابل ما قرره لصالح المستأجرين من تقرير الامتداد القانوني لعقود إيجار هذه الأماكن، هادفاً من ذلك إلى تحقيق التوازن في العلاقة الإيجارية، والمساواة بين طرفيها حتى تقوم هذه العلاقة على أساس من التضامن الاجتماعي، الذي يؤدي إلى وحدة الجماعة وتماسكها، وتداخل مصالحها لا تصادمها، وهو ما يدخل في نطاق السلطة التقديرية للمشرع، فلا يكون النص الطعين مخالفاً لأحكام المواد (7 و32 و34 و41) من الدستور.


الإجراءات

بتاريخ الرابع والعشرين من شهر إبريل سنة 2000، أودع المدعي قلم كتاب المحكمة صحيفة هذه الدعوى، طالباً الحكم بعدم دستورية المادة من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن، وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، وبعدم دستورية المادة من القانون رقم 6 لسنة 1997 بتعديل الفقرة الثانية من المادة من القانون رقم 49 لسنة 1977 وببعض الأحكام الخاصة بإيجار الأماكن غير السكنية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة للطعن بعدم دستورية المادة من القانون رقم 136 لسنة 1981 ورفض الدعوى بالنسبة للطعن بعدم دستورية المادة من القانون رقم 6 لسنة 1997.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل في أن المدعي سبق أن أقام الدعوى رقم 6267 لسنة 199 إيجارات جنوب القاهرة الابتدائية ضد المدعى عليهم من السادس إلى الثامن، بطلب الحكم بإلزامهم بتقديم كشف حساب ببيان الأجرة المستحقة عليه أو ندب خبير لتقديرها، وقال بياناً لطلبه إنه يستأجر وحدة من المدعى عليهم لاستعمالها مكتباً للمحاماة، وقد طالبته الهيئة المؤجرة بسداد أجرة تزيد على تلك المستحقة عليه قانوناً، فأقام دعواه للحكم له بطلباته السالفة، وأثناء نظر الدعوى، دفع المدعي بعدم دستورية المادة من القانون رقم 136 لسنة 1981، وبعدم دستورية المادة من القانون رقم 6 لسنة 1997، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة.
وحيث تنص المادة من القانون رقم 136 لسنة 1981 على أن "اعتباراً من تاريخ العمل بهذا القانون، تزاد في أول يناير من كل سنة أجرة الأماكن المؤجرة لغير أغراض السكنى المنشأة حتى 9 سبتمبر 1977 زيادة دورية ثابتة بواقع نسبة من القيمة الإيجارية المتخذة أساساً لحساب الضريبة على العقارات المبنية في ذات وقت الإنشاء حتى لو أدخلت عليها تعديلات جوهرية. ويخصص المالك نصف هذه الزيادة لمواجهة تكاليف الترميم والصيانة ويعتبر بمثابة أمانة تحت يده. ويصدر قرار من الوزير المختص بالإسكان بتنظيم التصرف فيه لهذا الغرض……".
كما تنص المادة من القانون رقم 6 لسنة 1997 على أن "تحدد الأجرة القانونية للعين المؤجرة لغير أغراض السكنى المحكومة بقوانين إيجار الأماكن بواقع:
ثمانية أمثال الأجرة القانونية الحالية للأماكن المنشأة قبل أول يناير 1944 ….. ….. ….. …..".
وحيث إنه عن الطعن بعدم دستورية المادة من القانون رقم 6 لسنة 1997، فقد سبق لهذه المحكمة أن حسمت الأمر بشأن هذا النص، بحكميها الصادرين في 11/ 5/ 2003، 6/ 7/ 2003 في الدعويين رقمي 14 لسنة 21 قضائية "دستورية" و98 لسنة 21 قضائية "دستورية"، إذ قضى في كل منهما برفض الدعوى، وإذ نشر هذان الحكمان في الجريدة الرسمية الأول بالعدد رقم 22 تابع في 29/ 5/ 2003 والثاني بالعدد 30 مكرر في 26/ 7/ 2003، وكان مقتضى نص المادتين (48، 49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 أن يكون لقضاء هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية حجية مطلقة في مواجهة الكافة، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، باعتباره قولاً فصلاً لا يقبل تعقيباً من أي جهة كانت، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه، أو إعادة طرحه عليها من جديد، فإن الدعوى بالنسبة للطعن على هذا النص تكون غير مقبولة.
وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى بالنسبة لنص المادة من القانون رقم 136 لسنة 1981، تأسيساً على أن هذه المحكمة سبق أن حسمت المسألة الدستورية المثارة فيها بحكمها الصادر بجلسة 29/ 4/ 1989 في القضية رقم 21 لسنة 7 قضائية "دستورية".
وحيث إن هذا الدفع مردود، ذلك أن الحجية المطلقة للأحكام الصادرة في الدعاوى الدستورية يقتصر نطاقها على النصوص التشريعية التي كانت مثاراً للمنازعة حول دستوريتها وفصلت فيها المحكمة فصلاً حاسماً بقضائها، أما ما لم يكن مطروحاً على المحكمة ولم تفصل فيه بالفعل، فلا تمتد إليه هذه الحجية. لما كان ذلك وكان الحكم الصادر في القضية رقم 21 لسنة 7 قضائية "دستورية" قد اقتصر على القضاء بعدم دستورية نص المادة من القانون رقم 136 لسنة 1981 فيما تضمنه من استثناء الأماكن المستعملة في أغراض لا تدخل في نطاق النشاط التجاري أو الصناعي أو المهني الخاضع للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية أو الضريبة على أرباح المهن غير التجارية، وذلك بالنسبة إلى تطبيق ما تضمنته المادة من زيادة الأجرة، ولم يكن الطعن على المادة الأخيرة مطروحاً على المحكمة ومن ثم فلم تكن مثاراً للمنازعة حول دستوريتها، فلا تمتد إليها حجية الحكم، ويكون الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة في غير محله جديراً بالرفض.
وحيث إن المدعي ينعى على النص الطعين، مخالفته لمبدأ التضامن الاجتماعي المنصوص عليه بالمادة السابعة من الدستور، كما ينعى عليه إهداره لإرادة الطرفين في تحديد الأجرة على نحو معين، ويجيز زيادتها بغير إرادتهما، ومن ثم فهو يهدر مبدأ حرية التعاقد وهي أساس الحرية الشخصية التي يحميها الدستور بالمادة منه، فضلاً عن انتهاكه للحماية التي كفلها الدستور للملكية الخاصة بما نص عليه في المادتين (32، 34) بالإضافة إلى مخالفته لنص المادة 42 من الدستور.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن حرية التعاقد، وإن كانت قاعدة أساسية يقتضيها الدستور صوناً للحرية الشخصية، وهذه الحرية وإن كانت تعتبر في القضاء المقارن حقاً طبيعياً، ولازماً كذلك لكل إنسان، إلا أنه يستحيل وصفها بالإطلاق، بل يجوز فرض قيود عليها وفق أسس موضوعية تكفل متطلباتها دون زيادة أو نقصان، فلا تكون حرية التعاقد بذلك إلا حقاً موصوفاً يدنيها من أهدافها قدر من التوازن بين جموحها وتنظيمها، وفى إطار هذا التوازن تتحدد دستورية القيود التي يفرضها المشرع عليها. كما أنه من المقرر كذلك – في قضاء هذه المحكمة – أن حرية التعاقد فوق كونها من الخصائص الجوهرية للحرية الشخصية، فإنها كذلك وثيقة الصلة بالحق في الملكة، وذلك بالنظر إلى الحقوق التي ترتبها العقود بين أطرافها، وأياً كان المدين بأدائها، وأن الملكية الخاصة لم تعد حقاً مطلقاً، بل يجوز تنظيمها بما يكفل أداءها لوظيفتها الاجتماعية التي تتحدد في نطاق العلائق الإيجارية بمراعاة خصائص الأحوال وزمن إنشائها، وطبيعة المصالح التي تتزاحم حولها، وضرورة موازنتها بما يكفل التوفيق بينها على ضوء استشراء أزمة الإسكان وحدة تفاقمها في زمن معين. لما كان ذلك، وكان ما قدره الدستور في المادتين (4 و23) من قيام المجتمع على أساس من العدل والكفاية، بما يحول دون الاستغلال ووضع خطط شاملة تكفل زيادة الدخل القومي وعدالة التوزيع ورفع مستوى المعيشة وزيادة فرص العمل وتقريب الفروق بين الطبقات لا يعني – كذلك – الإخلال بحق المشرع في مباشرة سلطته التقديرية في مجال تنظيم الحقوق، اتباعاً لضوابط الدستور، وهو الأمر الذي أملى على المشرع – حين تدخل بالنص الطعين – بتقرير زيادة معقولة في أجرة الأماكن المؤجرة لغير أغراض السكنى تتناسب مع زمن إنشاء المبنى المؤجر، بهدف عدم مضارة المؤجرين، مقابل ما قرره لصالح المستأجرين من تقرير الامتداد القانوني لعقود إيجار هذه الأماكن، هادفاً من ذلك إلى تحقيق التوازن في العلاقة الإيجارية، والمساواة بين طرفيها حتى تقوم هذه العلاقة على أساس من التضامن الاجتماعي، الذي يؤدي إلى وحدة الجماعة وتماسكها، وتداخل مصالحها لا تصادمها، وهو ما يدخل في نطاق السلطة التقديرية للمشرع، فلا يكون النص الطعين مخالفاً لأحكام المواد (7 و32 و34 و41) من الدستور.
وحيث إن النص الطعين لا يتصل بأي وجه بحقوق المواطن الذي يقبض عليه أو يحبس أو تقيد حريته، والتي ينتظمها نص المادة من الدستور، ومن ثم فإن النعي في هذا الخصوص يكون في غير محله جديراً بالرفض.
وحيث إن النص الطعين لا يتعارض مع أي نص آخر من نصوص الدستور.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات