الرائيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 5942 لسنة 53 ق – جلسة 22 /03 /1984 

أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
السنة 35 – صـ 321

جلسة 22 من مارس سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ الدكتور إبراهيم علي صالح نائب رئيس المحكمة. وعضوية السادة المستشارين/ محمد يونس ثابت ومحمد نجيب صالح وعوض جادو ومصطفى طاهر.


الطعن رقم 5942 لسنة 53 القضائية

1 – قذف. نشر "جرائم النشر". جريمة "أركانها". مسئولية جنائية. مسئولية مفترضة. قرائن. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
– مسئولية رئيس التحرير عن الجرائم التي ترتكب بواسطة صحيفته. مفترضة. على خلاف القواعد العامة. أساس ذلك؟
– مسئولية باقي العاملين بالصحيفة عن هذه الجرائم. إثبات قيامها يخضع للقواعد العامة. أثر ذلك؟
إن النص في الفقرة الأولى من المادة 195 من قانون العقوبات على أنه "مع عدم الإخلال بالمسئولية الجنائية بالنسبة لمؤلف الكتابة أو واضع الرسم أو غير ذلك من طرق التمثيل يعاقب رئيس تحرير الجريدة أو المحرر المسئول عن قسمها الذي حصل فيه النشر إذا لم يكن ثمة رئيس تحرير بصفته فاعلاً أصلياً للجرائم التي ترتكب بواسطة صحيفته". يدل على أن مسئولية رئيس التحرير مسئولية مفترضة مبناها صفته ووظيفته في الجريدة وأنها تلازمه طالما ثبت أنه يباشر عادة وبصورة عامة دوره في الإشراف ولو صادف أنه لم يشرف بالفعل على إصدار هذا العدد أو ذاك من أعداد الجريدة. ولا عاصم له من هذه المسئولية أن يكون قد عهد ببعض اختصاصه لشخص آخر ما دام أنه قد استبقى لنفسه حق الإشراف عليه، ذلك لأن مراد الشارع من تقرير هذه المسئولية المفترضة إنما مرده في الواقع افتراض علم رئيس التحرير بما تنشره جريدته وإذنه بنشره أي أن المشرع قد أنشأ في حقه قرينة قانونية بأنه عالم بكل ما تنشره الجريدة التي يشرف عليها، فمسئوليته إذن مفترضة نتيجة افتراض العلم. ولما كان لا مراء أن المسئولية الجنائية في جرائم النشر على هذا النحو الذي رسمه المشرع قد جاءت على خلاف المبادئ العامة التي تقضي بأن الإنسان لا يكون مسئولاً إلا عن العمل الذي يثبت بالدليل المباشر أنه قام به فعلاً، فهي إذن مسئولية خاصة أفرد لها المشرع تنظيماً استثنائياً على خلاف القواعد العامة تغيا بها تسهيل الإثبات في جرائم النشر، مما لازمه أنه يمتنع التوسع في هذا الاستثناء أو القياس عليه، وقصر تلك المسئولية المفترضة على من اختصها دون غيرهم ممن يقومون بالتحرير. بيد أن ذلك لا يعني أن يكون هؤلاء الذين لا تنبسط عليهم المادة 195 من قانون العقوبات بمنجاة من العقاب على ما تسطره أيديهم بل هم مسئولون أيضاً، غير أن مسئوليتهم تكون خاضعة للقواعد العامة في المسئولية الجنائية، ومن ثم يجب لإدانتهم أن يثبت من الوقائع أنهم حرروا فعلاً المقال موضوع الاتهام أو أنهم اشتركوا في تحريره اشتراكاً يقع تحت نصوص قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه قد أقام مسئولية الطاعنين عن عبارات السب والقذف التي تم نشرها بالجريدة تأسيساً على أن الأول رئيس مجلس إدارتها والثاني نائبه وأنهما لم ينفيا علمهما بهذا النشر، أي على أساس المسئولية المفترضة، رغم أنهما ليسا من الأشخاص الذين حددهم المشرع في المادة 195 سالفة الذكر، لما كان ذلك كذلك فإن الحكم يكون قد أخطأ صحيح القانون فضلاً عن أنه إذ خلت أسبابه من إقامة الدليل على ارتكاب الطاعنين للجريمة طبقاً للقواعد العامة في المسئولية الجنائية سواء باعتبارهما فاعلين لها أو شريكين فيها، فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب وذلك كله مما يوجب نقضه.


الوقائع

أقام المدعي بالحق المدني دعواه بالطريق المباشر أمام محكمة جنح أسيوط ضد الطاعنين – وآخرين – بوصف أنهم المتهم الأول (طاعن) ويعمل رئيساً لمجلس إدارة مجلة صوت الجماهير. والمتهم الثاني (طاعن) ويعمل نائباً للأول بتلك المجلة والثالث ويعمل رئيساً لتحريرها والرابع ويعمل مديراً لتحريرها قاموا بنشر مقال بهذه المجلة حوى قذفاً وسباً في حقه على النحو المبين بالأوراق. وطلب عقابهم بالمواد 171، 178، 302، 303، 306 من قانون العقوبات وبإلزامهم متضامنين بأن يؤدوا له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت غيابياً للأول وحضورياً اعتبارياً للباقين عملاً بمواد الاتهام بمعاقبة كل من المتهمين بالحبس ستة أشهر مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً لوقف التنفيذ وبإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا للمدعي بالحق المدني مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. عارض المحكوم عليه الأول وقضي في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه.
استأنف المحكوم عليهم. ومحكمة أسيوط الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضورياً للأول وحضورياً اعتبارياً للباقين بقبول الاستئنافين شكلاً وفي موضوع استئناف الدعوى الجنائية بتعديل الحكم المستأنف إلى تغريم كل من المتهمين أربعين جنيهاً وفي موضوع الدعوى المدنية برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن المحكوم عليه الأول والثاني في هذا الحكم بطريق النقض…. إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، ذلك أنه دانهما عن جريمة السب والقذف بطريق النشر على أساس المسئولية الفرضية بالمخالفة لأحكام المادة 195 من قانون العقوبات، رغم أن المسلم به أن الطاعن الأول يعمل رئيساً لمجلس إدارة المجلة التي قامت بالنشر, والطاعن الثاني نائباً له ولم يثبت من وقائع الدعوى أنهما حررا فعلاً المقال موضوع الاتهام أولهما اشتراكاً في تحريره مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه، بعد أن بين واقعة الدعوى، عرض لمسئولية الطاعنين بقوله…. "وغني عن البيان أن أول المتهمين وثانيهم ( الطاعنين) مسئولاً، فثابت من مطالعة المجلة أن أولهم رئيس مجلس إدارتها والثاني نائبه…. ومن المقرر وما عليه طبيعة الأشياء ومنطقها أن العمل الصحفي وليد جهود مشتركة بما لا يجعل المسئولية مقصورة على كاتب المقال ومراجعه, بل كل من أسهم فيه بما له من صلاحية وليدة مركزه الوظيفي في المجلة وغني عن البيان أيضاً أن أحداً من المتهمين لم ينكر ما كتب وقدم من المدعي دليلاً على دعواه". كما تعرض الحكم المطعون فيه لدفاع الطاعنين عن عدم مسئوليتهما عما نشر من عبارات السب والقذف بالمجلة لأنهما ليسا من رؤساء التحرير بالمجلة وأطرحه بقوله "….. وما أثاره المستأنف الرابع (الطاعن الأول) من عدم علمه بما نشر فإنه إزاء أنه لم يقدم الدليل على دفاعه هذا وقد خلت الأوراق مما تطمئن معه المحكمة إلى سلامته فإنه يكون واجب الإطراح". لما كان ذلك، وكان النص في الفقرة الأولى من المادة 195 من قانون العقوبات على أنه "مع عدم الإخلال بالمسئولية الجنائية بالنسبة لمؤلف الكتابة أو واضع الرسم أو غير ذلك من طرق التمثيل يعاقب رئيس تحرير الجريدة أو المحرر المسئول عن قسمها الذي حصل فيه النشر إذا لم يكن ثمة رئيس تحرير بصفته فاعلاً أصلياً للجرائم التي ترتكب بواسطة صحيفته". يدل على أن مسئولية رئيس التحرير مسئولية مفترضة مبناها صفته ووظيفته في الجريدة وأنها تلازمه طالما ثبت أنه يباشر عادة وبصورة عامة دوره في الإشراف ولو صادف أنه لم يشرف بالفعل على إصدار هذا العدد أو ذاك من أعداد الجريدة. ولا عاصم له من هذه المسئولية أن يكون قد عهد ببعض اختصاصه لشخص آخر ما دام أنه قد استبقى لنفسه حق الإشراف عليه، ذلك لأن مراد الشارع من تقرير هذه المسئولية المفترضة إنما مرده في الواقع افتراض علم رئيس التحرير بما تنشره جريدته وإذنه بنشره أي أن المشرع قد أنشأ في حقه قرينة قانونية بأنه عالم بكل ما تنشره الجريدة التي يشرف عليها، فمسئوليته إذن مفترضة نتيجة افتراض العلم. ولما كان لا مراء أن المسئولية الجنائية في جرائم النشر على هذا النحو الذي رسمه المشرع قد جاءت على خلاف المبادئ العامة التي تقضي بأن الإنسان لا يكون مسئولاً إلا عن العمل الذي يثبت بالدليل المباشر أنه قام به فعلاً، فهي إذن مسئولية خاصة أفرد لها المشرع تنظيماً استثنائياً على خلاف القواعد العامة تغيا بها تسهيل الإثبات في جرائم النشر، مما لازمه أنه يمتنع التوسع في هذا الاستثناء أو القياس عليه، وقصر تلك المسئولية المفترضة على من اختصهم بها دون غيرهم ممن يقومون بالتحرير. بيد أن ذلك لا يعني أن يكون هؤلاء الذين لا تنبسط عليهم المادة 195 من قانون العقوبات بمنجاة من العقاب على ما تسطره أيديهم بل هم مسئولون أيضاً، غير أن مسئوليتهم تكون خاضعة للقواعد العامة في المسئولية الجنائية، ومن ثم يجب لإدانتهم أن يثبت من الوقائع أنهم حرروا فعلاً المقال موضوع الاتهام أو أنهم اشتركوا في تحريره اشتراكاً يقع تحت نصوص قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه قد أقام مسئولية الطاعنين عن عبارات السب والقذف التي تم نشرها بالجريدة تأسيساً على أن الأول رئيس مجلس إدارتها والثاني ونائبه وأنهما لم ينفيا علمهما بهذا النشر، أي على أساس المسئولية المفترضة، رغم أنهما ليسا من الأشخاص الذين حددهم المشرع في المادة 195 سالفة الذكر، لما كان ذلك كذلك فإن الحكم يكون قد أخطأ صحيح القانون فضلاً عن أنه إذ خلت أسبابه من إقامة الدليل على ارتكاب الطاعنين للجريمة طبقاً للقواعد العامة في المسئولية الجنائية سواء باعتبارهما فاعلين لها أو شريكين فيها، فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب وذلك كله مما يوجب نقضه. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة ودون حاجة لبحث أوجه الطعن الأخرى.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات