الطعن رقم 1632 لسنة 49 ق – جلسة 17 /02 /1980
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
السنة 31 – صـ 250
جلسة 17 من فبراير سنة 1980
برئاسة السيد المستشار أحمد فؤاد جنينه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد حلمي راغب، وجمال منصور، وأحمد هيكل؛ وسمير ناجي.
الطعن رقم 1632 لسنة 49 القضائية
دعارة. جريمة "أركانها". إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب
غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
جريمة تسهيل البغاء. لا يشترط القانون وقوعها بطريقة معينة إنما يتناول شتى صور التسهيل.
مثال لتدليل سائغ على جريمتي تسهيل الدعارة واستغلالها.
دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "ما لا يعيبه". نقض "أسباب الطعن.
ما لا يقبل منها". محكمة ثاني درجة. استئناف "نظره والحكم فيه".
عدم التزام محكمة ثاني درجة أن تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه. ليس للطاعن
أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ولا تلتزم هي بإجرائه.
نقض "أسباب الطعن. تحديدها". "ما لا يقبل منها". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما
لا يوفره".
وجه الطعن. وجوب أن يكون واضحاً محدداً.
النعي على الحكم عدم رده على أوجه الدفاع الجوهرية المبداة من الطاعن في مذكرته دون
الإفصاح عن ماهية هذه الأوجه أو تحديدها. أثره. عدم قبول النعي. علة ذلك؟
1 – متى كانت جريمة تسهيل الدعارة تتوافر بقيام الجاني بفعل أو أفعال يهدف من ورائها
إلى أن ييسر لشخص يقصد مباشرة الفسق تحقيق هذا القصد أو قيام الجاني بالتدابير اللازمة
لممارسة البغاء وتهيئة الفرصة له أو تقديم المساعدة المادية أو المعنوية إلى شخص لتمكينه
من ممارسة البغاء أياً كانت طريقة أو مقدار هذه المساعدة وكانت مدونات الحكم المطعون
فيه قد أبانت في غير لبس توافر جريمة تسهيل الدعارة التي دين بها كما هي معرفة به في
القانون وكان الحكم قد أورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما
رتب عليها الأمر الذي ينأى بالحكم عن قالة الخطأ في القانون والفساد في الاستدلال.
2 – من المقرر أن محكمة ثاني درجة إنما تحكم على مقتضى الأوراق وهي لا تجري من التحقيقات
إلا ما ترى لزوماً لإجرائه ولما كان الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات المحكمة الاستئنافية
أن الطاعن لم يطلب سماع أقوال النسوة اللائي قيل بترددهن على المسكن فليس له أن ينعى
على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ولم تلتزم هي بإجرائه.
3 – من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً ومحدداً ولما كان الطاعن لم
يبين في طعنه ماهية الدفاع الذي التفت الحكم المطعون فيه عن الرد عليه كما لم يبين
ما حوته المستندات التي أغفلها الحكم بل أرسل القول إرسالاً مما لا يمكن معه مراقبة
ما إذا كان الحكم قد تناوله بالرد عن عدمه وهل كان دفاعاً جوهرياً مما يجب على المحكمة
أن تجيبه أو ترد عليه أو هو من قبيل الدفاع الموضوعي الذي لا يستلزم في الأصل رداً
بل الرد عليه مستفاد من القضاء بالإدانة للأدلة التي أوردتها المحكمة في حكمها ومن
ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: سهل لمتهمة أخرى ممارسة الدعارة وطلبت معاقبته بالمواد 1، 6، 9/ 3، 10، 15 من القانون رقم 10 لسنة 1961 ومحكمة جنح الدقي الجزئية قضت حضورياً ببراءة المتهم. فاستأنفت النيابة العامة ومحكمة الجيزة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وبحبس المتهم – الطاعن – سنة مع الشغل وتغريمه مائة جنيه وبوضعه تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة عقوبة الحبس. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض…. إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة تسهيل
الدعارة قد شابه خطأ في تطبيق القانون وفساد في الاستدلال كما انطوى على خطأ في الإسناد
وقصور في التسبيب ذلك بأنه دلل على ثبوت التهمة في حقه من تردده وبعض النسوة على المسكن
محل الضبط ومن ضبطه به مع المتهمة الأولى التي أقرت بتسهيله دعارتها بعد أن ضبطت بحالة
منافية للآداب مع أحد نزلائه وأغفل إنكارها بتحقيقات النيابة وما شهد به محرر المحضر
في الجلسة من أنها كانت بكامل ملابسها ومن أن المقيمين بذلك المسكن أخبروه بقيام صلة
بينهم وبين الطاعن بما يؤدي لانتفاء الجريمة التي دين عنها. هذا إلى أن أحداً من أولئك
النسوة لم يسأل كما أحال الحكم في تحصيله لواقعة الدعوى إلى أقوال محرر الضبط بالجلسة
وذكر – على خلاف الثابت بالأوراق – أنها لا تخرج عما أثبته في محضره كما التفت الحكم
عن الرد على دفاعه الذي ضمنه مذكرته أمام محكمة أول درجة ولم يعرض للمستندات التي أرفقها
بها، وأن كل هذا مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه اعتمد في تحصيله لواقعة الدعوى على محضر الضبط وما حواه
من أدلة متمثلة في التحريات التي دلت على أن الطاعن يسهل بغاء النسوة لقاء أجر يتقاضاه
وفي أقوال قاطن الشقة – التي أذنت النيابة العامة بتفتيشها بناء على تلك التحريات –
أن الطاعن اعتاد إحضار النسوة لهما لارتكاب الفحشاء مقابل أجر له وقد تم ضبط أحدهما
بحجرة النوم مع المتهمة الأولى في وضع مناف للآداب كما اعترفت المتهمة الأولى إثر ضبطها
بأن الطاعن يسهل دعارتها، كما شهد من ضبط معها بأن الطاعن يقوم بتسهيل دعارة تلك المتهمة
وغيرها من النسوة الساقطات ممن دأب على جلبهن إلى المسكن نظير أجر يتقاضاه وخلص الحكم
من ذلك وبإجماع آراء الهيئة إلى إلغاء الحكم المستأنف والقضاء بإدانة الطاعن. لما كان
ذلك وكانت جريمة تسهيل الدعارة تتوافر بقيام الجاني بفعل أو أفعال يهدف من ورائها إلى
أن ييسر لشخص يقصد مباشرة الفسق تحقيق هذا القصد أو قيام الجاني بالتدابير اللازمة
لممارسة البغاء وتهيئة الفرصة له أو تقديم المساعدة المادية أو المعنوية إلى شخص لتمكينه
من ممارسة البغاء أياً كانت طريقة أو مقدار هذه المساعدة وكانت مدونات الحكم المطعون
فيه قد أبانت في غير لبس توافر جريمة تسهيل الدعارة التي دين بها كما هي معرفة به في
القانون وكان الحكم قد أورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما
رتب عليها الأمر الذي ينأى بالحكم عن قالة الخطأ في القانون والفساد في الاستدلال.
لما كان ذلك وكان ما يثيره الطاعن بشأن عدم سؤال النسوة المضبوطات مع المتهمين بالمسكن
لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا
يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم، وكان من المقرر أن محكمة ثاني درجة إنما تحكم على
مقتضى الأوراق وهي لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه وكان الثابت من
الاطلاع على محاضر جلسات المحكمة الاستئنافية أن الطاعن لم يطلب سماع أقوال النسوة
اللائي قيل بترددهن على المسكن فليس له أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق
لم يطلبه منها ولم تلتزم هي بإجرائه. وكان لمحكمة الموضوع أن تستند في إدانة متهم إلى
أقوال متهم آخر ما دامت قد اطمأنت لها وأن تعتمد على أقوال المتهم ولو عدل عنها متى
رأت أنها صحيحة وصادقة وبغير أن تلتزم ببيان علة ما ارتأته إذ مرجع الأمر اطمئنانها
إلى ما تأخذ به دون ما تعرض عنه. وكان الحكم قد عول على أقوال المتهمة الأولى بمحضر
الضبط بعد أن اطمأنت المحكمة إليها ولم تعول على عدولها عنها فإن ما يثيره الطاعن في
هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك وكان الطاعن لا يجادل في أن ما أورده الحكم
المطعون فيه مضموناً لما أثبت بمحضر الضبط له أصله الصحيح الثابت في ذلك المحضر وإذ
كان الحكم حين عرض لمضمون شهادة محرر محضر الضبط بالجلسة قد ذكر أنه شهد بوقائع الحادث
بما لا يخرج عما أثبته في محضره وكانت أقوال محرر المحضر التي أدلى بها أمام محكمة
أول درجة تؤدي في معناها إلى ما حصله الحكم منها ولم يحد الحكم فيما عول عليه منها
عن نص ما أنبأت به وفحواه ومن ثم فإن النعي على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد لا يعدو
أن يكون مجادلة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي
ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح الأمر الذي تكون معه هذه الدعوى غير مقبولة
لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً
ومحدداً وكان الطاعن لم يبين في طعنه ماهية الدفاع الذي التفت الحكم المطعون فيه عن
الرد عليه كما لم يبين ما حوته المستندات التي أغفلها الحكم بل أرسل القول إرسالاً
مما لا يمكن معه مراقبة ما إذا كان الحكم قد تناوله بالرد من عدمه وهي كان دفاعاً جوهرياً
مما يجب على المحكمة أن تجيبه أو ترد عليه أو هو من قبيل الدفاع الموضوعي الذي لا يستلزم
في الأصل رداً بل الرد عليه مستفاد من القضاء بالإدانة للأدلة التي أوردتها المحكمة
في حكمها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم
فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
