الطعن رقم 6172 لسنة 53 ق – جلسة 01 /03 /1984
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
السنة 35 – صـ 239
جلسة الأول من مارس سنة 1984
برياسة السيد المستشار/ حسن جمعه نائب رئيس المحكمة. وعضوية السادة المستشارين/ راغب عبد الظاهر وأحمد أبو زيد وحسن عميره وصلاح البرجي.
الطعن رقم 6172 لسنة 53 القضائية
ضرب. ضرب أفضى إلى الموت. قدر متيقن. مسئولية جنائية. سبق إصرار.
جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". فاعل أصلي. عقوبة "العقوبة المبررة".
متى يعتبر الجاني فاعلاً أصلياً في جريمة الضرب المفضي إلى الموت؟
مثال في أخذ المتهم بالقدر المتيقن في جريمة الضرب المفضي إلى الموت.
من المقرر أن الجاني لا يسأل بصفته فاعلاً في جريمة الضرب المفضي إلى الموت إلا إذا
كان هو الذي أحدث الضربة أو الضربات التي أفضت إلى الوفاة أو ساهمت في ذلك أو أن يكون
قد اتفق مع غيره على ضرب المجني عليه ثم باشر معه الضرب تنفيذاً للغرض الإجرامي الذي
اتفق معه عليه ولو لم يكن هو محدث الضربة أو الضربات التي سببت الوفاة بل كان غيره
ممن اتفق معهم هو الذي أحدثها، وكانت واقعة الدعوى كما حصلها الحكم وأقوال الشهود كما
أوردها قد خلت من توفر سبق الإصرار أو وجود اتفاق بين المطعون ضدهما على مقارفة الاعتداء
بالضرب على المجني عليها، وكان التقرير الطبي الشرعي – حسبما جاء بمدونات الحكم – وهو
ما لا تمارى فيه النيابة الطاعنة – قد أثبت أن بالمجني عليها إصابتين وكان من بين تلك
الإصابتين ما لا يؤدي إلى الوفاة ولم يمكن تحديد أي من المطعون ضدهما التي أحدثت الإصابة
التي ينتج عنها الكسر والنزيف التي كانت سبباً في الوفاة، فإن الحكم المطعون فيه وقد
أقام قضاءه على أساس أن كلاً من المطعون ضدهما ضربت المجني عليها وأنه لم يعرف أيهما
التي أحدثت الإصابة التي نشأت عنها الوفاة فأخذهما بالقدر المتيقن في حقهما ودانهما
بجنحة الضرب المنطبقة على المادة 242/ 1 من قانون العقوبات، يكون قد أصاب محجة الصواب
ولا مخالفة فيه للقانون.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما في قضية الجناية……. بأنهما:
أحدثتا عمداً بـ….. جرحاً بأن دفعتاها بيديهما فسقطت على أفريز الطريق وأصيبت بالإصابة
الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم تكونا قاصدتين قتلها ولكن الإصابة أودت بحياتها،
وأحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمادة 242/ 1 من قانون العقوبات مع إعمال
المادتين 55/ 1، 56/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمتان بالحبس مع الشغل
لمدة سنة واحدة عما هو منسوب إليهما وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة المقضى بها لمدة ثلاث
سنوات تبدأ من اليوم وذلك على اعتبار أن الجريمة أنهما أحدثتا عمداً جرحاً يحتاج لعلاجه
مدة تقل عن عشرين يوماً.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض… إلخ.
المحكمة
حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه إذ دان المطعون
ضدهما بجنحة الضرب المنطبقة على المادة 242/ 1 من قانون العقوبات أخذاً بالقدر المتيقن
في حقهما تأسيساً على أنه لم يعرف من منهما التي أحدثت بالمجني عليها الإصابة التي
أدت إلى وفاتها قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وخطأ في تطبيق القانون
ذلك أن الثابت من الأوراق أن كلاً من المطعون ضدهما قد دفعت المجني عليها في صدرها
مما أدى إلى سقوطها على الأرض وارتطام رأسها بأفريز الطريق وإصابتها في رأسها الإصابة
المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أدت إلى وفاتها ومن ثم فإن كلاً من المتهمين
تكون قد ساهمت بفعلها في إحداث النتيجة وهي وفاة المجني عليها مما كان يتعين معه مساءلتهما
كفاعلتين أصليتين في جريمة الضرب المفضي إلى الموت المنطبقة على المادة 236/ 1 من قانون
العقوبات أما وقد خالف الحكم هذا النظر فإنه يكون مشوباً بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إنه في يوم…. حدثت مشاجرة بين
المتهمين وبين المجني عليها وتماسكتا معها وقامتا بالاعتداء بالضرب عليها فسقطت المجني
عليها أرضاً واصطدمت خلفية رأسها بالطريق العام وفاضت روحها نتيجة كسر شرخي حيوي حديث
مصحوب بنزيف دموي تحت الأم الجافية" وعرض لأدلة الثبوت فيها ثم خلص إلى القول "إن المحكمة
ترى أنه ما نسبته النيابة العامة إلى المتهمين أنهما ضربتا المجني عليها وأحدثتا بها
الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم تقصدا من ذلك قتلاً ولكن الضرب أفضى
إلى موتها، فإنه لم يقم دليل من الأوراق على توافق المتهمتين على التعدي على المجني
عليها وأن الثابت بتقرير الصفة التشريحية أن بالمجني عليها كسر شرخي بالجمجمة وسحج
بأيمن الحاجب الأيمن والثابت من الوقائع الثابتة بالأوراق أنه من المتعذر تعيين محل
الضربة التي أحدثتها متهمة معينة بالمجني عليها لتعددها وتعدد الإصابات فإن إدانة واحدة
بعينها من المتهمتين بإحداثها لا تكون صحيحة ما دام لا يوجد بين المتهمتين بالضرب اتفاق
عليه وإنما المتيقن أخذ كل منهما بالقدر المتيقن في حقه من الضرب البسيط المكونة لجنحة
الضرب المعاقب عليها بالمادة 242/ 1 من قانون العقوبات. لما كان ذلك وكان من المقرر
أن الجاني لا يسأل بصفته فاعلاً في جريمة الضرب المفضي إلى الموت إلا إذا كان هو الذي
أحدث الضربة أو الضربات التي أفضت إلى الوفاة أو ساهمت في ذلك أو أن يكون قد اتفق مع
غيره على ضرب المجني عليه ثم باشر معه الضرب تنفيذاً للغرض الإجرامي الذي اتفق معه
عليه ولو لم يكن هو محدث الضربة أو الضربات التي سببت الوفاة بل كان غيره ممن اتفق
معهم هو الذي أحدثها، وكانت واقعة الدعوى كما حصلها الحكم وأقوال الشهود كما أوردها
قد خلت من توفر سبق الإصرار أو وجود اتفاق بين المطعون ضدهما على مقارفة الاعتداء بالضرب
على المجني عليها، وكان التقرير الطبي الشرعي – حسبما جاء بمدونات الحكم – وهو ما لا
تماري فيه النيابة الطاعنة – قد أثبت أن بالمجني عليها إصابتين وكان من بين تلك الإصابتين
ما لا يؤدي إلى الوفاة ولم يمكن تحديد أي من المطعون ضدهما التي أحدثت الإصابة التي
ينتج عنها الكسر والنزيف التي كانت سبباً في الوفاة، فإن الحكم المطعون فيه وقد أقام
قضاءه على أساس أن كلاً من المطعون ضدهما ضربت المجني عليها وأنه لم يعرف أيهما التي
أحدثت الإصابة التي نشأت عنها الوفاة فأخذهما بالقدر المتيقن في حقهما ودانهما بجنحة
الضرب المنطبقة على المادة 242/ 1 من قانون العقوبات. يكون قد أصاب محجة الصواب ولا
مخالفة فيه للقانون. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.