الرئيسية الاقسام القوائم البحث

قاعدة رقم الطعن رقم 20 لسنة 25 قضائية “دستورية” – جلسة 09 /05 /2004 

أحكام المحكمة الدستورية العليا – الجزء الحادي عشر (المجلد الأول)
من أول أكتوبر 2003 حتى آخر أغسطس 2006 – صـ 806

جلسة 9 مايو سنة 2004

برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعي – رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: حمدي محمد علي وماهر البحيري ومحمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله والدكتور عادل عمر شريف وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما – رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن – أمين السر.

قاعدة رقم
القضية رقم 20 لسنة 25 قضائية "دستورية"

1 – المحكمة الدستورية العليا "رقابة قضائية: محلها".
الدستور قد عهد بنص المادة منه إلى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها، بتولي الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه المبين في القانون. مؤكداً أن اختصاص هذه المحكمة – في مجال مباشرتها الرقابة القضائية على الدستورية – ينحصر في النصوص التشريعية أياً كان موضوعها، أو نطاق تطبيقها، أو الجهة التي أقرتها أو أصدرتها. فلا تنبسط ولايتها في شأن الرقابة القضائية على الدستورية إلا على القانون بمعناه الموضوعي باعتباره منصرفاً إلى النصوص القانونية التي تتولد عنها مراكز عامة مجردة، سواء وردت هذه النصوص بالتشريعات الأصلية التي أقرتها السلطة التشريعية، أم تضمنتها التشريعات الفرعية التي تصدرها السلطة التنفيذية في حدود صلاحيتها التي ناطها الدستور بها، وأن تنقبض تلك الرقابة – بالتالي – عما سواها.
2 – لائحة "تكييفها القانوني – يتحدد بمجال سريانها – عدم اختصاص".
كل لائحة يتحدد مجال سريانها. فكلما كان هذا المجال متصلاً مباشرة بمنطقة القانون الخاص، انحسرت الصفة الإدارية عنها، ولو كانت الجهة التي أصدرتها تعتبر من أشخاص القانون العام.
1 – حيث إن الدستور قد عهد بنص المادة منه إلى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها، بتولي الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه المبين في القانون. وبناء على هذا التفويض أصدر المشرع قانون هذه المحكمة مبيناً اختصاصاتها، محدداً ما يدخل في ولايتها حصراً، مستبعداً من مهامها ما لا يندرج تحتها. فخولها اختصاصاً منفرداً بالرقابة على دستورية القوانين واللوائح، مانعاً أية جهة من مزاحمتها فيه، مفصلاً طرائق هذه الرقابة وكيفيتها، وذلك ضماناً منه لمركزية الرقابة على المشروعية الدستورية، وتأميناً لاتساق ضوابطها وتناغم معاييرها، وصولاً من بعد إلى بناء الوحدة العضوية لأحكام الدستور، بما يكفل تكاملها وتجانسها، مؤكداً أن اختصاص هذه المحكمة – في مجال مباشرتها الرقابة القضائية على الدستورية – ينحصر في النصوص التشريعية أياً كان موضوعها، أو نطاق تطبيقها، أو الجهة التي أقرتها أو أصدرتها. فلا تنبسط ولايتها في شأن الرقابة القضائية على الدستورية إلا على القانون بمعناه الموضوعي باعتباره منصرفاً إلى النصوص القانونية التي تتولد عنها مراكز عامة مجردة، سواء وردت هذه النصوص بالتشريعات الأصلية التي أقرتها السلطة التشريعية، أم تضمنتها التشريعات الفرعية التي تصدرها السلطة التنفيذية في حدود صلاحيتها التي ناطها الدستور بها، وأن تنقبض تلك الرقابة – بالتالي – عما سواها.
2 – حيث إن النص الطعين قد ورد في لائحة نظام العاملين بالبنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي وفروعه وبنوك التنمية بالمحافظات، وكانت هذه اللائحة، وإن صدرت عن مجلس إدارة البنك الرئيسي، متوخياً بها تقرير القواعد القانونية التي تنظم أوضاع العاملين بالبنوك التابعة، إلا أن تعلق أحكام هذه اللائحة بعمال تلك البنوك، الذين يخضعون أصلاً لقواعد القانون الخاص، وبمجال نشاطها في دائرة هذا القانون لا يجعل تنظيمها إدارياً عاماً، وإنما الشأن فيها شأن كل لائحة، يتحدد بمجال سريانها. فكلما كان هذا المجال متصلاً مباشرة بمنطقة القانون الخاص، انحسرت الصفة الإدارية عنها، ولو كانت الجهة التي أصدرتها تعتبر من أشخاص القانون العام. كذلك، فإن سريان هذه اللائحة على كل من العاملين في البنك الرئيسي والبنوك التابعة، لا يزيل الحدود التي تفصل هذه البنوك عن بعضها البعض. فلا زال لكل منها شخصيته القانونية المستقلة، ودائرة نشاط لها نظامها القانوني الخاص بها. وفى إطار هذه الدائرة وحدها تتحدد حقيقة الرابطة القانونية بينها وبين عمالها.


الإجراءات

بتاريخ الرابع عشر من يناير سنة 2002، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالباً الحكم بعدم دستورية المادة من لائحة نظام العاملين بالبنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي، فيما تضمنته من وضع حد أقصى أربعة أشهر لصرف المقابل النقدي لرصيد الإجازات الاعتيادية للعامل.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى. وقدم البنك المدعى عليه الرابع مذكرة طلب فيها الحكم أصلياً: بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى؛ واحتياطياً: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى، وسائر الأوراق – تتحصل في أن المدعي كان قد أقام الدعوى رقم 1125 لسنة 1998 مدني كفر الشيخ بطلب إلزام المدعى عليه الرابع أن يؤدي إليه متجمد رصيد إجازاته البالغ عددها خمسمائة يوم، على آخر راتب كان يتقاضاه قبل انتهاء خدمته ببنك التنمية والائتمان الزراعي بكفر الشيخ. وبجلسة 15/ 3/ 1999، قضت المحكمة بعدم اختصاصها قيمياً بنظر الدعوى، وأحالتها إلى محكمة بندر كفر الشيخ الجزئية، حيث قيدت برقم 190 لسنة 1999 مدني بندر كفر الشيخ، وبعد تداول الدعوى وإحالتها للخبراء، قضت المحكمة بجلسة 30/ 1/ 2002، برفضها. فاستأنف المدعي هذا الحكم أمام محكمة كفر الشيخ الابتدائية في 9/ 3/ 2002، وقيد استئنافه برقم 115 لسنة 2002. وأثناء تداول الاستئناف، دفع المدعي بجلسة 31/ 10/ 2002، بعدم دستورية نص المادة من لائحة العاملين بالبنك فيما تضمنته من وضع حد أقصى أربعة أشهر لرصيد الإجازات الاعتيادية الذي يجوز صرف مقابل نقدي عنه. وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع، وصرحت للمدعي بإقامة الدعوى الدستورية؛ فقد أقام دعواه المعروضة، بيد أن محكمة الموضوع عاودت نظر الدعوى، وأصدرت فيها بجلسة 27/ 3/ 2003، حكماً بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
وحيث إن البت في اختصاص المحكمة الدستورية العليا ولائياً بنظر دعوى بذاتها سابق بالضرورة على الخوض في شرائط قبولها، أو الفصل في موضوعها. إذ لا يتصور أن تفصل هذه المحكمة في توافر شروط اتصال الخصومة القضائية بها وفقاً للأوضاع المنصوص عليها في قانونها قبل أن تتحقق من أن النزاع موضوعها، يدخل ابتداءً في ولايتها.
وحيث إن الدستور قد عهد بنص المادة منه إلى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها، بتولي الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه المبين في القانون. وبناء على هذا التفويض أصدر المشرع قانون هذه المحكمة مبيناً اختصاصاتها، محدداً ما يدخل في ولايتها حصراً، مستبعداً من مهامها ما لا يندرج تحتها. فخولها اختصاصاً منفرداً بالرقابة على دستورية القوانين واللوائح، مانعاً أية جهة من مزاحمتها فيه، مفصلاً طرائق هذه الرقابة وكيفيتها، وذلك ضماناً منه لمركزية الرقابة على المشروعية الدستورية، وتأميناً لاتساق ضوابطها وتناغم معاييرها، وصولاً من بعد إلى بناء الوحدة العضوية لأحكام الدستور، بما يكفل تكاملها وتجانسها، مؤكداً أن اختصاص هذه المحكمة – في مجال مباشرتها الرقابة القضائية على الدستورية – ينحصر في النصوص التشريعية أياً كان موضوعها، أو نطاق تطبيقها، أو الجهة التي أقرتها أو أصدرتها. فلا تنبسط ولايتها في شأن الرقابة القضائية على الدستورية إلا على القانون بمعناه الموضوعي باعتباره منصرفاً إلى النصوص القانونية التي تتولد عنها مراكز عامة مجردة، سواء وردت هذه النصوص بالتشريعات الأصلية التي أقرتها السلطة التشريعية، أم تضمنتها التشريعات الفرعية التي تصدرها السلطة التنفيذية في حدود صلاحيتها التي ناطها الدستور بها، وأن تنقبض تلك الرقابة – بالتالي – عما سواها.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه ولئن كان البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي من أشخاص القانون العام، باعتباره هيئة عامة قابضة، إلا أن جميع البنوك التابعة له تعمل بوصفها شركات مساهمة يتعلق نشاطها بتطبيق قواعد القانون الخاص، وبالوسائل التي ينتهجها هذا القانون، فلا تنصهر البنوك التابعة في الشخصية المعنوية للبنك الرئيسي، بل يكون لها استقلالها وذاتيتها من الناحيتين المالية والإدارية في الحدود التي يبينها القانون. وقد صدر هذا القضاء مستنداً إلى ما قضت به الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 117 لسنة 1976 في شأن البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي من تحويل المؤسسة المصرية العامة للائتمان الزراعي والتعاوني إلى هيئة عامة قابضة ذات شخصية اعتبارية مستقلة تسمى البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي، وما قررته الفقرة الثانية من ذات المادة من تبعية بنوك التسليف الزراعي والتعاوني القائمة بالمحافظات، والمنشأة طبقاً للقانون رقم 105 لسنة 1964 بإنشاء المؤسسة المصرية العامة للائتمان الزراعي والتعاوني والبنوك التابعة لها بالمحافظات، وتسميتها بنوك التنمية الزراعية. وكذلك استناداً إلى حكم المادة من القانون رقم 105 لسنة 1964 المشار إليه، المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1965، والذي كانت المادة منه تقضي بتحويل فروع بنك التسليف الزراعي والتعاوني في المحافظات إلى بنوك للائتمان الزراعي والتعاوني تتخذ كلً منها شكل الشركة المساهمة. وأيضاً ما قضت به المادتان (16 و17) من القانون رقم 117 لسنة 1976 المشار إليه من أن تباشر مجالس إدارة هذه الفروع، وباعتبارها بنوكاً تابعة، اختصاصاتها على الوجه المبين بالقانون رقم 105 لسنة 1964، وعلى ضوء أنظمتها الأساسية، وأن يكون للبنك الرئيسي، ولكل من البنوك التابعة موازنة خاصة يتم إعدادها وفقاً للقواعد الخاصة بموازنة الجهاز المصرفي؛ وهو ما يؤكد في مجموعه أن الفواصل القانونية لا تنماع بين البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي وبين البنوك التابعة التي لا تعتبر العاملين فيها موظفين عموميين يديرون مرفقاً عاماً، بل يباشر هؤلاء العاملون مهامهم في بنوك تجارية بمعنى الكلمة، تزاول نشاطها في الحدود المنصوص عليها في قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي (وهو القانون رقم 120 لسنة 1975 الملغى، والذي حل محله القانون رقم 88 لسنة 2003)، ويرتبط عمالها بها بوصفها أرباباً للعمل، ووفق الشروط التي يرتضونها.
وحيث إن النص الطعين قد ورد في لائحة نظام العاملين بالبنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي وفروعه وبنوك التنمية بالمحافظات، وكانت هذه اللائحة، وإن صدرت عن مجلس إدارة البنك الرئيسي، متوخياً بها تقرير القواعد القانونية التي تنظم أوضاع العاملين بالبنوك التابعة، إلا أن تعلق أحكام هذه اللائحة بعمال تلك البنوك، الذين يخضعون أصلاً لقواعد القانون الخاص، وبمجال نشاطها في دائرة هذا القانون لا يجعل تنظيمها إدارياً عاماً، وإنما الشأن فيها شأن كل لائحة، يتحدد بمجال سريانها. فكلما كان هذا المجال متصلاً مباشرة بمنطقة القانون الخاص، انحسرت الصفة الإدارية عنها، ولو كانت الجهة التي أصدرتها تعتبر من أشخاص القانون العام. كذلك، فإن سريان هذه اللائحة على كل من العاملين في البنك الرئيسي والبنوك التابعة، لا يزيل الحدود التي تفصل هذه البنوك عن بعضها البعض. فلا زال لكل منها شخصيته القانونية المستقلة، ودائرة نشاط لها نظامها القانوني الخاص بها. وفي إطار هذه الدائرة وحدها تتحدد حقيقة الرابطة القانونية بينها وبين عمالها.
وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكان النزاع المعروض يتعلق بأحد من العاملين في أحد الفروع التابعة للبنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي، هو فرع البنك بكفر الشيخ، ومنصباً على نص المادة من لائحة نظام العاملين بالبنك، والخاص بالمقابل النقدي لرصيد الإجازات، متحدياً دستوريته، وكان العاملون بالفروع التابعة للبنك الرئيسي ليسوا موظفين عموميين، وإنما يرتبطون بجهة عملهم بعلاقة تعاقدية رضائية تدخل في دائرة القانون الخاص، فإن اللائحة التي اندرج تحتها النص الطعين، وفي مجال سريان أحكامها في شأن البنوك التابعة للبنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي، لا تعتبر تشريعاً بالمعنى الموضوعي، ولا تمتد إليها، بالتالي، الرقابة القضائية التي تباشرها هذه المحكمة في شأن الشرعية الدستورية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات