الرائيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 85 سنة 18 ق – جلسة 16 /02 /1950 

أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
السنة الأولى – من 27 أكتوبر سنة 1949 لغاية يونيه سنة 1950 – صـ 251

جلسة 16 من فبراير سنة 1950

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وكيل المحكمة وحضور حضرات: عبد العزيز محمد بك ومحمد علي رشدي بك وعبد المعطي خيال بك وسليمان ثابت بك المستشارين.

( 68 )
القضية رقم 85 سنة 18 القضائية

ا – حكم. تسبيبه. اعتماده في قضائه على حكم سابق نهائي. عدم بيانه توافر عناصر الأمر المقضي بين الحكم النهائي والنزاع الجديد. قصور. مثال.
ب – استئناف. أثره. نقل الدعوى إلى محكمة الدرجة الثانية بما سبق أن أبداه المستأنف عليه من دفاع أصلي واحتياطي.
1 – إذا كان الحكم قد اعتمد فيما قضى به من سد النوافذ والمطلات محل الدعوى على أن النزاع في ملكية المنور الذي تطل عليه هذه النوافذ والمطلات قد فصل فيه بحكم سابق قضى برفض دعوى المدعى عليه تملكه نصف هذا المنور، ولم يجيء فيما أورده من أسباب في هذا الصدد ما يعين على بيان كيف توافرت عناصر الأمر المقضي بين الحكم النهائي السابق وبين النزاع الجديد بشأن سد الفتحات وإزالة الشرفات، وهل اتحد الموضوع والسبب في الدعويين، فهذا الحكم يكون مشوباً بالقصور، إذ ذلك بيان جوهري لا يغني عنه أن يكون الطاعن مقراً بأن لذلك الحكم السابق حجيته، فإن النزاع يقوم على مدى هذه الحجية وهل تشمل ما يثيره الطاعن في الدعوى الحالية من دفاع.
2 – الاستئناف ينقل الدعوى إلى محكمة الاستئناف بما سبق أن أبداه المستأنف عليه أمام محكمة أول درجة من دفوع أو أوجه دفاع، وتعتبر هذه وتلك مطروحة أمام محكمة الاستئناف للفصل فيها بمجرد رفع الاستئناف، وعلى المحكمة أن تفصل فيها إلا إذا تنازل المستأنف عليه عن التمسك بشيء منها صراحة أو ضمناً. فمتى كان كل ما هو ثابت في أوراق الدعوى أن المستأنف عليه حضر أمام محكمة الاستئناف وصمم على الطلبات فلا سبيل للقول بأنه تنازل عما سبق أن تمسك به أمام محكمة أول درجة من دفاع أصلي أو دفاع احتياطي، فإذا أغفلت المحكمة للفصل ولو في الدفاع الاحتياطي كان هذا منها قصوراً موجباً لنقض الحكم.


الوقائع

في يوم 15 من مايو سنة 1948 طعن بطريق النقض في حكم استئناف الإسكندرية الصادر يوم 16 من فبراير سنة 1948 في الاستئناف رقم 90 س ق 2 وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع نقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى على محكمة استئناف الإسكندرية وإلزام المطعون عليه الأول بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وفي 16 من مايو سنة 1948 أعلن المطعون عليهما بتقرير الطعن. وفي 30 منه أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليهما بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظتين بمستنداته، وفي 13 من يونيه سنة 1948 أودع المطعون عليه الثاني مذكرة بدفاعه طلب فيها إخراجه من الدعوى وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وفي 14 منه أودع المطعون عليه الأول مذكرة بدفاعه مشفوعة بمستنداته طلب فيها الحكم برفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وفي 28 منه أودع الطاعن مذكرة بالرد، وفي 11 من يولية سنة 1948 أودع المطعون عليه الأول مذكرة بملاحظاته على الرد، وفي 17 من ديسمبر سنة 1949 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة استئناف الإسكندرية الخ الخ.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير حضرة المستشار المقرر ومرافعة محامي الطرفين والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وجهي الطعن يتحصلان في أن الحكم المطعون فيه قد شابه خلط وقصور أما الخلط فيرجع إلى أن الحكم قد حصل من الأوراق ما يخالف الثابت فيها فذكر أن حكماً انتهائياً حاز قوة الشيء المحكوم فيه صدر في موضوع الدعوى في 21 من يناير سنة 1932 وهو تاريخ غير صحيح، كما أن الحكم لم يبين رقم الدعوى السابقة، وهذا الخلط يجعل القارئ عاجزاً عن إدراك ما يقصده الحكم إلا بالرجوع إلى أوراق أخرى لا يشير إليها الحكم. أما ما شابه من قصور فآيته: (أولاً) أنه إذ بنى قضاءه بسد النوافذ والمطلات المفتوحة على منزل الوقف المشمول بنظر المطعون عليه الأول وإزالة الشرفات المطلة على المنور تأسيساً على أن " الحكم المستأنف (الذي قضى برفض الدعوى) بني على مستندات وإقرارات سابقة على صدور الحكم نهائي سابق حاز قوة الشيء المحكم فيه…. " لم يبين ما هي هذه المستندات والإقرارات التي يشير إليها ولا شيئاً يمكن منه معرفة توافر أركان الأمر المقضي في ذلك الحكم السابق وهل اتحد الموضوع والسبب في الدعويين. (وثانياً) أن الحكم لم يتعرض لما تمسك به الطاعن من دفاع جوهري مؤداه أنه على فرض أنه لا يملك نصف المنور الذي تطل عليه الفتحات المطلوب سدها فإنه قد تملك حق ارتفاق الإطلال عليه بمضي المدة الطويلة إذ أنها قائمة منذ أربعين سنة سابقة على رفع الدعوى.
وحيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون عليه الأول رفع الدعوى الحالية في 23، 30 مارس سنة 1944 طالباً الحكم بإلزام الطاعن بسد الشبابيك والمطلات المفتوحة في منزله والمطلة على المنور (الحوش) ملك الوقف نظارة المطعون عليه الأول وإزالة الشرفات المطلة على هذا المنور، فطلب الطاعن أمام محكمة أول درجة بجلسة 6/ 11/ 1944 رفض الدعوى لأن هذه المطلات والشرفات إنما تطل على منور يملك فيه النصف وأنه على أسوأ الفروض قد تملك حق ارتفاق المطل بمضي المدة الطويلة لأن هذه المطلات والشرفات قائمة منذ أربعين سنة فرد على ذلك المطعون عليه الأول بأن ما يثيره الطاعن من نزاع بشأن ملكية المنور سبق الفصل فيه نهائياً بالحكم الصادر من محكمة الإسكندرية في 3 من نوفمبر سنة 1926 الذي قضى برفض دعواه التي رفعها بتثبيت ملكيته إلى نصف المنور، أما ادعاؤه تملك حق الارتفاق بمضي المدة فمردود بأن هذه الفتحات حديثة إذ لم تفتح قبل سنة 1926، وأنه حتى لو مضي على هذه الفتحات 33 سنة فلا سبيل لتملك حق الارتفاق لأن الوقف لا يملك بمضي المدة… وقد قضت محكمة أول درجة برفض الدعوى تأسيساً على ما ثبت لها من أن الطاعن يملك المنور الذي تطل عليه هذه الفتحات والشرفات… وبذلك لم تر داعياً لبحث دفاعه الخاص بتملك حق الارتفاق بمضي المدة الطويلة… فلما استأنف المطعون عليه الأول الحكم طالباً إلغاءه حضر طرفا الخصومة أمام محكمة الاستئناف واكتفيا – كما هو ثابت بمحضر الجلسة المقدمة صورته الرسمية إلى هذه المحكمة – بالتصميم على طلباتهما دون شرح أو بيان خاص فقضى الحكم المطعون فيه بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام الطاعن بسد الشبابيك والفتحات وإزالة الشرفات مستنداً إلى أن " النزاع بين الطرفين سبق أن حكم فيه نهائياً بحكم استئنافي بتاريخ 21 يناير سنة 1932 لمصلحة المستأنف (المطعون عليه الأول) وقد بنيت دعوى المستأنف عليه والحكم المستأنف على مستندات وإقرارات سابقة على صدور الحكم النهائي المشار إليه والذي حاز قوة الشيء المحكوم فهي فأصبح بذلك الحكم حق المستأنف ثابتاً ".
وحيث إنه بغض النظر عن الخطأ المادي في تاريخ الحكم السابق الذي صدر بين طرفي الخصومة فإن الحكم المطعون فيه قد شابه قصور مبطل له من ناحيتين: (الأولى) لأنه ليس فيما أورده من أسباب ما يعين على ما بيان كيف توافرت عناصر الأمر المقضي بين الحكم النهائي السابق الصادر في 3 من نوفمبر سنة 1926 من محكمة الإسكندرية وبين النزاع الجديد الخاص بسد الفتحات وإزالة الشرفات وهل يتحد الموضوع والسبب في الدعويين، وهذا بيان جوهري لا يغني عنه أن يكون الطاعن مقراً بأن للحكم النهائي السابق حجيته، إذ النزاع يقوم في مدى هذه الحجية وهل تشمل ما يثيره الطاعن في الدعوى الحالية من دفاع.
( والثانية) لأن الحكم لم يتعرض لدفاع جوهري للطاعن وهو أنه على فرض أنه لا يملك شيئاً في أرض المنور (الحوش) فإن الفتحات والشرفات المطلوب سدها قد مضى على قيامها أربعون سنة وأنه بذلك قد كسب بها ارتفاق المطل بمضي المدة الطويلة، أما القول بأن الطاعن وإن كان قد أبدى هذا الدفاع أمام محكمة أول درجة إلا إنه لم يثبت أنه تمسك به أمام محكمة الاستئناف فما كان عليها أن تتعرض له – هذا القول مردود بأن الاستئناف ينقل الدعوى إلى محكمة الاستئناف بما سبق أن أبداه المستأنف عليه أمام محكمة أول درجة من دفوع أو أوجه دفاع، وتعتبر هذه وتلك مطروحة أمام محكمة الاستئناف للفصل فيها بمجرد رفع الاستئناف وعلى المحكمة أن تفصل فيها إلا إذا تنازل المستأنف عليه عن التمسك بشيء منها صراحة أو ضمناً، فمتى كان كل ما هو ثابت في أوراق الدعوى أن المستأنف عليه (الطاعن) حضر أمام محكمة الاستئناف وصمم على الطلبات فلا سبيل للقول بأنه تنازل عما سبق أن تمسك به أمام محكمة أول درجة من دفع أصلي للدعوى بأنه مالك لنصف المنور الذي تطل عليه الفتحات والشرفات المطلوب سدها ودفع احتياطي لها بتملكه حق الارتفاق بمضي المدة الطويلة، فإذا أغفلت محكمة الاستئناف الفصل في هذا الدفاع الاحتياطي كان هذا منها قصوراً موجباً لنقض الحكم.
وحيث إنه لذلك يتعين نقض الحكم وإحالة القضية إلى محكمة الإسكندرية للفصل فيها من جديد.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات