الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 126 سنة 25 ق – جلسة 26 /04 /1955 

أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الثالث – السنة 6 – صـ 905

جلسة 26 من أبريل سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل المستشار، وبحضور السادة الأساتذة: محمود ابراهيم اسماعيل ومصطفى كامل، محمد عبد الرحمن يوسف، ومحمود محمد مجاهد المستشارين.


القضية رقم 126 سنة 25 القضائية

تقليد أوراق مالية. يكفي لقيام الجريمة أن يكون التقليد على وجه يحتمل معه الاعتقاد بأن الورقة صحيحة.
لا يلزم لقيام جناية تقليد الأوراق المالية أن يبلغ التقليد حد الإتقان، بل يكفي أن يكون على وجه يحتمل معه الإعتقاد بأن الورقة صحيحة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم استعملوا ورقتين ماليتين مزورتين من أوراق البنوك المالية من فئة العشرة جنيهات والتي أذن بإصدارها قانوناً التي تحمل توقيعاً مقلداً منسوباً زوراً إلى محافظ البنك الأهلي وذلك بأن تعاملوا بها مع علمهم بهذا التقليد. وطلبت من قاضي التحقيق إحالتهم إلى غرفة الاتهام توطئة لإحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمادة 206 من قانون العقوبات فأحالتهم إليها لمحاكمتهم بالمادة المذكورة. ومحكمة جنايات طنطا قضت فيها حضورياً عملا بمادة الاتهام بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات ومصادرة الورقتين الماليتين المضبوطتين. فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض… الخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعنين الأول والثاني لم يقدما أسباباً لطعنهما، فيكون طعنهما غير مقبول شكلاً.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعن الثالث قد استوفى الشكل المقرر بالقانون.
وحيث إن مبني الطعن هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور والخطأ في الإسناد إذ دان الطاعن بجريمة استعمال أوراق مالية مزورة في حين أن الواقعة إن صحت لا تعدو أن تكون جريمة نصب أو شروع في نصب في حق المتهم الأول لأن التقليد واضح لا يخفي على الشخص العادي. وإذ اعتبر مصاحبة الطاعن للمتهمين الأول والثاني اشتراكاً في الفعل مع أن مجرد المصاحبة لا تدل في ذاتها على ارتكاب الفعل الجنائي أو الاشتراك فيه وقد بررها الطاعن بأنه قريب المتهم الثاني. وإذ أسند إلى المجني عليه أنه قال إن الطاعن أخذ منه جنيهاً مع أن المجني عليه ذكر أن الذي أخذ منه الجنيه هو المتهم الأول كما أسند إلى الطاعن أنه هدد الشهود والمجني عليه مع أن أحداً منهم لم يذكر ذلك. هذا إلى أن المحكمة لم تحقق دفاع الطاعن بأنه حسن السيرة وأن سبب وجوده مع المتهمين هو شراء منزل من امرأة تدعى استيته.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله: "وحيث إن وقائع الدعوى كما تبين للمحكمة وثبت لديها من الاطلاع على أوراق القضية والتحقيقات التي تمت فيها وأقوال الشهود بالجلسة وما دار فيها تتحصل في أن المتهمين علي مصطفي الشناوي ومحمد محمد برج "الطاعن" حضرا في مساء يوم 22 من يناير سنة 1952 لمنزل المتهم الأول طاهر أحمد السعداوي بالمحلة الكبرى وقابلاه واتفقوا فيهما بينهم على ترويج الأوراق المالية المزورة من أوراق النقد المصري الصادرة من البنك الأهلي من فئة العشرة جنيهات باستعمالها في شراء ماشية من الأهالي السذج وجمعت بين المتهمين رابطة المعرفة والصداقة لأنهم من قرية واحدة والمتهم الثاني عريق في استعمال الأوراق المالية المزورة إذ اعترف بالجلسة أنه سبق الحكم عليه لجريمة مماثلة ولأنه ابن عمه المتهم الثالث "الطاعن" ومتزوج شقيقته. ولما كان المتهم الأول يعمل شرطياً بالمحلة الكبرى حضر له الثاني والثالث ليلة الحادث وأمضيا ليلتهما معه بمنزله ودبروا الجريمة فيما بينهم وانتهزوا فرصة خلو المتهم الأول من العمل في اليوم التالي فقاموا جميعاً إلى سوق سمنود يتصيدون فريستهم حتى إذا ما انتهى السوق بعد الظهر بقليل وخلا لهم الجو ووجدوا حجازي أحمد حجازي وهو من قرية الراهبين المجاورة يسير عائداً إلى بلدته ومعه عجلة لم يوفق في بيعها بالسوق ويصحبه صالح على البلاط فاعترضهما المتهمون بدعوى رغبتهم في شراء العجلة ومارسوا حجازي أحمد حجازي في ثمنها وكان المتهمان الثاني والثالث علي الشناوي ومحمد محمد برج إمعاناً في التأثير على حجازي أحمد حجازي يخاطبون المتهم الأول طاهر أحمد السعداوي بلقب "يا حضرة العمدة" وأخيراً قبل حجازي أحمد حجازي أن يبيع العجلة لهم بمبلغ تسعة عشر جنيهاً وقدم له المتهم الأول وقتذاك ورقتين ماليتين مزورتين من أوراق البنك الأهلي المصري من فئة العشرة الجنيهات فأخذها البائع ورد لهم جنيهاً من عنده استلمه منه المتهم الأخير "الطاعن" وقاد المتهم الثاني العجلة إلى شجرة قريبة وربطها فيها ولأن حجازي لا يعرف القراءة والكتابة وهو ريفي لا يميز الورقة الصحيحة من المزورة فأراد التأكد من أمر الورقتين الماليتين اللتين استلمهما من المتهمين فعرضهما على المهندس محمد كمال إبراهيم سليم وكان معه عبده حسن يونس وإلياس سليمان عطية الذي تصادف مروره في ذلك الوقت هناك وطلب من أن يفحصهما فأخذهما منه ولم يتمكن من معرفة تزويرهما من أول نظرة لأن مظهرهما ولونهما وحجمهما لا يبعثان الريبة ولما دقق النظر فيهما وقرأ البيانات التي باللغة الإنكليزية ولاحظ نقصاً فيها اكتشف أنهما مزورتان وكان المتهمون الثلاثة معاً على قيد أمتار منهم فشعروا بما حصل بين حجازي والمنهدس وولوا الأدبار فجرى المتهمان الأول والثاني ومشى الثالث صوب حجازي أحمد حجازي حتى يبعد الشبهة عن نفسه وليستطلع الخبر ويعرف ما إذا كان أمره وزميليه قد كشف فأمسكه حجازي أحمد منصور ومن معه فادعى هذا المتهم أنه كان وحده ولا صلة له بالمتهمين الآخرين وجرى بعض الأهالي خلف المتهمين الأول والثاني فقبضوا على الأول وهو يحاول الإفلات في سيارة وأمسكو الثاني مخفياً في جسر ترعة قريب وقادوا المتهمين إلى مركز البوليس حيث ضبطت الواقعة وأبلغت النيابة فتولت التحقيق" وأورد الحكم الأدلة على هذه الواقعة وهي تؤدي إلى ما خلص إليه منها – لما كان ذلك وكان فيما أورده الحكم من بيان واقعة الدعوى مما تتوافر به عناصر الجريمة التي دان الطاعن بها، وكان لا يلزم لقيام جناية تقليد الأوراق المالية أن يبلغ التقليد حد الإتقان بل يكفي أن يكون على وجه يحتمل معه الاعتقاد بأن الورقة صحيحة وكان الحكم لم ينسب إلى الطاعن أنه هدد الشهود وكان فيما نسبه إليه من أنه هو الذي أخذ الجنيه من المجني عليه قد اعتمد على رواية لهذا الأخير في التحقيق، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن فقال "إنه بسؤال المتهم الثالث محمد محمد برج (الطاعن) أمام النيابة أنكر ما نسب إليه كما أنكر معرفته بالمتهم الأول وقرر أنه حضر مع صهره المتهم الثاني إلى المحلة الكبرى ليلة الحادث لأنه – أي المتهم الثاني – كان يريد شراء منزل هناك ولم تتم الصفقة – وأنهما أمضيا ليلتهما في منزل شخص لا يعرفه وفي الصباح طلب منه المتهم الثاني أن يذهبا لسوق سمنود لمشاهدته فذهب معه ثم انصرفا ولم يحضر واقعة شراء العجلة ولم يشترك فيها – وعند سؤاله أمام قاضي التحقيق اعترف بمبيته مع المتهم الثاني بمنزل المتهم الأول وفي الصباح قصد معه والمتهم الثاني سوق سمنود لمشاهدة الماشية ومعرفة ثمنها وانصرفوا من السوق فنزل المتهم الثاني إلى جسر ترعة لإزالة ضرورة ورأى المجني عليه وزميله صاح البلاط واقفين مع المهندس محمد كمال سليم وأشار المجني عليه صوبه، وقال بأنه كان مع المتهمين فأمسكه المهندس واقتاده للمركز – وفي أقوال تالية له أمام قاضي التحقيق أنكر أن المتهم الأول كان معهما في السوق ولم يره في سمنود وأن المهندس قبض عليه لأن المجني عليه أشار له عليه وقال بأنه كان مع الأشخاص الذين اشتروا العجلة منه وقرر أنه رأى أوراقاً مالية بيد المهندس ثم تحدث عنه في معرض بيان الأدلة على ثبوت التهمة مشيراً إلى تلون المتهم الأخير (الطاعن) في أقواله فتارة ينكر أمام النيابة أنه يعرف المتهم الأول ويدعى أنه لا يعرف صاحب المنزل الذي أمضى فيه ليلته مع المتهم الثاني وتارة يعترف أن المتهم الأول كان معه في السوق ثم ينكر ذلك فيما بعد وأن هذا التضارب والتلون في الأقوال يشعر بأن المتهم الثالث يريد أن يباعد بينه وبين المتهم الأول لعلمه أي المتهم الثالث بأنهم ارتكبوا الحادث وأنهم يعلمون جميعاً بأن الورقتين مزورتان وأنهم تعاملوا بها على هذا الأساس بأن قدموها للمجني عليه ثمناً للعجلة" – لما كان ذلك فإن الطعن لا يكون له محل ولا يعدو أن يكون في حقيقته جدلاً في موضوع الدعوى وتقدير أدلة الثبوت فيها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات