الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 76 سنة 18 ق – جلسة 09 /02 /1950 

أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
السنة الأولى – من 27 أكتوبر سنة 1949 لغاية يونيه سنة 1950 – صـ 235

جلسة 9 من فبراير سنة 1950

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وحضور حضرات أصحاب العزة: عبد العزيز محمد بك ومحمد علي رشدي بك وعبد المعطي خيال بك وسليمان ثابت بك المستشارين.

( 64 )
القضية رقم 76 سنة 18 القضائية

ا – تزوير. تقدير أدلة التزوير. للقاضي مطلق السلطة في ذلك. هو غير ملزم بإجراء تحقيق.
ب – نقض. وجه طعن. عدم استظهار محكمة النقض منه دلائل محددة كاشفة عن المطاعن. لا يقبل.
1 – إن القانون أطلق لقاضي الموضوع السلطة في تقدير أدلة التزوير ولم يلزمه بإجراء تحقيق متى كان قد اطمأن إلى عدم جدية الدليل وكانت أسبابه مؤدية إلى ما انتهى إليه في قضائه.
2 – إذا كانت محكمة النقض لم يتيسر لها أن تستظهر مما قاله الطاعن دلائل محددة تكشف عما يدعيه في مطعنه فإنه يتعين عدم قبول هذا الطعن.


الوقائع

في يوم 25 من أبريل سنة 1948 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف أسيوط الصادر في 17 من يناير سنة 1948 في الاستئناف رقم 99 س ق 18 وذلك بتقرير طلب فيه الطاعنون الحكم بقبول الطعن شكلاً ونقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على دائرة أخرى وإلزام المطعون عليهم بالمصروفات وأتعاب المحاماة عن جميع الدرجات.
وفي 28 منه أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن، وفي 13 من مايو سنة 1948 أودع الطاعنون أصل ورقة إعلان الخصوم بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتهم، وفي 26 منه أودع المطعون عليهم الخمسة الأولون مذكرة بدفاعهم طلبوا فيها رفض الطعن وإلزام الطاعنين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة ولم يقدم المطعون عليهما السادس والسابع دفاعاً.
وفي 12 من أكتوبر سنة 1949 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنين بالمصروفات ومصادرة الكفالة الخ الخ.


المحكمة

ومن حيث إنه بني على أربعة أسباب وفي أولها ينعي الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، ذلك بأن المحكمة قبلت الدليل السادس من أدلة التزوير وكان مما طلبه به مدعو التزوير احتياطياً الإحالة على التحقيق لإثبات أن ختم مورثهم كان تحت تصرف صهره – المنسوب إليه الشراء – في العقد المطعون فيه بالتزوير – يوقع به على الأوراق غير أن المحكمة استمدت الدليل على نفي هذه الواقعة لا من تحقيق أجرته هي بنفسها بل من تحقيق أجرته محكمة أخرى في دعوى أخرى وهي دعوى إنكار التوقيع وبذلك قطعت المحكمة السبيل على الطاعنين فلم تمكنهم من أن يثبتوا في دعوى التزوير ما فاتهم إثباته في دعوى إنكار التوقيع.
ومن حيث إنه جاء بأسباب الحكم: " وبما أن هذه المحكمة رأت قبل الفصل في هذا الطلب الاحتياطي أن تطلع على محضر التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة في شأن صحة توقيع المورث على العقد المطعون فيه وذلك لتتبين مبلغ جدية هذا الطلب الاحتياطي فاتضح لها ما يأتي: " أن التحقيق أجري في 24 أكتوبر سنة 1942 وأن المدعى عليها فاطمة عبد الرحمن بصفتها (المطعون عليها الأولى) كانت مكلفة بإثبات صحة الختم والتوقيع فأحضرت ثلاثة شهود شهدوا لها بذلك على الوجه السابق بيانه وأن مورث مدعي التزوير كان لها حق النفي فأحضرت ستة شهود وهم رشاد عبد المعبود ومحمد مهران وأحمد حسن دسوقي وقناوي سلطان عمار وشريف حسن موسى وشاكر موسى حسن، والخمسة الأولون من أقاربها الأقربين من أبناء إخوتها وعمومتها والأخير كاتب عمومي وقد شهدوا بأن السند لا يعقل أن يصدر من المورث بناءً على أنه كان غنياً وأكثر أهل بلده ثراءً فلم يكن في حاجة لبيع شيء من أملاكه وشهدوا عن علاقة ابن أخيه به فقالوا إن المورث لم يرزق أولاداً ذكوراً وإن ابن أخيه محمد محمد الأسمر كان أجيراً عنده في إدارة أطيانه وأنه تبناه وزوجه ابنته. وبما أن أحداً من الشهود لم يمس موضوع ائتمان المورث لابن أخيه على ختمه لا من قريب ولا من بعيد مع أنهم من الأهل والأقارب المطلعين على أحوال الطرفين ولو كانت هذه الواقعة صحيحة وجدية لكانت أولى الوقائع بالذكر وأول ما يدلي به للطعن في العقد وعلاوة على ما تقدم فقد تم التحقيق في حضور محامي الطاعنين وفي حضور حسن محمد مهران شقيق الست زينب مهران ووكيلها ولم يحاول أحدهما سؤال الشهود عن هذه الواقعة في حين أنهما في آخر التحقيق قررا بأن الختم المنسوب للمورث ليس ختمه وطلبا ندب خبير للمضاهاة وهو دفاع يتعارض مع التسليم بصحة الختم وائتمان زوج ابنة المورث عليه فيتبين أن هذا الطلب غير جدي ويتعين رفضه ". وهذا الذي انتهى إليه الحكم قد بني على أسباب سائغة فلا شأن لمحكمة النقض به إذ القانون أطلق الحرية لقاضي الموضوع في تقدير أدلة التزوير ولم يلزمه بإجراء تحقيق متى كان قد اطمأن إلى عدم جدية الدليل وكانت أسبابه لما قضى به تؤدي إلى ما انتهى إليه.
ومن حيث إن الطاعنين نعوا في السبب الثاني على الحكم التخاذل في الأسباب والإخلال بحق الدفاع وقد دفعت النيابة بعدم قبوله لما شابه من غموض وإبهام يمتنع معهما إدراك تفاصيل الطعن، ولما كان لم يتيسر لهذه المحكمة أن تستظهر مما قاله الطاعنون في هذا السبب دلائل محددة تكشف عما يدعونه من تخاذل في الأسباب وإخلال بحق الدفاع فيتعين عدم قبول هذا السبب.
ومن حيث إن السبب الثالث ينعي فيه الطاعنون على الحكم أنه بني على وقائع لا سند لها من الأوراق كان لها الأثر في فساد ما استنتجته منها المحكمة ومجمل هذه الوقائع على ما جاء بالطعن هو أن الطاعنين قالوا – في الدليل الثالث – إن المطعون عليها الأولى فاطمة عبد الرحمن الأسمر قد توفي زوجها في سنة 1938 غير أنها لم تحرر له محضر حصر تركة بالمجلس الحسبي كما توفى والد زوجها محمد أحمد الأسمر في سنة 1940 قبل شقيقه عبد الرحمن – البائع في العقد المطعون فيه – ولم تحرر له هو الآخر محضر حصر تركة وذلك لكي لا تثبت بهما العقد المطعون فيه فيفتضح أمرها ويظهر تزويره، وقد رد على ذلك الحكم بأن الزوج توفي في سنة 1938 إبان حياة عبد الرحمن أحمد الأسمر الولي الطبيعي على أحفاده القصر وهو يغني عن تدخل المجلس الحسبي كما أنه لا يوجد بملف الدعوى ما يفيد أن محمد أحمد الأسمر والد الزوج ترك قصراً يوم وفاته الأمر الذي يستدعي تدخل المجلس كما جاء بالحكم أن المطعون عليها الأولى بعد وفاة عبد الرحمن أحمد الأسمر قدمت العقد إلى المجلس وأقامت نفسها وصية وأنها لم تستطع أن تثبت العقد به إلا بعد جهد لممانعة حسن أفندي محمد مهران العمدة الحالي وأخو زوجة أبيها (مورثة الطاعنين) في ذلك خصوصاً وأن شاكر أفندي موسى ابن عمه وهو معاون الحصر بالمجلس.
وقد أخطأ الحكم في هذا الذي قاله في الوقائع الآتية: (أولاً) أن عبد الرحمن أحمد الأسمر هو الجد الصحيح لأولاد محمد أحمد الأسمر بل هو جدهم الفاسد: (ثانياً) أن محمد أحمد الأسمر والد الزوج قد توفى سنة 1940 عن قاصر تدعى نفيسة شهيرة باسم السيدة وكان أمام محكمة الاستئناف الدليل القاطع على أن نفيسة هذه بنت محمد أحمد الأسمر مولودة في 29/ 5/ 1925 وهو عبارة عن مستخرج رسمي من دفتر مواليد ناحية البداري ووجود هذا القاصر كان يستدعى حتماً إبلاغ المجلس. (ثالثاً) أن حسن محمد مهران أفندي لم يكن عمدة وقت الحصر في سنة 1941 كما جاء بالحكم إذ هو لم يعين عمدة إلا في سنة 1942. (رابعاً) أن شاكر أفندي موسى لم يكن هو المعاون الذي أجرى الحصر، وهذا النعي بجميع وجوهه مردود بما يأتي: (أولاً) أن الحكم لم يقل إن القصر كانوا تحت ولاية عبد الرحمن أحمد الأسمر بل قال إنهم كانوا تحت ولاية محمد أحمد الأسمر وهو جدهم لوالدهم إذ جاء به… وبما أن وفاة الزوج إبان حياة والده محمد أحمد الأسمر الولي الطبيعي على أحفاده القصر يغني عن تدخل المجلس الحسبي. (ثانياً) أن الحكم قال: " بما إنه لا يوجد بملف الدعوى ما يفيد أن محمد أحمد الأسمر والد الزوج ترك قصراً يوم وفاته الأمر الذي يستدعي تدخل المجلس الحسبي – وحتى لو كان قد ترك فإن إحجام الزوجة عن تقديم العقد للمجلس في سنة 1940 عند وفاة عمها قد يكون مرجعه عدم رغبتها في الإقرار لأولاده بشيء مما ورثه عمها المذكور عن زوجها وقد يكون ذلك بناءً على رغبة والدها عبد الرحمن أحمد الأسمر. وبما أن مثل هذا الاحتمال يتعارض مع اعتبار واقعة عدم تقديم العقد للمجلس الحسبي في سنة 1940 دليلاً على تزويره ". ويبين من هذا الذي قاله الحكم أنه أقام رده على دليل التزوير موضوع البحث على أمرين أولهما عدم ثبوت وجود قصر للمرحوم محمد أحمد الأسمر والآخر افتراض وجود قصر له. فبفرض عدم صحة الأمر الأول كما يدعي الطاعنون فإن الحكم في هذا الخصوص يستقيم بدونه. (ثالثاً) أن الحكم لم يقل إن حسن أفندي مهران كان عمدة وقت الحصر بل وصفه بأنه العمدة الحالي وهو وصف يطابق الحقيقة وقت الحكم ولا يتعارض مع ما استظهره الحكم من نفوذه وقت الحصر. (رابعاً) لم يقل الحكم إن شاكر أفندي هو المعاون الذي قام بعمل محضر حصر التركة بل قال إنه معاون الحصر في المجلس الحسبي واستنتج من ذلك أنه كان له شأن في تعويق تقديم العقد لإثباته بمحضر الحصر.
ومن حيث إن السبب الرابع ينعي فيه الطاعنون على الحكم القصور في التسبيب إذ لم يرد على كافة ما ساقه الطاعنون من حجج لتأييد التزوير، ولما كان ما ورد بهذا السبب ليس إلا تكريراً لما سبق أن تحدثوا عنه في الأسباب السابقة فيتعين رفضه.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات