قاعدة رقم الطعن رقم 209 لسنة 23 قضائية “دستورية” – جلسة 07 /03 /2004
أحكام المحكمة الدستورية العليا – الجزء الحادي
عشر (المجلد الأول)
من أول أكتوبر 2003 حتى آخر أغسطس 2006 – صـ 458
جلسة 7 مارس سنة 2004
برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعي – رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيري وعدلي محمود منصور وعلي عوض محمد صالح وعبد الوهاب عبد الرازق وإلهام نجيب نوار والدكتور عادل عمر شريف وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما – رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن – أمين السر.
قاعدة رقم
القضية رقم 209 لسنة 23 قضائية "دستورية"
1 – دعوى دستورية "المصلحة الشخصية المباشرة: مناطها".
مناط المصلحة الشخصية المباشرة – وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية – أن يكون ثمة ارتباط
بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل في المطاعن الدستورية
لازماً للفصل في النزاع الموضوعي. تطبيق.
2 – تنظيم الحقوق "سلطة تقديرية – قرينة قانونية – علامة تجارية".
الأصل في سلطة المشرع في موضوع تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية يتمثل جوهرها في المفاضلة
بين البدائل المختلفة وفق تقديره لتنظيم موضوع محدد، فلا يختار من بينها إلا ما يكون
منها عنده مناسباً أكثر من غيره لتحقيق الأغراض التي يتوخاها، وكلما كان التنظيم التشريعي
مرتبطاً منطقياً بهذه الأغراض – وبافتراض مشروعيتها – كان هذا التنظيم موافقاً للدستور.
1 – مناط المصلحة الشخصية المباشرة – وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية – أن يكون ثمة
ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل في المطاعن
الدستورية لازماً للفصل في النزاع الموضوعي. ولما كان نص المادة الثالثة المطعون عليها،
وهو النص الذي استند إليه المدعى عليه الثالث في الدعوى الموضوعية التي قضي له فيها
– في مواجهة المدعي – بتثبيت ملكيته للعلامة التجارية المتنازع عليها؛ ومن ثم تتوافر
للمدعي والحال كذلك مصلحة شخصية مباشرة في الطعن على تلك المادة.
2 – الأصل في سلطة المشرع في موضوع تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية، يتمثل جوهرها –
وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – في المفاضلة بين البدائل المختلفة وفق تقديره لتنظيم
موضوع محدد، فلا يختار من بينها إلا ما يكون منها عنده مناسباً أكثر من غيره لتحقيق
الأغراض التي يتوخاها، وكلما كان التنظيم التشريعي مرتبطاً منطقياً بهذه الأغراض –
وبافتراض مشروعيتها – كان هذا التنظيم موافقاً للدستور. وإذ كان الثابت أن المشرع قد
ضمن النص الطعين قرينة قانونية، مؤداها الاعتداد بتسجيل العلامة التجارية لمن سلك سبيل
تسجيلها على النحو الذي بينه القانون، واعتبره مالكاً لها دون سواه، شريطة استعماله
لها بصفة مستمرة لمدة خمس سنوات على الأقل من تاريخ التسجيل، دون أن ترفع بشأنها دعوى
حكم بصحتها، وعلى ذلك فليس ثمة إهدار البتة للأسبقية في تسجيل العلامة، وإنما عمد المشرع
من خلال هذا النص إلى إقامة توازن مبرر وسائغ بين مصلحة من بادر بتسجيل العلامة التجارية
ومصلحة من قام باستعمالها في تاريخ سابق على تسجيلها، جاعلاً حسم هذا الأمر – حال وجود
تنازع – بيد القضاء لتكون له الكلمة النهائية.
وحيث إن التنظيم الذي تبناه المشرع في القانون الطعين لتسجيل العلامات التجارية، يهدف
إلى تحقيق غاية مشروعة باعتبارها وسيلة لتمييز المنتجات والسلع بهدف المغايرة بينها
رفعاً لأي لبس؛ وقد التزم المشرع باختيار النسق التشريعي الذي رآه مرتبطاً منطقياً
بالأغراض التي توخاها بما لا مخالفة فيه لأحكام الدستور.
الإجراءات
بتاريخ الواحد والثلاثين من يوليو سنة 2001، أودع المدعي صحيفة
هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالباً الحكم بعدم دستورية نص المادة الثالثة من القانون
رقم 57 لسنة 1939 بشأن العلامات التجارية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصلياً: بعدم قبول الدعوى، واحتياطياً:
برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة
اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل في أن المدعى
عليه الثالث كان قد أقام الدعوى رقم 1092 لسنة 99 تجاري أمام محكمة جنوب القاهرة ضد
المدعي، طالباً الحكم بتثبيت ملكية العلامة التجارية (الأريزونا) باسمه (أحمد سيد أحمد
مصطفى) تأسيساً على استعماله لهذه العلامة اعتباراً من 2/ 4/ 1975 في مجال صناعة الحلوى؛
وأنه عند تقدمه في 21/ 10/ 1997 بطلب تسجيل علامته التجارية المذكورة فوجئ برفض الجهة
المختصة لتعارض طلبه مع الطلب المقدم من المدعو/ مجدي محمود أحمد – المدعي في الدعوى
الماثلة – بتاريخ 1/ 10/ 1997، وبجلسة 28/ 2/ 2001 قضت تلك المحكمة بإجابته لطلباته،
وحيث لم يرتض المحكوم ضده هذا القضاء – المدعي في الدعوى الراهنة – فقد أقام الاستئناف
رقم 692 لسنة 118 قضائية أمام محكمة استئناف القاهرة، وأثناء نظره دفع بعدم دستورية
نص المادة الثالثة من القانون رقم 57 لسنة 1939 بشأن العلامات التجارية وإذ قدرت المحكمة
جدية الدفع، وصرحت للمدعي برفع الدعوى الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة.
وحيث إن المدعي يطعن بعدم دستورية نص المادة الثالثة من القانون رقم 57 لسنة 1939 بشأن
العلامات التجارية، وإذ صدر قانون حماية حقوق الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002 – المنشور
بالجريدة الرسمية العدد (22 مكرر) في 2/ 6/ 2002 بتنظيم جديد للعلامات والبيانات التجارية
– في الباب الأول من الكتاب الثاني منه – بما يحمله من إلغاء لنصوص القانون رقم 57
لسنة 1939 – ومن بينها المادة الثالثة الطعينة – وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة
أن إلغاء المشرع لقاعدة قانونية بذاتها لا يحول دون الطعن عليها من قبل من طبقت عليه
خلال فترة نفاذها، وترتبت بمقتضاها أثار قانونية بالنسبة إليه تتحقق بإبطالها مصلحته
الشخصية.
وحيث إن مناط المصلحة الشخصية المباشرة – وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية – أن يكون
ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل في
المطاعن الدستورية لازماً للفصل في النزاع الموضوعي.
ولما كان نص المادة الثالثة المطعون عليها سالفة الذكر قد جرى على أن: – "يعتبر من
قام بتسجيل العلامة التجارية مالكاً لها دون سواه ولا تجوز المنازعة في ملكية العلامة
إذا استعملها من قام بتسجيلها بصفة مستمرة خمس سنوات على الأقل من تاريخ التسجيل دون
أن ترفع بشأنها دعوى حكم بصحتها"، وهو النص الذي استند إليه المدعى عليه الثالث في
الدعوى الموضوعية التي قضي له فيها – في مواجهة المدعي – بتثبيت ملكيته للعلامة التجارية
المتنازع عليها؛ ومن ثم تتوافر للمدعي والحال كذلك مصلحة شخصية مباشرة في الطعن على
تلك المادة.
ومن حيث إن المدعي ينعى على نص المادة الثالثة المشار إليه منافاته للعدل وعدم الاستغلال،
ويؤدي للقضاء على الكثير من فرص العمل وزيادة حجم البطالة، وتعارضه مع الوظيفة الاجتماعية
لحق الملكية وضرورة استخدامها لتحقيق الخير العام للشعب، حيث أعطى الأفضلية في تملك
العلامة التجارية لمن لم يقم بتسجيل العلامة أصلاً واستطاع إثبات استعماله لها في تاريخ
سابق على تسجيلها، وبالتالي يكون النص الطعين مخالفاً لأحكام المواد (4، 23، 32، 49)
من الدستور.
وحيث إن هذا النعي مردود في جملته بأن الأصل في سلطة المشرع في موضوع تنظيم الحقوق
أنها سلطة تقديرية يتمثل جوهرها – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – في المفاضلة بين
البدائل المختلفة وفق تقديره لتنظيم موضوع محدد، فلا يختار من بينها إلا ما يكون منها
عنده مناسباً أكثر من غيره لتحقيق الأغراض التي يتوخاها، وكلما كان التنظيم التشريعي
مرتبطاً منطقياً بهذه الأغراض – وبافتراض مشروعيتها – كان هذا التنظيم موافقاً للدستور،
وإذ كان الثابت أن المشرع قد ضمن النص الطعين قرينة قانونية، مؤداها الاعتداد بتسجيل
العلامة التجارية لمن سلك سبيل تسجيلها على النحو الذي بينه القانون، واعتبره مالكاً
لها دون سواه، شريطة استعماله لها بصفة مستمرة لمدة خمس سنوات على الأقل من تاريخ التسجيل،
دون أن ترفع بشأنها دعوى حكم بصحتها، وعلى ذلك فليس ثمة إهدار البتة للأسبقية في تسجيل
العلامة، وإنما عمد المشرع من خلال هذا النص إلى إقامة توازن مبرر وسائغ بين مصلحة
من بادر بتسجيل العلامة التجارية ومصلحة من قام باستعمالها في تاريخ سابق على تسجيلها،
جاعلاً حسم هذا الأمر – حال وجود تنازع – بيد القضاء لتكون له الكلمة النهائية.
وحيث إن التنظيم الذي تبناه المشرع في القانون الطعين لتسجيل العلامات التجارية، يهدف
إلى تحقيق غاية مشروعة باعتبارها وسيلة لتمييز المنتجات والسلع بهدف المغايرة بينها
رفعاً لأي لبس؛ وقد التزم المشرع باختيار النسق التشريعي الذي رآه مرتبطاً منطقياً
بالأغراض التي توخاها بما لا مخالفة فيه لأحكام الدستور.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
