الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 332 لسنة 35 ق – جلسة 12 /04 /1992 

مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والثلاثون – العدد الثاني (من أول مارس سنة 1992 إلى آخر سبتمبر سنة 1992) – صـ 1234


جلسة 12 من إبريل سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل – رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ إسماعيل عبد الحميد إبراهيم وعادل محمد زكي فرغلي وفريد نزيه تناغو وأحمد عبد العزيز أبو العزم – نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 332 لسنة 35 القضائية

( أ ) خدمة عسكرية ووطنية – مجند بالقوات المسلحة – تقرير مستوى اللياقة الطبية (قوات مسلحة).
المادتان السابعة والخامسة عشرة من القانون رقم 505 لسنة 1955 – رسم المشرع الطريق الذي يتبع لتقرير مستوى اللياقة الطبية للمتقدم لأداء الخدمة العسكرية – يتعين عرض المتقدم على القومسيون الطبي بمنطقة التجنيد – قرار القومسيون في هذا الشأن نهائي – أجاز المشرع إعادة النظر بواسطة لجنة طبية عليا تشكل من أطباء لم يسبق لهم توقيع الكشف الطبي على المطلوب للتجنيد – إذا قرر القومسيون ابتداء توفر اللياقة الطبية للمتقدم للتجنيد أو صدر قرار من اللجنة الطبية العليا بذلك أو لم يعرض أمره على تلك اللجنة يكتسب المتقدم صفة المجند ويخرط في سلك المجندين ويدخل في عداد المخاطبين بأحكام القانون رقم 90 لسنة 1975 – تطبيق.
(ب) قوات مسلحة – مجندون بها – إصابة أثناء الخدمة. (خدمة عسكرية ووطنية).
المواد الأولى و82 و83 من القانون رقم 90 لسنة 1975 بشأن التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة – يتعين إجراء تحقيق في كل إصابة تحدث للمجند ينشأ عنها جرح أو عاهة أو وفاة بواسطة الجهات العسكرية المختصة – أساس ذلك: إثبات سبب الإصابة أو العاهة أو المرض أو الوفاة – شرط ذلك: أن يتقدم لمجند أو وحدته أو الجهة الطبية العسكرية المختصة بطلب يثبت فيه ذلك – إذا كان الطاعن قد تم تجنيده في 2/ 7/ 1977 وقد دخل الخدمة بعد ثبوت لياقته الطبية للخدمة العسكرية واستمرت خدمته عدة سنوات حتى دخل المستشفى في 8/ 2/ 1981 ولم تقدم الجهة الإدارية ما يثبت عكس ذلك – بدليل عدم فصله من الخدمة لعدم لياقته طبياً للخدمة يكون قد توافر للمجند بيقين شرط اللياقة الطبية اللازمة للخدمة العسكرية ابتداءً من تاريخ تجنيده في 2/ 7/ 1977 – تقصير الإدارة العسكرية المختصة في إجراء التحقيق والبحث والفحص الذي أوجبه القانون لا يهدر حق المجند المصاب – نتيجة ذلك: مرض الطاعن وإصابته يكون قد حدث حتماً أثناء وبسبب الخدمة – الأثر المترتب على ذلك: أحقية المجند في الحصول على جميع الحقوق والمزايا المقررة والمحددة في القانون رقم 90 لسنة 1975 باعتباره مجنداً أصيب أثناء الخدمة وبسببها – تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 11 من يناير 1989 أودع الأستاذ فكري حبيب المحامي نائباً عن الأستاذ أحمد عبد الرحيم حمادي المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن الماثل في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة العقود والتعويضات) بجلسة 13 من نوفمبر سنة 1988 في الدعوى رقم 4707 لسنة 40 ق والقاضي بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بإلزام المطعون ضدهما بصفتيهما بأن يدفعا للطاعن تعويضاً عادلاً ومعاشاً عما أصابه من عجز أثناء الخدمة العسكرية وبسببها وكافة المزايا المنصوص عليها في القانون أو الحكم بإحالة الدعوى إلى محكمة أول درجة للحكم فيها مجدداً أمام دائرة أخرى مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقدم السيد الأستاذ المستشار/ عبد السميع بريك مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأى فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبأحقية الطاعن في تعويضه وكافة حقوقه طبقاً للقانون رقم 90 لسنة 1975.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 6 من يناير سنة 1992، وبجلسة 17 من فبراير سنة 1992 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة والتي نظرته بجلسة 8 من مارس سنة 1992 وفيها حضر الطاعن وطلب حجز الطعن للحكم ولم يمانع في ذلك الحاضر عن هيئة قضايا الدولة وبذات الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 29/ 3/ 1992 ثم قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم إلى جلسة اليوم 12/ 4/ 1992 وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن هذا الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – في أن الطاعن قد أقام الدعوى رقم 97 لسنة 12 ق بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية بأسيوط بتاريخ 3 من نوفمبر سنة 1984 يطلب الحكم بأحقيته في الحصول على تعويض عادل عما أصابه من عجز أثناء الخدمة العسكرية وبسببها ومعاش وجميع المزايا المنصوص عليها في القوانين مع إلزام المدعى عليهما بالمصرفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال بياناً لدعواه إنه جند بخدمة القوات المسلحة في 2/ 7/ 1977 بالوحدة رقم 1321 جـ 22 بعد أن ثبتت لياقته الصحية والبدنية، وبتاريخ 26/ 7/ 1977 وأثناء أدائه الخدمة العسكرية وبسببها أصيب في إحدى العمليات الحربية ونتج عن ذلك إصابته بشلل نصفي بالطرفين السفليين والذراع الأيسر وغير قابل للشفاء ومصاب بعجز كامل نسبته (100%) علاوة على الاضطرابات وحالات التشنج العصبي الذي نتج كله عن الحادث. وبناء على ذلك قررت القوات المسلحة في 1/ 6/ 1981 إنهاء خدمته بسبب عدم لياقته الطبية ولم تصرف له أية معاشات أو تعويضات عن هذه الإصابة، وقد تقدم إلى الجهة الإدارية بطلب يلتمس فيه تعويضه عما أصابه وصرف ما يستحقه من معاش إلا أن جهة الإدارة رفضت الطلب، وأضاف أن إصابته أدت إلى عدم قدرته على الكسب ولا دخل له أو أي مورد رزق وأن محكمة القضاء الإداري أقرت مبدأ مؤداه أن المجند لا يقبل بالخدمة العسكرية إلا بعد ثبوت لياقته الصحية والبدنية فإذا أصيب بمرض أثناء الخدمة وبسببها فإنه يستحق صرف المزايا المنصوص عليها في القانون رقم لسنة 1975 بشأن التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة وذلك بعد تحديد نسبة العجز عن اللجنة الطبية برئاسة شئون الضباط بالقوات المسلحة، ومن ثم أقام الدعوى للحكم له بطلباته.
وبجلسة 22 من ديسمبر سنة 1985 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة للاختصاص حيث قيدت لدى المحكمة الأخيرة برقم 4707 لسنة 40 ق.
وبجلسة 13 من نوفمبر سنة 1988 قضت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع برفضها وإلزام المدعي المصروفات. وأقام الحكم قضاءه على أن الثابت من أوراق الدعوى أن تاريخ دخول المدعي المستشفى كان بتاريخ 8/ 2/ 1981 وأن تشخيص الإصابة أو ابتداء المرض كان قبل الخدمة والتشخيص عصاب مزمن شديد والعجز جزئي والحالة المرضية التي أصابته حدثت له قبل الخدمة وبغير سبب الخدمة. ولم يقدم المدعي أي دليل يؤكد صدق وصحة دعواه بمستندات يمكن أن تطمئن إليها المحكمة كما لم يثبت اشتراكه في أية عمليات حربية ومن ثم تكون الدعوى غير قائمة على سند صحيح من الواقع أو من أحكام القانون رقم 90 لسنة 1975 في شأن التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون لأن الطاعن تقدم بمستندات قاطعة في الدلالة على إصابته أثناء العمليات الحربية والتي حدثت بعد تجنيده الحاصل في 2/ 7/ 1977 ونتج عنها عجز بنسبة 100% يستحيل معه البقاء في الخدمة ومما لا يدع مجالاً للشك أن الطاعن عندما جند كانت حالته الصحية حسنة جداً خالية من أي مرض مزمن وفقاً للثابت من لياقته طبياً للخدمة العسكرية وإلا ما كان قد تم تجنيده، وقد التفتت المحكمة عن طلبه ولم تحقق دفاعه بالاستعلام من منطقة تجنيد أسيوط عن درجة لياقته الطبية.
ومن حيث إن المادة السابعة من القانون رقم 505 لسنة 1955 في شأن الخدمة العسكرية والوطنية والذي ينطبق على المدعي تنص على أن: "أولاً – يعفى من الخدمة العسكرية والوطنية نهائياً: ( أ ) من لا تتوافر فيه شروط اللياقة الطبية لتلك الخدمة. (ب)….." وتنص المادة الخامسة عشرة من ذات القانون على أن: "يلحق بمناطق التجنيد قومسيون طبي خاص أو أكثر يؤلف من أخصائيين متنوعين لا يقل عددهم عن خمسة ويصدر بتعيينهم قرار من مدير إدارة التجنيد، وتكون قرارات هذا القومسيون نهائية. ومع ذلك يجوز إذا دعت الأحوال وفي أي وقت بناء على أمر مدير إدارة التجنيد توقيع الكشف الطبي مرة ثانية على الأشخاص المنصوص عليهم في الفقرة ( أ ) من البند أولاً من المادة 7…… ويكون ذلك بعرضهم على لجنة طبية عليا تشكل…… يختارهم مدير إدارة التجنيد من أطباء القومسيونات ممن لم يسبق لهم توقيع الكشف على الشخص المعروض على هذه اللجنة……" وقد أصدر وزير الحربية تنفيذاً لحكم المادة السابعة المشار إليها القرار رقم 881 لسنة 1960 في شأن مستويات اللياقة الطبية للخدمة العسكرية وحدد في المادة الثانية الأمراض والعيوب التي يعتبر معها المجند غير لائق للخدمة العسكرية والوطنية ونص على أن يعفى منها من يتضح للهيئة الطبية المختصة عند الكشف عليه أن به مرضاً أو عيباً منها.
ومن حيث إنه يتضح من هذه النصوص أن المشرع رسم في القانون رقم 505 لسنة 1955 الطريق الذي يتبع لتقرير مستوى اللياقة الطبية للمتقدم لأداء الخدمة العسكرية وذلك بعرضه على القومسيون الطبي بمنطقة التجنيد وجعل قرار القومسيون في هذا الشأن نهائياً، ومع ذلك أجاز إعادة النظر فيه بواسطة لجنة طبية عليا تشكل من أطباء لم يسبق لهم توقيع الكشف الطبي على المطلوب للتجنيد، ومن ثم فإنه إذا ما قرر القومسيون ابتداء توفر اللياقة الطبية للمتقدم للتجنيد أو بقرار من اللجنة الطبية العليا عند عرض أمره عليها بأمر من مدير إدارة التجنيد أو لم يعرض أمره على تلك اللجنة فإنه يكتسب بذلك صفة المجند الذي ثبت توفر اللياقة الطبية في شأنه على النحو الذي استلزمه قانون الخدمة العسكرية واللوائح الصادرة تنفيذاً لأحكامه وينخرط في سلك المجندين ويدخل من ثم في عداد المخاطبين بأحكام القانون رقم 90 لسنة 1975.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 90 لسنة 1975 بشأن التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة تنص على أن "تسري أحكام هذا القانون على المنتفعين الآتي بيانهم: ( أ ) ….. (ب) …… (ج) ضباط الصف والجنود المجندون بالقوات المسلحة….." وتنص المادة 82 من ذات القانون على أن: "كل إصابة ينشأ عنها جرح أو عاهة أو وفاة يجب أن يجرى عنها تحقيق بواسطة الجهات العسكرية المختصة لإثبات سبب الإصابة أو العاهة أو المرض أو الوفاة. كما يجب إثباتها بواسطة المجلس الطبي العسكري المختص الذي عليه أن يقدم تقريراً يتضمن تحديد نسبة الإصابة ودرجة العجز ونوعه كلياً أو جزئياً إن وجد. وتصدق هيئة أو شعبة التنظيم والإدارة المختصة على إجراءات مجلس التحقيق بعد الاطلاع على تقرير المجلس الطبي العسكري المختص….." وتنص المادة 83 من ذات القانون على أن "يثبت عدم اللياقة الصحية للخدمة العسكرية بقرار من المجلس الطبي العسكري المختص بناء على طلب يقدم من المصاب أو المريض أو من وحدته أو من الجهة الطبية العسكرية المختصة…. ويجوز أن ينتقل المجلس الطبي العسكري إلى الجهة التي يقيم فيها المصاب أو المريض إذا كانت حالته تمنعه من الانتقال إلى مقر المجلس. ولا يجوز للمجلس أن يوصي بعدم اللياقة الصحية إلا إذا كان عدم احتمال الشفاء نهائياً. ويعتبر اليوم السابق للتاريخ الذي تحدده الجهة المختصة بالتصديق على إنهاء الخدمة هو نهاية مدة الخدمة المحسوبة في المعاش.
ومن حيث إن الثابت من مذكرة إدارة التأمين والمعاشات للقوات المسلحة بوزارة الدفاع المقدمة للمحكمة الإدارية بأسيوط أن الطاعن جند في 2/ 7/ 1977 كجندي مجند وأدخل المستشفى في 8/ 2/ 1981 وتشخص المرض عصاب مزمن شديد قبل الخدمة والعجز جزئي وغير لائق للخدمة العسكرية وذلك لأقل مستوى طبي محدد للخدمة العسكرية وقد استنفذت حياله كافة وسائل العلاج بالنسبة للمستشفيات العسكرية وأن الإصابة نشأ عنها عاهة مستقرة غير قابلة للشفاء أو التحسن وقد حدث المرض قبل الخدمة وبغير سبب الخدمة ومن ثم انتهت خدمته بتاريخ 7/ 3/ 1981 بغير سبب الخدمة عن مدة خدمة قدرها 5 يوم 8 شهر 3 سنة منها مدة خدمة فاقدة قدرها 205 أيام ولم يشترك في أية عمليات حربية وانتهت المذكرة إلى عدم أحقية الطاعن لأي معاش إلا أنه رعاية من القوات المسلحة له وتقديراً لظروف مرضه وحالته فقد منح معاشاً استثنائياً قدره 22.290 مليمجـ بالقرار الجمهوري رقم 51 لسنة 1985.
ومن حيث إن القانون رقم 90 لسنة 1975 سالف البيان قد أوجب إجراء تحقيق في كل إصابة تحدث للمجند ينشأ عنها جرح أو عاهة أو وفاة بواسطة الجهات العسكرية المختصة وذلك بغرض إثبات سبب الإصابة أو العاهة أو المرض أو الوفاة وبعد إجراء التحقيق يجرى إثبات الإصابة كذلك بواسطة المجلس الطبي العسكري المختص والذي عليه أن يقدم تقريراً يتضمن تحديد نسبة الإصابة أو درجة العجز ونوعه وتصدق هيئة أو شعبة التنظيم والإدارة المختصة على إجراءات مجلس التحقيق وكلها إجراءات جوهرية كفالة حقوق المجندين في إثبات إصابتهم فور حدوثها وما ينشأ عنها من عجز وما يترتب على ذلك من حقوق تأمينية وتعويضية ومعاشية مستحقة عن الإصابة والعجز الذي يحدث بسبب الخدمة ويفيد أنه كان غير لائق طبياً للخدمة ذلك من جهة وحماية للخزانة العامة تتمثل في عدم صرف مبالغ لغير المستحقين لها من جهة أخرى وتقوم بهذه الإجراءات الجهات المختصة بالقوات المسلحة سواء بطلب من المجند المصاب أو من وحدته أو من الجهة الطبية العسكرية المختصة، ولما كان الثابت حسبما تقدم أن الطاعن قد جند بالقوات المسلحة اعتباراً من 2/ 7/ 1977 ولم يكتسب صفة المجند إلا بعد ثبوت لياقته الطبية للخدمة العسكرية واستمرت خدمته عدة سنوات حتى دخل المستشفى في 8/ 2/ 1981 ولم تقدم جهة الإدارة ما يثبت عكس هذا إما بواسطة القومسيون الطبي المختص أثناء تجنيده أو بعد التجنيد بواسطة اللجنة الطبية العليا المحددة في المادة 15 من القانون رقم 505 لسنة 1955 والذي لو كان حقيقياً لقامت القوات المسلحة بفصله من الخدمة لعدم لياقته طبياً للخدمة. ومن ثم يكون قد توافرت في الطاعن بيقين اللياقة الطبية اللازمة للخدمة العسكرية عند تجنيده في 2/ 7/ 1977 وأثناء خدمته العسكرية ثم أصيب بمرض أثناء تجنيده وأدخل المستشفى في 8/ 2/ 1981 وشخص مرضه عصاباً مزمناً شديداً وقد استنفذت حياله كافة وسائل العلاج في المستشفيات العسكرية وأصبح غير لائق للخدمة العسكرية فانتهت خدمته العسكرية في 7/ 3/ 1981 وذلك حسبما أفادت جهة الإدارة وبغير أن تجري التحقيق المشار إليه لتحديد سبب الإصابة ونسبة العجز. ومن ثم فإنه إذ لم يثبت من الأوراق أنه قد انتفت بعد التحقيق والبحث والفحص مسئولية الإدارة العسكرية عن إصابة الطاعن بسبب الخدمة العسكرية وما نتج عنها من مضاعفات تأسيساً على أنه ولئن كانت لم تثبت إصابته أثناء العمليات الحربية إلا أن ذلك كان بالضرورة نتيجة لعدم إجراء التحقيق والبحث والفحص الذي أوجبه القانون في مثل حالة الطاعن وبالمخالفة لأحكامه وبتقصير من الإدارة العسكرية المختصة الذي يخضع الطاعن تماماً لسلطتها خلال تجنيده ووقت مرضه وعلاجه فإنه لا يسوغ بتقصير الإدارة العسكرية المذكورة إهدار حق الطاعن الذي ثبت من الأوراق وبإقرار هذه الإدارة ذاتها سلامة تجنيده صحياً ووقوع الإصابة والمرض أثناء هذه الخدمة وباعتبار أن تجنيده كان باعتباره لائقاً للخدمة طبياً فإن مرضه وإصابته يكون قد حدث حتماً أثناء الخدمة ووجود الطاعن تحت سيطرة الإدارة العسكرية خلالها في جميع ما يتعلق بحياته وفي تنفيذه لواجبات أدائها متعرضاًً للأخطار المتزايدة التي تتفق مع طبيعة الخدمة العسكرية وكيفية أدائها وأماكن تنفيذ واجباتها ومن ثم فإنه يتعين اعتبار ما وقع للطاعن قد تم أثناء وبسبب الخدمة وتسوية مستحقاته على هذا الأساس يؤكد ذلك أنه إذا كان الدستور قد أوجب على كل قادر من شباب هذه الأمة أداء الخدمة العسكرية دفاعاً عن حياة أفرادها وأموالهم وأعراضهم وصوناً لاستقلال الدولة وتحقيقاً لعزتها وكرامتها فإن الخزانة العامة التي تتمثل فيها (بيت مال الأمة) يجب أن تتحمل عبء تأمين المجندين ضد المخاطر التي يتعرضون لها أثناء الخدمة العسكرية وبسببها في كل الأحوال التي تثبت إصابتهم أو مرضهم أثناء الخدمة وبسببها أو التي يثبت وقوع المرض أو الإصابة أثناء الخدمة وبعد التجنيد والتي لم يتم تحقيقها وفحصها وفقاً لما حدده القانون ليثبت أنها حدثت ليس بسبب الخدمة العسكرية وقد حدد القانون رقم لسنة 1975 بالنسبة للعسكريين ومنهم المجندون والطاعن أحدهم كافة الحقوق والمزايا التي تستحق للمجند الذي يصاب أثناء تجنيده وبسببه حسب نوع الإصابة وسببها ودرجة العجز الذي تخلف عنها على ما فصلته نصوص هذا القانون في هذا الشأن، أما وقد ثبت أن مرض الطاعن وقد وقع أثناء تجنيده ولم تثبت الإدارة وفقاً للتحقيق الذي كان يتعين عليها إجراؤه أن ما وقع للطاعن كان بسبب الخدمة العسكرية مع تفاقم حالته على نحو ما أبانت حوافظ المستندات المقدمة منه فإنه من ثم يكون من حق الطاعن تقاضي كافة الحقوق والمزايا المقررة في القانون المذكور والتي تنطبق على حالته بمراعاة طبيعة إصابته ومرضه ونسبة عجزه المتخلفة عنها ولا يجبر ذلك ما تقرر له من معاش استثنائي لا يغطي جميع ما يستحقه على أساس أن إصابته ومرضه كان أثناء التجنيد وبسببه وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بخلاف هذا النظر فإنه يكون قد صدر بالمخالفة لأحكام القانون مما يستوجب إلغاءه والحكم بأحقية الطاعن في الحصول على جميع الحقوق والمزايا المقررة المحددة في القانون رقم 90 لسنة 1975 باعتباره مجنداً قد أصيب أثناء الخدمة وبسببها.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبأحقية الطاعن في تسوية مستحقاته والحصول على جميع المزايا المقررة في القانون رقم 90 لسنة 1975 على أساس أن مرضه وإصابته قد حدثت أثناء وبسبب الخدمة العسكرية في فترة تجنيده مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات