الطعن رقم 1393 لسنة 50 ق – جلسة 23 /03 /1987
أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
الجزء الأول – السنة 38 – صـ 423
جلسة 23 من مارس سنة 1987
برياسة السيد المستشار/ الدكتور أحمد حسني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد طموم وزكي المصري نائبي رئيس المحكمة، منير توفيق، وعبد المنعم إبراهيم.
الطعن رقم 1393 لسنة 50 القضائية
قوة الأمر المقضي. حكم "حجية الحكم".
اكتساب القضاء النهائي قوة الأمر المقضي. شرطه. ما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن
أن يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي.
(2، 3) شركات "الشركة الفعلية".
الشركة الباطلة لعدم شهر ونشر عقدها. اعتبارها قائمة فعلاً فيما بين الشركاء في
الفترة من تكوينها إلى طلب البطلان. م 51، 54 من قانون التجارة. شرطه. أن تكون هذه
الشركة قد باشرت بعض أعمالها فعلاً.
بطلان عقد الشركة لعدم شهره ونشره. ثبوت أنها لم تباشر نشاطها الذي تكونت من أجله.
مؤداه. رجعية أثر هذا البطلان فيما بين الشركاء وعودتهم إلى الحالة التي كانوا عليها
قبل التعاقد واسترداد كل منهم حصته التي قدمها سواء كانت نقداً أو عيناً.
1 – لما كان القضاء النهائي لا يكتسب قوة الأمر المقضي إلا فيما ثار بين الخصوم أنفسهم
من نزاع وفصلت فيه المحكمة بصورة صريحة أو ضمنية حتمية فما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل
لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي.
2 – مؤدى المواد 48، 49، 50، 51، 54 من قانون التجارة أن المشرع حينما اعتبر الشركة
باطلة – لعدم شهر ونشر عقدها – قائمة فعلاً فيما بين الشركات في الفترة من تكوينها
إلى طلب البطلان، قد اشترط أن تكون هذه الشركة قد باشرت بعض أعمالها فعلاً بأن اكتسبت
حقوقاً والتزمت بتعهدات، وذلك حتى يمكن القول بوجود كيان لها في الواقع ليصل الشركاء
من ذلك إلى تصفية العمليات المشتركة فلا ينفرد بنتائجها من ربح أو خسارة أحدهم دون
الباقين وهو الأمر الذي أريد تفاديه بالالتجاء إلى فكرة الشركة الفعلية، أما إذا كانت
الشركة لم يبدأ في تنفيذها قبل أن يحكم ببطلانها – لعدم اتخاذ إجراءات شهر ونشر عقدها
– ولم تكن قد زاولت أي عمل من أعمالها فإنه لا يكون قد توافر لها كيان في الوقع في
الفترة السابقة لطلب البطلان ولا يمكن بداهة اعتبارها شركة فعلية وتكون العلة من عدم
تطبيق الأثر الرجعي للبطلان منتفية في هذه الحالة.
3 – إذ كان الثابت من تقرير المصفي المودع بملف الطعن أن الشركة محل النزاع لم تباشر
نشاطها الذي تكونت من أجله، وكان استهلاك بعض رأس مالها في تأثيث مقرها وسداد أجرته
لا يعني أنها باشرت نشاطها ومن ثم فلم يتخلف عن بطلان عقدها لعدم شهره ونشره شركة فعلية
لذلك يكون لهذا البطلان أثر رجعي – فيما بين الشركاء – فيعود هؤلاء إلى الحالة التي
كانوا عليها قبل التعاقد ويسترد كل منهم حصته التي قدمها سواء كانت نقداً وعينياً.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في
أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعنين الدعوى رقم 296 لسنة 1979 تجاري كلي جنوب القاهرة
بطلب الحكم بإلغاء الأمر الصادر من رئيس محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بتاريخ 10/
5/ 1979 ببيع الشقة المبينة بالصحيفة مع ما يترتب على ذلك من آثار وبياناً لذلك قال
أنه استصدر بتاريخ 30/ 3/ 1978 حكماً في الدعوى رقم 495 لسنة 1977 تجاري كلي جنوب القاهرة
ببطلان عقد الشركة التي كانت بينه وبين الطاعنين لعدم شهر ونشر ذلك العقد وبتعيين المطعون
ضده الثاني مصفياً بتاريخ 10/ 5/ 1979 استصدر الأخير أمراً من رئيس المحكمة ببيع الشقة
مقر الشركة. وإذ كانت تلك الشقة حصته في رأس مال تلك الشركة وكانت الشركة لم تباشر
نشاطها منذ تكوينها فإن من حقه استرداد الشقة كأثر من آثار بطلان عقد الشركة وبعد أن
قررت محكمة أول درجة ضم هذه الدعوى إلى الدعوى رقم 495 لسنة 1977 تجاري كلي جنوب القاهرة
قضت بتاريخ 3/ 1/ 1980 (أولاً) في الدعوى رقم 495 لسنة 1977 تجاري كلي جنوب القاهرة
باعتماد محضر مزاد بيع الشقة وبتسليمها لمن رسى مزاد بيعها عليه (ثانياً) برفض الدعوى
رقم 296 لسنة 1979 تجاري كلي جنوب القاهرة. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف
رقم 45 لسنة 97 ق وبتاريخ 30/ 4/ 1980 قضت محكمة استئناف القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف
الصادر بتاريخ 3/ 1/ 1980 وبإلغاء محضر مزاد بيع الشقة وأمر البيع الصادر بتاريخ 10/
5/ 1979 وبأحقية المطعون ضده الأول للشقة طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت
النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة
حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعنون بالسبب الثالث منها على الحكم المطعون
فيه مخالفة القانون في بيان ذلك يقولون أنه لما كان نطاق تصفية الشركاء قد تحدد بموجب
الحكم الصادر بين نفس الخصوم بتاريخ 30/ 3/ 1978 في الدعوى رقم 495 لسنة 1977 تجاري
كلي جنوب القاهرة وكان هذا الحكم فيما قضى به في هذا الخصوص قد حاز قوة الأمر المقضي
لعدم استئنافه فإن ما كان يجوز للمطعون ضده الأول أن ينازع من جديد في الدعوى رقم 296
لسنة 1979 تجاري كلي جنوب القاهرة في نطاق تصفية الشركة ومدى دخول مقرها في هذا النطاق،
لأن هذه المسألة سبق الفصل فيها بالحكم المشار إليه وإذ سايره الحكم المطعون فيه في
إعادة مناقشتها والقضاء على خلافها بإلغاء أمر بيع واستحقاق المطعون ضده الأول للشقة
مقر الشركة فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان القضاء النهائي لا يكتسب قوة الأمر المقضي
إلا فيما ثار بين الخصوم أنفسهم من نزاع وفصلت فيه المحكمة بصورة صريحة أو ضمنية حتمية
فما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي.
لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم الصادر بتاريخ 30/ 3/ 1978 في الدعوى رقم 495
لسنة 1977 تجاري كلي جنوب القاهرة أنها خلت مما يفيد طرح مسألة أحقية المطعون ضده الأول
للشقة مقر الشركة على المحكمة أو أنها كانت موضوعاً لحكمها المذكور، فإنه لا يحوز قوة
الأمر المقضي في النزاع المطروح، وإذ التزم الحكم المطعون فيه ذلك فإن النعي عليه بمخالفة
القانون يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسببين الأول والثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون
والخطأ في فهم الواقع في بيان ذلك يقولون أن الحكم جعل لبطلان عقد الشركة لعدم شهره
ونشره أثراً رجعياً فيما بين الشركاء طبقاً للقواعد العامة في القانون المدني استناداً
إلى أنه لم يتخلف عن البطلان في هذه الحالة شركة فعلية إذ لم يثبت أنها باشرت نشاطها
منذ تكوينها ورتب على ذلك إعادة الشركاء إلى الحالة التي كانوا عليها قبل هذا العقد
ورد الشقة مقر الشركة إلى المطعون ضده الأول باعتبارها الحصة التي كان قدمها في رأس
مالها في حين أن بطلان عقد الشركة لعدم شهره ونشره هو من قبيل حل الشركة قبل أن يحين
ميعاد انقضائها ولذلك فليس له طبقاً لأحكام القانون التجارة من أثر فيما بين الشركاء
إلا من وقت القضاء به بما يترتب عليه أن يظل عقد الشركة رغم بطلانه منظماً لحقوق الشركاء
باعتبار الشركة في هذه الحالة منذ تكوينها إلى الحكم ببطلان عقدها – شركة فعلية حتى
ولو لم تباشر نشاطها. ولما كان الثابت بعقد الشركة أن حصة المطعون ضده الأول في رأس
مالها هي حصة نقدية قدرها ألفي جنيه قيمة الشقة التي تنازل عنها بما تحتويه من أثاث
وتليفون وكانت هذه الحصة بمجرد تقديمها قد أصبحت مالاً مشتركاً للشركاء يتقاسمونه عند
التصفية ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قرر بأن حصة المطعون ضده الأول في رأس مال
الشركة هي الشقة محل النزاع – وجعل لبطلان عقد الشركة لعدم شهره ونشره أثراً رجعياً
واشترط للأخذ بفكرة الشركة الفعلية في هذه الحالة أن تكون قد باشرت نشاطاً فإنه يكون
قد خالف القانون وأخطأ في فهم الواقع.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان المشرع بعد أن تناول في المواد 48، 49، 50
من قانون التجارة بيان إجراءات شهر ونشر عقد شركة التضامن أو شركة التوصية وقرر في
المادة 51 من ذات القانون جزاء البطلان على عدم استيفاء هذه الإجراءات نص في المادة
54 على أنه "إذا حكم بالبطلان يتبع في تسوية حقوق الشركاء في الأعمال التي حصلت قبل
طلبه نص المشارطة التي حكم ببطلانها". وكان مؤدى ذلك أن المشرع – حينما اعتبر الشركة
الباطلة لعدم شهر ونشر عقدها قائمة فعلاً فيما بين الشركاء في الفترة من تكوينها إلى
طلب البطلان قد اشترط أن تكون هذه الشركة قد باشرت بعض أعمالها فعلاً بأن اكتسبت حقوقاً
والتزمت بتعهدات وذلك حتى يمكن القول بوجود كيان لها من الواقع ليصل الشركاء من ذلك
إلى تصفية العلميات المشتركة فلا ينفرد بنتائجها من ربح أو خسارة أحدهم دون الباقين.
وهو الأمر الذي أريد تفاديه بالالتجاء إلى فكرة الشركة الفعلية أما إذا كانت الشركة
لم يبدأ في تنفيذها قبل أن يحكم ببطلانها لعدم اتخاذ إجراءات شهر ونشر عقدها ولم تكن
قد زاولت أي عمل من أعمالها فإنه لا يكون قد توافر لها كيان في الواقع في الفترة السابقة
لطلب البطلان ولا يمكن بداهة اعتبارها شركة فعلية وتكون العلة من عدم تطبيق الأثر الرجعي
للبطلان منتفية في هذه الحالة. لما كان ذلك وكان الثابت من تقرير المصفي المودع بملف
الطعن أن الشركة محل النزاع لم تباشر نشاطها الذي تكونت من أجله وكان استهلاك بعض رأس
مالها في تأثيث مقرها وسداد أجرته لا يعني أنها باشرت نشاطها ومن ثم فلم يتخلف عن بطلان
عقدها لعدم شهره ونشره – شركة فعلية – ولذلك يكون لهذا البطلان أثر رجعي فيما بين الشركاء
فيعود هؤلاء إلى الحالة التي كانوا عليها قبل التعاقد ويسترد كل منهم حصته التي قدمها
سواء كانت نقداً أو عيناً ولما كان الثابت بصورة عقد الشركة المرفق أن حصة المطعون
ضده الأول في رأس مال الشركة كانت الشقة التي تنازل عنها لتكون مقراً لها. وكان تقييمها
بالنقود في هذا العقد لا يغير من طبيعتها وأنها كانت عينية ومن ثم فإن الحكم المطعون
فيه إذ قضى بأحقيته لها لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في فهم الواقع ويكون النعي
عليه بما ورد بسببي الطعن على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان
ذلك يقولون أنه لما كانت طلبات المطعون ضده الأول قد تحددت في الدعوى رقم 296 لسنة
1979 تجاري كلي جنوب القاهرة في طلب إلغاء الأمر الولائي الصادر بتاريخ 10/ 5/ 1979
ببيع الشقة مقر الشركة مع ما يترتب على ذلك من آثار. وكان الحكم المطعون فيه بعد أن
أجابه إلى هذا الطلب قضى له عمداً وعن إدراك بأحقيته لهذه الشقة فإنه يكون قد قضى له
بشيء لم يطلبه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه لما كان المطعون ضده الأول حينما طلب في الدعوى
رقم 296 لسنة 1979 تجاري كلي جنوب القاهرة إلغاء الأمر الولائي الصادر بتاريخ 10/ 5/
1979 ببيع الشقة مقر الشركة قد استند في ذلك إلى حقه في استردادها كأثر من آثار الحكم
له من قبل ببطلان عقد الشركة لعدم شهره ونشره ومن ثم فإن مسألة أحقيته لتلك الشقة تعتبر
في هذه الحالة داخلة ضمناً في طلبه إلغاء الأمر ببيعها وإذ عرض الحكم المطعون فيه لها
وقضى بها بصفة صريحة في منطوقه فإنه لا يكون قد خرج عن نطاق الطلبات المعروضة عليه
في الدعوى ويضحي النعي عليه بأنه قضى بما لم يطلبه الخصوم على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
