الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 29 سنة 19 ق – جلسة 31 /05 /1951 

أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الثالث – السنة 2 – صـ 905

جلسة 31 من مايو سنة 1951

القضية رقم 29 سنة 19 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد المعطي خيال بك وعبد الحميد وشاحي بك وسليمان ثابت بك ومصطفى فاضل بك المستشارين.
إثبات. شفعة. دعوى بطلب أخذ الحصة المبيعة في منزل تأسيساً على أن طالب الشفعة شريك على الشيوع في المنزل المجاور للمنزل المبيعة منه المشفوع فيها. دفع المشفوع منه الدعوى الحصة بأن طالب الشفعة لا يجاور بملكه العقار المبيع لأنه هو وباقي الورثة قد اقتسموا المنزل المذكور بمقتضى عقد قسمة عرفي وبه اختص بنصيب مفرز لا يجاور العقد المبيع. استناد المشفوع منه إلى صورة من عقد قسمة هذا المنزل موقعة من الخبير الذي أجرى القسمة. حكم. تسبيبه. عدم اعتداده بهذه الصورة. إقامته لا على أنه يجب على المشفوع منه لإثبات حصول القسمة أن يقدم صورة من عقد القسمة موقعة من المتقاسمين وإنما على أن المحكمة قدرت في حدود سلطتها الموضوعية أنه لا يمكن التعويل عليها. النعي على الحكم الخطأ في تطبيق القانون. على غير أساس.
حكم. تسبيبه. إثبات. شفعة. تقديم المشفوع منه إلى الخبير أوراقاً للاستدلال بها على حصول قسمة العقار المشفوع به واختصاص طالب الشفعة بحصة منه لا تجاور العقار المشفوع فيه. تقديم طالب الشفعة أوراقاً للاستدلال بها على عدم حصول القسمة. مقابلة الخبير بين الأوراق المقدمة من الطرفين وانتهاؤه في تقريره إلى أن المستندات المقدمة من المشفوع منه تنفيها مستندات طالب الشفعة. إقرار الحكم المطعون فيه الخبير على ما ذهب إليه في تقريره للأسباب المبينة فيه. النعي عليه القصور في التسبيب استناداً إلى أنه أغفل مستندات المشفوع منه. غير صحيح. إذا كان الحكم لم يعول على هذه المستندات فذلك لأنه لم ير فيها ما يثبت حصول القسمة.
(المادة 103 من قانون المرافعات – القديم).
إثبات. شفعة. شيوع. لكل من الشركاء على الشيوع حق تأجير المال الشائع كله أو بعضه من غير أن يعتبر ذلك دليلاً على حصول قسمة هذا المال. تمسك المشفوع منه في مقام الاستدلال على حصول قسمة العقار المشفوع به بأن طالب الشفعة عرض على مجلس المديرية تأجير قسم مفرز معادل لنصيبه في هذا المنزل غير مجاور للمنزل المشفوع فيه واستناده إلى ما ورد بمحضر انتقال المحكمة إلى هذا المجلس. الثابت من محضر انتقال المحكمة أنه وإن كان المنزل الذي عرض طالب الشفعة تأجيره على المجلس معادل لنصيبه في العقار المشفوع به إلا أنه لا يوجد في الأوراق ما يفيد وجود حدود له ولا حصول قسمة بين الورثة. حكم. تسبيبه. تقريره أنه لا يمكن من الاطلاع على محضر الانتقال معرفة ما إذا كان المبنى الذي عرضه طالب الشفعة على المجلس هو كل المبنى المجاور للمنزل المشفوع فيه أو جزء منه فقط. النعي عليه القصور في التسبيب استناداً إلى أنه مسخ محضر الانتقال فيما استنتجه منه. غير منتج متى كان طلب التأجير خالياً من بيان حدود العقار المراد تأجيره أو ما يفيد حصول قسمة المنزل.
(المادة 103 من قانون المرافعات – القديم).
شفعه. شيوع. حالة الشيوع بين الشركاء لا تنتهي إلا باتجاه إرادتهم جميعاً إلى قسمة المال قسمة نهائية. حكم. تسبيبه. تقريره عدم حصول قسمة في العقار المشفوع به. إقامته على ما حصلته المحكمة تحصيلاً سائغاً من أن الأعمال المادية التي أثبتها خبير الدعوى – استحداث مبان بالمنزل – غير قاطعة في إفادة هذا المعنى. اقتناع المحكمة بأن ما ورد في تقرير الخبير وأوراق الدعوى يكفي لتكوين عقيدتها دون حاجة إلى الاستعانة برأي خبير أخر. النعي على الحكم القصور في التسبيب استناداً إلى أنه لم يرد على المطاعن التي ووجهها الطاعن إلى الخبير وإلى أعماله ولأنه مسخ محضر مناقشة الخبير. في غير محله.
(المادة 103 من قانون المرافعات – القديم).
1 – متى كان الواقع هو أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى على الطاعن وباقي المطعون عليهم بطلب أخذ الحصة المبيعة إلى الطاعن في المنزل موضوع النزاع على اعتبار أنه شريك على الشيوع في المنزل المجاور للمنزل المبيعة منه الحصة المشفوع فيها فدفع الطاعن الدعوى بأن طالب الشفعة لا يجاور بملكه العقار المبيع ذلك أنه هو وباقي الورثة قد اقتمسوا المنزل المذكور بمقتضى عقد قسمة عرفي وبه اختص بنصيب مفرز لا يجاور العقار المبيع واستند إلى صورة من عقد قسمة هذا المنزل موقعة من الخبير الذي أجرى القسمة، وكان الحكم المطعون فيه إذ لم يعتد بهذه الصورة لم يصدر عن فهم خاطئ للقانون من أنه يجب على الطاعن لإثبات حصول القسمة أن يقدم صورة من عقد القسمة موقعة من المتقاسمين وإنما أهدرتها المحكمة لأنها قدرت في حدود سلطتها الموضوعية أنه لا يمكن التعويل عليها لأن الخبير الذي أعدها ووقعها قد وقع إقراراً قدمه إليها المطعون عليه الأول جاء فيه أن عقد القسمة المذكور لا يعدو كونه مجرد مشروع لقسمة المنزل لم يقبله الورثة فبقي المنزل شائعاً بينهم وفي وضع يدهم جميعاً ونظراً لوجود هذا التناقض الواضح بين تقريرات الخبير قررت المحكمة وجوب إطراح دلالة هذه التقريرات جميعاً وهذا من حقها ومن ثم فإن النعي على الحكم الخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس.
2 – متى كان الثابت بمحضر أعمال خبير الدعوى أن الطاعن – المشفوع منه – قدم أوراقاً للاستدلال بها على حصول قسمة العقار المشفوع به واختصاص طالب الشفعة – المطعون عليه الأول – بحصة فيه لا تجاور العقار المشفوع فيه كذلك قدم هذا الأخير أوراقاً للاستدلال بها على عدم حصول هذه القسمة، وقد قابل الخبير بين الأوراق المقدمة من الطرفين وانتهى في تقريره إلى أن المستندات المقدمة من الطاعن تنفيها مستندات المطعون عليه الأول، وكان الحكم المطعون فيه قد أقر الخبير على ما ذهب إليه في تقريره للأسباب المبينة فيه، فإن النعي عليه القصور في التسبيب استناداً إلى أنه أغفل مستندات الطاعن يكون غير صحيح، وهو إذا كان لم يعول عليها فلذلك لأنه لم ير فيها ما يثبت حصول القسمة.
3 – لكل من الشركاء على الشيوع حق تأجير المال الشائع كله أو بعضه من غير أن يعتبر ذلك دليلاً على حصول قسمة هذا المال، وإذن فمتى كان الطاعن في مقام الاستدلال على حصول قسمة العقار المشفوع به قد تمسك بأن المطعون عليه الأول قد عرض على مجلس المديرية تأجير قسم مفرز معادل لنصيبه في هذا المنزل غير مجاور للمنزل المشفوع فيه واستدل على ذلك بما ورد بمحضر انتقال المحكمة إلى هذا المجلس، وكان الثابت من هذا المحضر أنه وإن كان المنزل الذي عرض المطعون عليه تأجيره على المجلس معادلاً لنصيبه في العقار المشفوع به إلا أنه لا يوجد في الأوراق ما يفيد وجود حدود له ولا حصول قسمة بين الورثة، وكان الحكم المطعون فيه قد قرر أنه لا يمكن من الاطلاع على محضر الانتقال معرفة ما إذا كان المبنى الذي عرضه المطعون عليه الأول على المجلس هو كل المبنى المجاور للمنزل المشفوع فيه أو جزء منه فقط، فإن النعي عليه القصور في التسبيب استناداً إلى أنه مسخ محضر الانتقال فيما استنتجه منه يكون على غير أساس متى كان طلب التأجير خالياً من بيان حدود العقار المراد تأجيره أو ما يفيد حصول قسمة المنزل.
4 – حالة الشيوع بين الشركاء لا تنتهي إلا باتجاه إرادتهم جميعاً إلى قسمة المال قسمة نهائية، وإذن فمتى كان الحكم المطعون فيه إذ قرر عدم حصول قسمة في العقار المشفوع به قد أقام قضاءه على ما حصلته المحكمة تحصيلاً سائغاً من أن الأعمال المادية التي أثبتها خبير الدعوى – استحداث مباني بالمنزل – غير قاطعة في إفادة هذا المعنى ووجدت في تقرير الخبير وأوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها دون حاجة إلى الاستعانة برأي خبير آخر فإن النعي على الحكم القصور في التسبيب استناداً إلى أنه لم يرد على المطاعن التي ووجهها الطاعن إلى الخبير وإلى أعماله ولأنه مسخ محضر مناقشة الخبير. هذا النعي يكون في غير محله.


الوقائع

في يوم 13 من مارس سنة 1951 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر في 20 من يناير سنة 1949 في الاستئنافين رقمي 131 سنة 57 ق و262 سنة 62 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليه الأول بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وفي 13 و14 من مارس سنة 1951 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن. وفي 2 من إبريل سنة 1951 أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته. وفي 11 منه أودع المطعون عليه الأول مذكرة بدفاعه مشفوعة بمستنداته طلب فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة ولم تقدم المطعون عليهن الثلاث الأخيرات دفاعاً. وفي 27 من ديسمبر سنة 1950 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات ومصادرة الكفالة.
وفي 3 من مايو سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة… إلخ.


المحكمة

… من حيث إن واقعة الدعوى، على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن، تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام في يوليه سنة 1936 على الطاعن وباقي المطعون عليهم الدعوى رقم 260 سنة 1936 كلي شبين الكوم يطلب أخذ الحصة المبيعة في المنزل المبين الحدود والمعالم بعريضة الدعوى بالشفعة، على اعتبار أنه شريك على الشيوع في المنزل المجاور من الجهة الغربية للمنزل المبيعة منه الحصة المشفوعة فيها، مقرراً أنه في اليوم الذي علم فيه بالبيع، أنذر الطاعن (المشتري) والبائعات برغبته في الشفعة. ودفع الطاعن الدعوى بدفعين، الأول هو أن طالب الشفعة لا يجاور بملكه العقار المبيع، ذلك بأنه هو وباقي ورثة المرحوم محمد باشا عزت أبو مصطفى قد اقتسموا المنزل المذكور بعقد قسمة عرفي مؤرخ في 3/ 9/ 1930 وبه اختص بنصيب مفرز لا يجاور العقار المبيع، والثاني هو أن طالب الشفعة قد علم بالبيع وسكت عن المطالبة بالشفعة ما يزيد على سنة، وبذلك يكون حقه فيها على فرض التسليم بوجوده قد سقط بعدم استعماله في ظرف 15 يوماً من تاريخ العلم بالبيع، وفي 13 من ديسمبر سنة 1937 قضت المحكمة بأن الدفع بعدم الجوار في غير محله، وإحالة الدعوى في خصوص الدفع الثاني، إلى التحقيق ليثبت الطاعن أن المطعون عليه الأول علم بالبيع على أثر وقوعه ولم يظهر رغبته في الأخذ بالشفعة في الميعاد القانوني، وصرحت للمطعون عليه الأول بالنفي. وفي 20 نوفمبر سنة 1939 قضت برفض دعوى الشفيع على أساس أن الشفيع لم يظهر رغبته في الشفعة في ظرف 15 يوماً من تاريخ علمه بالبيع. فاستأنف الشفيع هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصر طالباً إلغاءه. وقيد استئنافه برقم 131 سنة 57 ق. وفي 30 من أكتوبر سنة 1940 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبأحقية المستأنف في أن يأخذ بالشفعة الحصة المبيعة. فطعن المشتري في هذا الحكم بطريق النقض. وقيد طعنه برقم 34 سنة 11 ق. وفي 29 من يناير سنة 1942 قضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه على أساس أن مما ينعاه الطاعن على الحكم المذكور القصور في التسبيب ذلك بأن طلب إلى المحكمة تحقيق حصول قسمة المنزل المشفوع به على الطبيعة فلم تجبه إلى طلبه بقولها أنها لا ترى ما يدعو إلى اتخاذ ما يطلبه المستأنف ضده من إجراءات يزعم أنها تؤدي إلى تحقيق أمر حصول القسمة، فقد أجابت محكمة أول درجة ما طلبه من الانتقال إلى مجلس المديرية، ولم يثبت من الانتقال شيء مما ادعاه، وكل الأوراق التي قدمها لا تؤدي إلى إثبات القسمة، وإن صحت دلالتها على شيء مما يدعيه فلا أكثر من تفكير فيها. ثم قالت المحكمة العليا (ومن حيث إنه لما كانت محكمة الموضوع لم يتوافر لها من الأوراق الخاصة بالقسمة ومن محضر الانتقال الاقتناع بخروج المطعون ضده من الشيوع فقد كان لزاماً عليها أن تعرض للطلب الخاص بالتحقيق على الطبيعة وتقول كلمتها فيه ما دام الطاعن قد اتخذ من طريق المعاينة وسيلة لإثبات دعواه في حالة عدم اقتناع المحكمة بكفاية ما قدم من أسانيد وما دام لم يكن فيما عرضت له من البحث ما يفيد الرد صراحة أو ضمناً على هذا الطلب لاستقلاله عنه ولدلالته المادية الخاصة وأثره لو صح في مصير الدعوى، ولا يكفي للرد على ما طلبه الطاعن قول الحكم أنه لم يقدم عقد القسمة أو صورة رسمية منه لأن الطاعن لم يكن طرفاً في هذا العقد حتى يكون ملزماً بتقديمه). وقد عجلت الدعوى أمام محكمة استئناف القاهرة لجلسة 14 فبراير سنة 1944. وبجلسة 27/ 12/ 1944 اعتبرت المحكمة مذكرة الطاعن المقدمة إليها بخصوص الدفع بعدم الجوار استئنافاً فرعياً برقم 263 سنة 62 ق. وقضت بندب الخبير إسماعيل أفندي عبد الرازق لينتقل إلى حيث يوجد المنزلان، المنزل المشفوع فيه والمنزل المشفوع به الذي يجاوره وهو منزل ورثة عزت باشا مصطفى، ويعاينهما ويبين من واقع ما يراه على الطبيعة ما إذا كان المنزل الثاني قد تمت قسمته بين ملاكه على نحو انفرز به قسم خاص لطالب الشفعة أم لا، وإذا كان قد تم هذا الفرز والتجنيب مهل القسم الذي اختص به طالب الشفعة مجاور للعين المشفوع فيها أم لا، فأدى الخبير مأموريته وقدم تقريره. وبجلسة 10 من فبراير سنة 1947 ناقشته المحكمة فيه. وبجلسة 18 من مارس سنة 1947 أعادت المحكمة إلى الخبير المأمورية ليستكمل بحث بعض نواحي الموضوع. وفي 20 من يناير سنة 1949 قضت محكمة في موضوع الاستئنافين بإلغاء الحكم المستأنف وبأحقية المستأنف في أن يأخذ بالشفعة ثلاثة أسباع المنزل المبين الحدود والمعالم بعريضة الدعوى مقابل دفع ثمنه وقدره 450 جنيهاً، فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على ثمانية أسباب، حاصل السبب الأول منها خطأ الحكم في تطبيق القانون على واقعة الدعوى إذ لم يلتزم قواعد الإثبات، وإذ خرج على ما قضت به محكمة النقض في حكمها السابق، ذلك أن الطاعن قدم إلى محكمة الموضوع للاستدلال على حصول قسمة منزل المرحوم محمد باشا عزت أبو مصطفى واختصاص طالب الشفعة بحصته منه منفصلة تمام الانفصال عن المنزل المشفوع فيه صورة من عقد قسمة المنزل المذكور موقعة من الخبير محمود أفندي فهمي حسن الذي أجرى القسمة، ولكن المحكمة أهدرتها ولم تأخذ بها، كما أهدرت غيرها من الأوراق التي قدمها الطاعن إليها، على أساس أن الصورة المذكورة غير موقعة من المتقاسمين مع أن الطاعن أجنبي عن عقد القسمة ومن ثم فإن له إثباته بكافة طرق الإثبات، وهو ما أشار إليه حكم النقض الأول وهو بسبيل تعييب الحكم المطعون فيه بقوله. (إن الطاعن لم يكن طرفاً في عقد القسمة حتى يكون ملزماً بتقديمه).
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن المحكمة إذ لم تعتد بصورة عقد القسمة الموقعة من الخبير لم تصدر عن فهم خاطئ للقانون من أنه يجب على الطاعن لإثبات حصول القسمة أن يقدم صورة من عقد القسمة موقعة من المتقاسمين، وإنما أهدرتها لأنها قدرت في حدود سلطتها الموضوعية أنه لا يمكن التعويل عليها لأن الخبير الذي أعدها ووقعها قد وقع إقراراً قدمه إليها المطعون عليه الأول جاء فيه أن عقد القسمة المذكور لا يعدو كونه مجرد مشروع لقسمة المنزل لم يقبله الورثة، فبقى المنزل شائعاً بينهم وفي وضع يدهم جميعاً. ونظراً لوجود هذا التناقض الواضح بين تقريرات هذا الخبير قررت المحكمة وجوب إطراح دلالة هذه التقريرات جميعاً. وهذا من حقها. ومن ثم فإنها لم تخطئ في فهم القانون، كما أنها لم تخرج عن مقتضى حكم النقض السابق.
ومن حيث إن حاصل الأسباب الثاني والثالث والرابع هو قصور الحكم في التسبيب إذ أهدر الأدلة الكتابية التي قدمها الطاعن لإثبات حصول قسمة منزل محمد عزت باشا أبو مصطفى، ومنها خطابان صادران من وكيل المطعون عليه الأول يصرح فيهما بتمام عملية القسمة وبأن عقودها كاملة، ومنها خطاب من أخي المطعون عليه الأول وأحد مقاسميه يؤيد فيه أقوال خبير القسمة من قيامه بها. ومنها عقد القسمة الموقع عليه من خبير القسمة، وذلك من غير أن يشير إلى هذه الأدلة أو يتحدث عنها أو يرد عليها – وإذ أغفل الرد على دفاع الطاعن فيما يتعلق بدلالة أوراق مجلس المديرية الخاصة بما عرض عليه المطعون الأول من تأجير قسم مفرز غير مجاور للمنزل المشفوع فيه – وإذ مسخ مضمون محضر انتقال المحكمة الابتدائية إلى سراي مجلس مديرية المنوفية بتقريره أنه لا يمكن من الاطلاع عليه معرفة ما إذا كان المبنى الذي عرضه المطعون عليه الأول على مجلس المديرية هو كل المبنى المجاور للمنزل المشفوع فيه أو جزء منه فقط، مع أنه يكفي الاطلاع على هذا المحضر ليبين أن المبنى المعروض كان ست حجرات هي تماماً عدد حجرات النصيب الذي اختص به المطعون عليه الأول من منزل مورثه.
ومن حيث إن هذه الأسباب جميعاً مردودة أولاً بما جاء بمحضر أعمال خبير الدعوى وتقريره الذي اعتمده الحكم المطعون فيه فقد أورد بمحضر أعماله رقم 2 عن جلسة يوم السبت 3 من فبراير سنة 1945 أن الطاعن قدم إليه المستندات الآتية: – صورة من عقد قسمة منزل محمد عزت باشا أبو مصطفى بإمضاء المهندس الخبير محمود أفندي فهمي حسن وصورة فوتوغرافية من خطاب من أخي المطعون عليه الأول إلى الخبير المذكور مؤرخ في 17/ 6/ 1930 يطلب به إليه إجراء قسمة المنزل المذكور و(3، 4) صورتين فوتوغرافيتين لوصلين موقع عليهما من أمين أفندي محمود المقول بأنه وكيل المطعون عليه الأول يقر في أولهما بتسلمه ثلاث نسخ من عقد قسمة المنزل، ويقر في ثانيهما بتسلمه عقد الاتفاق المحرر ما بين مصطفى أفندي عزت والخبير المذكور بشأن أتعابه المتفق عليها عن إجرائه عملية القسمة. كذلك قدم الطاعن إلى خبير الدعوى صورة رسمية من محضر انتقال محكمة شبين الكوم الابتدائية في 12/ 6/ 1937 إلى سراي مجلس مديرية المنوفية في القضية المدنية الكلية رقم 260 سنة 1936 يتضمن اطلاع المحكمة على أوراق تفيد أن المطعون عليه الأول قدم طلباً في 12/ 6/ 1934 إلى مفتش المعارف يعرض به منزله لجعله مدرسة مع استعداده لعمل ما يلزم لإعداده لهاذ الغرض، وأنه قد عدل عن التأجير ولا يوجد ضمن الأوراق ما يفيد وجود حدود للمنزل المعروض ولا حصول قسمة بين الورثة. أما المطعون عليه الأول فقد قدم إلى خبير الدعوى إقراراً من الخبير محمود أفندي فهمي حسن مؤرخاً في 27/ 2/ 1942 يفيد أن عقد القسمة الذي أعده هذا الأخير كان مشروعاً لم يتم، وأن المنزل ما زال مشاعاً بين الورثة حتى تاريخ تحرير الإقرار. وقدم إليه كذلك شهادة رسمية مستخرجة من دفتر وارد مجلس مديرية المنوفية تفيد أن خطاباً ورد إلى المجلس في 20/ 8/ 1934 من طه أفندي عزت شقيق المطعون عليه الأول بلغت به نظر المجلس إلى عدم الموافقة على تأجير منزلهم بمليج. وقد قابل الخبير بين هذه الأوراق وانتهى في تقريره المؤرخ في 25/ 9/ 1945 إلى أن المستندات المقدمة من الطاعن للاستدلال بها على حصول قسمة منزل محمد عوت باشا أبو مصطفى تنفيها مستندات المطعون عليه الأول. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقر الخبير على ما ذهب إليه في تقريره الأول وملحق تقريره للأسباب المبينة فيهما فإنه لا يصح أن يعاب عليه أنه أغفل مستندات الطاعن وإذا لم كان لم يعدل عليها فذلك لأنه لم ير فيها ما يثبت ادعاء حصول القسمة يؤكد ذلك ما جاء في ذات الحكم من أن "دلالة هذه الأوراق التي قدمها المستأنف عليه (الطاعن) والتي يقول عنها أنها تقطع في حصول القسمة وأهمها صورة من عقد القسمة التي يقول إلى الخبير محمود فهمي حسن قد أجراها بين ورثة عزت باشا مصطفى ومن بينهم المستأنف (المطعون عليه الأول) عن المنزل المشفوع به، ثم الأوراق الخاصة بطلب التأجير المقدم لمجلس مديرية المنوفية والذي يقول عنه المستأنف عليه أنه خاص بالجزء الذي اختص به المستأنف في القسمة، فترى هذه المحكمة أن صورة عقد القسمة. المقدم وهو الخالي من أي توقيع عليه من المتقاسمين لا ينهض دليلاً على حصول القسمة بالفعل – وما قيل من أنها قد تمت بالفعل ارتكاناً على خطاب الخبير الذي أجراها للخبير المنتدب من هذه المحكمة لا تأخذ به هذه المحكمة نظراً للتناقض الواضح بين ما يقرره الخبير المذكور في خطابه هذا وما قرره في خطاباته اللاحقة، الأمر الذي يجب معه طرح دلالة هذه الخطابات جميعها – وبالنسبة إلى طلب التأجير المقدم من المستأنف لمجلس المديرية فقد استجابت محكمة أول درجة للمستأنف عليه في تحقيق هذا الدليل وثبت لها بحق من محضر انتقالها في 12/ 6/ 1937 أن الطلب المذكور قد خلا من أي حدود للمنزل المراد تأجيره بحيث لا يمكن معرفة ما إذا كان الغرض خاصاً بالمنزل جميعه أم بجزء منه. وتستخلص المحكمة مما تقدم أن هذه الأوراق التي يقول المستأنف عليه أنها تقطع في حصول قسمة منزل ورقة عزت باشا مصطفى لا تؤدي إلى هذه النتيجة التي يقول بها" – وهي مردودة ثانياً بأنه وإن كان يبين من محضر انتقال محكمة شبين الكوم الابتدائية إلى سراي مديرية المنوفية في 12/ 6/ 1937 أن المنزل الذي عرض المطعون عليه الأول على مجلس المديرية تأجيره مدرسة يشمل ست حجرات فقط، إلا أنه يبين منه كذلك أنه (لا يوجد في الأوراق ما يفيد وجود حدود للمنزل ولا حصول قسمة بين الورثة). ومن ثم فإن الحكم لا يكون قد مسخ محضر الانتقال المذكور فيما استنتجه منه متى كان طلب التأجير خالياً من بيان حدود العقار المراد تأجيره أو ما يفيد حصول قسمة المنزل وكان لكل من الشركاء على الشيوع حق تأجير المال الشائع كله أو بعضه، من غير أن يعتبر ذلك دليلاً على حصول قسمة هذا المال.
ومن حيث إن حاصل السببين الخامس والسابع هو قصور الحكم في التسبيب إذ لم يرد على المطاعن التي وجهها الطاعن إلى الخبير وإلى أعماله، وإذ مسخ محضر مناقشة الخبير بجلسة 10 من فبراير سنة 1947، ذلك أن الطاعن طعن في الخبير بأنه ليس مختصاً بالمباني إذ هو خبير زراعي، وطعن في أعماله بأن أطرح الدلائل المادية على حصول القسمة وتنفيذها سواء ما تعلق منها بإنشاء البوابة البحرية للدخول إلى القسم الذي اختص به المطعون عليه الأول أو بإقامة سور لعزل هذا القسم عن باقي الأقسام أو بإنشاء طريق عازل في أرض المبنى الأصلي ولم تتعرض المحكمة لهذه المطاعن العامة. ويعيب الطاعن على الحكم كذلك تشويهه دلالة محضر مناقشة الخبير وقوله عنه أنه تبين من المناقشة حقيقة ما أوضحه الخبير في تقريره الأول، مع أن هذا المحضر يدل على عجز الخبير ومحاباته للمطعون عليه الأول.
ومن حيث إن هذين السببين مردودان أولاً بما جاء بتقرير الخبير الذي اعتمده الحكم المطعون فيه من أن (المباني التي استحدثت في المنزل… لا تخرجه عن الحالة التي أقيم عليها ولم تقسمه إلى ثلاثة أقسام مستقلة عن بعضها بل لا يزال المنزل متصل الأجزاء على الوضع الذي قصد به عند إنشائه على مقتضى العرف السائد وقتها بين العائلات الكبرى بأن يكون بيت الحريم في عزلة عن باقي المنزل، يليه قسم وسط للطوارئ، وقسم ثالث مجنب للرجال فقط، وهو ما يسمى بالسلاملك. وهذه الأقسام الثلاثة هي المكونة للمنزل عند إنشائه. وما يزال الاتصال بينهما قائماً على هذا الوضع حتى الآن). وما جاء بنتيجة من أن (المباني التي أقيمت في المنزل المجاور ليست قاطعة في الدلالة على حصول قسمة بين الورثة) – وبحسب الحكم هذا، ذلك أن حالة الشيوع بين الشركاء لا تنتهي إلا باتجاه إرادتهم جميعاً إلى قسمة المال قسمة نهائية. وما دامت المحكمة قد حصلت تحصيلاً سائغاً أن الأعمال المادية التي أثبتها خبير الدعوى غير قاطعة في إفادة هذا المعنى ووجدت في تقريري الخبير وأوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها دون حاجة إلى الاستعانة برأي خبير آخر، فإن النعي عليها في هذا الخصوص يكون في غير محله – ومردودان ثانياً بأن المحكمة لم تمسخ ما ثبت بمحضر جلسة مناقشة الخبير إذ يبين من الاطلاع على هذا المحضر أن ما ثبت به قد وكد ما جاء بتقرير الخبير، وهو ما قرره الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن حاصل السبب السادس هو بطلان الحكم لأن المحكمة وقد اقتنعت بأن تعيين إسماعيل أفندي عبد الرازق خبيراً في الدعوى لم يكن موفقاً، قررت الانتقال إلى محل النزاع، ولكن هذا القرار الذي نطق به في جلسة علنية لم يدون بمحضر الجلسة واستبدل به قرار آخر. وهذا الإجراء يعيب الحكم ويبطله.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأنه لا يبين من الاطلاع على محاضر الجلسات المقدمة منها صور رسمية إلى هذه المحكمة أن قراراً صدر من المحكمة على الصورة التي يدعيها الطاعن، ومن ثم يكون هذا السبب عارياً عن الدليل ويتعين رفضه.
ومن حيث إن حاصل السبب الثامن هو قصور الحكم في التسبيب ومخالفته الثابت في الأوراق الرسمية وذلك فيما يتعلق بإثبات علم الشفيع بالبيع وعدم استعماله حقه في الشفعة في ظرف 15 يوماً من تاريخ هذا العلم، ذلك أن الحكم استند في قضائه إلى مجرد ترجيح شهادة شهود المطعون عليه الأول وإلى أنه لا يرى في الأوراق الرسمية التي تؤيد شهادة شهود الطاعن ما رأته فيها محكمة أول درجة.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن المحكمة ناقشت شهادة كل شاهد من شهود الطاعن وبينت سبب عدم اطمئنانها إليها، وخلصت من ذلك إلى ترجيح شهادة المطعون عليه الأول، وقضاؤها في هذا الخصوص مما لا يخضع لرقابة هذه المحكمة – كذلك استبعدت المحكمة القرائن التي يستمدها الطاعن من الأوراق الرسمية التي قدمها على أساس أدلة استخلصتها استخلاصاً سائغاً من وقائع الدعوى المسلمة وهي في ذلك لم تخرج عن حدود سلطتها الموضوعية وما يثيره الطاعن في هذا السبب إنما هو جدل موضوعي لا شأن لمحكمة النقض به.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعين الرفض.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات