الطعن رقم 152 سنة 19 ق – جلسة 19 /04 /1951
أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الثالث – السنة 2 – صـ 744
جلسة 19 إبريل سنة 1951
القضية رقم 152 سنة 19 القضائية
برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وبحضور حضرات أصحاب العزة:
عبد العزيز محمد بك وعبد الحميد وشاحي بك ومحمد نجيب أحمد بك ومصطفى فاضل بك – المستشارين.
1 – إجارة. تعويض. حكم. قضاؤه بتعويض المستأجر بسبب ما حصل له من تعرض من الغير. إدماجه
مقابل ما فات المستأجر من منفعة الأرض المؤجرة ضمن عناصر التعوض. لا مخالفة في ذلك
للقانون.
2 – إجارة. تعويض. محكمة الموضوع. قصرها تعويض المستأجر عن فوات منفعته بالأرض المؤجرة
على الأجرة في المدة التي استمر فيها التعرض دون الأجرة المستحقة عن سني الإجارة كاملة.
لم تجاوز سلطتها الموضوعية في تقدير مدى الضرر.
3 – حكم. تسبيبه. قضاؤه بتعويض إجمالي للمضرور عن عدة أمور. لا يبطله متى كان قد ناقش
كل أمر منها على حدة وبين وجه أحقية المضرور فيه أو عدم أحقيته.
(المادة 103 من قانون المرافعات – القديم – ).
4 – حكم. تسبيبه. قضاؤه برفض طلب – المستأجر التعويض قبل المؤجر له. إيراده في أسبابه
ما يفيد أن التعرض إنما حصل للمستأجر من الغير وأن المؤجر لا شأن له فيه وأنه بمجرد
أن علم به عمل على منعه. في ذلك ما يكفي لتبرير قضائه. الطعن عليه بالقصور. على غير
أساس.
(المادة 103 من قانون المرافعات القديم).
5 – إجارة. تعويض. حكم. قضاؤه بالتعويض للمستأجر على أساس ما فاته من ربح وما لحقه
من خسارة بسبب التعرض مراعياً في تقديره مده التعرض وأثره. النعي عليه مخالفة المادة
151 من القانون المدني – القديم – غير صحيح.
(المادة 151 من القانون المدني – القديم – ).
1 – متى كان الحكم إذ قضى بتعويض الطاعنة قد أدمج مقابل ما فاتها من منفعة الأرض المؤجرة
لها من المطعون عليه الثاني بسبب ما حصل لها من التعرض ضمن عناصر التعويض المقضي به
على المطعون عليها الأولى التي ثبت حصول التعرض من تابعيها فإنه لا يكون قد خالف القانون.
2 – لا تثريب على محكمة الموضوع إن هي قصرت تعويض الطاعنة عن فوات منفعتها بالأرض المؤجرة
على الأجرة في المدة التي استمر فيها التعرض دون الأجرة المستحقة عن سني الإجارة كاملة
إذ هي لم تجاوز سلطتها الموضوعية في تقدير مدى الضرر.
3 – ليس مما يبطل الحكم قضاؤه بتعويض إجمالي عن عدة أمور متى كان قد ناقش كل أمر منها
على حدة وبين وجه أحقية الطاعنة فيه أو عدم أحقيتها.
4 – متى كان الحكم إذ قضى برفض طلب المستأجرة (الطاعنة) التعويض قبل المؤجر لها (المطعون
عليه الثاني) قد أورد في أسبابه ما يفيد أن التعرض إنما كان تعرضاً مادياً حصل لها
من تابعي المطعون عليه الأول وأن المؤجر لا شأن له فيه وأنه بمجرد أن علم بهذا التعرض
من المستأجرة عمل على منعه فإن في هذا ما يكفي لتبرير قضائه ومن ثم فإن الطعن عليه
بالقصور يكون على غير أساس.
5 – متى كان الحكم قد قضى بالتعويض للمستأجرة على أساس ما فاتها من ربح وما لحقها من
خسارة بسبب التعرض مراعياً في تقديره مدة التعرض وأثره فإن ما تنعاه عليه المستأجرة
من مخالفة المادة 151 من القانون المدني (القديم) يكون غير صحيح.
الوقائع
في يوم أول سبتمبر سنة 1949 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف
الإسكندرية الصادر في 14 من إبريل سنة 1949 في الاستئنافين رقمي 121 و300 سنة 4 ق وذلك
بتقرير طلبت فيه الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه
وإحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون
عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وفي 6 من سبتمبر سنة 1949 أعلن المطعون عليهما
بتقرير الطعن. وفي 20 منه أودعت الطاعنة أصل ورقة إعلان المطعون عليهما بالطعن وصورتين
مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتها. وفي
6 من أكتوبر سنة 1949 أودع المطعون عليهما مذكرة بدفاعهما طلبا فيها رفض الطعن وإلزام
الطاعنة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 20 منه أودعت الطاعنة مذكرة بالرد.
وفي 31 من يناير سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً
ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنة بالمصروفات. وفي 5 من إبريل سنة 1951 سمعت الدعوى على
ما هو مبين بمحضر الجلسة… إلخ.
المحكمة
… من حيث إن واقعة الدعوى حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر
أوراق الطعن تتحصل في أنه بمقتضى عقد إيجار مؤرخ في 14 من أكتوبر سنة 1944 استأجرت
الطاعنة من مجلس محلي أبي قير (المطعون عليه الثاني) قطعة أرض مساحتها 228.42 متراً
مربعاً لمدة سنة تبدأ من 1/ 4/ 1944 وتنتهي في آخر مارس سنة 1945 بإيجار مقداره 22
جنيهاً و900 مليم لإقامة أكشاك خشبية عليها ونص في العقد على أنه يتجدد سنة بعد أخرى
ما لم يخبر أحد الطرفين الآخر بعدم رغبته في تجديده، وفي 25/ 4/ 1946 استصدرت الطاعنة
ترخيصاً من قسم البلديات والمجالس المحلية في إقامة كشكين خشبيين على الأرض ولما شرعت
في إقامتهما تعرض لها رجال خفر السواحل ومنعوا عمالها من العمل فشكت إلى مجلس محلي
أبي قير فرد عليها بكتاب في 19/ 5/ 1946 يتضمن أن قسم السواحل أخبره بكتابة المؤرخ
في 18/ 5/ 1946 بأنه لا يمانع في السماح لها بإقامة الكشك الذي ترغب في إقامته على
أن تسترد المصلحة للأرض من المجلس عند انتهاء مدة العقد في 31/ 3/ 1947 وفي 14/ 7/
1946 أنذرت الطاعنة كلاً من المطعون عليهما بأن تحديد نهاية الإجارة بتاريخ 31 من مارس
سنة 1947 لا يمكنها من الاستغلال المنشود من استئجارها الأرض لإقامة أكشاك عليها وطلبت
إما إمهالها مدة كافية للانتفاع بها وإما أن يدفعا إليها تعويضاً قدرته بمبلغ 1600
جنيه وأعقبت ذلك بإقامة الدعوى رقم 6 سنة 1947 كلي عليهما في 31/ 10/ 1946 أمام محكمة
الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بإلزامهما بالتضامن بالمبلغ المذكور والمصروفات ومقابل
أتعاب المحاماة، وفي 29/ 10/ 1947 قضت محكمة الدرجة الأولى بإحالة الدعوى على التحقيق
ولم ينفذ الطرفان هذا الحكم ثم قضت في 2/ 2/ 1948 بإلزام المطعون عليهما متضامنين بأن
يدفعا إلى الطاعنة مبلغ 306 جنيهاً والمصروفات المناسبة ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة،
فاستأنف المطعون عليهما هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية وقيد استئنافهما برقم
121 سنة 4 ق كما رفعت الطاعنة عنه استئنافاً فرعياً طلبت فيه تعديل المبلغ المحكوم
لها به إلى 1680 جنيهاً. فقضت المحكمة المذكورة في 14 من إبريل سنة 1949 بقبول الاستئنافين
شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف وإلزام مصلحة خفر السواحل (المطعون عليها
الأولى) بأن تدفع إلى الطاعنة مبلغ سبعين جنيهاً والمصروفات المناسبة له عن الدرجتين
والمقاصة في أتعاب المحاماة وبرفض ما عدا ذلك مؤسسة قضاءها على أن الثابت من أقوال
الطرفين ومن تحقيقات البوليس في الشكوى المضمومة رقم 1167 إداري الرمل سنة 1946 أن
رجال خفر السواحل تعرضوا للطاعنة في انتفاعها بالأرض المؤجرة ومنعوها بلا مبرر من إقامة
كشكين من الخشب عليها وفقاً لشروط عقد الإيجار. ولم ينكر قائد منطقة السواحل ورجاله
وقوع هذا التعرض مما يستوجب تعويض الطاعنة "عما أصابها من ضرر من جراء تعطيل بناء الكشكين
وإيقاف عمل العمال في إقامتهما وخسارة أجورهم وإلقاء الأخشاب جانباً وما ضاع عليها
من ربح استغلال الكشكين ومقابل الانتفاع وهو أجرة الأرض" وأن هذا التعويض يجب أن يقدر
بقدره مع مراعاة أن مدة التعرض لم تدم أكثر من عشرين يوماً وتقدره المحكمة بمبلغ سبعين
جنيهاً عن الأضرار السابق بيانها ولا تقيم وزناً لما ادعته الطاعنة من أنه ضاع عليها
مبلغ ثلاثمائة جنيه بسبب فوات فرصة تأجير الكشكين في صيف ذلك العام ومبلغ مائتي جنيه
قيمة الأثاث الذي أحضرته لتأثيثهما لأنه كان في وسعها أن تقيم الكشكين في أواخر مايو
سنة 1946 بعد زوال التعرض وأن تنتفع بهما في موسم ذلك العام أما الأثاث فباق لصاحبته
هو والبضائع والمهمات التي استحضرتها لإقامة الكشكين فلا تراعي المحكمة إلا ما فاتها
من هذه المنفعة، كذلك لا تقيم وزناً لما ادعته الطاعنة من أنها كانت قد بدأت بإعداد
ما يلزم لإقامة الكشكين من بدء إجارتها إلى وقت التعرض وأنها تستحق التعويض عن ذلك
باسترداد ما دفعته من الأجرة عن مدة الإجارة كلها ذلك أن مدة الإجارة كانت قد انقضت
منها سنتان قبل التعرض ولم يثبت أن الطاعنة سعت في خلالهما لإعداد ما يلزم من أدوات
إقامة الكشكين أو أن أحد المطعون عليهما تعرض لها في هذه المدة وقد كان في وسعها إقامة
الكشكين بعد زوال التعرض لا سيما وأنه ثبت أن إعدادهما لا يستغرق سوى خمسة عشر يوماً
مما يتعين معه أن يكون تعويضها عن الأجرة التي ضاعت عليها هو عن مدة عشرين يوماً ولا
تزيد بأي حال على أجرة سنة واحدة ومقدارها 22 جنيهاً و900 مليم وهو ما راعته المحكمة
في تقديرها للتعويض بمبلغ سبعين جنيهاً.
ومن حيث إن أسباب الطعن تتحصل في أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وشابه القصور في
التسبيب، أما مخالفته القانون فمن وجهين (الأول) إذ قضى للطاعنة بالتعويض عما فاتها
من الربح عن مدة التعرض فقط التي حددها بعشرين يوماً ولم يقم وزناً للخسارة التي حاقت
بها بسبب هذا التعرض وبذلك يكون قد خالف المادة 151 من القانون المدني (القديم) التي
تنص على أن كل فعل نشأ عنه ضرر للغير يوجب ملزومية فاعله بتعويض الضرر فكان يجب على
المحكمة أن تقدر الضرر الناشئ عن فعل التعرض وألا تقصر التعويض على الضرر الحاصل مدة
قيام هذا الفعل دون اعتبار بآثاره والوجه الآخر – إذ أدمج الحكم مقدار الأجرة التي
استولى عليها المجلس المحلي بغير حق في سني الإجارة الثلاث ضمن عناصر التعويض ولم يقض
إلا بمقابل الأجرة عن المدة التي استمر فيها التعرض دون أن يقضي بإلزام المجلس المذكور
برد الأجرة عن سني الإيجار كاملة لفوات انتفاع الطاعنة بالأرض المؤجرة طوال مدة الإجارة
فخالف بذلك المادة 362 من القانون المدني (القديم) التي تنص على أن الأجرة هي مقابل
المنفعة.
ومن حيث إن هذا السبب بوجهيه مردود (أولاً) بأن الحكم المطعون فيه قضى بالتعويض للطاعنة
على أساس ما فاتها من ربح وما لحقها من خسارة بسبب التعرض مراعياً في تقديره مدة التعرض
وأثره ومن ثم يكون ما تنعاه عليه الطاعنة من مخالفة المادة 151 مدني (قديم) غير صحيح
ومردود (ثانياً) بأن الحكم لم يخالف القانون إذ أدمج مقابل ما فات الطاعنة من منفعة
الأرض المؤجرة لها بسبب ما حصل لها من التعرض ضمن عناصر التعويض المقضي به على المطعون
عليها الأولى التي ثبت حصول التعرض من تابعيها كما أن المحكمة إذ قصرت التعويض عن فوات
هذه المنفعة على الأجرة في المدة التي استمر فيها التعرض دون الأجرة المستحقة عن سني
الإجارة كاملة لم تجاوز سلطتها الموضوعية في تقدير مدى الضرر.
ومن حيث إن ما تعيبه الطاعنة على الحكم من قصور يتحصل في وجهين الأول أنه أغفل بحث
ما إذا كان التعرض الذي حصل للطاعنة في انتفاعها بالعين المؤجرة يلزم مجلس محلي أبي
قير برد الأجرة التي استولى عليها بغير حق ويشركه في تعويض الضرر بالتضامن مع المطعون
عليها الأولى أم لا (والثاني) أنه قدر مبلغ التعويض إجمالاً دون أن يبحث كل عنصر من
عناصر الضرر على حدة ويقدر لكل منها تعويضاً مستقلاً.
ومن حيث إن هذا السبب بوجهيه مردود أولاً بأن ما أورده الحكم في أسبابه يفيد أن التعرض
إنما حصل للطاعنة من رجال خفر السواحل وأن المجلس المحلي لا شأن له فيه وأنه بمجرد
أن علم به من الطاعنة عمل على منعه وفي هذا ما يكفي لتبرير قضائه برفض طلبات الطاعنة
قبله، ومردود ثانياً بأنه ليس مما يبطل الحكم قضاؤه بتعويض إجمالي عن عدة أمور متى
كان قد ناقش كل أمر منها على حدة وبين وجه أحقية الطاعنة فيه أو عدم أحقيتها كما هو
الحال في الدعوى.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ومن ثم يتعين رفضه.
