الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 181 سنة 17 ق – جلسة 08 /12 /1949 

أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
السنة الأولى – من 27 أكتوبر سنة 1949 لغاية 22 يونيو سنة 1950 – صـ 72

جلسة 8 من ديسمبر سنة 1949

برياسة حضرة صاحب العزة عبد العزيز محمد بك وحضور حضرات أصحاب العزة: محمد علي رشدي بك وعبد المعطي خيال بك وسليمان ثابت بك ومحمد نجيب أحمد بك المستشارين .


القضية رقم 181 سنة 17 القضائية

إجارة . العقد الحاصل بين مصلحة السكك الحديدية عن مقاصف ببعض محطاتها ليس عقد إيجار وارد على محال تجارية . لا ينتفع في خصومه بأحكام الأوامر العسكرية .
دعوى من المتعاقد مع المصلحة بأن له حق القرار في العين المتعاقد عنها عملاً بالأوامر العسكرية الخاصة بمستأجري المحال التجارية . رفضها على أساس أن العقد ليس عقد إيجار محل تجاري . عدم تكييف هذا العقد . لا يؤثر في سلامة الحكم .
إذا كان العقد الحاصل بين مصلحة السكك الحديدية وشخص عن مقاصف بعض محطاتها، وإن كان قد سمى عقد إيجار، يتضح من مجموع ما حواه من نصوص وما فرضه من التزامات أن هذه المصلحة لم تكن في تعاقدها تنشد المضاربة أو استغلال بعض أماكن من محطاتها بقصد التجارة وإنما هي تبغي من وراء ذلك أولاً وبالذات تأدية مصلحة عامة هي خدمة المسافرين في قطاراتها بتوفير ما يحتاجون إليه في أسفارهم من طعام وشراب في المحطات بأسعار معتدلة مع مراعاة الشرائط الصحية فيما يقدم إليهم منها، فاستخلصت المحكمة أن هذا العقد لا يصح اعتباره عقد إيجار وارد على محال تجارية فلا ينتفع في خصوصه بأحكام الأوامر العسكرية الخاصة بمستأجري المحال التجارية، فهذا منها سليم .
ومتى كان أساس الدعوى [(1)] هو أن المتعاقد مع المصلحة بوصفه مستأجراً لمحل تجاري له – بمقتضى الأمر العسكري رقم 151 وما تلاه – حق القرار في العين المؤجرة وأنه ما كان للمصلحة أن ترفع يده عنه لانتهاء أجل العقد، فإنه بحسب الحكم للقضاء برفض دعواه أن ينفي عن العقد الذي تمسك به أنه عقد إيجار محل تجاري ولا حاجة بعد لوصف العقد وتكييفه .


الوقائع

في يوم 17 من سبتمبر سنة 1947 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف مصر الصادر يوم 24 من نوفمبر سنة 1946 في الاستئنافين رقمي 825 س ق61 و264 س ق63 وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن قبول الطعن شكلاً ونقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى على محكمة استئناف مصر وإلزام المطعون عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة الخ الخ .


المحكمة

ومن حيث إن السبب الأول يتحصل في أن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض دعوى الطاعن تأسيساً على أنه لا يستطيع الانتفاع بأحكام الأوامر العسكرية الخاصة بمستأجري المحال التجارية بمقولة إن عقد الإيجار المؤرخ في 13 من مايو سنة 1939 والذي بمقتضاه أجرت المطعون عليها لأخ الطاعن ( الذي حول له العقد ) مقاصف في بعض محطاتها لمدة ثلاث سنوات، ليس في حقيقته عقد إيجار – إن الحكم إذ قضى بذلك فقد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله، لأن نصوص العقد المذكور صريحة في أنه عقد إيجار، وقد وصف فيه المتعاقد مع المطعون عليها مراراً بأنه المستأجر، أما القيود الواردة فيه على نشاط المستأجر فليس من شأنها أن تغير من طبيعته كما لا ينافيه أن يكون محله مالاً عاماً لأن المال العام هو كالمال الخاص مملوك للدولة وكما يجوز انتفاع الأفراد انتفاعاً خاصاً بالمال العام بترخيص الأشغال يجوز أن يكون ذلك بطريق التأجير للغير وأنه لتعرف ما إذا كان التصرف الذي صدر من الإدارة ترخيصاً أو إيجاراً يجب الرجوع إلى طبيعة وجه الانتفاع الذي ارتضته الإدارة، وبالرجوع إلى ذلك في خصوص الدعوى الحالية يتضح أن عقد 13 مايو سنة 1939 إنما هو عقد إيجار كما يشهد بذلك عنوانه ونصوصه .
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الحكم المطعون فيه قرر أن العقد محل الدعوى وإن أسماه طرفاه عقد إيجار إلا أنه يتضح من مجمع ما حواه من نصوص وما فرضه من التزامات أنهما لم يقصدا ظاهر لفظه وأن النية فيه لم تنعقد على تأجير محل من المحال التجارية بل على إبرام عقد من نوع خاص أشبه بالتزام أداء خدمة عامة، ولذلك لا يجوز للطاعن أن ينتفع بأحكام الأوامر العسكرية الخاصة بمستأجري المحال التجارية . وقد عنى الحكم ببيان الأسباب السائغة التي تبرر ما ذهب إليه في هذا الصدد ومحصلها أن من وصف في العقد بأنه المستأجر التزم بأن يهيئ المقاصف لخدمة الجمهور من التاريخ المحدد لابتداء العقد، وأن عليه أن يزودها دواماً بكل ما يلزم من الحاجات بحيث يجد ركاب كل القطارات ليلاً ونهاراً ما يلزمهم من مأكول ومشروب بأسعار حددت في قائمة مرافقة للعقد لا يملك لها تعديلاً، وأن للمطعون عليها تحديد أثمان الأصناف الأخرى التي لم ترد في القائمة المرافقة للعقد، وأن لموظفي المطعون عليها أن يبتاعوا ما في المقاصف بنصف الثمن، وأن على من وصف في العقد بأنه المستأجر أن ينفذ الأوامر التي تصدرها إليه المطعون عليها وأن لا يتولى إدارة المقاصف إلا من توافق عليه وأنه يجب عليه أن يرفت فوراً المستخدمين الذين يطلب منه رفتهم وأن يبدل المديرين الذين يطلب إبدالهم وأنه لا يجوز له أن يلحق بخدمته أكثر من العدد الذي يحدد له . وقد استخلص الحكم المطعون فيه من هذه الالتزامات التي فرضت على الطاعن ومن نصوص العقد مجتمعة أنه لا يصح اعتبار العقد عقد إيجار وارد على محال تجارية ( كما يشترط ذلك الأمر العسكري رقم 151 وما تلاه أساس الدعوى ) لأنه يبين بجلاء أن المطعون عليها في تعاقدها مع الطاعن لم تكن تنشد المضاربة أو استغلال بعض أماكن من محطاتها بقصد التجارة وإنما تبغي من وراء ذلك أولاً وبالذات تأدية مصلحة عامة وهي خدمة المسافرين في قطاراتها بتوفير ما يحتاجون إليه في أسفارهم من طعام وشراب في المحطات بأسعار معتدلة مع مراعاة الشرائط الصحية فيما يقدم إليهم منها، ولئن كان من آثار نشاطها هذا أن يتوفر المال في خزانتها فليس من شأن هذا أن يغير من وصفها من مصلحة حكومية إلى هيئة تجارية وأن يحول الأماكن المرخص للمستأنف عليه في إشغالها بالبوفيهات من المنافع العامة إلى محلات تجارية .
ومن حيث إنه متى كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن على أن العقد أساس الدعوى ليس في حقيقته عقد إيجار وارد على محلات تجارية، كما تشترط ذلك الأوامر العسكرية التي يسعى الطاعن للتمسك بها، كان من التزيد التعرض لما يثيره من طبيعة ملكية الحكومة للأموال العامة وهل يجوز أن تكون محلاً لعقد إيجار، ولا البحث في مدى حقوق المنتفع إن صح اعتباره مستأجراً وهل يسري عليه ما يسن من تشريع خاص بمستأجري المحال التجارية .
ومن حيث إن السبب الآخر يتحصل في أن الحكم المطعون فيه إذ أنكر على العقد صفة الإيجار لم يقطع برأي فيما عسى أن يكون، وهذا التجهيل في وصف العقد وعدم القدرة على تكييفه مما يعيب الحكم ببطلان أسبابه لأنه لم يعد يؤدي إلى معنى قانوني يصح حمل الحكم عليه .
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأنه متى كان أساس دعوى الطاعن أنه بوصفه مستأجراً لمحلات تجارية له بمقتضى الأمر العسكري رقم 151 وما تلاه حق القرار في العين المؤجرة وأنه ما كان للمطعون عليها رفع يده عن المقاصف لانتهاء أجل العقد – متى كان هذا هو أساس دعواه، فحسب الحكم إذ يقضي برفض دعواه أن ينفي عن العقد الذي يتمسك به الطاعن أنه عقد إيجار محلات تجارية ففي هذا ما يكفي لرفض دعواه، دون حاجة إلى بحث آخر .


[(1)] رفع المدعي دعواه أمام محكمة أول درجة طالبا الحكم له على مصلحة السكك الحديدية بالمبلغ الذى قدره تعويضاً له عن تعطيل انتفاعه بالبوفيهات التي تعاقد في شأنها مع المصلحة،بانياً دعواه علي أنه لم يكن للمصلحه أن ترفع يده عن هذه البوفيهات لانتهاء أجل العقد، وذلك عملا بالأوامر العسكرية الخاصة بمستأجري المحل التجارية .ومحكمة أول درجة قضت له بمبلغ على سبيل التعويض ،فاستأنفت المصلحة فحكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى .

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات