الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 1753 سنة 23 ق – جلسة 24 /05 /1954 

أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الثالث – السنة 5 – صـ 683

جلسة 24 من مايو سنة 1954

برياسة السيد الأستاذ أحمد محمد حسن رئيس المحكمة، وحضور السادة : ابراهيم خليل، ومصطفى حسن وحسن داود ، وأنيس غالى المستشارين.


القضية رقم 1753 سنة 23 القضائية

(ا) دفاع . طلب استدعاء الطبيب الشرعى لمناقشته فى واقعة لما يعتمد عليها الحكم. رفض هذا الطلب . لا إخلال بحق الدفاع.
(ب) تقليد الأوراق المالية. الشروع فى هذه الجريمة يتحقق بطبع هذه الأوراق ولو كان هناك نقص أو عيب فى التقليد. أوراق العملة الرسمية الصادرة من الحكومة تندرج ضمن الأوراق التى يقع عليها التقليد أو التزوير.
1 – إذا كان المتهم قد طلب استدعاء الطبيب الشرعى لمناقشته فى واقعة لم يعتمد عليها الحكم المطعون فيه فى إدانته ورفضت الحكمة هذا الطلب فلا إخلال بحق الدفاع.
2 – جريمة الشروع فى تقليد الأوراق المالية تتحقق بقيام المتهمين بطبع هذه الأوراق بما استعملوه من آلة للطباعة وبعض المواد والأدوات الأخرى المضبوطة ولو كان هناك نقص أو عيوب فى التقليد.
3 – أوراق العملة الرسمية الصادرة من الحكومة تندرج ضمن الأوراق التى يقع عليها التقليد أو التزوير المنصوص عليها فى المادة 206 من قانون العقوبات.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه مع آخرين حكم عليهم شرعوا فى تقليد أوراق مالية صادرة من خزانة الحكومة (الورقة المالية من فئة العشرة قروش) بأن أعدوا مطبعة وأكلشيهات تحمل علامات الورقة المذكورة وتوقيع وزير المالية وباقى أدوات الطبع وطبعوا فعلا أحد وجهيها وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو ضبطهم متلبسين. وطلبت إلى قاضى الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات بالمواد 45 و46 و206 من قانون العقوبات فقرر بذلك ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام بمعاقبة مصطفى محمد غريب بالحبس مع الشغل لمدى سنتين وبمصادرة المضبوطات فطعن الطاعن فى هذا الحكم يطرق النقض وحكمت محكمة النقض بعدم قبول الطعن شكلا وذلك بناء على عدم تقديم أسباب له. ولما علم الطاعن بهذا الحكم تظلم محاميه إلى محكمة النقض من هذا الحكم وذكر أنه قد حصل بتاريخ 25 أبريل سنة 1953 على شهادة رسمية مؤرخة فى ذات التاريخ تفيد عدم إيداع الحكم المطعون فيه مختوما فى الميعاد القانونى وأنه لم يعلن بإيداعه قلم الكتاب وقد تقريرا بالأسباب بتاريخ 8 مارس سنة 1954 فأمرت المحكمة بإعادة نظر الطعن .. الخ.


المحكمة

.. وحيث إنه سبق لهذه المحكمة أن حكمت بعدم قبول هذا الطعن شكلا بجلسة 12 أكتوبر سنة 1953 وذلك بناء على عدم تقديم أسباب له فى الميعاد القانونى. وحيث إنه قد تبين أخيرا أن بناء على تظلم مقدم إلى المحكمة أن الطاعن قد حصل على شهادة بعدم إيداع قلم الكتاب فى 25 أبريل سنة 1953 وأنها لم تعرض على المحكم قبل صدور الحكم بعدم قبول الطعن شكلا وذلك بسبب تقصير وقع من قلم كتاب نيابة مصر وأن الطاعن لم يعلن بايداع الحكم قلم الكتاب.
وحيث إن الأسباب المقدمة من محامى الطاعن بتاريخ 8 مارس سنة 1954 فى الميعاد القانونى، فانه يتعين لذلك الرجوع فى الحكم السابق صدوره بعدم قبول الطعن شكلا، ويكون الطعن قد استوفى الشكل المقرر بالقانون.
وحيث إن الوجه الأول من أوجه الطعن يتحصل فى أن الدفاع عن المتهم الأول طلب استدعاء الطبيب الشرعى لمناقشة مسألة فنية وهى مدى انطباق الكليشيهين المضبوطين بمنزله على الأوراق المضبوطة، ولكن المحكمة لم تجبه إلى هذا الطلب مع أنه دفاع جوهرى يستفيد منه باقى المتهمين ومن ينهم الطاعن.
ومحصل الوجه الثانى والثالث والرابع أن الواقعة كما أثبتها الحكم لا عقاب عليها، لأن مجرد إعداد أدوات التقليد لا يعد شروعا فى الجريمة بل هو من الأعمال التحضيرية، فالأوراق المضبوطة لم تطبع إلى من أحد وجهيها، وقد جاء ما طبع من هذا الوجه ناقصا لدرجة لم يستطع معها الطبيب الشرعى معرفة التزوير، ولا الحكم على درجة التزييف. فضلا عما اتضح له من أن الكليشيهين المضبوطين بمنزل المتهم الأول جديدان لم يتسعملا فى طبع الأوراق المضبوطة والماكينة التى ضبطت به أيضا غير صالحة للاستعمال ويستطرد الطاعن إلى القول بأنه مع الفرض جدلا بأن هذه الأقوال ترقى إلى مرتبه الشروع فان الجريمة فى ذاتها مستحيلة الوقوع استحالة نسبية إن لم تكن مطلقة للأسباب التى أوردها الطبيب الشرعى والتى سلفت الإشارة إليها, ولانعدام الركن المادى لجريمة التقليد وهو صنع شئ مزيف يشبه شيئا صحيحا، فاذا انعدم التشابه أو كان التقليد ظاهرا بحيث لا يمكن أن ينخدع به إنسان، فقد انعدم الركن المادى للجريمة وأصبح لفعل ولا عقاب عليه. وقد وصف الطبيب الشرعى الأوراق المضبوطة والمطبوعة من أحد وجيها بأنها مطبوعة طبعا رديئا على شكل مستطيل بلون أخضر باهت – وقال إن أطراف المستطيل ليست على استقامة واحدة وصورة الملك مطموسة وغير واضحة المعالم، وأن الأوراق تختلف عن الورقة الصحيحة من حيث نوع الورق ومساحته وسمكه وخلوه من العلامات المائية المميزة للورقة الصحيحة، والجزء المطبوع أردأ بكثير من نظيره بالورقة الصحيحة والأوراق حسب هذا الوصف الذى جاء بتقرير الطبيب الشرعى لا تعدو أن تكون محاولة فاشلة وعملا ولد ميتا ولو أن المحكمة استدعت الطبيب الشرعى لمناقشته فى إمكان انخداع الجمهور بمثل هذه الأوراق، أو كانت هى شاهدتها لتبين لها صحة النظر الذى يتمسك به الطاعن.
ويتأدى الوجه الأخير من الطعن فى أن الورقة ذات العشرة قروش وهى موضوع المحاكمة ليست مما يندرج تحت نص المادة 206 من قانون العقوبات. التى تعنى فقط أوراق البنكنوت المأذون باصدارها قانونا.
وحيث إنه لا سند لما يثيره الطاعن فى الوجه الأول من طعنه، ذلك لأن الثابت من الحكم المطعون فيه إنه لم يعتمد فيما اعتمد عليه من أدلة الثبوت قبل الطاعن على الواقعة المشار إليها فى وجه الطعن، إذ جاء به الكليشيهين المضبوطين لم يستعملا فى طبع الأوراق المضبوطة من أحد وجهيها، وذلك للاختلاف فى البيانات المشتملة عليها الأوراق عن تلك المبينة بالكليشهين – أما باقى أوجه الطعن فمردود بأن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه الأركان القانون لجريمة الشروع فى تقليد الأوراق المالية موضوع الدعوى وتعرض لدفاع الطاعن القائم على أن الأفعال المسندة إليه لا تعدو الأعمال التحضيرية التى لا يعاقب عليها القانون ورد على هذا الدفاع فقال : "وحيث إن ما وجد فى الأوراق المضبوطة التى قام المتهمون بذلك بالطبع على أحد وجهيها من نقص أو عيوب فى التقليد جعلتها مختلفة عن الورقة المالية الصحيحة التى من تلك الفئة لا ينفى أن المتهمين بقيامهم بهذا الطبع بما استعملوه فيه من آلة الطباعة المضبوطة وبعض المواد والأدوات الأخرى المضبوطة، قد جاوزوا دور الأعمال التحضيرية لجناية التقليد المعاقب عليها بالمادة 206 من قانون العقوبات, وبدأوا فى تنفيذ تلك الجناية وكانوا فى سبيل إتمامها لو لم يفاجئهم رجال البوليس، وذلك باستكمال ما فى تلك الأوراق من أوجه نقص أو عيوب فى التقليد أو بطبع غيرها من الأوراق مقلدة تقليدا متقنا سواء بآلة الطباعة المضبوطة ذاتها بعد تثبيت اسطوانة التحبير فيها وإصلاح ذراعها التى وجدت مكسورة أو بواسطة آلة أخرى غيرها – كما أنه لا ينفى بدء المتهمين فى تنفيذ تلك الجريمة أن الكليشيهين المضبوطين بمنزل المتهم الأول لم يستعملا فى طبع الأوراق التى حصل الطبع على أحد وجهيها إذ أنه ثابت بغير شك أن المتهمين قد أجروا ذلك الطبع بكليشيهات أجرى لم تضبط وإنما جاء ضبط هذين الكليشيهين بمنزل المتهم الأول بما يحتويان عليه من علامات وأرقام ورسوم بينة بتقرير الخبير الكيماوى المذكور قرينة مؤيدة للتهمة قبل المتهمين إلى جانب باقى أدلة الدعوى. وذلك من ناحية أن ما وجد بهذين الكليشيهين من علامات ورسوم وأرقام بشير إلى مجرد محاولة تقليد الورقة المالية من فئة العشرة القروش بواسطة هذين الكليشيهين ولو أنهما لم يستعملا فعلا فى طبع ما طبع على أحد وجهى الأوراق المضبوطة – ولما كان ما قام به المتهمون فعلا من طبع تلك الأوراق من أحد وجهيها منبئا أنباء قاطعا عن قصدهم الجنائى من ذلك إلى ارتكاب جناية التقليد المذكورة ومؤديا مباشرة إلى وقوع الجريمة التامة، ولو كان ذلك يتطلب استكمال ما لديهم من رسائل التقليد وتلافى ما يشوه الطبع الذى قاموا به فى بعض الأوراق من نقص أو عيوب فى التقليد سواء كان هذا التلافى فى ذات الأوراق التى طبعوا عددا منها فى أحد الوجهين أو فى أوراق أخرى – ولما كان الأمر كذلك، فان ما قام به المتهمون فعلا من طبع فى تلك الأوراق المضبوطة يعتبر شروعا فى ارتكاب جناية التقليد ولا محل للقول بأن ذلك لا يتجاوز مرحلة الأعمال التحضيرية لتلك الجناية " ولما كان هذا الذى قاله الحكم المطعون فيه من توافر أركان جريمة الشروع فى التزوير صحيحا فى القانون، وكانت أوراق العملة الرسمية الصادرة من الحكومة تندرج ضمن الأوراق التى يقع عليها التقليد أو التزوير المنصوص عليه فى المادة 206 من قانون العقوبات وهى " أوراق مرتبات أو بونات أو سراكى أو سندات أخرى صادرة من خزانة الحكومة أو فروعها"
لما كان ذلك فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات