الطعن رقم 35 سنة 19 ق – جلسة 14 /12 /1950
أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الأول – السنة 2 – صـ 162
جلسة 14 من ديسمبر سنة 1950
القضية رقم 35 سنة 19 القضائية
برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وكيل المحكمة وحضور حضرات
أصحاب العزة: عبد المعطي خيال بك وعبد الحميد وشاحي بك وسليمان ثابت بك ومحمد نجيب
أحمد بك المستشارين.
أهلية. التصرفات المالية الدائرة بين النفع والضرر والإجراءات القضائية المتعلقة بها
التي يباشرها ناقص الأهلية أو يباشرها عنه نائبه الذي ينقصه الإذن في مباشرتها. الأصل
فيه الصحة ما لم يقض بإبطالها لمصلحة ناقص الأهلية. اختلاف الوضع بين التصرفات والإجراءات
القضائية. أثره. يجوز للطرف الآخر استثناء أن يدفع بعدم قبول الدعوى أو بعدم السير
فيها. مناط هذا الدفع. توافر المصلحة. زوال العيب الذي شاب تمثيل ناقص الأهلية. السير
في الدعوى بعد زواله. يعتبر إجازة لما سبق منها. التمسك بالدفع بعد ذلك. غير جائز.
مثال في دعوى شفعة.
الأصل في التصرفات المالية الدائرة بين النفع والضرر وكذلك الإجراءات القضائية المتعلقة
بها التي يباشرها ناقص الأهلية أو يباشرها عنه نائبه الذي ينقصه الإذن في مباشرتها.
الأصل فيها هو الصحة ما لم يقض بإبطالها لمصلحة ناقص الأهلية دون الطرف الآخر. ولكن
لما كان الوضع يختلف في الإجراءات القضائية عنه في التصرفات من ناحية أن الطرف الآخر
يشارك في التصرفات مختاراً في حين أنه يخضع للإجراءات القضائية على غير إرادته ومن
المسلم أن له مصلحة في ألا يتحمل إجراءات مشوبة وغير حاسمة للخصومة فإنه يجوز له استثناء
في سبيل حماية هذه المصلحة وبالقدر الذي تستلزمه هذه الحماية أن يدفع بعدم قبول الدعوى
أو بعدم السير فيها. إلا أنه لما كانت المصلحة هي مناط الدفع كما هي مناط الدعوى فإنه
لا يجوز للمدعى عليه أن يتمسك بالدفع المذكور متى زال العيب الذي شاب تمثيل ناقص الأهلية
إذ بزواله تصبح إجراءات التقاضي صحيحة ومنتجة أثرها في حق الخصمين على السواء – وفي
السير فيها بعد زوال العيب المذكور إجازة لما سبق منها – ومن ثم تنتفي كل مصلحة للمدعى
عليه في الطعن عليها وبذلك تعتبر صحيحة منذ بدايتها لأنه لم يعد يرد عليها من أي الطرفين
طعن مقبول قانوناً.
وإذن فمتى كان الواقع في الدعوى هو أن الطاعنة – وهي لم تكن قد بلغت بعد سن الرشد –
طلبت من المجلس الحسبي تعيين زوجها وصي خصومة عليها لمقاضاة المطعون عليهما في إبطال
البيع المعقود بينهما من باب الاحتياط في حالة نفاذ هذا البيع الإذن لوصي الخصومة في
أن يطلب باسمها أخذ العين المبيعة بالشفعة فأصدر المجلس الحسبي قراراً بإقامة زوجها
وصي خصومة عليها في إبطال البيع سالف الذكر ثم وكلته الطاعنة عنها توكيلاً عاماً في
إدارة شئون أملاكها وأطيانها، كذلك وكلته في الحضور نيابة عنها في كل ما يتوقف عليه
حضورها شخصياً أمام المحاكم فأنذر هذا الأخير المطعون عليهما برغبة الطاعنة في أخذ
المبيع بالشفعة ورفع باسمها دعوى الشفعة ما بلغت الطاعنة سن الرشد قضى بوقف الدعوى
فعجلتها وباشرتها فدفع المطعون عليه الأول – المشفوع منه – بسقوط حقها في الشفعة على
أساس أن الدعوى رفعت أصلاً من زوجها بصفته وصي خصومة عليها في حين أن قرار المجلس الحسبي
لم يخوله الحق في طلب العين بالشفعة وبذلك يكون قد رفع دعوى الشفعة في غير حدود السلطة
المخولة له ولهذا تكون الإجراءات التي اتخذها عديمة الجدوى وأن الطاعنة نفسها لم ترفع
دعوى الشفعة في الميعاد القانوني بعد بلوغها سن الرشد وعلى ذلك يكون حقها في أخذ العين
بالشفعة قد سقط، وكان الحكم إذ قضى بقبول هذا الدفع وأسس عليه سقوط حق الطاعنة في الشفعة
قد أغفل الاعتبار بما تمسكت به في دفاعها من أنها باشرت الدعوى بنفسها بعد بلوغها سن
الرشد ولم يجعل لهذا الاعتبار – مع أهميته – أثراً فيما قضى به، فإنه يكون قد عاره
قصور يبطله ويوجب نقضه؛ ذلك أنه وقد باشرت الطاعنة دعواها حتى نهايتها متمسكة بصحتها
فإن مصلحة المطعون عليه الأول في الدفع الذي أبداه بسبب ما قام من عيب في تمثيل وصي
الخصومة للطاعنة عند رفعه الدعوى تكون قد زالت.
الوقائع
في يوم 22 من مارس سنة 1949 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف
القاهرة الصادر في 4 من يناير سنة 1949 في الاستئناف رقم 439 سنة 65 ق وذلك بتقرير
طلبت فيه الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة
القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيه مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليهما
بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن جميع الدرجات.
وفي 27 من مارس سنة 1949 أعلن المطعون عليهما بتقرير الطعن.
وفي 12 من إبريل سنة 1949 أودعت الطاعنة أصل ورقة إعلان المطعون عليهما بالطعن ومذكرة
بشرح الأسباب وحافظة بمستنداتها. وفي 24 منه أودع المطعون عليه الأول مذكرة بدفاعه
طلب فيها رفض الطعن وإلزام الطاعنة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. ولم تقدم المطعون
عليها الثانية دفاعاً.
وفي 11 من يوليه سنة 1950 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً
ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنة بالمصروفات.
وفي 30 من نوفمبر سنة 1950 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة… إلخ.
المحكمة
ومن حيث إن واقعة الدعوى تتحصل، على ما يبين من الحكم المطعون فيه،
في أن المطعون عليها الثانية باعت في 6 من ديسمبر سنة 1946 إلى المطعون عليه الأول
فدانين شيوعاً في 4 س و2 ط و17 ف. وفي 16/ 12/ 1946 وقد جاوزت الطاعنة سن الثماني عشرة
سنة وكلت زوجها توكيلاً عاماً في إدارة شئون أملاكها وأطيانها، وفي كل شيء يجوز فيه
التوكيل شرعاً، ووكلته كذلك في الحضور نيابة عنها في كل ما يتوقف عليه حضورها شخصياً
أمام المحاكم وأذنته في توكيل غيره فيما وكلته فيه. وفي 10/ 12/ 1946 طلبت الطاعنة
– التي لم تكن قد بلغت بعد سن الرشد – إلى مجلس حسبي بني سويف تعيين زوجها وصي خصومة
عليها لمقاضاة المطعون عليهما في إبطال البيع المعقود بينهما لأسباب أوضحتها ومن باب
الاحتياط في حالة نفاذ هذا البيع الإذن لوصي الخصومة في أن يطلب باسمها أخذ العين المبيعة
بالشفعة. وفي 17/ 12/ 1946 صدر قرار المجلس الحسبي إقامة زوج الطاعنة وصي خصومة عليها
في إبطال البيع المذكور. وفي 18/ 12/ 1946 أنذر وصي الخصومة البائعة والمشتري برغبة
الطاعنة في أخذ المبيع بالشفعة. وفي 7 من يناير سنة 1947 ورفع باسمها دعوى الشفعة.
فدفع المطعون عليه الأول بسقوط حق الطاعنة في الشفعة على أساس أن الدعوى رفعت أصلاً
من زوجها بصفته وصي خصومة عليها، في حين أن قرار المجلس الحسبي بإقامته وصي خصومة لم
يخوله الحق في طلب العين بالشفعة. وبذلك يكون قد رفع دعوى الشفعة في غير حدود السلطة
المخولة له. ولهذا تكون الإجراءات التي اتخذها عديمة الجدوى وأن الطاعنة نفسها لم ترفع
دعوى الشفعة في الميعاد القانوني بعد بلوغها سن الرشد الحاصل في 23/ 8/ 1947 وعلى ذلك
يكون حقها في أخذ العين بالشفعة قد سقط. وفي 24 من مارس سنة 1948 قضت محكمة أول درجة
بقبول الدفع المقدم من المطعون عليه الأول وبسقوط حق الطاعنة في أخذ العين بالشفعة.
فاستأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة فقضت بحكمها المطعون فيه بتأييد
الحكم المستأنف فقررت الطاعنة الطعن فيه بطريق النقض.
ومن حيث إن ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ذلك أنه لم يرد
على الأسباب التي بنت عليها استئناف حكم محكمة أول درجة، ومنها أنه إذا كان زوجها الذي
أقامه المجلس الحسبي وصي خصومة عليها لا يملك إقامة دعوى الشفعة لقصور الإذن الصادر
له على طلب إبطال عقد البيع المعقود بين المطعون عليهما فإنها – وقد حكم بوقف دعوى
الشفعة التي أقامها زوجها بصفته المشار إليها بسبب بلوغها سن الرشد – قد عجلتها وباشرتها
بنفسها حتى صدر الحكم فيها – ومنها أنها كانت قد وكلت زوجها في إدارة أملاكها وفي الحضور
نيابة عنها في كل ما يتوقف عليها حضورها شخصياً أمام المحاكم، فلما دفع بعدم قبول دعوى
الشفعة منه بصفته وصي خصومة تمسك بأنه أقامها نيابة عنها باعتباره وكيلاً عنها، وقد
باشرتها هي بعد بلوغ سن الرشد وبذلك لا يكون للمطعون عليه الأول حق إنكار صفة زوجها
في إقامة دعوى الشفعة نيابة عنها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ قضى بسقوط حق الطاعنة في الشفعة قد أخذ في الرد على
أسباب استئنافها بأسباب حكم محكمة أول درجة. وهذا الحكم وإن كان قد رد على دفاع الطاعنة
المشار إليه بقوله إن زوجها إذ أقام دعوى الشفعة نيابة عنها باعتباره وصي خصومة لم
تتوافر له السلطة في إقامتها وبقوله إن زوج الطاعنة لم يرفع الدعوى باعتباره كيلاً
عنها، وإن وكالته عنها في إدارة أملاكها لا تخوله، على أي حال، رفع هذه الدعوى نيابة
عنها، لأنها هي نفسها ما كانت تملك إذ ذاك إقامتها مباشرة بسبب نقص أهليتها – إلا أنه
مع ذلك قد أغفل الاعتبار بما تمسكت به الطاعنة في دفاعها من أنها باشرت الدعوى بنفسها
بعد بلوغها سن الرشد، ولم يجعل لهذا الاعتبار مع أهميته، أثر فيما قضى به مما يعيبه
ذلك أن الأصل في التصرفات المالية الدائرة بين النفع والضرر وكذلك الإجراءات القضائية
المتعلقة بها التي يباشرها ناقص الأهلية أو يباشرها عنه نائبه الذي ينقصه الإذن في
مباشرتها – الأصل فيها هو الصحة ما لم يقض بإبطالها لمصلحة ناقص الأهلية دون الطرف
الآخر، ولكن لما كان الوضع يختلف في الإجراءات القضائية عنه في التصرفات من ناحية أن
الطرف الآخر يشارك في التصرفات مختاراً في حين أنه يخضع للإجراءات القضائية على غير
إرادته ومن المسلم أن له مصلحة في ألا يتحمل إجراءات مشوبة وغير حاسمة للخصومة. لما
كان ذلك جاز له استثناء؛ في سبيل حماية هذه المصلحة، وبالقدر الذي تستلزمه هذه الحماية،
أن يدفع في هذه الحالة بعدم قبول الدعوى أو بعدم السير فيها – إلا أنه لما كانت المصلحة
هي مناط الدفع كما هي مناط الدعوى فإنه لا يجوز للمدعى عليه أن يتمسك بالدفع المذكور
متى زال العيب الذي شاب تمثيل ناقص الأهلية إذ بزواله تصبح إجراءات التقاضي صحيحة ومنتجة
أثرها في حق الخصمين على السواء – وفي السير فيها بعد زوال العيب المذكور إجازة لما
سبق منها – ومن ثم تنتفي كل مصلحة للمدعى عليه في الطعن عليها وبذلك تعتبر صحيحة منذ
بدايتها لأنه لم يعد يرد عليها من أي الطرفين طعن مقبول قانوناً.
ومن حيث إنه لما كانت الطاعنة قد عجلت دعوى الشفعة بعد بلوغها سن الرشد، وباشرتها حتى
نهايتها متمسكة بصحتها فإن مصلحة المطعون عليه الأول في الدفع بعدم قبولها بسبب ما
قام من عيب في تمثيل وصي الخصومة للطاعنة عند رفعها الدعوى تكون قد زالت.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم الطعون فيه إذ قضى بقبول الدفع بعدم قبول الدعوى وأسس
عليه سقوط حق الطاعنة في الشفعة مغفلاً الاعتبار بدفاعها المشار إليه قد عاره قصور
يبطله ويوجب نقضه دون حاجة إلى بحث سائر أسباب الطعن.
