الرئيسية الاقسام القوائم البحث

في الطعن رقم 1660 لسنة 10 ق – جلسة 29 /06 /1968 

مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة عشرة – العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1968 إلى آخر سبتمبر سنة 1968) – صـ 1113


جلسة 29 من يونيه سنة 1968

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور أحمد موسى وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز زخاري ويوسف إبراهيم الشناوي ومحمد صلاح الدين محمد السعيد ومحمد بهجت محمود عتيبة المستشارين.

في القضية رقم 1660 لسنة 10 القضائية

ترخيص. قرار إداري. البت في منح تراخيص الاشتغال بأعمال الوساطة في إلحاق الفنانين بالعمل هو من اختصاص وزير الإرشاد طبقاً لأحكام القانون رقم 57 لسنة 1958 – صدور قرار من مدير إدارة الرقابة على المصنفات الفنية برفض الترخيص في الاشتغال بأعمال الوساطة، دون أن يكون مفوضاً في ذلك من الوزير المختص، يجعله مشوباً بعيب عدم الاختصاص – هذا الرفض ليس موقفاً سلبياً وإنما هو قرار إداري سلبي.
إن القانون رقم 57 لسنة 1958 بنصه على عدم جواز الاشتغال بأعمال الوساطة إلا بعد الحصول على ترخيص من السيد الوزير قد أسند سلطة البت في طلبات الترخيص في الاشتغال بالأعمال المذكورة سواء بمنح الترخيص أو رفض الطلب إلى الوزير فليس لغيره من موظفي الوزارة أن يباشر هذا الاختصاص دون تفويض منه في الحدود التي تسمح بها أحكام التفويض، ولم يكن هناك تفويض من هذا القبيل في تاريخ صدور القرار محل الطعن وطالما أن القرار برفض الترخيص للمدعي في الاشتغال بأعمال الوساطة – إذ صدر من مدير إدارة الرقابة على المصنفات الفنية لا من الوزير – فإنه يكون مشوباً بعيب عدم الاختصاص – ولا حجة فيما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن القرار الصادر من المدير المذكور لا يعدو أن يكون إجراء تمهيدياً أو موقفاً سلبياً بعدم عرض الأمر على الوزير للنظر في منح الترخيص أو رفضه وأن اكتفاء هذا المدير بالوقوف عند حد المرحلة التمهيدية هو موقف سلبي لا قرار إداري وأنه أدى في نتيجته إلى موقف سلبي آخر من جانب الوزير بالامتناع عن منح المدعي الترخيص المطلوب وأنه لذلك فإن القول بأن القرار المطعون فيه قد صدر من غير مختص يكون في غير محله إذ الطعن في حقيقته لا يرد على قرار المدير وإنما على القرار السلبي الضمني بامتناع الوزير عن منح الترخيص المطلوب – لا حجة في ذلك كله إذ أن مدير إدارة الرقابة على المصنفات الفنية لم يقف موقفاً سلبياً إزاء طلب الترخيص المقدم من المدعي ولم يرفض أو يمتنع عن اتخاذ قرار في شأنه بل سار في بحث الطلب وفقاً لأحكام القانون رقم 57 لسنة 1958 والقرار المنفذ له وانتهى من هذا البحث إلى إصدار قراره المؤرخ 20 من نوفمبر سنة 1961 برفض الطلب المذكور وقد أفصح بهذا القرار عن إرادته بما كان يعتقد أنه يملكه من سلطة ملزمة وفقاً لأحكام القانون المشار إليه والقرار المنفذ له – وصدر هذا الإفصاح مقترناً بقصد تحقيق الأثر القانوني للقرار بمجرد صدوره – إذ بادر إلى إعلان المدعي به في ذات تاريخ صدوره – كما بادر إلى إخطار إدارة الأمن العام بمضمونه لتتخذ الإجراءات الكفيلة بمنع المدعي من ممارسة مهنة الوساطة ولئن كان القرار المذكور قد صدر من غير مختص إلا أنه لا وجه أصلاً للتحدي بأنه ليس قراراً إدارياً أو أنه مجرد موقف سلبي أو إجراء تحضيري أو تمهيدي إذ تجلى في هذا القرار الذي تحقق أثره فعلاً موقف الوزارة الإيجابي إزاء طلب المدعي وما دامت الوزارة لم تقف موقفاً سلبياً فإنه لا محل للقول بأن هذا الموقف قد أدى إلى موقف سلبي آخر من جانب الوزير.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية بمراعاة أن الحكم المطعون فيه صدر بجلسة 8 من يونيه سنة 1964 – وفي 6 من أغسطس سنة 1964 تقدم المدعي بطلب لإعفائه من رسوم الطعن تقرر قبوله في 24 من أغسطس سنة 1964 فأقام هذا الطعن بإيداع تقرير به قلم كتاب المحكمة في 28 من ديسمبر سنة 1964 فيكون قد أقيم في الميعاد.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق تتحصل في أنه بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة القضاء الإداري في 16 من يناير سنة 1962 أقام السيد/ رفعت نحاس سيد أحمد الدعوى رقم 404 لسنة 16 القضائية ضد السيد/ وزير الثقافة والإرشاد القومي والسيد مدير إدارة الرقابة على المصنفات طالباً الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار المبلغ له في 20 من نوفمبر سنة 1962 مع إلزام المدعى عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة – وقال شرحاً لدعواه إنه يعمل منذ أكثر من تسعة وثلاثين عاماً وسيطاً في إلحاق الفنانين والفنانات بالعمل وأنه افتتح لهذا الغرض مكتباً ظل يمارس فيه عمله دون أن تشوب سمعته خلال هذه المدة شائبة – وفي عام 1961 ألزمت الحكومة أصحاب المكاتب تقديم طلبات للترخيص لهم في مباشرة المهنة – فتقدم في 15 من أغسطس سنة 1961 بطلب إلى وزارة الإرشاد القومي للترخيص له في العمل وأدى الرسم المستحق عليه إلا أنه فوجئ في 20 من نوفمبر سنة 1961 بخطاب مرسل إليه من مدير إدارة الرقابة على المصنفات الفنية يخطره فيه بأنه تقرر عدم الترخيص له بالعمل وأنه في حالة مزاولة المهنة بدون ترخيص ستتخذ ضده الإجراءات اللازمة تطبيقاً لأحكام المادة الثانية من القانون رقم 57 لسنة 1958 – وذكر المدعي أن هذا مخالف للقانون ومشوب بإساءة استعمال السلطة وأنه قد ألحق به ضرراً بليغاً يسد أبواب الرزق أمامه وأنه سيترتب على تنفيذ هذا القرار نتائج يتعذر تداركها إذ سيتعرض للبطالة والتشرد وأنه لذلك يطلب بصفة مستعجلة وقف تنفيذ القرار المذكور كما يطلب إلغاءه.
وأودعت الوزارة حافظة مستنداتها تضمنت مذكرة من قسم حماية الآداب ومذكرة إدارة الرقابة على المصنفات الفنية وقد جاء بها أن المدعي سبق اتهامه في القضية رقم 2565 (جنح المعادي سنة 1960 خيانة أمانة) كما أنه اشتهر عنه سوء السمعة وتبين أن معظم المترددات على مكتبه من النسوة الساقطات وأن هناك شكاوى ضده منذ سنة 1950 ثبت في فحصها سوء سمعته ولذلك رؤى عدم الترخيص له في العمل كوسيط في تشغيل الفنانين.
وعقب المدعي على ما تضمنته هاتان المذكرتان بأن ما جاء فيهما هو مجرد افتراء وأنه لا يوجد حكم واحد بإدانته وأنه ولئن كان المشرع قد استلزم توافر شرط حسن السمعة إلا أنه يتعين على جهة الإدارة وهي تطبق أحكام القانون أن تتدخل بالقدر الذي يستسغيه الوسط الفني وهو وسط كله انطلاق وإذا كانت جهة الإدارة قد أخذت عليه ما هو مألوف في الوسط الفني فإنها بذلك تكون قد جعلت من المقتضى مانعاً وهو ما لا يجوز.
وبجلسة 8 من مايو سنة 1962 حكمت محكمة القضاء الإداري بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً انتهت فيه إلى أن القرار المطعون فيه مشوب بعيب عدم الاختصاص وبعيب عدم صحة ركن السبب وأنها لذلك ترى الحكم بإلغائه.
وقدمت الوزارة حافظة بها ملف المدعي بقسم حماية الآداب كما قدمت مذكرة قالت فيها إن ما تضمنه هذا الملف من أوراق يثبت سوء سمعة المدعي فيكون القرار المطعون فيه قد قام على سبب صحيح يستند إلى أصول ثابتة في الأوراق وطلبت رفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وبجلسة 31 من مارس سنة 1964 قرر الحاضر عن الوزارة أمام محكمة القضاء الإداري أنه لا يوجد أي قرار وزاري يخول السيد مدير الرقابة على المصنفات الفنية اختصاصاً في شأن رفض الترخيص لوسطاء الفنانين كما لا تفويض في هذه الخصوصية.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدعوى على أنه ولئن كان المدعي يطعن بصحيفة دعواه في القرار الصادر من مدير الرقابة على المصنفات الفنية في 20 من نوفمبر سنة 1961 بعدم الموافقة على منحه الترخيص إلا أن هذا القرار ليس هو القرار الذي حال دون حصوله على الترخيص وعلى ذلك فإن القرار الذي يعني المدعي إلغاءه إنما هو القرار الذي يمكن أن يرتب مانعاً للمركز القانوني الذي يسعى إليه وهذا القرار لا يمكن أن يصدر إلا من السيد الوزير وفقاً للمادة الثانية من القانون رقم 57 لسنة 1958 دون القرار الصادر من مدير الرقابة الذي لا يعدو أن يكون إجراء تمهيدياً أو موقفاً سلبياً بعدم عرض الأمر على الوزير للنظر في منح الترخيص أو رفضه – واكتفاء المدير بالوقوف عند حد المرحلة التمهيدية هو موقف سلبي لا يكون بذاته قراراً إدارياً وإنما يؤدي في نتيجته إلى موقف سلبي آخر من جانب الوزير بالامتناع عن منح المدعي الترخيص المطلوب ومن ثم يكون القول بأن القرار المطعون فيه قد صدر من غير مختص في غير محله إذ الطعن في حقيقته لا يرد على قرار مدير الرقابة على المصنفات الفنية وإنما على القرار السلبي الضمني بامتناع السيد الوزير عن منح الترخيص أو رفضه ولا يتصور وجود قرار ذي أثر من هذا القبيل ممكن صدوره من غيره – وهذا القرار يستند إلى ذات الأسباب التي قام عليها موقف مدير الرقابة على المصنفات الفنية وينحصر في سوء سمعة المدعي وقد استخلصت الإدارة من الأوراق والتحريات أن المدعي قد فقد شرط حسن السمعة وكان استخلاصها لذلك من مصادر صحيحة تؤدي مادياً وقانوناً إلى النتيجة التي انتهت إليها وتبرر هذه النتيجة فيكون القرار السلبي بالامتناع عن منح المدعي الترخيص المطلوب قد صدر مطابقاً للقانون ولا انحراف فيه لأن جهة الإدارة قدرت عند امتناعها عن منح الترخيص مقتضيات صون الآداب العامة وحمايتها وأنه وقد ثبت أن القرار الذي يهدف المدعي – في حقيقة الواقع من دعواه – إلى طلب إلغائه قد قام على سبب يبرره استخلص استخلاصاً سائغاً من مصادر مشروعة لها أصل ثابت بالأوراق يؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها جهة الإدارة – فإن هذا القرار يكون قد جاء سليماً مطابقاً للقانون ويكون طلب المدعي إلغاءه غير مستند إلى أساس سليم حقيقاً بالرفض.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن القرار المطعون فيه صدر من مدير إدارة الرقابة على المصنفات الفنية وليس من وزير الثقافة والإرشاد القومي فيكون قد صدر من غير مختص وفضلاً عن ذلك فإن هذا القرار قد بني على سوء سمعة المدعي استناداً إلى مذكرة قسم حماية الآداب والأحداث التي جاء بها أنه اشتهر بسوء السمعة وأن معظم المترددات على مكتبه من النسوة الساقطات وأنه قد حفظت شكاوى عديدة ضده من سنة 1950 ثبت من فحصها سوء سمعته وكل ذلك غير صحيح فيكون القرار مشوباً بعيب عدم الاختصاص وبعدم صحة ركن السبب – وأودع المدعي مذكرة بدفاعه صمم فيها على الطلبات الواردة بصحيفة الطعن كما أودع حافظة تضمنت شهادات صادرة من بعض العاملين في السينما بأنه حسن السير والسلوك.
ومن حيث إن وزارة الثقافة والإرشاد القومي قد عقبت على الطعن بمذكرة قالت فيها إنه في حدود الأحكام التنفيذية للقانون رقم 57 لسنة 1958 التي صدر بها القرار الوزاري رقم 81 لسنة 1961 تقوم إدارة الرقابة على المصنفات الفنية بالوزارة بتلقي طلبات الترخيص وبحث مدى توافر شروط الترخيص وذلك بمعاونة أجهزة الوزارة الأخرى كل في حدود اختصاصها وبعد استطلاع رأي وزارة الداخلية وأجهزتها ذات الشأن وعلى ضوء ما تسفر عنه الأبحاث والتحريات فإذا تبين توافر الشروط التي نص عليها القانون واستوفى طالب الترخيص المسوغات المنصوص عليها في القرار الوزاري لزم عرض الأمر على الوزير للنظر في منح الترخيص الذي يجيز للطالب الاشتغال بمهنة الوساطة الفنية – أما إذا أسفر فحص الطلب وما أجري في شأنه من بحوث عن تخلف أي شرط فلا يكون ثمة مبرر لعرض الأمر على الوزير حيث لم تعد هناك حاجة للنظر في منح الترخيص – وذلك هو ما جرى عليه العمل وما يتفق مع مقتضياته وطبيعته – وأضافت الوزارة أنه إذا كان القانون قد ناط بالوزير سلطة منح الترخيص تقديراً لأهمية الآثار التي تترتب على منحه وخطورتها إلا أنه لا يصح أن يتجاوز تفسير النص الغرض الذي قصده المشرع بأن يشترط تولي الوزير بنفسه مهمة الفحص في كل حالة وهو ما يتعذر تحققه عملاً ولا محل له من عبارة النص إذ لو قصد إليه المشرع لما فاته النص صراحة على أن يكون البت في طلبات الترخيص بالقبول أو بالرفض هو من شأن الوزير وكثيراً ما تفترق سلطة المنح عن سلطة المنع – كما أن إدارة الرقابة على المصنفات الفنية هي الجهة المختصة ببحث هذه المسائل والبت فيها وفقاً لتنظيمات الوزارة الإدارية وقد أشار القانون إلى أنها هي الجهة القائمة على تنفيذ أحكامه إذ المستفاد من المادة الرابعة منه أنها هي الجهة المنوط بها الإشراف على مكاتب الوسطاء وشئونها – وذكرت الوزارة أنه بافتراض أن الوزير هو المختص دون غيره بالبت في طلب الترخيص فإنه لا يتصور وجود قرار إداري في هذا الخصوص إلا ما كان صادراً عن الوزير شخصياً على التفصيل الذي أوردته أسباب الحكم المطعون فيه – ثم تحدثت الوزارة عن القرار محل الطعن وقالت إنه صدر سليماً وقائماً على سببه الصحيح وطلبت الحكم برفض الطعن مع إلزام المدعي بالمصروفات.
ومن حيث إنه بالرجوع إلى الأوراق يبين أنه في 15 من أغسطس سنة 1961 تقدم المدعي بطلب للترخيص له في العمل كوسيط في إلحاق الفنانين بالعمل وقدم الأوراق المطلوبة وتمت معاينة مكتبه وطلب مدير إدارة الرقابة على المصنفات الفنية من مصلحة الأمن العام بوزارة الداخلية إبداء رأيها في المدعي وذلك بكتابه المؤرخ 2 من سبتمبر سنة 1961 فأجابت بكتابها المؤرخ 26 من أكتوبر سنة 1961 بأنها ترى عدم الموافقة على الترخيص له في العمل كوسيط للفنانين نظراً إلى سوء سمعته – وأرفقت تلك المصلحة مع كتابها مذكرة قسم حماية الآداب والأحداث التي تضمنت بياناً لما أسفر عنه بحث حالة المدعي وما أجري عنه من تحريات – وفي 4 من نوفمبر سنة 1961 أعد مدير إدارة التفتيش الفني بإدارة الرقابة على المصنفات الفنية مذكرة في شأن طلب المدعي انتهى فيها إلى طلب عدم منحه الترخيص في العمل كوسيط وعرضت هذه المذكرة على مدير إدارة الرقابة على المصنفات الفنية في 20 من نوفمبر سنة 1961 فأشر عليها بما يفيد موافقته عليها – كما وجه في ذات التاريخ كتاباً إلى المدعي تضمن إخطاره بعدم الموافقة على الترخيص له في العمل كوسيط في إلحاق الفنانين والفنانات بالعمل – ووجه كتاباً آخر إلى مدير عام مصلحة الأمن العام طالباً اتخاذ الإجراءات الكفيلة بعدم تمكين المدعي من ممارسة هذه المهنة فأقام المدعي دعواه التي صدر فيها الحكم المطعون فيه طالباً وقف تنفيذ وإلغاء القرار سالف الذكر.
ومن حيث إن الثابت مما تقدم أن القرار مثار المنازعة قد صدر من إدارة الرقابة على المصنفات الفنية في 20 من نوفمبر سنة 1961 وأن المدعي قد أعلن به في ذات التاريخ.
ومن حيث إن القانون رقم 57 لسنة 1958 في شأن تنظيم مكاتب الوسطاء في إلحاق الممثلين والممثلات وغيرهم بالعمل ينص في المادة الأولى منه على أن (تسري أحكام هذا القانون على كل شخص أو هيئة تعمل كوسيط في إلحاق الممثلين أو السينمائيين أو الموسيقيين أو المغنيين أو الراقصين أو أي شخص يقوم بعمل من أعمال التمثيل المسرحي أو السينمائي وما شابهها بالعمل) – كما ينص في المادة الثانية منه على أنه (لا يجوز الاشتغال بأعمال الوساطة المبينة في المادة السابقة إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من وزير الإرشاد القومي ويكون الترخيص لمدة سنة ولا يجوز تجديده ويحدد وزير الإرشاد القومي قواعد منح الترخيص وتجديده ورسومه بقرار منه بعد موافقة وزير الداخلية) – وتضمنت المادة الثالثة النص على الشروط الواجب توافرها فيمن يرخص له بالوساطة ومن بينها أن – (يكون حسن السمعة) – وفي 9 من مايو سنة 1961 صدر القرار رقم 81 لسنة 1961 من وزير الثقافة والإرشاد القومي بعد موافقة وزير الداخلية متضمناً الأحكام التنفيذية للقانون المذكور ونص في المادة الأولى منه على أن يقدم طلب الترخيص إلى وزارة الثقافة والإرشاد القومي وفي المادة الرابعة على أن يمنح الترخيص بعد استطلاع رأي مصلحة الأمن العام بوزارة الداخلية – كما نص القرار على المستندات التي ترفق بطلب الترخيص وعلى الشروط الواجب توافرها في المكتب الذي يتخذه طالب الترخيص مقراً لعمله.
ومن حيث إن القانون المذكور بنصه على عدم جواز الاشتغال بأعمال الوساطة إلا بعد الحصول على ترخيص من السيد الوزير قد أسند سلطة البت في طلبات الترخيص في الاشتغال بالأعمال المذكورة سواء بمنح الترخيص أو رفض الطلب إلى الوزير فليس لغيره من موظفي الوزارة أن يباشر هذا الاختصاص دون تفويض منه في الحدود التي تسمح بها أحكام التفويض – ولم يكن هناك تفويض من هذا القبيل في تاريخ صدور القرار محل الطعن.
ومن حيث إن القرار برفض الترخيص للمدعي في الاشتغال بأعمال الوساطة – إذ صدر من مدير إدارة الرقابة على المصنفات الفنية لا من الوزير – فإنه يكون مشوباً بعيب عدم الاختصاص – ولا حجة فيما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن القرار الصادر من المدير المذكور لا يعدو أن يكون إجراء تمهيدياً أو موقفاً سلبياً بعدم عرض الأمر على الوزير للنظر في منح الترخيص أو رفضه وأن اكتفاء هذا المدير بالوقوف عند حد المرحلة التمهيدية هو موقف سلبي لا قرار إداري وأنه أدى في نتيجته إلى موقف سلبي آخر من جانب الوزير بالامتناع عن منح المدعي الترخيص المطلوب وأنه لذلك فإن القول بأن القرار المطعون فيه صدر من غير مختص يكون في غير محله إذ الطعن في حقيقته لا يرد على قرار المدير وإنما على القرار السلبي الضمني بامتناع الوزير عن منح الترخيص المطلوب – لا حجة في ذلك كله إذ أن مدير إدارة الرقابة على المصنفات الفنية لم يقف موقفاً سلبياً إزاء طلب الترخيص المقدم من المدعي ولم يرفض أو يمتنع عن اتخاذ قرار في شأنه بل سار في بحث الطلب وفقاً لأحكام القانون رقم 57 لسنة 1958 والقرار المنفذ له وانتهى من هذا البحث إلى إصدار قراره المؤرخ 20 من نوفمبر سنة 1961 برفض الطلب المذكور وقد أفصح بهذا القرار عن إرادته بما كان يعتقد أنه يملكه من سلطة ملزمة وفقاً لأحكام القانون المشار إليه والقرار المنفذ له – وصدر هذا الإفصاح مقترناً بقصد تحقيق الأثر القانوني للقرار بمجرد صدوره – إذ بادر إلى إعلان المدعي به في ذات تاريخ صدوره – كما بادر إلى إخطار إدارة الأمن العام بمضمونه لتتخذ الإجراءات الكفيلة بمنع المدعي من ممارسة مهنة الوساطة.
ومن حيث إنه ولئن كان القرار المذكور قد صدر من غير مختص إلا أنه لا وجه أصلاً للتحدي بأنه ليس قراراً إدارياً أو أنه مجرد موقف سلبي أو إجراء تحضيري أو تمهيدي إذ تجلى في هذا القرار الذي تحقق أثره فعلاً موقف الوزارة الإيجابي إزاء طلب المدعي – وما دامت الوزارة لم تقف موقفاً سلبياً فإنه لا محل للقول بأن هذا الموقف قد أدى إلى موقف سلبي آخر من جانب الوزير.
ومن حيث إنه وقد صدر القرار برفض طلب المدعي مشوباً بسبب عدم الاختصاص وهو عيب يستوجب إلغاءه – فإن الحكم المطعون فيه إذ ذهب غير هذا المذهب وقضى برفض الدعوى يكون قد جانب الصواب الأمر الذي يتعين معه إلغاؤه والقضاء بإلغاء القرار سالف الذكر وإلزام الحكومة بالمصروفات…

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار الصادر في 20 من نوفمبر سنة 1960 من مدير إدارة الرقابة على المصنفات الفينة برفض الترخيص للمدعي في العمل كوسيط لإلحاق الفنانين بالعمل وألزمت الحكومة بالمصروفات.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات