الطعن رقم 1062 لسنة 7 ق – جلسة 02 /03 /1968
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ
القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة عشرة – العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1968 إلى آخر سبتمبر سنة 1968)
– صـ 612
جلسة 2 من مارس سنة 1968
برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى ومحمد طاهر عبد الحميد ومحمد صلاح الدين محمد السعيد ومحمد بهجت محمود عتيبه المستشارين.
القضية رقم 1062 لسنة 7 القضائية
( أ ) دعوى "إجراءاتها". الأصل فيها عدم اتباع أحكام قانون المرافعات
المدنية والتجارية أمام القضاء الإداري إلا فيما لم يرد بشأنه نص خاص في قانون المجلس
وبالقدر الذي لا يتعارض نصاً وروحاً مع نظام مجلس الدولة وأوضاعه الخاصة به.
(ب) دعوى "رفعها" يتم رفع الدعوى الإدارية بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة المختصة
كما يتم الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا بإيداع ذوي الشأن تقرير الطعن قلم كتاب
هذه المحكمة – إعلان العريضة أو تقرير الطعن ليس ركناً في قيام المنازعة أو شرطاً لصحتها
– أثر ذلك.
(جـ) دعوى "انقطاعها". تعجيل نظر الدعوى بعد انقطاعها يأخذ حكم إقامتها ابتداء من حيث
الالتزام بالإجراءات التي رسمها القانون لانعقاد الخصومة أمام القضاء الإداري فتستأنف
سيرها بإيداع طلب التعجيل قلم كتاب المحكمة في الميعاد المقرر.
(د) دعوى "قبول دعوى الإلغاء". خصومة عينية مناطها اختصام القرار الإداري ذاته استهدافاً
لمراقبة مشروعيته، لذلك يشترط أن يكون القرار قائماً منتجاً أثره عند إقامة الدعوى
– تخلف هذا الشرط بأن زال قبل رفع الدعوى دون أن ينفذ على أي وجه – عدم قبول الدعوى.
(هـ) دعوى "نطاقها". الأصل أن يحدد المدعي نطاق دعواه وطلباته أمام القضاء ولا تملك
المحكمة من تلقاء نفسها أن تتعداها، فإذا هي قضت بغير ما يطلبه الخصوم، فإنها تكون
قد جاوزت حدود سلطتها وحق إلغاء ما قضت به.
1 – لما كانت المادة الثالثة من قانون إصدار القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم
مجلس الدولة تنص على أن "تطبق الإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون وتطبق أحكام
قانون المرافعات فيما لم يرد فيه نص وذلك إلى أن يصدر قانون الإجراءات الخاصة بالقسم
القضائي" فإن ذلك يقتضي كأصل عام عدم الأخذ بإجراءات قانون المرافعات المدنية والتجارية
أو أحكامه أمام القضاء الإداري إلا فيما لم يرد فيه نص خاص في قانون مجلس الدولة وبالقدر
الذي لا يتعارض نصاً وروحاً مع نظام مجلس الدولة وأوضاعه الخاصة به.
2 – إن إقامة المنازعة الإدارية تتم طبقاً لنص المادة 23 من القانون رقم 55 لسنة 1959
بإيداع أحد طرفيها عريضتها قلم كتاب المحكمة المختصة كما يتم الطعن أمام المحكمة الإدارية
العليا طبقاً للمادة 16 من القانون المذكور بإيداع ذوي الشأن تقرير الطعن قلم كتاب
هذه المحكمة وتنعقد بذلك الخصومة وتكون مقامة في الميعاد القانوني ما دام الإيداع قد
تم خلاله أما إعلان العريضة أو تقرير الطعن طبقاً لنص المادة 25 وتحديد جلسة لنظر المنازعة
أمام المحكمة المختصة فليس ركناً من أركان إقامة المنازعة الإدارية أو شرطاً لصحتها
وإنما هو إجراء مستقل لا يقوم به أحد طرفي المنازعة وإنما تتولاه المحكمة من تلقاء
نفسها وليس من شأنه أن يؤثر في صحة انعقاد الخصومة وذلك على خلاف الحال في المنازعة
المدنية إذ ترفع فيها الدعوى أمام المحكمة طبقاً لنص المادة 69 من قانون المرافعات
المدنية والتجارية بناء على طلب المدعي بصحيفة تعلن للمدعى عليه ما لم يقض القانون
بغير ذلك.
3 – إن تعجيل نظر المنازعة الإدارية باعتباره إجراء يستهدف استئناف السير في المنازعة
بعد انقطاعها يأخذ حكم إقامتها ابتداء من حيث الالتزام بالإجراءات التي رسمها القانون
لانعقاد الخصومة أمام القضاء الإداري فتستأنف الدعوى سيرها بإيداع طلب التعجيل قلم
كتاب المحكمة المختصة ويكون ذلك صحيحاً في القانون إذا تم إيداع الطلب خلال سنة من
آخر إجراء صحيح من إجراءات التقاضي طبقاً لحكم المادة 301 من قانون المرافعات المدنية
والتجارية دون اعتداد بتاريخ التكليف بالحضور على مقتضى حكم المادة 298 من قانون المرافعات
المذكور لتعارضه مع طبيعة الإجراءات التي نظمها قانون تنظيم مجلس الدولة نصاً وروحاً.
4 – الخصومة في دعوى الإلغاء هي خصومة عينية مناطها اختصام القرار الإداري في ذاته
استهدافاً لمراقبة مشروعيته. ولما كان القرار الإداري على هذا النحو هو موضوع الخصومة
ومحلها في دعوى الإلغاء فإنه يتعين أن يكون القرار قائماً منتجاً آثاره عند إقامة الدعوى،
فإذا ما تخلف هذا الشرط بأن زال هذا القرار قبل رفع الدعوى بإلغائه أو بانتهاء فترة
تأقيته دون أن ينفذ على أي وجه كانت الدعوى غير مقبولة إذ لم تنصب على قرار إداري قائم
ولم تصادف بذلك محلاً.
5 – إن الأصل أن المدعي هو الذي يحدد نطاق دعواه وطلباته أمام القضاء ولا تملك المحكمة
من تلقاء نفسها أن تتعداها، فإذا هي قضت بغير ما يطلبه الخصوم فإنها تكون بذلك قد تجاوزت
حدود سلطتها وحق إلغاء ما قضت به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أن شركة طيران الشرق
أقامت الدعوى رقم 915 لسنة 11 القضائية بعريضتها المودعة قلم كتاب محكمة القضاء الإداري
في 26 من مايو سنة 1957 ضد السيد/ وزير الحربية والبحرية والسيد/ مدير عام مصلحة الطيران
المدني وطلبت في عريضتها أولاً: إلغاء قرار مصلحة الطيران المدني الصادر في 13 من يناير
سنة 1957 بمنحها ترخيصاً مؤقتاً لمدة ثلاثة أشهر لمخالفة ذلك القرار للقانون ولعيب
الانحراف في استعمال السلطة. ثانياً: إلغاء قرار المصلحة المذكورة الضمني برفض منح
الشركة الترخيص اللازم لتشغيلها. وثالثاً: حفظ حق الشركة في التعويض الملائم عن التأخير
والرفض. ورابعاً: إلزام مصلحة الطيران المدني ووزارة الحربية والبحرية بالمصروفات والأتعاب
وكافة الحقوق. ثم حددت الشركة في مذكرتها المؤرخة في 11 من أكتوبر سنة 1960 طلباتها
الختامية على النحو الآتي:
أولاً: الحكم بإنهاء القرار الصادر في 13 من يناير سنة 1957 بمنح الشركة المدعية ترخيصاً
مؤقتاً لمدة ثلاثة أشهر.
ثانياً: الحكم بإلغاء القرار الضمني برفض منحها الترخيص الملائم لتشغيل طائراتها.
ثالثاً: الحكم بإلزام المدعى عليهما بأن يدفعا إلى الشركة:
1 – جنيهاً مصرياً واحداً كتعويض رمزي مؤقت عن تراخي المدعى عليهما بمنح الترخيص المطلوب.
2 – جنيهاً مصرياً واحداً كتعويض رمزي مؤقت عن رفض الترخيص المذكور. مع إلزامهما بالمصروفات
ومقابل أتعاب المحاماة.
وقالت الشركة المدعية بياناً لدعواها إن الشركة المصرية للسياحة وشئون الحج اشترت في
20 من مايو سنة 1955 خمس طائرات من تفليسة شركة سعيد للطيران وطلبت من مصلحة الطيران
المدني بالقاهرة بكتابها المؤرخ في 8 من يونيو سنة 1955 أن تمنحها ترخيصاً لتشغيل هذه
الطائرات على خطوط جوية غير منتظمة خارج الأراضي المصرية وداخلها في أعمال تجارية (ركاب
وبريد وبضائع) وللعمل في موسم الحج لنقل الحجاج. وفي 13 من يونيه سنة 1955 طلبت المصلحة
من الشركة أن توافيها ببعض بيانات مؤيدة بالمستندات عن شكل الشركة القانوني ونسبة الشركاء
المصريين وعقد شراء الطائرات…. وذلك لإمكان النظر في منح الترخيص عملاً بمبدأ تشجيع
الطيران في مصر. وإذ تلقت الشركة المذكورة هذا الرد المشجع فقد بادرت إلى إنشاء شركة
مستقلة عنها تتولى إعداد وتشغيل هذه الطائرات وتكونت الشركة المدعية لهذا الغرض في
أغسطس سنة 1955 وقدمت إلى مصلحة الطيران المدني كافة المستندات المطلوبة منها لاستصدار
التصريح لها في تشغيل الطائرات التي تملكها على خطوط غير منتظمة في مصر والخارج لأغراض
تجارية واستعجلت طلبها هذا في 14 من ديسمبر سنة 1955، ولكنها فوجئت في 15 من ديسمبر
سنة 1955 بكتاب السيد/ مدير مصلحة الطيران المدني متضمناً أنه لم يعد يمنح الشركة أي
ترخيص لتشغيل خدمات جوية في أي شكل من الأشكال وعليها حتى لا تتكبد نفقات لا طائل لها
أن لا تبدأ في اتخاذ أية خطوة جدية في تنفيذ هذا المشروع قبل أن تعرض على المصلحة برنامجاً
مفصلاً لما تنوي القيام به حتى يمكنه التقدم بالتوصية لدى السلطات المسئولة لمنح الشركة
ترخيص التشغيل من عدمه. ثم تبددت مخاوفها عندما أحيل طلب الترخيص إلى الأقسام الفنية
المختصة لفحصه، فأوصت جميعها بمنح الترخيص لها، وطالبت المصلحة الشركة بكتابها المؤرخ
في 12 من يناير سنة 1956 ببرنامج مفصل عن مشروعاتها في السنوات الخمس التالية فتقدمت
الشركة به في 25 من يناير سنة 1956. وبعد مرور أكثر من تسعة عشر شهراً، تحطمت خلالها
إحدى طائراتها بسبب قصف العدو لمطار القاهرة الدولي إبان العدوان الثلاثي على مصر في
أكتوبر ونوفمبر سنة 1956 وأنهكت مواردها لطول الانتظار، تلقت الشركة من مصلحة الطيران
المدني إخطاراً في 13 من يناير سنة 1957 بمنحها ترخيصاً لمدة ثلاثة أشهر فقط تبدأ من
11 من يناير سنة 1957 وتنتهي في 11 من إبريل سنة 1957 لتشغيل رحلات تجارية عارضة لنقل
الركاب والبضائع مقابل أجر في داخل وخارج الجمهورية، ولما كان هذا الترخيص قد تضمن
شروطاً تعسفية فإن توقيته بثلاثة أشهر فقط يجعله صورياً ولذلك فقد تظلمت منه الشركة
في 28 من يناير سنة 1957 ولم تجب المصلحة على هذا التظلم بالرغم من إلفات نظرها إلى
ذلك في 29 من إبريل سنة 1957 فأقامت الشركة دعواها أمام القضاء الإداري ناعية على قرار
مصلحة الطيران المدني الصادر في 13 من يناير سنة 1957 مخالفة القانون والانحراف بالسلطة
لتوقيته بثلاثة أشهر مما يجعله في حكم قرار بالرفض لاستحالة تنفيذه عملاً كما أن سكوتها
عن إجابة الشركة لطلبها المؤرخ في 28 من يناير سنة 1957 المعزز بكتابها المؤرخ في 29
من إبريل سنة 1957 قرار ثان بالرفض قابل للطعن فيه.
وأضافت الشركة المدعية في مذكرتها المؤرخة في 11 من أكتوبر سنة 1960 بالنسبة للطلب
الأول أن انتهاء الترخيص المؤقت الصادر في 13 من يناير سنة 1957 في 9 من إبريل سنة
1957 قبل رفع الدعوى في 29 من مايو سنة 1957 لا يمكن أن يكون سبباً لرفض طلب إلغائه
لأن لها مصلحة واضحة ومحققة في طلب إلغائه بإبراز عيوبه ومآخذه فإذا ما أدركت جهة الإدارة
خطأها التزمت بتصحيحه وأشارت بالنسبة للطلب الثاني الخاص بإلغاء القرار الضمني برفض
منح الشركة المدعية الترخيص الملائم لتشغيل طائراتها أن القرار المؤقت الصادر في 13
من يناير سنة 1957 يحوي في طيه قراراً مستتراً ومن ثم ضمنياً برفض منح الترخيص الملائم
لتشغيل طائراتها وجاءت تصرفات الإدارة اللاحقة مؤكدة لسوء نيتها إلى أن أبلغت الشركة
في 3 من أكتوبر سنة 1957 فقط بأن ثمة ترخيص جديد لمدة ثلاث سنوات تبدأ من 15 من مارس
سنة 1957 وقد حوى هذا الترخيص أيضاً شروطاً مطاطة مما جعله غير قابل للتشغيل. ونوهت
المذكرة بالنسبة للشق الأول من الطلب الثالث الخاص بالتعويض المؤقت عن تراخي المدعى
عليها في منح الترخيص المطلوب أن هذا التراخي يبدأ من 22 من يناير سنة 1956 تاريخ استيفاء
الشركة لكافة الشروط القانونية حتى 23 من أكتوبر سنة 1957 تاريخ إخطارها بمنحها ترخيصاً
جديداً مدته ثلاث سنوات أما عن الشق الثاني من طلب التعويض المؤقت عن رفض الترخيص المذكور
فيتعلق بالتعويض النهائي عما لحقها من خسارة نتيجة اضطرارها إلى وقف نشاطها نهائياً
بعد أن فقدت كل أمل في إمكان ممارسته بسبب تصرفات جهة الإدارة وتعسفها حتى في منحها
الترخيص الجديد لمدة ثلاث سنوات لتضمينه شروطاً وقيوداً مطاطة لا يمكن قبولها.
وقد دفعت الحكومة الدعوى أولاً بعدم قبول طلب إلغاء القرار الصادر في 13 من يناير سنة
1957 بمنح الشركة ترخيصاً مؤقتاً لمدة ثلاثة شهور تأسيساً على أن مدة سريان هذا القرار
قد انتهت في 9 من إبريل سنة 1957 قبل إقامة الدعوى في 26 من مايو سنة 1957 ومن ثم فإن
طلب الشركة لا ينصب على قرار قائم فعلاً. كما دفعت ثانياً بعدم قبول طلب إلغاء القرار
الضمني برفض منح الشركة ترخيصاً ملائماً. وطلبت رفض طلبي التعويض استناداً إلى أن جهة
الإدارة تترخص في إصدار الترخيص أو عدم إصداره وتترخص أيضاً في اختيار الوقت الملائم
الذي تصدره فيه دون إمكان محاسبتها على ذلك نظراً لأن تصرفاتها في هذا الصدد تتمتع
بحصانة تستند إلى ما تتمتع به من سلطات تقديرية واسعة بشرط أن لا يشوب تصرفاتها عيب
الانحراف بالسلطة، ولم يثبت أن تصرفات جهة الإدارة مع الشركة المدعية كانت منطوية على
تعسف وإساءة لاستعمال السلطة. وخلصت إلى طلب الحكم أولاً بعدم قبول الطلبين الأول والثاني
الخاصين بالإلغاء وثانياً برفض الطلب الثالث الخاص بالتعويض بشقيه مع إلزام الشركة
المدعية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وبجلسة 7 من فبراير سنة 1961 قضت محكمة القضاء الإداري بإلغاء القرار الصادر من مصلحة
الطيران المدني بتاريخ 13 من يناير سنة 1957 بمنح الشركة المدعية ترخيصاً مؤقتاً لمدة
ثلاثة شهور ألزمت الحكومة بدفع مبلغ جنيه مصري للشركة المدعية كتعويض مؤقت عن هذا القرار
والمصروفات المناسبة ومبلغ عشرة جنيهات أتعاباً للمحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات.
وأقامت قضاءها بالنسبة للطلب الأول الخاص بإلغاء قرار مصلحة الطيران المدني الصادر
في 13 من يناير سنة 1957 على أن هذا القرار كان موقوتاً بمدة معينة إلا أن هذا لا يعنى
انتفاء المصلحة في إلغائه بانتهاء مدته لأن لصاحب الشأن مصلحة أدبية أو مادية في إلغائه
رغم انتهاء مدته لإزالة كل ما كان له من أثر واتخاذه سنداً لطلب التعويض وانتهت إلى
إلغاء هذا القرار لأن التراخي في منح الترخيص طوال المدة من 22 من يناير سنة 1956 تاريخ
استيفاء الشركة كافة الشروط القانونية المطلوبة إلى 13 من يناير سنة 1957 تاريخ منح
الترخيص يشوب القرار بسوء استعمال السلطة من ناحية اختيار الوقت الملائم لإصداره ولأن
تعليق الترخيص على ضمان عدم منافسة الشركة المدعية لشركة مصر للطيران أمر غير جائز
قانوناً كما أن توقيت الترخيص بثلاثة أشهر يخل بالغرض الذي منح من أجله وبالتالي يكون
هذا التقدير ضرباً من سوء استعمال السلطة وتكون الشركة محقة في طلب إلغائه. إنما بالنسبة
لطلب إلغاء القرار الضمني برفض منح الشركة ترخيصاً ملائماً فقد أوردت المحكمة أن هذا
الطلب أصبح غير ذي موضوع بعد صدور القرار بمنح الشركة المدعية الترخيص الملائم لمدة
ثلاث سنوات تبدأ من 13 من مارس سنة 1957 وأشارت المحكمة بالنسبة لطلب التعويض أن الشركة
المدعية تطالب بتعويض مؤقت قدره جنيهاً واحداً عن القرار الصادر في 13 من يناير سنة
1957 لأنه صدر في وقت غير ملائم ولمدة غير ملائمة، ولما كان قد ثبت لها مخالفة القرار
للقانون من هاتين الناحيتين ولا جدال في أنه أصاب الشركة ضرر من هذا القرار كان سبباً
في تعطيل نشاطها فترة طويلة بغير مبرر ويكبدها خسائر مالية فإنها تستحق أن يقضى لها
بالتعويض المطلوب.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله
تأسيساً على أن الجهة الإدارية تتمتع في مجال الترخيص للطائرات بسلطة تقديرية مطلقة
لتعلقها بتأمين سلامة الدولة في الداخل والخارج وأن التراخي لكي ينطوي على انحراف كما
ذهب الحكم المطعون فيه يجب أن يقترن بسوء النية المتعمد وهو ما لا محل له نظراً لأن
التأخير كان بسبب الروتين الحكومي وأن إدراج الشرط الخاص يمنع المنافسة بين الشركة
المطعون ضدها وبين شركة مصر للطيران.
ينطوي على سوء استعمال السلطة لأن شركة مصر للطيران تمارس احتكاراً فعلياً وقانونياً
فهذا الشرط إذن من قبيل التزيد المحض. كما أن منح الترخيص لمدة ثلاثة شهور كان بقصد
تجربة الشركة وهو من الأمور التي تدخل في سلطة الإدارة التقديرية.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة أودعت تقريراً برأيها انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول
الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى وإلزام الشركة
المطعون ضدها بالمصروفات.
واستندت في ذلك إلى أنه لم يقم دليل على أن الجهة الإدارية قد انحرفت بسلطتها في إصدار
القرار المطعون فيه الصادر في 13 من يناير سنة 1957 وبذلك يكون الحكم المطعون فيه حقيقاً
بالإلغاء.
وقدمت إدارة قضايا الحكومة مذكرة بدفاعها أضافت فيها دفعاً بعدم اختصاص مجلس الدولة
بهيئة قضاء إداري بنظر طلب التعويض وقالت في هذا الصدد إن الشركة المدعية إذ طلبت إلزام
المدعى عليهما بأن يدفعا معاً لها جنيهاً مصرياً واحداً كتعويض رمزي مؤقت عن تراخيها
في منح الترخيص المطلوب وهذا التراخي لا يعدو أن يكون سلوكاً مادياً من جانبها لا يرقى
إلى مرتبة القرار الإداري ولا يختص القضاء الإداري بالتعويض عنه وما كان يجدر بالمحكمة
أن تصرف طلب التعويض إلى التعويض عن القرار الإداري موضوع طلب الإلغاء وهو القرار الصادر
في 13 من يناير سنة 1957 وهو ما لم يكن محلاً لطلب الشركة بالتعويض. وخلصت إلى طلب
الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم أولاً: بالنسبة
لطلب الشركة المطعون ضدها بإلغاء القرار الصادر من مصلحة الطيران المدني بتاريخ 13
من يناير سنة 1957 أصلياً: بعدم قبول هذا الطلب. واحتياطياً: برفضه. وثانياً: بالنسبة
لطلب الشركة تعويضاً مؤقتاً مقداره جنيهاً واحداً عما تدعيه من تراخي جهة الإدارة في
منح الترخيص أصلياً: بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر هذا الطلب واحتياطياً:
برفضه.
وعقبت الشركة المطعون ضدها وقالت بالنسبة للدفع بعدم قبول طلب إلغاء القرار الصادر
في 13 من يناير سنة 1957 لانقضائه وانعدام كيانه القانوني قبل رفع الدعوى أن لها مصلحة
أدبية ومادية في إلغاء القرار رغم انتهاء مدته حتى لا يؤدي عدم إلغائه إلى تصحيح القرار
الباطل وتحصين المركز القانوني الذي أوجده وأضافت بالنسبة للدفع الذي أثارته إدارة
قضايا الحكومة بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر طلب التعويض أن من حق المحكمة أن تتعرف
على حقيقة مقصود المدعي من دعواه لكي تصل من ذلك إلى حقيقة المطلوب منها وأن تحكم به
وأن ما حكمت به محكمة القضاء الإداري هو في الواقع ما طلبته إذ العبرة بالمعاني وليست
بالمباني.
وبجلسة 2 من ديسمبر سنة 1967 دفع الحاضر عن المطعون ضدهم بسقوط الخصومة فيها لمرور
أكثر من سنة على آخر إجراء صحيح فيها حيث انقطع سير الخصومة فيها بتاريخ 7 من مايو
سنة 1966 وعجلت لجلسة 10 من يونيه سنة 1967 ولم يصلهم الإعلان إلا في 23 من مايو سنة
1967.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً في هذا الدفع انتهت فيه إلى أنها ترى أنه غير مستند
إلى أساس سليم من القانون تأسيساً على أن الحكم بانقطاع سير الخصومة في الطعن صدر بجلسة
7 من مايو سنة 1966 وقدمت الجهة الإدارية الطاعنة طلب التعجيل في 2 من مايو سنة 1966
أي قبل انقضاء سنة من آخر إجراء صحيح من إجراءات التقاضي ذلك أن المنازعة أمام القضاء
الإداري تتم على خلاف الحال في القضاء الوطني بإيداع العريضة سكرتيرية المحكمة المختصة
في الموعد المحدد طبقاً للمادة 23 من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة
وأن طلب التعجيل إجراء يستهدف استئناف السير في المنازعة فيأخذ حكم إقامتها.
وعقب المطعون ضدهم بأن الإجراءات المنظمة لاستئناف سير الدعوى في حالة انقطاعها غير
منصوص عليها في قانون مجلس الدولة الأمر الذي يتعين معه الأخذ بما جاء بقانون المرافعات
في هذا الصدد وهو أن يكون استئناف السير في الدعوى بتكليف الخصوم بالحضور وإعلانهم،
وأشاروا إلى أن الثابت بملف الدعوى أن طلب التعجيل مؤشر عليه في 9 من مايو سنة 1967
وليس في 2 من مايو سنة 1967 وفضلاً عن ذلك فليس ثمة سجل خاص بالمحكمة لقيد طلبات التعجيل.
وقد أودعت إدارة قضايا الحكومة حافظة طوتها على صورة طلب التعجيل مؤشراً عليها بتاريخ
تقديمها إلى سكرتارية المحكمة الإدارية العليا في 2 من مايو سنة 1967 وأضافت أن المادة
الثامنة من اللائحة الداخلية للمجلس قد أشارت إلى إعداد ملف لكل دعوى تودع به كل ورقة
يوجب القانون إيداعها وإذا كان الموظف المختص لم يؤشر بذلك على غلاف الطعن فإن المودع
لا يسأل عن ذلك.
ومن حيث إن المطعون ضدهم يدفعون بسقوط الخصومة لانقضاء أكثر من سنة من آخر إجراء صحيح
من إجراءات التقاضي وأقاموا هذا الدفع على أن المحكمة الإدارية العليا قضت في 7 من
مايو سنة 1966 بانقطاع سير الخصومة في الطعن الماثل وعجلت إدارة قضايا الحكومة بنظر
الطعن لجلسة 10 من يونيه سنة 1967 التي أعلنوا بها في 23 من مايو سنة 1967 ويقولون
أن من شأن ذلك سقوط الخصومة في الطعن بالتطبيق لحكم المادة 30 من قانون المرافعات المدنية
والتجارية.
ومن حيث إن المادة الثالثة من قانون إصدار القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس
الدولة تنص على أن "تطبق الإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون وتطبق أحكام قانون
المرافعات فيما لم يرد فيه نص وذلك إلى أن يصدر قانون الإجراءات الخاصة بالقسم القضائي"
الأمر الذي يقتضي كأصل عام عدم الأخذ بإجراءات قانون المرافعات المدنية والتجارية وأحكامه
أمام القضاء الإداري إلا فيما لم يرد فيه نص خاص في قانون مجلس الدولة وبالقدر الذي
لا يتعارض نصاً أو روحاً مع نظام مجلس الدولة وأوضاعه الخاصة به.
ومن حيث إن إقامة المنازعة الإدارية تتم طبقاً لنص المادة 23 من القانون رقم 55 لسنة
1959 بإيداع أحد طرفيها عريضتها قلم كتاب المحكمة المختصة كما يتم الطعن أمام المحكمة
الإدارية العليا طبقاً للمادة 16 من القانون المذكور بإيداع ذوي الشأن تقرير الطعن
قلم كتاب هذه المحكمة وتنعقد بذلك الخصومة وتكون مقامة في الميعاد القانوني ما دام
الإيداع قد تم خلاله، أما إعلان العريضة أو تقرير الطعن طبقاً لنص المادة 25 وتحديد
جلسة لنظر المنازعة أمام المحكمة المختصة فليس ركناً من أركان إقامة المنازعة الإدارية
أو شرطاً لصحتها وإنما هو إجراء مستقل لا يقوم به أحد طرفي المنازعة وإنما تتولاه المحكمة
من تلقاء نفسها وليس من شأنه أن يؤثر في صحة انعقاد الخصومة وذلك على خلاف الحال في
المنازعة المدنية إذ ترفع فيها الدعوى أمام المحكمة طبقاً لنص المادة 69 من قانون المرافعات
المدنية والتجارية بناء على طلب المدعي بصحيفة تعلن للمدعى عليه ما لم يقض القانون
بغير ذلك.
ومن حيث إن تعجيل نظر المنازعة الإدارية باعتباره إجراء يستهدف استئناف السير في المنازعة
بعد انقطاعها يأخذ حكم إقامتها ابتداء من حيث الالتزام بالإجراءات التي رسمها القانون
لانعقاد الخصومة أمام القضاء الإداري فتستأنف الدعوى سيرها بإيداع طلب التعجيل قلم
كتاب المحكمة المختصة ويكون ذلك صحيحاً في القانون إذا تم إيداع الطلب خلال سنة من
آخر إجراء صحيح من إجراءات التقاضي طبقاً لحكم المادة 301 من قانون المرافعات المدنية
والتجارية دون اعتداد بتاريخ التكليف بالحضور على مقتضى حكم المادة 298 من قانون المرافعات
المذكور لتعارضه مع طبيعة الإجراءات التي نظمها قانون تنظيم مجلس الدولة نصاً وروحاً.
ومن حيث إن المحكمة الإدارية العليا قد قضت في 7 من فبراير سنة 1966 بانقطاع سير الخصومة
في الطعن لزوال صفة شركة طيران الشرق التي كانت مختصمة حينذاك، وقد تبين من الاطلاع
على أصل طلب التعجيل الذي تقدمت به إدارة قضايا الحكومة إلى قلم كتاب المحكمة الإدارية
العليا أن السيد/ محامي إدارة قضايا الحكومة قد أشر عليه في 2 من مايو سنة 1967 بما
يفيد أن الرسم خاص بالحكومة كما أشر عليه الموظف المختص بقلم الكتاب في التاريخ المشار
إليه بما يفيد وروده، وتم إعلان صورة هذا الطلب المطعون ضدهم في الأول من يونيه سنة
1967. وإذ ثبت إيداع طلب التعجيل على هذا الوجه قلم كتاب المحكمة في 2 من مايو سنة
1967 فيكون قد تم قبل انقضاء سنة من تاريخ الحكم بانقطاع سير الخصومة أي خلال الميعاد
المقرر قانوناً ويتعين لذلك رفض الدفع المثار لابتنائه على غير سند من القانون.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قضى بإلغاء قرار مصلحة الطيران المدني الصادر في 13 من
يناير سنة 1957 بمنح الشركة المدعية ترخيصاً مؤقتاً بتشغيل طائراتها لمدة ثلاثة شهور
بالرغم من انقضاء مدته وأقام الحكم حجته على أن توقيت القرار الإداري بمدة معينة لا
يعني انتفاء المصلحة في إلغائه بانتهاء مدته لأن لصاحب الشأن مصلحة أدبية أو مادية
في إلغاء القرار رغم انتهاء مدته لإزالة كل ما كان له من أثر أو اتخاذه سنداً لطلب
التعويض.
ومن حيث إن الخصومة في دعوى الإلغاء هي خصومة عينية مناطها اختصام القرار الإداري في
ذاته استهدافاً لمراقبة مشروعيته. ولما كان القرار الإداري على هذا النحو هو موضوع
الخصومة ومحلها في دعوى الإلغاء فإنه يتعين أن يكون القرار قائماً منتجاً لآثاره عند
إقامة الدعوى، فإذا ما تخلف هذا الشرط بأن زال هذا القرار قبل رفع الدعوى بإلغائه أو
بانتهاء فترة تأقيته دون أن ينفذ على أي وجه كما هو الشأن في الحالة الماثلة كانت الدعوى
غير مقبولة إذ لم تنصب على قرار إداري قائم ولم تصادف بذلك محلاً.
ومن حيث إن قرار مصلحة الطيران المدني سالف الذكر قد رخص للشركة المدعية بمزاولة نشاطها
لمدة ثلاثة شهور اعتباراً من 9 من يناير سنة 1957 إلى 9 من إبريل سنة 1957 وقد انقضى
هذا القرار بانتهاء أجله دون أن ينفذ وزال بذلك أثره قبل طلب إلغائه في 26 من مايو
سنة 1957 فتكون الدعوى بذلك قد افتقدت أحد شروط قبولها وذلك مع افتراض أن الشركة المدعية
إذ طلبت مجرد إنهاء القرار المشار إليه أنها استهدفت طلب إلغائه.
ومن حيث إن القرار المطعون فيه إذ انقضى بانتهاء أجله دون أن ينفذ على أي وجه قبل إقامة
الدعوى بطلب إلغائه ولم يترتب عليه بذلك ثمة آثار قانونية تمس المركز القانوني للشركة
المدعية فإنه ينتفي القول بأن لها مصلحة شخصية ومباشرة مادية أو أدبية يجوز معها قبول
طلب إلغاء هذا القرار حتى مع التسليم باتسامه بعدم المشروعية. وترتيباً على ذلك فإنه
لا يجوز التحدي بأن مجرد خطأ القرار الإداري يتحقق به شرط المصلحة لتعلن المحكمة هذا
الخطأ فتتداركه الإدارة مستقبلاً حسبما ذهبت الشركة المدعية أو أن يتخذ الإلغاء سنداً
لطلب التعويض كما اتجه الحكم المطعون فيه، لا وجه للتحدي بذلك لأن التصدي لإلغاء القرار
الإداري لعيب فيه أو ليكون سنداً لطلب التعويض أمر لاحق بطبيعته لقبول طلب الإلغاء
وليس سابقاً عليه ومن ثم فلا يتأتى ذلك إلا إذا توافرت المصلحة المبررة بقبول طلب الإلغاء
ابتداء. وإذا لم يقم للشركة المدعية مصلحة في طلب إلغاء القرار الصادر من مصلحة الطيران
المدني في 13 من يناير سنة 1957 فإنه يتعين القضاء بعدم قبول طلب إلغائه.
ومن حيث إن الشركة المدعية طلبت أمام محكمة القضاء الإداري الحكم بإلغاء القرار الضمني
برفض منحها الترخيص الملائم لتشغيل طائراتها والحكم بإلزام المدعى عليهما بأن يدفعا
إليها:
1 – جنيهاً مصرياً واحداً كتعويض رمزي مؤقت عن تراخي المدعى عليهما المذكورين في منح
الترخيص المطلوب.
2 – جنيهاً مصرياً واحداً كتعويض رمزي مؤقت عن رفض الترخيص المذكور.
وقد قضى الحكم المطعون فيه برفض طلب إلغاء القرار الضمني برفض منح الشركة ترخيصاً ملائماً
تأسيساً على أن هذا الطلب قد أصبح غير ذي موضوع بعد صدور القرار بمنح الشركة المدعية
الترخيص الملائم لمدة ثلاث سنوات تبدأ من 13 من مارس سنة 1957 وقضى بإلزام الحكومة
بدفع مبلغ جنيه مصري للشركة المدعية كتعويض مؤقت عن القرار الصادر من مصلحة الطيران
المدني بتاريخ 13 من يناير سنة 1957 بمنح الشركة ترخيصاً مؤقتاً لمدة ثلاثة شهور ورفضت
ما عدا ذلك من الطلبات.
ومن حيث إن المستفاد من طلبات الشركة المدعية أنها لم تطلب تعويضاً عن قرار مصلحة الطيران
المدني الصادر في 13 من يناير سنة 1957 على ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه وإنما انصب
طلبا التعويض أولاً: على التراخي في منح الترخيص المطلوب. وثانياً: على رفض الترخيص
المذكور هذا الترخيص الذي كان محل الطلب الثاني للشركة المدعية إذ قضت محكمة القضاء
الإداري برفضه وهو الخاص بإلغاء القرار الضمني برفض منحها الترخيص الملائم لتشغيل طائراتها
وآية ذلك أن الشركة المدعية أشارت في مذكرتها الختامية أمام محكمة القضاء الإداري بالنسبة
لطلب التعويض بشقيه إلى أن التراخي ليس مقصوراً على الفترة من 23 من يناير سنة 1956
– تاريخ استيفائها كافة الشروط القانونية اللازمة لإصدار الترخيص الملائم لتشغيل طائراتها
– إلى تاريخ صدور قرار مصلحة الطيران المدني في 13 من يناير سنة 1957، ولكنه يمتد إلى
23 من أكتوبر سنة 1957 – تاريخ إخطارها بمنحها ترخيصاً جديداً مدته ثلاثة سنوات – وأضافت
بالنسبة للشق الثاني من طلب التعويض المنصب على رفض الترخيص المطلوب أنه يتعلق بالتعويض
النهائي عما لحق الشركة من خسارة بسبب وقف نشاطها نهائياً، ومحصل ذلك أن طلبي التعويض
لا يقومان على قرار مصلحة الطيران المدني الصادر في 13 من يناير سنة 1957 كما جرى الحكم
المطعون فيه.
ومن حيث إن الأصل أن المدعي هو الذي يحدد نطاق دعواه وطلباته أمام القضاء ولا تملك
المحكمة من تلقاء نفسها أن تتعداها، فإذا هي قضت بغير ما يطلبه الخصوم فإنها تكون بذلك
قد تجاوزت حدود سلطتها وحق إلغاء ما قضت به.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذا قضى بإلزام الحكومة بأن تدفع للشركة المدعية مبلغ
جنيه مصري كتعويض مؤقت عن قرار مصلحة الطيران المدني الصادر في 13 من يناير سنة 1957
فإنه يكون قد قضى بما لم تطلبه الشركة المدعية ويتعين لذلك إلغاؤه في هذا الشق لمخالفته
حكم القانون.
ومن حيث إن الشركة المدعية لم تطعن فيما قضت به محكمة القضاء الإداري من رفضها طلب
إلغاء القرار الضمني برفض منحها الترخيص الملائم لتشغيل طائراتها ورفض طلب التعويض
المؤقت عن التراخي في منحها الترخيص المطلوب ورفضه وارتضت بذلك هذا الحكم الذي أصبح
نهائياً بالنسبة لها وعلى ذلك لا يجوز لهذه المحكمة وهي بصدد نظر الطعن الماثل أن تتطرق
لهذه الطلبات، كما لا يجوز للمطعون ضدهم إثارة هذه الطلبات على وجه صريح أو ضمني.
ومن حيث إنه ترتيباً على ذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون حين
قضى بقبول الدعوى بالنسبة للطلب الأول الخاص بإلغاء قرار مصلحة الطيران المدني الصادر
في 13 من يناير سنة 1957، وقضى بما لم يطلبه الخصم إذ حكم بالتعويض عن هذا القرار،
ويكون الحكم بذلك جديراً بالإلغاء لصدوره على غير ما يقضي به القانون مع إلزام المطعون
ضدهم بالمصروفات.
"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى طلب إنهاء الترخيص المؤقت الصادر في 13 من يناير سنة 1957 ويرفض التعويض المؤقت المقضى به وألزمت المدعين بالمصروفات.
