الطعن رقم 59 سنة 24 ق – جلسة 17 /05 /1954
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الثالث – السنة 5 – صـ 633
جلسة 17 من مايو سنة 1954
برياسة السيد الأستاذ أحمد محمد حسن رئيس المحكمة، وحضور السادة: مصطفى حسن، ومحمود ابراهيم إسماعيل، وأنيس غالى، ومصطفى كامل المستشارين.
القضية رقم 59 سنة 24 القضائية
تبديد. لمحكمة الموضوع سلطة تفسير العقود التى سلمت بموجبها الأموال
محل تهمة التبديد.
لمحكمة الموضوع وهى بصدد البحث فى تهمة تبديد الأقطان المنسوبة إلى المتهم سلطة تفسير
العقود التى بموجبها سلمت هذه الأقطان للوصول إلى مقصود المتعاقدين منها مستعينة فى
ذلك بظروف الدعوى وملابساتها إلى جانب نصوص تلك العقود، فإذا هى فسرت هذه العقود بأنها
لا تندرج تحت عقد الرهن الوارد فى المادة 341 من قانون العقوبات بل هى من عقود النمو
بل على القطن وكان استخلاصها لما انتهت إليه عن وصف العقود سائغا، فإن الطعن يكون غير
مقبول.
الوقائع
رفع المدعى بالحق المدنى نوار ابراهيم (الطاعن) هذه الدعوى مباشرة على المطعون ضده فيكتور طوربيل (المتهم) أمام محكمة الفشن الجزئية متهما إياه بأنه بدد 860 قنطار و47 رطلا من القطن سلمت إليه من الدكتور نوار إبراهيم على سبيل الوديعة. وطلبت عقابه طبقا للمادة 341 من قانون العقوبات كما طلب القضاء له ممليه بمبلغ ستين جنيها مصريا على سبيل التعويض المؤقت وفى أثناء نظرها أمام المحكمة المشار إليها دفع الحاضر مع المتهم بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، وبعد أن أتمت نظرها قضت فيها برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة وباختصاصها بنظرها وفى الموضوع ببراءة المتهم من التهمة المسندة إليه وبرفض الدعوى المدنية وألزمت رافعها بالمصروفات. فاستأنفت النيابة والمدعى بالحق المدنى هذا الحكم، وأمام محكمة بنى سويف الابتدائية قال الحاضر مع المتهم "دفعنا فى مذكرة قدمناها للمحكمة بسقوط الدعوى الجنائية بمضى المدة" وبعد أن أتمت المحكمة نظرها قضت حضوريا بقبولهما شكلا ورفض الدفع بسقوط الدعوى الجنائية ورفض الاستئنافين وبتأييد الحكم المستأنف وألزمت المدعى بالحق المدنى بالمصروفات المدنية بلا مصروفات جنائية. فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض ….. الخ.
المحكمة
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه فى الوجه الأول أنه
أخطأ فى تطبيق القانون فقد ذهب المحكمة إلى القول بأن العقود التى سلمت بموجبها الأقطان
هى من عقود التمويل لا عقود الرهن مع أن أحد هذه العقود معنون بأنه عقد تسليف على أقطان
ومذكور فيه أن لصاحب الأقطان الحق فى استردادها فى أى وقت وبيعها لمن يشاء ، والعقدان
الآخران يعنونان "شروط إيداع أقطان" ومؤدى ذلك إن قصد المتعاقدين لم ينصرف إلا إن رهن
الأقطان ضمانا لما افترضه الطاعن.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد تناول دفاع الطاعن بشأن العقود التى سلمت بموجبها الأقطان
محل تهمة التبديد، وهو الدفاع الذى ردده الطاعن فى هذا الوجه من طعنه، وأورد الحكم
فى الرد عليه ما يلي "ومن حيث وإن كان ذكر فى العقد الأول من عقود الاتفاق أن للمدعى
الحق فى استلام الأقطان فى أى وقت يشاء وأن عنوان العقدين الآخرين" شروط إيداع أقطان"
إلا أنه نص فى العقد الأول على تحديد عمولة عن الأطان التى تنيها الشركة وعمولة أخرى
تختلف عنها عن الأقطان التى يتسلمها المدعى ونوران النقدية وتحديد السلفة بمبلغ 700
قرش عن كل قنطار قابلة للزيادة والنقصان حسب تقلبات السوق كما اتفق فى العقدين الآخرين
على غطاء مقدار مبلغ 150 قرشا وهذا يؤيد ما ذهب إليه الحكم المستأنف وبعض الأحكام الأخرى
المشار إليها فى مذكرات المتهم من أن هذا النوع من العقود لا يندرج تحت عقد الرهن الوارد
فى المادة 241 ع بل هى من عقود التمويل على القطن". لما كان لمحكمة الموضوع سلطة تفسير
العقود للوصول إلى مقصود المتعاقدين منها مستعينة فى ذلك بظروف الدعوى وملابساتها إلى
جانب نصوص تلك العقود، وكان استخلاص الحكم لما انتهى إليه عن وصف العقود استخلاصا سائغا،
فإن هذا الوجه يكون غير مقبول.
وحيث إن مبنى الوجه الثانى أن الطاعن تمسك فى مرافعته ومذكراته بأن المطعون ضده هو
الذى تصرف فى الأقطان وقدم تدليلا على ذلك برقية بتوقيع "طوربيل" يسجل فيها أنه باع
لوطا يبلغ مقداره خمسة ريالات ولم ترد المحكمة على هذا الدفاع إلا بقولها إن التوقيع
على البرقية باسم طوربيل لايقطع بأن المتهم هو المتصرف فى الأقطان المبيعة، مع أنه
هو المسئول عن هذا التصرف باعتباره مديرا للشركة. وهذا الرد يجعل الحكم سنويا بالقصور.
وحيث إن محكمة الموضوع قد أثبت فى حكمها المطعون فيه إنها لا ترى دليلا فى التوقيع
على البرقية باسم "طوربيل" على أن المطعون ضده هو الذى تصرف فى اللوط رقم 12، كما قالت
فى موضوع آخر إن الشركة هى التى باعت الأقطان لأن الفرق بين ما تسلمه المدعى من ثمن
قنطار القطن وسعره فى السوق زاد على مائة وخمسين قرشا، وكانت الشركة تقوم بإخطار الطاعن
وتطالبه بالتغطية قبل إجراء البيع، وأن المبالغ التى تحصلت من الثمن قيدت لحسابه، ولما
كان ما أثبته الحكم مما تقدم فيه الرد الكافى على ما أبداه الطاعن، فإن ما ينعاه من
قصور الحكم لا يكون سديدا.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث أن المحكمة أخطأت حين نفت قيام القصد الجنائى، ولو أنها
طبقت القانون تطبيقا سليما لكانت انتهت إلى توافر هذا القصد.
وحيث إن الحكم المطعون فيه تحدث عن ركن القصد الجنائى فى جريمة خيانة الأمانة وقال
إن وقائع القضية لا يمكن معها القول بتوافره ثم انتهى من ذلك وبناء على الأسباب الأخرى
التى أوردتها المحكمة إلى تأييد الحكم المستأنف القاضى ببراءة المتهم لعدم توافر العناصر
القانونية للجريمة المرفوعة بها الدعوى، لما كان ذلك، فإنه لا أساس لما يثيره الطاعن
من خطأ المحكمة فى تطبيق القانون.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.
