قاعدة رقم الطعن رقم 35 لسنة 19 قضائية “دستورية” – جلسة 04 /11 /2000
أحكام المحكمة الدستورية العليا – الجزء التاسع
من أول يوليو 1998 حتى آخر أغسطس 2001 – صـ 790
جلسة 4 نوفمبر سنة 2000
برئاسة السيد المستشار/ محمد ولي الدين جلال – رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حمدي محمد علي وعبد الرحمن نصير وماهر البحيري وعدلي محمود منصور وعلي عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصي، وحضور السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق – رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن – أمين السر.
قاعدة رقم
القضية رقم 35 لسنة 19 قضائية "دستورية"
1 – دعوى دستورية "اتصالها بالمحكمة".
ضرورة اتصال الدعوى الدستورية بالمحكمة الدستورية العليا اتصالاً مطابقاً للأوضاع المقررة
في قانونها – هذه الأوضاع الإجرائية تتعلق بالنظام العام حتى ينتظم التداعي في المسائل
الدستورية بالإجراءات التي رسمها المشرع.
2 – دعوى دستورية "استبعاد الدعوى الأصلية المباشرة".
عدم إجازة المشرع الدعوى الأصلية سبيلاً للطعن بعدم الدستورية – إقامة الدعوى الدستورية
قبل أن ترخص محكمة الموضوع للمدعي بإقامتها، بعد تقديرها لجدية دفعه، تعتبر بمثابة
طعن مباشر وبصفة أصلية وهو ما لا يجوز قانوناً، إذ لم يجز المشروع الدعوى الأصلية طريقاً
للطعن بعدم الدستورية – أثره: عدم قبول الدعوى.
3 – دعوى دستورية "المصلحة الشخصية: مناطها – عنصراها".
مناط المصلحة الشخصية المباشرة ألا تفصل المحكمة الدستورية العليا في غير المسائل الدستورية
التي يؤثر الحكم فيها على النزاع الموضوعي – بتحقق ذلك باجتماع عنصرين: أن يقيم المدعي
الدليل على أن ضرراً واقعياً قد لحق به، وأن يكون هذا الضرر عائداً إلى النص المطعون
فيه.
4 – دعوى دستورية "المصلحة فيها – انتفاؤها".
إلغاء الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة من قانون الضريبة العامة على المبيعات
الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 منذ تاريخ العمل بالقانون رقم 2 لسنة 1997، وإلغاء
ما صدر عن رئيس الجمهورية من قرارات استناداً إليهما منذ تاريخ العمل بكل منها، إنفاذاً
لأحكام هذا القانون – أثره: انعدام الآثار القانونية المترتبة على النصوص الطعينة،
وبالتالي انتفاء المصلحة في الطعن عليها.
1، 2 – جرى قضاء المحكمة الدستورية العليا على أن المشرع رسم في البند (ب) من المادة
29 من قانونها طريقاً لرفع الدعوى الدستورية التي أتاح للخصوم مباشرتها وربط بينه وبين
الميعاد المحدد لرفعها، فدل بذلك على أنه اعتبر هذين الأمرين من مقومات الدعوى الدستورية،
فلا ترفع إلا بعد إبداء دفع بعدم الدستورية تقدر محكمة الموضوع جديته، ولا تقبل إلا
إذا رفعت خلال الأجل الذي ناط المشرع بمحكمة الموضوع تحديده بحيث لا يجاوز ثلاثة أشهر.
وهذه الأوضاع الإجرائية – سواء ما اتصل منها بطريقة رفع الدعوى أو بميعاد رفعها – تتعلق
بالنظام العام باعتبارها أشكالاً جوهرية في التقاضي تغيا بها المشرع مصلحة عامة حتى
ينتظم التداعي في المسائل الدستورية بالإجراءات التي رسمها وفي الموعد الذي حدده، وإلا
كانت الدعوى الدستورية غير مقبولة. لما كان ذلك وكان المستأنف ضده لم يدفع أمام محكمة
الموضوع بعدم دستورية النصوص التشريعية التي أثار شبهة مخالفتها للدستور أمام هيئة
المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا لأول مرة، وبالتالي لم تصرح له محكمة الموضوع –
بعد تقديرها لجدية دفعه – بإقامة الدعوى الدستورية بشأن تلك النصوص، فإن ذلك بعد اختصاماً
لها بصورة مبتدأة تنحل إلى طعن عليها بالطريق المباشر وبصفة أصلية وهو ما لا يجوز قانوناً،
إذ لم يجز المشرع الدعوى الأصلية طريقاً للطعن بعدم دستورية النصوص القانونية، ومن
ثم لا يعدو الطعن على النصوص المشار إليها – على الوجه المتقدم – أن يكون تجريحاً لها
بقصد إهدار آثارها بغير الطريق الذي رسمه قانون المحكمة الدستورية العليا، مما يتعين
معه القضاء بعدم قبول الدعوى بالنسبة إليها.
3 – جرى قضاء هذه المحكمة على أن شرط المصلحة الشخصية المباشرة مؤداه ألا تفصل في غير
المسائل الدستورية التي يؤثر الحكم فيها على النزاع الموضوعي. ومن ثم يتحدد مفهوم هذا
الشرط بأن يقيم المدعي الدليل على أن ضرراً واقعياً قد لحق به، وأن يكون هذا الضرر
عائداً إلى النص المطعون فيه، فإذا كان الإخلال بالحقوق التي يدعها لا يعود إليه، أو
كان النص المذكور قد أُلغى بأثر رجعي منذ تاريخ العمل به وبالتالي زال كل ما كان له
من أثر قانوني منذ صدوره، دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة. ذلك أن إبطال
النص التشريعي في هذه الحالة لن يحقق للمدعي أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه
القانوني بعدم الفصل في الدعوى الدستورية عما كان عليه قبلها.
4 – متى كانت المصلحة في الدعوى الدستورية الراهنة – بقدر ارتباطها بالنزاع الموضوعي
وفي حدود حكم الإحالة الصادر عن محكمة الموضوع – إنما تنحصر في الفصل في دستورية الفقرتين
الثالثة والرابعة من المادة 3 من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون
رقم 11 لسنة 1991، وإذ أُلغيت هاتان الفقرتان منذ تاريخ العمل بالقانون رقم 2 لسنة
1997، كما أُلغى ما صدر عن رئيس الجمهورية من قرارات استناداً إليهما منذ تاريخ العمل
بكل منها، وذلك كله إنفاذاً لأحكام هذا القانون؛ فإنه لم تعد ثمة آثار قانونية قائمة
يمكن أن تكون النصوص الطعينة قد رتبتها خلال فترة نفاذها بعد أن تم إلغاؤها بأثر رجعي؛
لتغدو المصلحة – بذلك – في الطعن عليها منتفية.
الإجراءات
بتاريخ التاسع عشر من فبراير سنة 1997 ورد إلى قلم كتاب المحكمة
ملف الاستئناف رقم 13 لسنة 32 قضائية، بعد أن قضت محكمة استئناف بني سويف "مأمورية
المنيا" بوقفه وإحالته إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية الفقرتين الثالثة
والرابعة من المادة الثالثة من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون
رقم 11 لسنة 1991.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة
اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق – تتحصل في أن المستأنف
ضده كان قد أقام الدعوى رقم 70 لسنة 1995 مدني أمام محكمة المنيا الابتدائية ضد وزير
المالية، طالباً الحكم بعدم أحقيته في مطالبته بضريبة مبيعات عن نشاطه في أعمال المقاولات،
وإذ صدر الحكم لصالحه، فقد أقام وزير المالية الاستئناف رقم 13 لسنة 32 قضائية بني
سويف "مأمورية المنيا". وبجلسة 8/ 1/ 1997 قضت تلك المحكمة بوقف الاستئناف وإحالته
للمحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة الثالثة
من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون 11 لسنة 1991. وذلك لما تراءى
لها من مخالفتهما للمادة 119 من الدستور.
وحيث إن المستأنف ضده قد طلب أثناء تحضير الدعوى أمام هيئة المفوضين، الحكم بعدم دستورية
الفقرة الثانية من المادة الثالثة من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون
رقم 11 لسنة 1991، وبسقوط القرار الوزاري رقم 3 لسنة 1993 بإخضاع نشاط المقاولات للضريبة
العامة على المبيعات، وكان ذلك يجاوز نطاق النصوص المشار إليها في حكم الإحالة الذي
اتصلت به الدعوى الماثلة بهذه المحكمة؛ وكان قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى
على أن المشرع رسم في البند (ب) من المادة 29 من قانونها طريقاً لرفع الدعوى الدستورية
التي أتاح للخصوم مباشرتها وربط بينه وبين الميعاد المحدد لرفعها، فدل بذلك على أنه
اعتبر هذين الأمرين من مقومات الدعوى الدستورية، فلا ترفع إلا بعد إبداء دفع بعدم الدستورية
تقدر محكمة الموضوع جديته، ولا تقبل إلا إذا رفعت خلال الأجل الذي ناط المشرع بمحكمة
الموضوع تحديده بحيث لا يجاوز ثلاثة أشهر. وهذه الأوضاع الإجرائية – سواء ما اتصل منها
بطريقة رفع الدعوى أو بميعاد رفعها – تتعلق بالنظام العام باعتبارها أشكالاً جوهرية
في التقاضي تغيا بها المشرع مصلحة عام حتى ينتظم التداعي في المسائل الدستورية بالإجراءات
التي رسمها وفي الموعد الذي حدده، وإلا كانت الدعوى الدستورية غير مقبولة. لما كان
ذلك وكان المستأنف ضده لم يدفع أمام محكمة الموضوع بعدم دستورية النصوص التشريعية التي
أثار شبهة مخالفتها للدستور أمام هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا لأول مرة،
وبالتالي لم تصرح له محكمة الموضوع – بعد تقديرها لجدية دفعه – بإقامة الدعوى الدستورية
بشأن تلك النصوص، فإن ذلك بعد اختصاماً لها بصورة مبتدأه تنحل إلى طعن عليها بالطريق
المباشر وبصفة أصلية وهو ما لا يجوز قانوناً، إذ لم يجز المشرع الدعوى الأصلية طريقاً
للطعن بعدم دستورية النصوص القانونية، ومن ثم لا يعدو الطعن على النصوص المشار إليها
– على الوجه المتقدم – أن يكون تجريحاً لها بقصد إهدار آثارها بغير الطريق الذي رسمه
قانون المحكمة الدستورية العليا، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى بالنسبة إليها.
وحيث إن قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، كان
ينص في الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة الثالثة – قبل تعديلها بالقانون رقم 2
لسنة 1997 – على تخويل رئيس الجمهورية حق إعفاء بعض السلع من الضريبة، وتعديل سعرها
على البعض الآخر، وكذا تعديل الجدولين رقمي 1، 2 المرافقين للقانون واللذين يحددان
سعر الضريبة على السلع والخدمات، ثم صدر بعد ذلك القانون رقم 2 لسنة 1997 متضمناً النص
في المادة 11 منه على إلغاء قرارات رئيس الجمهورية التي صدرت نفاذاً للفقرتين المشار
إليهما وذلك اعتباراً من تاريخ العمل بكل منها، كما نص من المادة 12 منه على إلغاء
هاتين الفقرتين.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن شرط المصلحة الشخصية المباشرة مؤداه ألا تفصل
في غير المسائل الدستورية التي يؤثر الحكم فيها على النزاع الموضوعي. ومن ثم يتحدد
مفهوم هذا الشرط بأن يقيم المدعي الدليل على أن ضرراً واقعياً قد لحق به، وأن يكون
هذا الضرر عائداً إلى النص المطعون فيه، فإذا كان الإخلال بالحقوق التي يدعها لا يعود
إليه، أو كان النص المذكور قد أُلغى بأثر رجعى منذ تاريخ العمل به وبالتالي زال كل
ما كان له من أثر قانوني منذ صدوره، دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة. ذلك
أن إبطال النص التشريعي في هذه الحالة لن يحقق للمدعي أية فائدة عملية يمكن أن يتغير
بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية عما كان عليه قبلها.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكانت المصلحة في الدعوى الدستورية الراهنة – بقدر ارتباطها
بالنزاع الموضوعي وفي حدود حكم الإحالة الصادر عن محكمة الموضوع – إنما تنحصر في الفصل
في دستورية الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة 3 من قانون الضريبة العامة على المبيعات
الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، وإذ أُلغيت هاتان الفقرتان منذ تاريخ العمل بالقانون
رقم 2 لسنة 1997، كما أُلغي ما صدر عن رئيس الجمهورية من قرارات استناداً إليهما منذ
تاريخ العمل لكل منها، وذلك كله إنفاذاً لأحكام هذا القانون؛ فإنه لم تعد ثمة آثار
قانونية قائمة يمكن أن تكون النصوص الطعينة قد رتبتها خلال فترة نفاذها بعد أن تم إلغاؤها
بأثر رجعي؛ لتغدو المصلحة – بذلك – في الطعن عليها منتفية، مما يتعين معه الحكم بعدم
قبول الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.
