قاعدة رقم الطعن رقم 61 لسنة 20 قضائية “دستورية” – جلسة 04 /12 /1999
أحكام المحكمة الدستورية العليا – الجزء التاسع
من أول يوليو 1998 حتى آخر أغسطس 2001 – صـ 424
جلسة 4 ديسمبر سنة 1999
برئاسة السيد المستشار/ محمد ولي الدين جلال – رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عبد المجيد فياض وماهر البحيري ومحمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور وعلي عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصي، وحضور السيد المستشار الدكتور/ حنفي علي جبالي – رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ حمدي أنور صابر – أمين السر.
قاعدة رقم
القضية رقم 61 لسنة 20 قضائية "دستورية"
دعوى دستورية "المصلحة: تحريها".
الصلة الحتمية القائمة بين الدعويين الموضوعية والدستورية تقتضي أن يكون الحكم في المسألة
الدستورية لازماً للفصل في مسألة كلية أو فرعية تدور حولها رحى الخصومة في الدعوى الموضوعية
– انتفاء المصلحة في الدعوى إذا لم يكن الإخلال بالحقوق المدعى بها عائداًَ مباشرة
إلى النص المطعون فيه – تحري المحكمة الدستورية العليا شرط المصلحة في سعيها للتثبت
من شروط الدعوى المطروحة عليها – ليس لجهة أخرى مزاحمتها في هذا الاختصاص.
قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن ما ينعاه أحد الخصوم في نزاع موضوعي من مخالفة نص قانوني
لقاعدة في الدستور يفترض أمرين. أولهما: أن يكون هذا النص لازماً للفصل في ذلك النزاع،
فإذا لم يكن متعلقاً بالحقوق المدعى بها ومنتجاً في مجال الفصل فيها، فقد هذا النعي
جدواه. وثانيهما: أن يكون للمطاعن الدستورية المدعى بها ما يظاهرها وهو ما يعني جديتها
من وجهة مبدئية – تستقل بتقديرها محكمة الموضوع – وفي هذا النطاق وحده تنحصر ولايتها.
ومؤدى ذلك أن الصلة الحتمية التي تقوم بين الدعوى الموضوعية والدعوى الدستورية تقتضي
أن يكون الحكم في المسألة الدستورية لازماً للفصل في مسألة كلية أو فرعية تدور حولها
رحى الخصومة في الدعوى الموضوعية، فإذا لم يكن الإخلال بالحقوق المدعى بها في تلك الدعوى
عائداً مباشرة إلى النص المطعون فيه، انتفت المصلحة في الدعوى الدستورية، وهي مصلحة
تتحراها هذه المحكمة في سعيها للتثبت من شروط قبول الدعوى المطروحة عليها، وليس لجهة
أخرى أن تزاحمها على هذا الاختصاص أو أن تحل محلها فيه.
الإجراءات
بتاريخ الخامس عشر من مارس سنة 1998، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى
قلم كتاب المحكمة، طالباً الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 67 من قانون
هيئة الشرطة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 109 لسنة 1971.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى. واحتياطياً
برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة
اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل في أن المدعي
كان قد أقام – بطريق الادعاء المباشر – الدعوى رقم 7384 لسنة 1996 جنح قسم عابدين،
مختصماً فيها وزير الداخلية آخرين، ناسباً إليهم أنهم امتنعوا عمداً عن تنفيذ الأمر
الصادر من النيابة العامة في المحضر رقم 12195 لسنة 1995 جنح بنها بألا وجه لإقامة
الدعوى الجنائية ضدها لعدم الأهمية والاكتفاء بمجازاته إدارياً، وحالوا – بما لهم من
سلطة – دون إنهاء وقفه وإعادته للعمل تنفيذاً لهذا القرار، وتسببوا في إحالته إلى الاحتياط،
طالباً – فضلاً عن إلزامهم بالتعويض – عقابهم بالعقوبة المقررة بنص الفقرة الأولى من
المادة 123 من قانون العقوبات. أثناء نظر هذه الدعوى دفع المدعي بعدم دستورية نص الفقرة
الثانية من المادة 67 من قانون هيئة الشرطة المشار إليه، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية
الدفع وصرحت له برفع الدعوى الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة.
وحيث إن المادة 67 من قانون هيئة الشرطة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم
109 لسنة 1971 تنص على أنه "لوزير الداخلية بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة أن يحيل
الضباط – عدا المعينين في وظائفهم بقرار من رئيس الجمهورية – إلى الاحتياط، وذلك:
1 – بناء على طلب الضابط أو الوزارة لأسباب صحية تقرها الهيئة الطبية المختصة.
2 – إذا ثبت ضرورة ذلك لأسباب جدية تتعلق بالصالح العام، ولا يسري ذلك على الضباط من
رتبة لواء.
ولا يجوز أن تزيد مدة الاحتياط عن سنتين، ويعرض أمر الضابط قبل انتهاء المدة على المجلس
الأعلى للشرطة ليقرر إحالته إلى المعاش أو إعادته إلى الخدمة العاملة، فإذا لم يتم
العرض عاد الضابط إلى عمله ما لم تكن مدة خدمته انتهت لسبب آخر طبقاً للقانون.
وتعتبر الرتبة التي كان الضابط يشغلها شاغرة بمجرد إحالته إلى الاحتياط".
وحيث إن المدعي ينعى على نص الفقرة الثانية من هذه المادة، أنها فيما قررته من تخويل
المجلس الأعلى للشرطة أحالة الضابط إلى المعاش عقب فترة الاحتياط دون محاكمته محاكمة
قانونية منصفة عما هو منسوب إليه من مخالفات قانونية أو انضباطية؛ تخالف أحكام المواد
14، 64، 67، 68 من الدستور.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن ما ينعاه أحد الخصوم في نزاع موضوعي من مخالفة
نص قانوني لقاعدة في الدستور يفترض أمرين. أولهما: أن يكون هذا النص لازماً للفصل في
ذلك النزاع، فإذا لم يكن متعلقاً بالحقوق المدعى بها ومنتجاً في مجال الفصل فيها، فقد
هذا النعي جدواه. وثانيهما: أن يكون للمطاعن الدستورية المدعى بها ما يظاهرها وهو ما
يعني جديتها من وجهة مبدئية – تستقل بتقديرها محكمة الموضوع – وفي هذا النطاق وحده
تنحصر ولايتها. ومؤدى ذلك أن الصلة الحتمية التي تقوم بين الدعوى الموضوعية والدعوى
الدستورية تقتضي أن يكون الحكم في المسألة الدستورية لازماً للفصل في مسألة كلية أو
فرعية تدور حولها رحى الخصومة في الدعوى الموضوعية، فإذا لم يكن الإخلال بالحقوق المدعى
بها في تلك الدعوى عائداً مباشرة إلى النص المطعون فيه، انتفت المصلحة في الدعوى الدستورية،
وهي مصلحة تتحراها هذه المحكمة في سعيها للتثبت من شروط قبول الدعوى المطروحة عليها،
وليس لجهة أخرى أن تزاحمها على هذا الاختصاص أو أن تحل محلها فيه. لما كان ذلك، كان
النص الطعين لا يعرض – بما تضمنه من قواعد – إلا لتنظيم إحالة ضابط الشرطة إلى الاحتياط
ثم المعاش، وكان هذا النص – بمضمونه ذلك – منبت الصلة بواقعة الامتناع عن تنفيذ القرار
الصادر من النيابة العامة – مثار المنازعة الموضوعية – ولا يُحتكم إليه للفصل فيما
أثاره المدعي من مساءلة جنائية لفاعليها وفقاً لأحكام الفقرة الأولى من المادة 123
من قانون العقوبات، فإن قضاء هذه المحكمة في شأن دستورية النص المطعون فيه لن يكون
ذا أثر على النزاع الموضوعي، الأمر الذي يجعل مصلحة المدعي في الطعن عليه منتفية، مما
يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات، ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
