قاعدة رقم الطعن رقم 7 لسنة 19 قضائية “دستورية” – جلسة 02 /10 /1999
أحكام المحكمة الدستورية العليا – الجزء التاسع
من أول يوليو 1998 حتى آخر أغسطس 2001 – صـ 378
جلسة 2 أكتوبر سنة 1999
برئاسة السيد المستشار/ محمد ولي الدين جلال – رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: فاروق عبد الرحيم غنيم وحمدي محمد علي وعبد الرحمن نصير والدكتور عبد المجيد فياض وماهر البحيري ومحمد علي سيف الدين، وحضور السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق حسن – رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ حمدي أنور صابر – أمين السر.
قاعدة رقم
القضية رقم 7 لسنة 19 قضائية "دستورية"
1 – المحكمة الدستورية العليا "ولاية: جهة طعن".
هذه المحكمة في ممارستها لاختصاصاتها ليست جهة طعن في الأحكام القضائية الصادرة من
محكمة الموضوع في المنازعات التي تطرح عليها.
2 – دعوى دستورية "نطاقها".
نطاق الدعوى الدستورية يتحدد بنطاق الدفع بعدم الدستورية الذي أثير أمام محكمة الموضوع،
وفي الحدود التي تقدر فيه هذه المحكمة جديته.
3 – دعوى دستورية "حكم: حجيته – عدم قبول".
عدم قبول الدعوى بعدم دستورية ذات النص التشريعي الذي سبق أن قضت المحكمة الدستورية
العليا برفض ما أثير في شأنه من مطاعن لما لحكمها من حجية مطلقة في مواجهة الكافة والدولة.
4 – دعوى دستورية "المصلحة الشخصية المباشرة: مفهومها".
مفهوم المصلحة الشخصية المباشرة – وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية – يتحدد باجتماع
عنصرين: أولهما: أن يقيم المدعي الدليل على أن ضرراً مباشراً لحق به، وثانيهما: أن
يكون مرد الأمر في هذا الضرر عائداً إلى النص المطعون فيه.
5 – شريعة إسلامية "المهر – الصداق المؤجل".
وجوب المهر باعتباره أثراً من آثار عقد الزواج – صحة الاتفاق بين الزوجين على تأخيره
كله أو بعضه إلى أقرب الأجلين الطلاق أو الوفاة – تحقق إحدى هاتين الواقعتين مفترض
أولى للمطالبة القضائية بمؤجل المهر.
1 – من المقرر أن المحكمة الدستورية العليا في ممارستها لاختصاصاتها التي ناطها بها
الدستور والقانون، سواء في مجال الرقابة على دستورية القوانين واللوائح؛ أو الفصل في
تنازع الاختصاص بين جهات القضاء المختلفة، أو فض التناقض الذي يقع بين الأحكام النهائية
الصادرة منها، ليست جهة طعن في الأحكام القضائية الصادرة من محكمة الموضوع في المنازعات
التي تطرح عليها.
2 – نطاق الدعوى الدستورية التي أتاح المشرع للخصوم إقامتها يتحدد – على ما جرى عليه
قضاء هذه المحكمة – بنطاق الدفع بعدم الدستورية الذي أثير أمام محكمة الموضوع؛ وفي
الحدود التي تقدر فيها تلك المحكمة جديته.
3 – هذه المحكمة سبق أن باشرت رقابتها القضائية على دستورية نص المادة الحادية عشرة
من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المشار إليه؛ فأصدرت بجلستها المعقودة في الخامس
من يوليو سنة 1997 حكمها في القضية رقم 82 لسنة 17 قضائية "دستورية" برفض الدعوى، وقد
نشر ذلك الحكم في الجريدة الرسمية بتاريخ 19/ 7/ 1997، لما كان ذلك وكانت الخصومة في
الدعوى الماثلة تتعلق بذات النص التشريعي الذي سبق أن قضت المحكمة برفض ما أثير في
شأنه من مطاعن في الدعوى السابقة، وكان من المقرر أن قضاء هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية
إنما يحوز حجية مطلقة في مواجهة الكافة وبالنسبة إلى الدولة – بسلطاتها المختلفة –
تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو السعي إلى نقضه من خلال إعادة طرحه على هذه المحكمة
لمراجعته من جديد؛ فإن الخصومة الدستورية بالنسبة لهذا النص – وهي عينية بطبيعتها –
تكون قد انحسمت؛ مما يستتبع الحكم بعدم قبول الدعوى في هذا الشق منها.
4 – إن المصلحة الشخصية المباشرة – وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها وعلى ما
جرى به قضاء هذه المحكمة أن تتوفر رابطة منطقية بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى
الموضوعية؛ وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات
الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع؛ ومن ثم يتحدد مفهوم شرط المصلحة
في الدعوى الدستورية باجتماع عنصرين: أولهما – أن يقيم المدعي – في حدود الصفة التي
اختصم بها النص الطعين – الدليل على أن ضرراً قد لحق به، ويتعين أن يكون هذا الضرر
مباشراً ومستقلاً بعناصره، ممكناً تصوره ومواجهته بالترضية القضائية تسوية لآثاره.
وثانيهما – أن يكون مرد الأمر في هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون فيه بأن يكون
عائداً إليه وناتجاً عنه، وليس ضرراً متوهماً أو منتحلاً أو مجهلاً.
5 – الأصل في شرعة المهر – أو الصداق – قوله تعالى: "وآتوا النساء صَدُقاتهن نِحلة"
أي عطاءً خالصاً – وحُكمُه: الوجوب باعتباره أثراً من آثار عقد الزواج، وليس شرطاً
لصحته، ومن ثم، يصح الاتفاق بين الزوجين على تأخيره – كله أو بعضه – إلى أقرب الأجلين:
الطلاق أو الوفاة. فإذا وقع الطلاق وجب الصداق المؤجل. ومؤدى ذلك؛ أن المطالبة القضائية
بمؤجل المهر، تقوم على مفترض أولى؛ هو تحقق إحدى هاتين الواقعتين، وثبوتها بإحدى الطرق
المقررة قانوناً؛ ومن بينها صدور الحكم النهائي بالتفريق – ولو كان مطعوناً عليه بطريق
من طرق الطعن غير العادية – ولا تعيد تلك المطالبة طرح هذه الواقعة لبحثها من جديد،
بعد أن حسمها حكم قضائي قرر – في قوة الحقيقة القانونية – تطليق الزوجة طلقة بائنة؛
وإلا كان ذلك هدماً لحجية هذا الحكم وهو ما لا يجوز قانوناً، لسمو تلك الحجية حتى على
قواعد النظام العام.
الإجراءات
بتاريخ التاسع من فبراير سنة 1997، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى
قلم كتاب المحكمة، طالباً الحكم بعدم دستورية المواد 6، 11 مكرراً ثانياً، 16، 18 مكرراً
من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية المعدل بالقانون
رقم 100 لسنة 1985؛ وكذا عدم دستورية الإجراءات التنفيذية المترتبة على إلغاء القضاء
الشرعي بالقانون رقم 462 لسنة 1955؛ وبإبطال الحكم الصادر في الدعويين رقمي 629 و659
لسنة 1993 شرعي كلي المنصورة والحكم الاستئنافي المؤيد له.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت في ختامها الحكم أصلياً بعدم اختصاص المحكمة بطلب
إبطال الحكمين المنوه عنهما بصحيفة الدعوى؛ وبعدم قبولها فيما عدا ذلك؛ (واحتياطياً)
برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة
اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل في أن المدعى
عليها الرابعة كانت قد أقامت ضد المدعي الدعوى رقم 157 لسنة 1995 أحوال شخصية "نفس"
قسم ثاني بند المنصورة، ابتغاء الحكم لها بأجل صداقها – بعد أن قُضي بتطليقها عليه
طلقة بائنة للضرر بموجب الحكم النهائي الصادر في الدعويين رقمي 629 و659 لسنة 1993
أحوال شخصية "نفس" محكمة المنصورة الابتدائية – وإذ حُكم لها غيابياً بآجل صداقها،
فقد عارض المدعي في ذلك الحكم، وأثناء نظر معارضته دفع بعدم دستورية المادتين 6، 11
من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 المشار إليهما،
وبعد تقدير محكمة الموضوع جدية دفعه، صرحت له بإقامة دعواه الدستورية؛ فأقام الدعوى
الماثلة.
وحيث إنه بالنسبة إلى طلب إبطال الحكم الصادر في الدعويين رقمي 629 و659 لسنة 1993
أحوال شخصية "نفس" محكمة المنصورة الابتدائية؛ والحكم الاستئنافي المؤيد له، فإنه لما
كان من المقرر أن المحكمة الدستورية العليا في ممارستها لاختصاصاتها التي ناطها بها
الدستور والقانون، سواء في مجال الرقابة على دستورية القوانين واللوائح؛ أو الفصل في
تنازع الاختصاص بين جهات القضاء المختلفة، أو فض التناقض الذي يقع بين الأحكام النهائية
الصادرة منها، ليست جهة طعن في الأحكام القضائية الصادرة من محكمة الموضوع في المنازعات
التي تطرح عليها، فإنه يتعين القضاء بعدم اختصاص المحكمة بنظر هذا الطلب.
وحيث إن نطاق الدعوى الدستورية التي أتاح المشرع للخصوم إقامتها يتحدد – على ما جرى
عليه قضاء هذه المحكمة – بنطاق الدفع بعدم الدستورية الذي أثير أمام محكمة الموضوع؛
وفي الحدود التي تقدر فيها تلك المحكمة جديته. إذ كان ذلك، وكان التصريح بإقامة الدعوى
الماثلة قد ورد على المادتين السادسة والحادية عشرة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة
1929 وحدهما. فإن نطاق الدعوى ينحصر فيهما، دون ما سواهما مما تضمنته الطلبات الواردة
في ختام صحيفتها. وتغدو الدعوى – فيما جاوز نطاقها المتقدم – غير مقبولة؛ لعدم اتصالها
بالمحكمة اتصالاً مطابقاً للأوضاع التي رسمها قانونها.
وحيث إن هذه المحكمة سبق أن باشرت رقابتها القضائية على دستورية نص المادة الحادية
عشر من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المشار إليه؛ فأصدرت بجلستها المعقودة في الخامس
من يوليو سنة 1997 حكمها في القضية رقم 82 لسنة 17 قضائية "دستورية" برفض الدعوى. وقد
نشر ذلك الحكم في الجريدة الرسمية بتاريخ 19/ 7/ 1977. لما كان ذلك وكانت الخصومة في
الدعوى الماثلة تتعلق بذات النص التشريعي الذي سبق أن قضت المحكمة برفض ما أثير في
شأنه من مطاعن في الدعوى السابقة، وكان من المقرر أن قضاء هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية
إنما يحوز حجية مطلقة في مواجهة الكافة وبالنسبة إلى الدولة – بسلطاتها المختلفة –
تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو السعي إلى نقضه من خلال إعادة طرحه على هذه المحكمة
لمراجعته من جديد؛ فإن الخصومة الدستورية بالنسبة لهذا النص – وهي عينية بطبيعتها –
تكون قد انحسمت؛ مما يستتبع الحكم بعدم قبول الدعوى في هذا الشق منها.
وحيث إن نطاق الدعوى – بهذه المثابة – أصبح منحصراً في المادة السادسة من المرسوم بقانون
رقم 25 لسنة 1929، التي تنص على أنه "إذا ادعت الزوجة إضرار الزوج بها بما لا يستطاع
معه دوام العشرة بين أمثالهما يجوز لها أن تطلب من القاضي التفريق وحينئذ يطلقها القاضي
طلقة بائنة إذا ثبت الضرر وعجز عن الإصلاح بينهما فإذا رفض الطلب ثم تكررت الشكوى ولم
يثبت الضرر بعث القاضي حكمين وقضى على الوجه المبين بالمواد 7، 8، 9، 10، 11".
وحيث إن المدعي ينعى على هذا النص مخالفته مبادئ الشريعة الإسلامية التي تجعل الطلاق
بيمين الرجل لا بيد القاضي.
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة – وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها وعلى
ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن تتوفر رابطة منطقية بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى
الموضوعية؛ وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات
الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع؛ ومن ثم يتحدد مفهوم شرط المصلحة
في الدعوى الدستورية باجتماع عنصرين: أولهما – أن يقيم المدعي – في حدود الصفة التي
اختصم بها النص الطعين – الدليل على أن ضرراً قد لحق به، ويتعين أن يكون هذا الضرر
مباشراً ومستقلاً بعناصره، ممكناً تصوره ومواجهته بالترضية القضائية تسوية لآثاره.
وثانيهما – أن يكون مرد الأمر في هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون فيه بأن يكون
عائداً إليه وناتجاً عنه، وليس ضرراً متوهماً أو منتحلاً أو مجهلا.ً
وحيث إن الأصل في شرعة المهر – أو الصداق – قوله تعالى: "وآتوا النساء صَدُقاتهن نِحلة"
أي عطاءً خالصاً – وحُكمُه: الوجوب باعتباره أثراً من آثار عقد الزواج، وليس شرطاً
لصحته، ومن ثم، يصح الاتفاق بين الزوجين على تأخيره – كله أو بعضه – إلى أقرب الأجلين:
الطلاق أو الوفاة. فإذا وقع الطلاق وجب الصداق المؤجل. ومؤدى ذلك؛ أن المطالبة القضائية
بمؤجل المهر؛ تقوم على مفترض أولي؛ هو تحقق إحدى هاتين الواقعتين، وثبوتها بإحدى الطرق
المقررة قانوناً؛ ومن بينها صدور الحكم النهائي بالتفريق – ولو كان مطعوناً عليه بطريق
من طرق الطعن غير العادية – ولا تعيد تلك المطالبة طرح هذه الواقعة لبحثها من جديد،
بعد أن حسمها حكم قضائي قرر – في قوة الحقيقة القانونية – تطليق الزوجة طلقة بائنة؛
وإلا كان ذلك هدماً لحجية هذا الحكم وهو ما لا يجوز قانوناً، لسمو تلك الحجية حتى على
قواعد النظام العام. لما كان ذلك؛ وكان الثابت أن حكماً نهائياً سبق أن قضى بتطليق
المدعى عليها الرابعة طلقة بائنة للضرر؛ وكانت أحقيتها في مؤجل صداقها منه؛ هي مثار
النزاع الموضوعي المردد بينهما فإن النص الطعين – الذي يجيز للقاضي التطليق على الزوج
– يكون منبت الصلة بهذا النزاع؛ إذ لن يؤثر الحكم في شأن مدى اتفاق ذلك النص أو تعارضه
مع الدستور على الطلبات المثارة في الدعوى الموضوعية – التي أبدى الدفاع بعدم الدستورية
بمناسبتها – والتي تنحصر في الوفاء بمؤخر الصداق، الأمر الذي يتعين مع القضاء بعدم
قبول الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات؛ ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
