الطعن رقم 23523 لسنة 62 ق – جلسة 08 /11 /1994
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
السنة 45 – صـ 976
جلسة 8 من نوفمبر سنة 1994
برئاسة السيد المستشار/ محمد نبيل رياض نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم وعلي شكيب نواب رئيس المحكمة وأحمد عبد القوي.
الطعن رقم 23523 لسنة 62 القضائية
جريمة "أركانها". خطف أنثى. إثبات "بوجه عام". إكراه.
جريمة خطف الأنثى. المنصوص عليها بالمادة 290 عقوبات. مناط تحققها؟
خطف أنثى. إكراه. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
ركن الإكراه في جريمة خطف أنثى. تقديره موضوعي.
محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". حكم "تسبيبه.
تسبيب غير معيب". إثبات "بوجه عام" "شهود".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي.
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بأقوال الشهود؟
حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لبيان الواقعة المستوجبة للعقوبة.
نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. عدم جواز إثارته أمام النقض.
مثال.
إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إكراه. دفوع "الدفع ببطلان
الاعتراف". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات. موضوعي.
انتهاء المحكمة إلى سلامة اعتراف المتهم. لانتفاء الصلة بين إصابته وبين الاعتراف.
حق لها. لا ينال منه. تمام الاستجواب داخل قسم الشرطة.
اختيار المحقق لمكان التحقيق. متروك لتقديره.
حضور ضابط الشرطة وخشية الطاعن منهم. لا يعد قريناً للإكراه المبطل للاعتراف.
حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
النعي على المحكمة عدم ردها على دفاع لم يثر أمامها. غير جائز.
1 – إن جريمة خطف الأنثى التي يبلغ سنها أكثر من ست عشرة سنة كاملة بالإكراه المنصوص
عليها في المادة 290 من قانون العقوبات تتحقق بإبعاد هذه الأنثى عن المكان الذي خطفت
منه أياً كان هذا المكان بقصد العبث بها، وذلك عن طريق استعمال طرق احتيالية من شأنها
التغرير بالمجني عليها وحملها على مرافقة الجاني لها أو باستعمال أية وسائل مادية أو
أدبية من شأنها سلب إرادتها.
2 – من المقرر أن تقدير توافر ركن الإكراه في جريمة الخطف مسألة موضوعية تفصل فيها
محكمة الموضوع بغير معقب ما دام استدلالها سليماً.
3 – من المقرر أن الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر
المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها
وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة
في العقل والمنطق ولا ينازع الطاعن في أن لها أصلها في الأوراق كما هو الحال في الدعوى
المطروحة – وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء
على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة
الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم
فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
4 – من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة
المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو
الحال في الدعوى المطروحة – كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته
المحكمة ويحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية
من بيان الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة فأنه ينحسر عن الحكم دعوى القصور
في التسبيب التي يرميه بها الطاعن.
5 – لما كان الحكم قد دحض حجة الطاعن بأنه احتجز بمقر الشرطة أكثر من المدة المقررة
قانوناً قبل عرضه على النيابة بما أثبته من أنه قول مرسل لم يؤيد بدليل بالتحقيقات
وأن إثارته بمحضر جلسة المحكمة قصد به التشكيك في أدلة الاتهام ومدى صحتها وهو ما ترفضه
المحكمة لعدم اقتناعها بصحة ثبوته، فإن ما يثيره من مجادلة في هذا الشأن ينحل إلى جدل
موضوعي في سلطة المحكمة في تقدير الأدلة مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض.
6 – الاعتراف في المواد الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في
تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها دون غيرها – البحث في صحة ما يدعيه المتهم من
أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه. لما كان ذلك، وكان الحكم قد رد
على ما أثاره المدافع عن الطاعن من بطلان الاعتراف في قوله.: "… فالثابت بيقين في
عقيدة المحكمة أن تلك الإصابات أحدثها المتهمين بأنفسهم بغيه الإفلات من العقاب كما
قرروا بذلك بالتحقيقات بمحض إرادتهم الحرة أمام النيابة العامة باعتبارها الطرف الأمين
على الدعوى العمومية وحيادها في التحقيقات". فإن الحكمة إذا تحققت – للأسباب السائغة
التي ساقتها على النحو المتقدم – من أن إصابة الطاعن وباقي المتهمين منبتة الصلة تماماً
بالاعتراف الذي أدلوا به في تحقيق النيابة واطمأنت إلى أن هذا الاعتراف سليم مما يشوبه،
تكون قد مارست السلطة المخولة لها بغير معقب ولو صح ما يثيره الطاعن من أن استجوابه
تم داخل قسم الشرطة لما هو مقرر من أن اختيار المحقق لمكان التحقيق متروك لتقديره حرصاً
على صالح التحقيق وسرعة انجازه وأن مجرد حضور ضابط الشرطة وخشيته منهم لا يعد قرين
الإكراه المبطل لاعترافه لا معنى ولا حكماً.
7 – لما كان الدفاع عن الطاعن – على ما بين من محضر جلسة المحاكمة – جاء مقصوراً على
النعي على الاعتراف الصادر منه ومن المحكوم عليهم بأنه نتيجة إكراه مادي وقع عليهم
– دون إثارة واقعة استجوابهم بمقر الشرطة – وكان الحكم قد فند الدفاع المثار بأسباب
سائغة فليس للطاعن أن ينعي على المحكمة وعدم ردها على دفاع لم يثر لديها.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم خطفوا وآخر حدث بالإكراه….
بأن أوقفوا سيارة أجرة كانت تستقلها وهددوها بأدوات صلبة يحملونها فترجلت كرها عنها
فأوقفوا لها سيارة خاصة وحملوها نائين بها عن مكان الخطف. وإحالتهم إلى محكمة جنايات
الإسكندرية لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة
قضت حضورياً عملاً بالمادة 290/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث
سنوات.
فليس المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض….. إلخ.
المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة
خطف أنثى بالإكراه قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع
ذلك بأنه التفت عن دفاعه بانتفاء الركنين المادي والمعنوي للجريمة التي دانه بها إيراداً
له ورداً عليه، واعتنق تصوير المجني عليها للواقعة رغم عدم معقوليته الأمر الذي ينبئ
عن أن المحكمة لم تمحص الواقعة وأدلتها تمحيصاً كافياً، هذا إلى أن الحكم لم يعن بتحقيق
ما دفع به من بطلان القبض عليه لاحتجازه بمقر الشرطة أكثر من المدة المقررة قانوناً
وبطلان اعترافه لصدوره وليد إكراه مادي وحصوله داخل قسم الشرطة ورد على الدفاع بشقيه
بما لا يسوغ اطراحه بالرغم من إثبات وجود إصابة بالطاعن لدى مناظرته في تحقيق النيابة،
كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية
للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى
إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكانت جريمة خطف الأنثى التي يبلغ سنها أكثر من ست
عشرة سنة كاملة بالإكراه المنصوص عليها في المادة 290 من قانون العقوبات تتحقق بإبعاد
هذه الأنثى عن المكان الذي خطفت منه أياً كان هذا المكان بقصد العبث بها، وذلك عن طريق
استعمال طرق احتيالية من شأنها التغرير بالمجني عليها وحملها على مرافقة الجاني لها
أو باستعمال أية وسائل مادية أو أدبية من شأنها سلب إرادتها، وإذ كان الحكم المطعون
فيه قد استظهر ثبوت الفعل المادي للخطف وتوافر ركن الإكراه والقصد الجنائي في هذه الجريمة
وتساند في قضائه إلى أدلة منتجه من شأنها أن تؤدى ما انتهى إليه، وكان تقدير توافر
ركن الإكراه في جريمة الخطف مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام
استدلالها سليماً – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – فإن النعي على الحكم في هذا
الخصوص يكون غير سديد لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأصل أن من حق محكمة الموضوع
أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة
لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها
سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولا ينازع الطاعن في أن لها أصلها
في الأوراق كما هو الحال في الدعوى المطروحة – وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف
التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها
من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير
الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي
ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وإذا كان الطاعن لا ينازع في صحة ما نقله الحكم
من أقوال المجني عليها فإنه لا يكون ثمة محل لتعييب الحكم في الصورة الواقعة التي اعتنقتها
المحكمة واقتنعت بها. وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً أو نمطاً معيناً
يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع
ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – كافياً في تفهم الواقعة بأركانها
وظروفها حسبما استخلصته المحكمة ويحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون
الإجراءات الجنائية من دعوى بيان الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة فأنه
ينحسر عن الحكم دعوى القصور في التسبيب التي يرميه بها الطاعن. لما كان ذلك، وكان الحكم
قد دحض حجة الطاعن بأنه احتجز بمقر الشرطة أكثر من المدة المقررة قانوناً قبل عرضه
على النيابة بما أثبته من أنه قول مرسل لم يؤيد بدليل بالتحقيقات وأن إثارته بمحضر
جلسة المحكمة قصد به التشكيك في أدلة الاتهام ومدى صحتها وهو ما ترفضه المحكمة لعدم
اقتناعها بصحة ثبوته، فإن ما يثيره من مجادلة في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في
سلطة المحكمة في تقدير الأدلة مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك،
وكان الاعتراف في المواد الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية
في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها دون غيرها – البحث في صحة ما يدعيه المتهم
من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه. لما كان ذلك، وكان الحكم قد
رد على ما أثاره المدافع عن الطاعن من بطلان الاعتراف في قوله.: "… فالثابت بيقين
في عقيدة المحكمة أن تلك الإصابات أحدثها المتهمين بأنفسهم بغيه الإفلات من العقاب
كما قرروا بذلك بالتحقيقات بمحض إرادتهم الحرة أمام النيابة العامة باعتبارها الطرف
الأمين على الدعوى العمومية وحيادها في التحقيقات". فإن الحكمة إذا تحققت – للأسباب
السائغة التي ساقتها على النحو المتقدم – من أن إصابة الطاعن وباقي المتهمين منبته
الصلة تماماً بالاعتراف الذي أدلوا به في تحقيق النيابة واطمأنت إلى أن هذا الاعتراف
سليم مما يشوبه، تكون قد مارست السلطة المخولة لها بغير معقب ولو صح ما يثيره الطاعن
من أن استجوابه تم داخل قسم الشرطة لما هو مقرر من أن اختيار المحقق لمكان التحقيق
متروك لتقديره حرصاً على صالح التحقيق وسرعة انجازه وأن مجرد حضور ضابط الشرطة وخشيته
منهم لا يعد قرين الإكراه المبطل لاعترافه لا معنى ولا حكماً. هذا إلى أنه لما كان
الدفاع عن الطاعن – على ما يبين من محضر جلسة المحاكمة – جاء مقصوراً على النعي على
الاعتراف الصادر منه ومن المحكوم عليهم بأنه نتيجة إكراه مادي وقع عليهم – دون إثارة
واقعة استجوابهم بمقر الشرطة – وكان الحكم قد فند الدفاع المثار بأسباب سائغة فليس
للطاعن أن ينعى على المحكمة وعدم ردها على دفاع لم يثر لديها. لما كان ما تقدم، فإن
الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
