الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 1412 سنة 23 ق – جلسة 19 /01 /1954 

أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الثاني – السنة 5 – صـ 263

جلسة 19 من يناير سنة 1954

المؤلفة من السيد رئيس المحكمة أحمد محمد حسن رئيسا، والسادة المستشارين: اسماعيل مجدى، ومصطفى حسن، وحسن داود، ومحمود إبراهيم إسماعيل أعضاء.


القضية رقم 1412 سنة 23 القضائية

نقض. طعن لا مصلحة منه بالنسبة للعقوبة الأصلية. وجوب نقضه بالنسبة للعقوبة التكميلية.
إذا كان الحكم قد أثبت على الطاعن جريمة تزوير وجريمة اختلاس أموال اميرية، وكان قد دانه بجريمة أخرى لا تتوافر عناصرها، وكانت العقوبة المحكوم بها عليه تدخل في حدود العقوبة المقررة للجريمتين اللتين أبتهما الحكم عليه، فانه لا تكون له جدوى من النعى على الحكم بالنسبة للقوبة الأصلية إلا انه يتعين نقض الحكم فيما قضى به من العقوبة التكميلية واستنزال قيمة الأشياء المختلسة من عقوبة الرد المحكوم بها وما يساويها من الغرامة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بانه: أولا – بصفته موظفا عموميا "مهندس رى الأقصر" ارتكب تزويرا فى أوراق رسمية (الشهادة الإدارية المؤرخة 21/ 9/ 1946) أثناء تأدية وظيفته، وذلك بجعله واقعة مزورة فى صورة واقعة صحيحة بأن أمر بتحرير هذا الشهادة بحكم وظيفته ووقع عليها وأثبت فيها كذبا أن الأخشاب استهلكت فى تصليح القناطر وقد ارتكب جريمة التزوير المذكورة بقصد إخفاء جريمة اختلاس الأخشاب التى أمر بصنعها موبيليات واستولى عليها لنفسه: ثانيا – اشترك مع موظفين حسنى النية هم محمد يوسف وعبد الباسط سعد الله الأمينين على الأخشاب، وعباس أحمد بكير النجار بطريق التحريض والمساعدة وذلك بأن حرضهم وساعدهم على اختلاس الأخشاب المملوكة للحكومة بصفته مدير للمخازن فوقعت الجريمة بناء على ذلك التحريض وتلك المساعدة واستولى لنفسه على هذه الأخشاب بعد صنعها والتى قدرت بمبلغ 54 جنيها و77 مليما أربعة وخمسين جنيها وسبعة وسبعين مليما. ثالثا – بصفته موظفا عموميا اختلس مبلغ 48 جنيها و395 مليما ثمانية وأربعين جنيها وثلاثمائة خمسة وتسعين مليما من أموال الحكومة التى فى عهدته والمسلمة إليه بسبب وظيفته واختلسها لنفسه، رابعا – توصل بطريق النص والاحتيال إلى الاستيلاء على مبلغ 23 جنيها ثلاثة وعشرين جنيها مصريا من سوريال جريس وعبد الحميد حسن وحلمى فريد أصحاب سيارات بأن أوهمهم بواقعة مزورة وهى أنه لا بد من دفع تأمين حتى يتم استئجاء سياراتهم واستولى على المبلغ سالف الذكر. وطلبت من قاضى الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 40/ 1 – 3 و41 و112 و211 و13 و236 من قانون العقوبات فقرر بذلك. ومحكمة جنايات قنا قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات بالنسبة للتهم الثلاث الأولى بمعاقبة المتهم رمزى غالى الخولى بالسجن ثلاث سنوات وإلزامه بأن يرد للحكومة مبلغ 52 جنيها ,489 مليما قيمة ما اختلسه وبأن يدفع غرامة مساوية لهذا المبلغ وببراءته من التهمة الرابعة وأعفته من المصروفات الجنائية، فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض…. الخ.


المحكمة

.. وحيث إن الطاعن يأخذ على المحكمة فى الوجه الأول أنها استعاضت عن سماع شاهد الإثبات الأول المهندس عبد الحميد داود بتلاوة أقواله على حين أنه كان موجودا خارج غرفة الجلسة كيما يؤدى شهادته، كما يأخذ عليها انها لم تقرر بضم قضية اتهم فيها الطاعن واستدل بها الدفاع على تلفيق الواقعة لاتصال وقائعها اتصالا وثيقا بوقائع هذه الدعوى، إذ أن التحقيق فيها قد حصل فى وقت واحد وفى جو واحد وأثبت الحكم الصادر فى تلك الجناية تلفيق الأدلة وتأجير الشهود وإكراههم على الشهادة ضد الطاعن من رئيسهم الشاهد الآنف الذكر الذى يحقد على الطاعن بسبب مسائل شخصية.
وحيث إن ما يأخذه الطاعن على المحكمة فى هذا الوجه مردود بما هو ثابت فى محضر جلسة المحاكمة من أن الدفاع قد استغنى عن سماع شهادة الشاهد الأول المهندس عبد الحميد داود، لأنها سماعية فأمرت المحكمة بتلاوة أقواله، هذا إلى أنها لم تستند فى حكمها بإدانة الطاعن إلى شهادة هذا الشاهد وبأن المحكمة إذ لم تأمر بضم قضية الجناية المشار إليها قد قالت فى ذلك" إن المتهم لجأ فى دفاعه فى الجلسة إلى أنه كان مضطهدا من أحد رؤسائه وقد طلب الدفاع ضم قضية الجناية رقم 517 سنة 1947 قنا ليستدعى عن الحكم الصادر فيها، وقد ضم هذا الحكم واطلع عليه الدفاع واكتفى به عن ضم القضية برمتها الموجودة بمحكمة النقض وأراد الدفاع فى القضية الحالية أن يستند فى هذا الحكم على طعنه بالنسبة للشاهد عباس بكير، على أن المحكمة لا ترى داعيا لإقحام وقائع قضية سابقة فى قضية أخرى هى القضية الحالية إذ أن لكل قضية ظروفها وأدلتها الخاصة وأما عن الشاهد عباس بكير فإن المتهم نفسه لم ينكر أن هذا النجار عباس بكير قام بصنع أثاث وإنما قرر فى تحقيقات مجلس الدولة أن الآمر فى ذلك هو حبيب اسكندر، ومن ثم فالاستناد إلى القضية السابقة فى الطعن على الشاهد المذكور لا محل له". ولما كان فى هذا الذى قالته المحكمة ما يكفى ردا على ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد فإن هذا الوجه لا يكون له أساس.
وحيث إن الطاعن يقول فى الوجه الثانى إن الحكم المطعون فيه حين استدل بأقوال الشهود فى التحقيقات الأولية قد اسند أليهم أقوالا تخالف الثابت فى تلك التحقيقات، من ذلك قوله إن محمد يوسف النجار شهد بأن الأخشاب صنعت للطاعن موبيليات مع أن هذا الشاهد ذكر أن وكيل التفتيش حبيب اسكندر هو الذى أمره بتسليم الأخشاب إلى نجار المصلحة عباس بكير فسلمها إليه بإيصال. وبهذا المعنى شهد عباس بكير إذ قال بأن الموبيليات تسلمت لمكتب الهندسة وهكذا كان الحال بالنسبة لباقى الشهود.
وحيث إن الحكم المطعون فيه ذكر أن ما حصله من أقوال الشهود قد استمده من أقوالهم فى التحقيقات الأولية ما شهدوا به فى الجلسة، ولما كان ما استند اليه فى شأن ما يثيره الطاعن يتفق مع الثابت من أقوال الشهود بمحضر الجلسة فإن المستفاد من ذلك أن المحكمة عولت على هذه الأقوال دون أقوالهم فى التحقيقات الأولية، ولما كان هذا من حق المحكمة فى حدود سلطتها فى تقدير الأدلة والأخذ بما تطمئن إليه منها واطراح سواه، فإنه لا محل لما ينعاه الطاعن فى هذا الوجه.
وحيث إن باقى أوجه الطعن يتحصل فيما يقوله الطاعن من أن الشهادة الادارية التى دين بتزويرها انما حررت على النحو الذى حررت به بقصد انجاز الأعمال المصلحية، ولم يكن بقصد التزوير فضلا عن أن مثل هذه الشهادة الادارية التى عاقبت المحكمة الطاعن عنها لا يصح عدها من الأوراق الرسمية التى يعاقب على تغيير الحقيقة فيها بعقوبة الجناية، لأن الغرض الاساسى منها هو خصم الأخشاب من العهدة فى سبيل تنظيم تسوية دفاتر الحسابات، هذا إلى أن الحكم المطعون فيه قد قصر عن بيان الأسباب التى أقيم عليها حين دان الطاعن على أساس اشتراكه فى اختلاس أخشاب أميرية وفى عهدة أمين عليها، ذلك بأنه غير صائب فى حديثه عن الأخشاب المقول بأن النجار عباس بكير صنعها كراسى وشماعة كما سبق القول فى الوجه الثانى، وإنه فيما يختص بالأخشاب التى عملت منها التختة قد اعتمد على شهادة عبد الباسط سعد الله البحار التى شهد بأن الطاعن أراد أن يأخذ أخشابها من المخزن عهدته فرفض، فاحضر الطاعن أخشابا من أخشاب القناطر الحكومية وصنعها له التجار حكيم بطرس الذى قالت عنه المحكمة إنه قال فى التحقيقات إن الطاعن أحضر له قطعتين من خشب القناطر فصنعهما له تختة – اعتمد الحكم على هذه الأقوال واعتبر الطاعن مختلسا للاخشاب التى عملت منها التختة على اساس أن الأخشاب كانت فى عهدة أمين وأن المتهم استولى عليها دون أن تبين المحكمة من هو هذا الأمين. وهل الطاعن سرقها منه أو أنه اتفق معه عل اختلاسها وحرضه على اعطائها إليه وهذه الواقعة وحدها تكفى لنقض الحكم ولا سيما أن المحكمة قضت على المتهم بالرد بقد يساوى ثمن أخشاب التختة وبغرامة مساوية لها تطبيق للمادة 112 عقوبات من غير أن تقييم الدليل على ثبوت واقعة هذه الجريمة وأركانها القانونية والحال بالنسبة لواقعة صنع الكنبتين هو نفسه بالنسبة لواقعة التختة التى اعتمدت فيها المحكمة على شهادة حسن أحمد يوسف "بحارى اسمنت" فى التحقيقات وعاقبت الطاعن بمقتضى المادة 112 من قانون العقوبات وبالرد بالغرامة دون أن تبين عناصر هذه الجريمة وفى عهدة من كانت أخشاب هاتين الكنبتين وكيف حصل الطاعن عليها. ولما كانت جناية الاختلاس بالمادة 112 من قانون العقوبات لا تستقيم إلا إذا كان الاختلاس واقعا من أمين على أموال أميرية مودعة لديه، وكان الحكم فوق قصوره عن بيان عناصر الاشتراك قد قصر كذلك عن بيان ما إذا كانت أخشاب الكنبتين والتختة قد أخذت من عهدته، فإن القضاء بالغرامة والرد يكون غير جائز فى القانون.
وحيث إن ما يقوله الطاعن من عدم توافر أركان جريمة التزوير فى الشهادة الادارية مردود بأن الحكم المطعون فيه قد أثبت عليه أنه ارتكب جريمة التزوير فى تلك الشهادة سترا لجريمة الاشتراك فى الاختلاس التى دانه بها، أما عن واقعتى اختلاس الأخشاب الأميرية التى صنعت منها التختة والكنبتان واللتان قصر الطاعن طعنه فى هذا الخصوص عليهما – فإنه لما كان ما أورده الحكم المطعون فيه فى واقعة الدعوى بشأنهما لا تتوافر به عناصر جريمة الاشتراك فى الاختلاس كما هى معرفة به فى المادة 112 من قانون العقوبات، إذا لم يثبت الحكم أن تلك الأخشاب كانت فى عهدة واحد معين من موظفى الرى أو مستخدميه وأن الطاعن قد اشترك معه فى اختلاسها، إلا أنه مع ذلك لا جدوى للطاعن مما ينعاه فى خصوص هاتين الواقعتين بالنسبة للعقوبة الأصلية المحكوم بها عليه ما دامت تدخل فى حدود العقوبة المقررة لجريمة التزوير ولجريمة الاختلاس التى وقعت على الأخشاب التى كانت بعهدة محمد يوسف البحار وعلى الأموال الأميرية موضوع الجريمة الأخيرة وهى الجرائم التى أثبتها الحكم عليه بما تتوافر به عناصر جريمتى التزوير والاختلاس – لما كان ذلك فإنه يتعين نقض الحكم فيما قضى به من العقوبة التكميلية بالنسبة للأخشاب التى صنعت منها التختة والكنبتان لقصوره عن بيان توافر عناصر جناية اختلاسها واستنزال قيمتها من عقوبة الرد المحكوم بها وما يسويها من الغرامة وقصر الرد والغرامة على ما دون ذلك.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات