الطعن رقم 1938 لسنة 57 ق – جلسة 28 /06 /1990
أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
الجزء الثاني – السنة 41 – صـ 388
جلسة 28 من يونيه سنة 1990
برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم زغو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد العفيفي، عادل نصار، محمد عبد القادر سمير نواب رئيس المحكمة وإبراهيم الضهيري.
الطعن رقم 1938 لسنة 57 القضائية
عمل "العاملون ببنك الإسكندرية". قانون "القانون الواجب التطبيق".
ترقية. سلطة صاحب العمل.
التشريع العام اللاحق. لا يلغي تشريعاً خاصاً سابقاً عليه وإن تعارض معه. ترقية العاملين
ببنك الإسكندرية وفقاً للقانون 120 لسنة 1975. تحكمها الضوابط والمعايير التي يضعها
مجلس إدارة البنك بحسب ظروف البنك وطبيعة نشاطه طالما خلا قراره من شبهة التعسف. اشتراطه
عدم النظر في ترقية العامل الحاصل على إجازة بدون مرتب. لا يناهض أحكام القانون. علة
ذلك.
المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن التشريع اللاحق وإن كان لا يلغي التشريع
السابق إذا ما تعارض معه، إلا أن التشريع العام اللاحق لا يلغي تشريعاً خاصاً سابقاً
عليه وإن تعارض معه، بل يظل التشريع الخاص قائماً، لما كان ذلك وكان القانون رقم 120
لسنة 1975 هو تشريع خاص بالبنك المركزي المصري والجهاز المصرفي فإنه يظل قائماً واجب
التطبيق رغم صدور قانون لاحق بنظام العاملين بالقطاع العام برقم 48 لسنة 1978 وإذ كانت
المادة 19 من القانون رقم 120 لسنة 1975 المشار إليه قد نصت على أنه "إن مؤدى ذلك أن
المشرع منح مجلس إدارة البنك الذي يديره وطبيعة نشاطه، ما دامت غير مجافية للقانون
وعامة التطبيق ويهدف بها إلى رعاية الصالح العام. وإذ كان البين من الأوراق أن مجلس
إدارة البنك الطاعن وضع معياراً للترقية يمنع من النظر في ترقية العاملين القائمين
بإجازات خاصة بدون مرتب مع عدم استحقاقهم للعلاوة الدورية إذا زادت مدة هذه الإجازة
عن ستة أشهر قاصداً قصر الاختيار على القائمين فعلاً بالعمل وهو ما لا يناهض أحكام
القانون وإنما تتحقق به الخدمات التي تؤديها الوظائف مما تستهدفه الترقية كنظام مقرر
للمصلحة وكان المطعون ضده في تاريخ إجراء الطاعن لحركة الترقيات في سنة 1981 قائماً
بإجازة خاصة بدون مرتب مدة تزيد عن ستة أشهر للعمل بالمملكة العربية السعودية فلا تثريب
على الطاعن إن هو امتنع عن النظر في ترقية المطعون ضده باعتبار أن الترقية ليست حقا
مكتسباً للعامل بحيث يتحتم على البنك أن يجريها متى حل دوره للترقية واستوفى مقومات
شغل الوظيفة الأعلى بل هي حق للبنك بترخيص في استعماله وفقاً لمتطلبات العمل وبما يساعد
على تحقيق أهدافه ويستقل بتقدير الوقت الملائم لها بما لا معقب عليه في ذلك طالما خلا
قراره من شبهة التعسف.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون
ضده أقام الدعوى رقم 673 لسنة 1983 مدني بنها الابتدائية على البنك الطاعن بطلب الحكم
بأحقيته في الترقية إلى الوظيفة التالية لوظيفته الحالية اعتباراً من 21/ 6/ 1981 تاريخ
حركة الترقيات التي أجراها الطاعن مع ما يترتب على ذلك من أثار، قولاً منه أنه وهو
من العاملين لدى البنك المذكور حصل بتاريخ 8/ 10/ 1980 على إجازة خاصة بدون مرتب لمدة
عامين أجرى الطاعن من خلالها بتاريخ 21/ 6/ 1981 حركة ترقيات لم تشمله بدعوى عدم قيامه
بالعمل فعلاً لوجوده في تلك الإجازة، ولما كان تخطيه في الترقية على هذا الأساس مخالفاً
للقانون فقد أقام دعواه بطلباته سالفة البيان، وبعد أن ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى
وقدم تقريره حكمت بتاريخ 6/ 9/ 1984 برفضها. استأنف المطعون ضده هذا الحكم لدى محكمة
استئناف طنطا بالاستئناف رقم 426 س 17 ق مدني "مأمورية بنها" وبتاريخ 23/ 1/ 1986 حكمت
بإلغاء الحكم المستأنف وبأحقية المطعون ضده إلى وظيفة "مصرفي" في حركة الترقيات التي
أجراها الطاعن سنة 1981 مع ندب خبير لبيان الآثار المالية المترتبة على ذلك، وبعد أن
قدم تقريره حكمت بتاريخ 23/ 4/ 1987 للمطعون ضده بالفروق المالية التي أظهرها الخبير
طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم،
عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره التزمت فيها النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى بهما الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق
القانون حين لم يعمل المعيار الذي وضعه مجلس إدارته بعدم النظر في ترقية العاملين القائمين
بإجازة بدون مرتب وعدم استحقاقهم للعلاوة الدورية خلالها متى زادت مدتها عن ستة أشهر
قولاً منه بأن نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 – وهو
تشريع لاحق على القانون رقم 120 لسنة 1975 في شأن البنك المركزي المصري والجهاز المصرفي
قد خلا من النص على ذلك وبالتالي لا يجوز لمجلس الإدارة وضع شروط ومعايير وضوابط تخالف
تلك التي يتطلبها القانون للترقية.
وحيث إن هذا النعي صحيح – ذلك أنه من المقرر – وعلى ما جرى قضاء هذه المحكمة – أن التشريع
اللاحق وإن كان لا يلغي التشريع السابق إذا ما تعارض معه، إلا أن التشريع العام اللاحق
لا يلغي تشريعاً خاصاً سابقاً عليه وإن تعارض معه، بل يظل التشريع الخاص قائماً، لما
كان ذلك وكان القانون رقم 120 لسنة 1975 هو تشريع خاص بالبنك المركزي المصري والجهاز
المصرفي فإنه يظل قائماً واجب التطبيق رغم صدور قانون لاحق بنظام العاملين بالقطاع
العام برقم 48 لسنة 1978 وإذ كانت المادة 19 من القانون رقم 120 لسنة 1975 المشار إليه
قد نصت على أن "مجلس إدارة كل بنك من بنوك القطاع العام….. هو السلطة المهيمنة على
شئونه وتصريف أموره ووضع الخطة الائتمانية التي ينتهجها والإشراف على تنفيذها وفقاً
لخطة التنمية الاقتصادية وإصدار القرارات بالقطع التي يراها كفيلة بتحقيق الأغراض والغايات
التي يقوم على تنفيذها وفقاً لأحكام القانون رقم 163 لسنة 1957 المشار إليه في إطار
السياسة العامة للدولة. وللمجلس – في مجال نشاط كل بنك – اتخاذ الوسائل الآتية ( أ
)……. (ج) وضع اللوائح المتعلقة بنظم العاملين ومرتباتهم وأجورهم والمكافآت والمزايا
والبدلات الخاصة بهم وتحديد فئات بدل السفر لهم في الداخل والخارج. ولا يتقيد مجلس
الإدارة فيما يصدر من قرارات طبقاً للبنود (و) و(ز) و(ح) بالقواعد والنظم المنصوص عليها
في القرار بقانون رقم 58 لسنة 1971 بإصدار نظام العاملين المدنيين بالدولة والقرار
بقانون رقم 60 لسنة 1971 بإصدار قانون المؤسسات وشركات القطاع العام والقرار بقانون
رقم 61 لسنة 1971 بإصدار نظام العاملين بالقطاع العام. فإن مؤدى ذلك أن المشرع منح
مجلس إدارة البنك سلطة تقديرية يضع بمقتضاها ما يسبغه من ضوابط ومعايير للترقية بحسب
ظروف البنك الذي يديره وطبيعة نشاطه ما دامت غير مجافية للقانون وعامة التطبيق ويهدف
بها إلى رعاية الصالح العام وإذ كان البين من الأوراق أن مجلس إدارة البنك الطاعن وضع
معياراً للترقية يمنع من النظر في ترقية العاملين القائمين بإجازات خاصة بدون مرتب
مع عدم استحقاقهم للعلاوة الدورية إذا زادت مدة هذه الإجازة عن ستة أشهر قاصداً قصر
الاختيار على القائمين فعلاً بالعمل وهو ما لا يناهض أحكام القانون، وإنما تتحقق به
الخدمات التي تؤديها الوظائف مما تستهدفه الترقية كنظام مقرر للمصلحة العامة وكان المطعون
ضده في تاريخ إجراء الطاعن لحركة الترقيات في سنة 1981 قائماً بإجازة خاصة بدون مرتب
مدة تزيد عن ستة أشهر للعمل بالمملكة العربية السعودية، فلا تثريب على الطاعن إن هو
امتنع عن النظر في ترقية المطعون ضده، باعتبار أن الترقية ليست حقا مكتسباً للعامل
بحيث يتحتم على البنك أن يجريها متى حل دوره للترقية واستوفى مقومات شغل الوظيفة الأعلى
بل هي حق للبنك بترخيص في استعماله وفقاً لمتطلبات العمل وبما يساعد على تحقيق أهدافه
ويستقل بتقدير الوقت الملائم لها بما لا معقب عليه في ذلك طالما خلا قراره من شبهة
التعسف. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه الصادر بتاريخ 23/ 1/ 1986 قد خالف هذا
النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه، وإذ يترتب على نقض
هذا الحكم نقض جميع الأحكام والأعمال اللاحقة عليه متى كان ذلك الحكم أساساً لها وفقاً
للمادة 271 من قانون المرافعات، فمن ثم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه الصادر بتاريخ
23/ 4/ 1987 باعتباره لاحقاً له ومؤسساً على قضائه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه. ولما تقدم – وفقاً للأساس الذي أقيمت عليه الدعوى
– فإنه يتعين القضاء في موضوع الاستئناف برفض وتأييد الحكم المستأنف.
