الطعن رقم 772 لسنة 29 ق – جلسة 28 /06 /1987
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة أحكام
المحكمة الإدارية العليا
السنة 32 – الجزء الثاني (أول مارس 1987 – 30 سبتمبر 1987) – صـ 1455
جلسة 28 من يونيه سنة 1987
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ يوسف شلبي يوسف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة فؤاد عبد العزيز عبد الله رجب وصلاح الدين أبو المعاطي نصير وعادل لطفي عثمان والسيد محمد السيد الطحان – المستشارين.
الطعن رقم 772 لسنة 29 القضائية
عاملون مدنيون بالدولة – أحكام عامة – ترتيب وتوصيف وتقييم الوظائف.
المادة الثانية من القانون رقم 58 لسنة 1971 بنظام العاملين المدنيين بالدولة – قرار
رئيس الجمهورية رقم 352 لسنة 1974 في شأن أحكام ترتيب وتوصيف وتقييم الوظائف.
حدد المشرع سلسلة من الإجراءات الواجب اتباعها عند وضع جداول وظائف العاملين بالجهاز
الإداري للدولة – تبدأ هذه الإجراءات بقيام كل وحده إدارية بوضع جداول للوظائف بها
تشتمل وصف كل وظيفة مع بيان واجباتها ومسئولياتها واشتراطات شغلها وترتيبها تحت أي
من المستويات أو الفئات المالية المقررة لها – يأتي بعد ذلك دور الجهاز المركزي للتنظيم
والإدارة فيقوم بمراجعة الجداول ومطابقتها على مستوى الوحدات الإدارية الأخرى والتنسيق
فيما بينها في حدود احتياجات كل وحده وطبيعة ونشاط العمل بها – يتم اعتماد الجداول
بعد ذلك من الوزير المختص بالتنمية الإدارية – لا تكفي هذه السلسلة من الإجراءات بل
يتعين صدور قرار من رئيس الجمهورية بتحديد موعد بدء نفاذ أحكام التوصيف والتقييم طبقاً
لنص المادة من القانون رقم 58 لسنة 1971 – قبل ذلك لا يعدو الأمر أن يكون في دور
الإعداد والتمهيد لا ينشاً للعامل أي حق يصلح محلاً للمطالبة الإدارية أو القضائية
– تطبيق.
إجراءات الطعن
بتاريخ 15/ 2/ 1983 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن السيد/ وزير
الخارجية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 772 لسنة 29
القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 20/ 12/ 1982 في الدعوى رقم
2267 لسنة 34 القضائية المقامة من السادة/ حسن أحمد جندي. علي عبد القادر السثبتاني.
أحمد عز الدين ثروت. سمير مجدي جمال الدين. عادل فؤاد محمد. فوزي جرجس
منقريوس. سمير السيد السباعي. محمد سامح أنيس. عبد الغني محمد سالم. ممدوح مراد عباس عبيد. حسن أحمد إبراهيم. محمد عبد المطلب إبراهيم ضد السيد/
وزير الخارجية الذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بأحقية المدعين في النقل إلى
الوظائف التي توافرت لهم شروط النقل إليها بجدول توصيف الوظائف طبقاً لأحكام قرار رئيس
الجمهورية رقم 352 لسنة 1974 وذلك اعتباراً من أول يناير سنة 1977 وما يترتب على ذلك
من آثار وإلزام الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة في تقرير الطعن الحكم (أولاً) بوقف تنفيذ الحكم المطعون
فيه وإلزام المطعون ضدهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن هذا الطلب (ثانياً) بقبول
الطعن شكلاً وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه والحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى شكلاً
لمخالفة رفعها أحكام قانون مجلس الدولة واحتياطياً برفضها وإلزام المطعون ضدهم المصروفات
ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن
شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وإلزام الطاعن المصروفات وفي الموضوع
بإلغاء الحكم المطعون وبرفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات عن درجتي التقاضي.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 26/ 1/ 1987 فقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية
العليا (الدائرة الثانية) التي نظرته بجلستي 1/ 3، 26/ 4/ 1987 وبعد أن سمعت ما رأت
لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيه أودعت مسودة الحكم
مشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه.
وحيث إن عناصر هذه المنازعة تجمل على ما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 4/ 9/ 1980
أقام حسن أحمد الجندي. علي عبد القادر الشيثاني. أحمد عز الدين ثروت. سمير مجدي جمال الدين. عادل فؤاد محمد. فوزي جرجس منقريوس. سمير السيد
السباعي. محمد سامح أنيس. عبد الغني محمد سالم. ممدوح مراد عباس عبيد.
حسين أحمد إبراهيم. محمد عبد المطلب إبراهيم ضد وزير الخارجية الدعوى 2267
لسنة 34 القضائية طلبوا فيها الحكم بأحقية الجامعيين العاملين بوزارة الخارجية في المعاملة
طبقاً لأحكام قرار التوصيف والتقييم الصادر عام 1972 وإطلاق المسميات الواردة بذلك
القرار على وظائفهم وما يترتب على ذلك من آثار وحفظ حقهم في أية مستحقات أو فروق مالية
وإلزام الجهة الإدارة المصروفات.
وقالوا في شرح دعواهم أنه يعمل بوزارة الخارجية جامعياً لقبوا بالإداريين وقد
حرموا من مساواتهم بزملائهم الحاصلين على ذات مؤهلاتهم دون مبرر وأنه مما زاد الأمر
سوءاً إحجام الوزارة عن تنفيذ ترتيب وتوصيف الوظائف وشاغليها بالنسبة إليهم مما يترتب
عليه وقف ترقياتهم وتعطيل أحكام القانون رقم 47 لسنة 1978 والذي قام أساساً على نظام
ترتيب وتوصيف الوظائف رغم وضع مشروع هذا الترتيب والتوصيف في سبتمبر سنة 1972 بمعاونة
الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة الذي أورد مسميات الوظائف على النحو التالي: ملحق
إداري – سكرتير ثالث إداري – سكرتير ثان إداري – سكرتير أول إداري – مستشار إداري.
وقد اعتمد هذا التوصيف والتقييم من جانب وزير الخارجية ورئيس مجلس الوزراء وصدر قانون
ربط الموازنة لسنة 1974 متضمناً هذه المسميات وأدرجت في جداول الموازنة العامة للدولة
تحت رقم 134 وزارة الخارجية وقد جاء هذا التوصيف والتقييم مؤكداً لقرار رئيس الجهاز
المركزي للتنظيم والإدارة رقم 134 لسنة 1978 بشأن وجوب توصيف وترتيب الوظائف للعاملين
المدنيين بالدولة والأحكام التي يقتضيها تنفيذه.
وقال المدعون أن هذه المسميات لم تلاق أية صعوبات في الوزارات الأخرى التي لها مكاتب
ملحقة بسفارات مصر في الخارج – ملحق عمالي، مستشار عمالي، ملحق سياحي، مستشار سياحي
ورغم وجاهة الاعتبارات التي توجب تطبيق التوصيف والتقييم السابق وضعه إلا أنه صدرت
تعليمات بوقف العمل به وضربت الوزارة عرض الحائط بالعديد من الشكاوى المقدمة منهم من
جزاء ذلك.
وأردف المدعون قائلين أن العمل القنصلي عمل إداري وفني ومالي من الدرجة الأولى طبقاً
لأحكام وقواعد القانون الدولي ولا يمكن أن يسند إلا لمن أدوا امتحاناً تجربة الإدارة
العامة للتدريب ولو افتئات على حقوق الدبلوماسيين في السلك السياسي من رد الاعتبار
إلى المبعوثين القنصليين.
وردت الجهة الإدارة على الدعوى قائلة أنه لا يمكن الأخذ بوجهة نظر المدعين وتعيينهم
في وظائف السلكين الدبلوماسي والقنصلي دون الالتزام بشرط اجتياز امتحان المسابقة لمخالفة
ذلك صراحة للقانون رقم 166 لسنة 1954 الخاص بنظام السلكين الدبلوماسي والقنصلي وأضافت
أنه لا صحة لما ذهب إليه المدعون من أن أوضاعهم الوظيفية يشوبها الغبن.
وبجلسة 20/ 12/ 1982 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بأحقية المدعين في
النقل إلى الوظائف التي توافرت لهم شروط النقل إليها بجدول توصيف الوظائف طبقاً لأحكام
قرار رئيس الجمهورية رقم 352 لسنة 1974 وذلك اعتباراً من أول يناير سنة 1977 وما يترتب
على ذلك من آثار وإلزام الإدارة المصروفات.
وقام قضاء المحكمة على أنه بالنسبة لشكل الدعوى فهي من دعاوى الاستحقاق التي يستمد
الحق فيها مباشرة من القانون وإذ قدمت مستوفاة يتعين الحكم بقبولها شكلاً.
وعن الموضوع قالت المحكمة أنه طبقاً للمادتين (2، 3) من نظام العاملين المدنيين بالدولة
رقم 58 لسنة 1971 فإنه يتحتم على كل وحدة من الوحدات بالجهاز الإداري للدولة بعد أن
تضع هيكلاً تنظيمياً لها يعتمد من الوزير المختص أن تضع جدولاً للوظائف يتضمن البيانات
التفصيلية الواردة بالمادة 2 ويعتمد جدول الوظائف والقرارات الصادرة باعتماد تقييم
الوظائف بقرار من الوزير المختص بالتنمية الإدارية بعد موافقة الجهاز المركزي للتنظيم
والإدارة في حدود الاعتمادات المقررة في الموازنة العامة للأجور – وأن أحكام ترتيب
وتوصيف وتقييم الوظائف وإعادة تقييمها وإجراءات نقل العاملين إلى الوظائف الواردة بجدول
توصيف الوظائف وموعد بدء نفاذ أحكام التوصيف والتقييم عليهم يصدر بتحديدها قرار من
رئيس الجمهورية وإن مؤدى ذلك أن المركز القانوني للعاملين فيها يتعلق بحقوقهم الوظيفية
الناتجة عن اعتماد جداول الوظائف وترتيبها وتوصيفها وتقييمها إنما نشأ من القرار الجمهوري
الصادر بتحديد إجراءات نقلهم إلى الوظائف الواردة بجدول توصيف الوظائف ولا يعدو أن
يكون القرار الذي تصدره جهة الإدارة قراراً تنفيذياً لهذا القرار الجمهوري – وأشارت
المحكمة إلى أنه صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 352 لسنة 1974 بشأن أحكام ترتيب وتوصيف
وتقييم الوظائف ونقل العاملين إلى الوظائف الواردة بجداول الترتيب كما صدر قرار رئيس
مجلس الوزراء رقم 1094 لسنة 1976 في 12 من نوفمبر سنة 1976 مفوضاً من رئيس الجمهورية
بمقتضى القرار رقم 490 لسنة 1976 بتحديد موعد بدء نفاذ أحكام ترتيب وتوصيف وتقييم الوظائف
على العاملين المدنيين بالدولة اعتباراً من أول يناير سنة 1977 ونظراً لأن الموازنة
العامة للدولة للسنة المالية 1974 قد تضمنت في القسم 134 منها الخاص بوزارة الخارجية
بتحديد الوظائف الدائمة مسميات للوظائف التنظيمية والإدارية لكل من المستويات الوظيفية
بفئاتها المالية المختلفة المنصوص عليها في القانون رقم 58 لسنة 1971 فقد استكملت الجهة
الإدارية الوظائف الإدارية بوزارة الخارجية – ونظراً لأنه صدر قرار رئيس مجلس الوزراء
رقم 1094 لسنة 1976 بتحديد موعد بدء تنفيذ نظام ترتيب الوظائف في الجهاز الإداري للدولة
بعد صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 352 لسنة 1974 فلا مناص من استحقاق العاملين بوزارة
الخارجية للنقل إلى تلك الوظائف حسبما توافرت لكل منهم شروط شغلها التي حددها القرار
المشار إليه وأنه وإن كانت الجهة الإدارية لم تعمل في شأن المدعين أحكام النقل إلى
الوظائف الواردة بجداول التوصيف المعتمدة بوزارة الخارجية مما يعد امتناعاً عن إنزال
صحيح حكم القانون في حقهم بغير سند من واقع أو قانون، وأنه وإن كانت رقابة القضاء الإداري
على مشروعية تصرف الجهة الإدارية تحول في هذا الشأن بينه وبين الحلول محل الجهة الإدارية
في اتخاذ ما يجب عليها اتخاذه قانوناً إلا أن ذلك في الدعوى الماثلة لا يعد حلولاً
محلها بإلزامها بإصدار قرار تنفيذي أوجبت القاعدة التنظيمية إصداره وفقاً لأحكامها
إذ يمتنع على الجهة الإدارية في هذا الصدد أن تقدر ملاءمة أو عدم ملاءمة إصداره بل
يتعين عليها وقد استكملت مقومات وجود جداول التوصيف واعتمادها طبقاً للقانون أن تبادر
إلى تنفيذ قواعد النقل الصادر بها قرار رئيس الجمهورية رقم 352 لسنة 1974 على أن يكون
هذا التنفيذ اعتباراً من التاريخ الذي حدده قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1094 لسنة 1976.
وحيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله لأنه (أولاً)
أن التكييف القانوني الصحيح لطلبات المطعون ضدهم إنما هو طعن بالإلغاء في قرارات تسكينهم
في الوظائف الواردة في جدول توصيف الوظائف بوزارة الخارجية المعتمد من وزير الدولة
للتنمية الإدارية بالقرار رقم 36 لسنة 1977 والذي تضمن أن مسميات وظائف المطعون ضدهم
هي كبير مفتشين أول مالي وإداري – مراقب عام – كبير مفتشين ثاني مالي وإداري… فقد
تم هذا التسكين في ميزانية عام 1977 ولم يقم المدعون دعواهم إلا في سبتمبر عام 1980
مما تضحى معه دعواهم غير مقبولة شكلاً لإقامتها بعد الميعاد.
(ثانياً) أن الحكم المطعون فيه قام على أساس افتراض أن جدول موازنة وزارة الخارجية
لعام 1977 تضمن توصيفاً للوظائف مطابقاً لتوصيف الوظائف الوارد بجدول موازنة وزارة
الخارجية لعام 1974 وهو افتراض قائم على غير أساس من الواقع إذ أن موازنات وزارة الخارجية
التالية لموازنة عام 1974 قد عدلت مسميات الوظائف لتكون (كبير مفتشين مالي وإداري،
مراقب عام، كبير مفتشين ثان، مراقب مالي وإداري، مراقب، رئيس قطاع، باحث…" ولم تعد
تضم تلك المسميات التي كانت واردة في جدول موازنة عام 1974 واستند عليها المدعون في
دعواهم وهي وظائف ملحق إداري أول وثان وثالث ومستشار إداري (ثالثاً) إن جدول الوظائف
الذي يستند إليه المدعون لم يعتمد قط من وزير التنمية الإدارية طبقاً للمادة الثانية
من القانون رقم 8 لسنة 1971 بشأن نظام موظفي الدولة السابق وإن أول جدول موازنة بترتيب
وظائف لوزارة الخارجية للعاملين المدنيين ثم اعتماده من وزير الدولة للتنمية الإدارية
كان هو الجدول المرفق بقرار وزير الدولة للتنمية الإدارية رقم 36 لسنة 1977 في ظل العمل
بالقانون رقم 58 لسنة 1971.
(رابعاً) أن موازنات وزارة الخارجية ابتداء من عام 1975 حتى 1977 لا تتضمن توصيفاً
للوظائف مماثلاً لما ورد في بدية عام 1974 ومن ثم أصبحت سلطة الوزارة في اتخاذ أي قرار
بالتسكين على وظائف مقيدة بما ورد في جداول الموازنات من 1975 حتى 1977 ومن المقرر
قانوناً أنه لا يمكن التصرف إلا بوجود درجة في الميزانية وممولة بحيث تكون الوظيفة
قائمة فعلاً ومصروفها المالي قائم في الميزانية.
وحيث إن المادة الثانية من القانون رقم 58 لسنة 1971 بنظام العاملين المدنيين بالدولة
الذي يحكم النزاع الماثل نصت على أن "تضع كل وحدة جدولاً للوظائف يتضمن وصف كل وظيفة
وتحديد واجباتها ومسئولياتها والاشتراطات اللازم توافرها فيمن يشغلها وترتيبها في إحدى
المستويات والفئات الوظيفة المبينة بالجدول الملحق بهذا القانون – كما يجوز إعادة تقييم
وظائف كل وحدة – ويعتمد جدول الوظائف والقرارات الصادرة بإعادة تقييم الوظائف بقرار
من الوزير المختص بالتنمية الإدارية بعد موافقة الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة وذلك
في حدود الاعتمادات المقررة في الموازنة العامة للأجور – كما نصت المادة 3 على أنه
يحدد رئيس الجمهورية أحكام ترتيب وتوصيف وتقييم الوظائف وإعادة تقييمها كما يحدد إجراءات
نقل العاملين إلى الوظائف الواردة بجدول توصيف الوظائف وموعد بدء نفاذ أحكام التوصيف
والتقييم عليهم. "وإعمالاً لحكم المادة 3 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 352 لسنة 1974
في شأن أحكام ترتيب وتوصيف وتقييم الوظائف ونصت المادة 4 منه على أنه اعتباراً من تاريخ
العمل بهذا القرار تقوم كل وحدة بإعداد جداول لوظائفها وترسل الوحدة جداول الوظائف
المشار إليها مرفقاً بها أوصاف الوظائف إلى الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة لمراجعتها
واعتمادها من الوزير المختص بالتنمية الإدارية. ونصت المادة "5" على أن "ينقل العاملون
إلى الوظائف الواردة في جداول الوظائف المعتمدة والمعادلة لوظائفهم التي يشغلونها وذلك
بقرار من السلطة المختصة بعد العرض على لجنة شئون العاملين". "كما نصت المادة 7 على
أن تتضمن الموازنة العامة للدولة بياناً بالمجموعات النوعية ومسميات الوظائف المعتمدة
لكل وحدة".
ومن حيث إنه يتضح من مجموع النصوص السالفة أن المشرع حدد سلسلة من الإجراءات عند وضع
جداول وظائف العاملين بالجهاز الإداري للدولة بدأها بأن تقوم كل وحدة إدارية بوضع جدول
للوظائف بها يشتمل كل ما تتطلبه الوظيفة من وصف خاص بها مع بيان واجباتها ومسئولياتها
واشتراطات شغلها وترتيباً تحت أي من المستويات والفئة المالية المقررة لها ثم يأتي
دور الجهاز المركزي للتنظيم الإداري فيقوم بمواجهة هذا الجدول ومطابقته للتنظيم الإداري
على مستوى الوحدات الإدارية الأخرى وللتنسيق فيما بينها في حدود احتياجات كل وحدة وطبيعة
ونشاط العمل بها ثم يعتمد هذا الجدول من الوزير المختص بالتنمية الإدارية. وغني عن
البيان إن وضع جداول الوظائف للوحدات الإدارية متضمنة البيانات – التفصيلية المذكورة
إنما يتم في ضوء أحكام ترتيب وتوصيف وتقييم الوظائف وإعادة تقييمها التي صدر بها قرار
رئيس الجمهورية رقم 2، 3 لسنة 1974 نفاذاً للمادة 3 من القانون رقم 58 لسنة 1971 سالفة
الذكر باعتبار أن هذا القرار إنما ينطوي على الأحكام العامة التي تسترشد بها كل وحدة
إدارية عند إعداد جدول الوظائف الخاص بها، وهذا أمر طبيعي بل لازم وحتمي حيث تمليه
قواعد التنظيم الإداري إذ تختلف طبيعة عمل كل وحدة إدارية عن الأخرى فتضع جدول الوظائف
حسب ظروف نشاطها وبما يتلاءم ويتسق مع نوعية وظائفها كما أنه بعد الانتهاء من هذه السلسة
من الإجراءات لا يعتبر جدول الوظائف بالوحدة الإدارية نافذاً وينقل العاملون إلى الوظائف
الواردة به بل لا بد أن يكون قد صدر قرار رئيس الجمهورية بتحديد موعد بدء نفاذ أحكام
التوصيف والتقييم عليهم طبقاً لما تستلزمه المادة 3 من القانون رقم 58 لسنة 1971، وبصدور
هذا القرار تكون إجراءات التوصيف قد ترابط عقدها واستكملت حلقاتها – أما قبل إتمام
ذلك كله فلا يعدو الأمر أن يكون في دور الإعداد والتمهيد لا يكتسب العامل بشأنه أي
حق قد يكون محلاً للمطالبة الإدارية أو القضائية.
ومن حيث إن الواضح من الأوراق أن الجدول الذي سبق أن أعدته الجهة الإدارية بشأن ترتيب
وتوصيف وتقييم الوظائف بها والذي وافق عليه وزير الخزانة والمتضمن مسميات الوظائف التي
أشار إليها المدعون في صحيفة دعواهم وصدرت على أساسه موازنة وزارة الخارجية عام 1974،
وهذا الجدول لم يكن قد استكمل حلقاته حسبما تتطلبه المادة 2 من القانون رقم 58 لسنة
1971 وما أكدته المادة 4 من قرار رئيس الجمهورية رقم 352 لسنة 1974 المشار إليه وهو
اعتماد الجدول من الوزير المختص بالتنمية الإدارية إذ لم يتم هذا الاعتماد إلا بالقرار
الصادر منه برقم 36 لسنة 1977 في 16 من يوليو سنة 1977 ولم يتضمن جدول الوظائف والمرفق
بهذا القرار المسميات التي أشار إليها المدعون بل تضمن مسميات وظائف أخرى هي "كبير
مفتشين أول مالي وإداري – مراقب عام – كبير مفتشين ثان مالي وإداري – مراقب – مفتش
أول مالي وإداري – رئيس قسم – باحث أول – باحث ثان – باحث ثالث – باحث مبتدئ ثم صدرت
على أساسه موازنة وزارة الخارجية عن العام 1977 (قسم 1304) وعلى هذا لا يكون للمدعين
حق في المطالبة بنعتهم بمسميات الوظائف التي كانت قد وردت في موازنة الوزارة عام 1974
– يضاف إلى ذلك أن المادة 2 من القانون رقم 58 لسنة 1971. تستلزم صدور قرار من رئيس
الجمهورية بتحديد موعد بدء نفاذ أحكام التوصيف والتقييم، وقد صدر قرار رئيس الجمهورية
رقم 490 لسنة 1976 بتفويض رئيس مجلس الوزراء بتحديد هذا الموعد فصدر القرار رقم 1094
لسنة 1976 من رئيس مجلس الوزراء متضمناً بدء نفاذ أحكام ترتيب وتوصيف وتقييم الوظائف
على العاملين المدنيين بالدولة اعتباراً من أول يناير سنة 1977، وعلى ذلك فإنه بصدور
هذا القرار واعتباراً من التاريخ الذي حدده يكون جدول الوظائف قد استكملت عناصره وتوافرت
مقوماته وأضحى نافذاً ونشأ الحق لكل ذي مصلحة في أن ينقل إلى الوظائف التي ورد ذكرها
بالجدول المعتمد بقرار الوزير المختص بالتنمية الإدارية رقم 36 لسنة 1977 لا إلى الوظائف
التي وردت بموازنة وزارة الخزانة عن السنة المالية 1974 إذ أنه زيادة على أن العمل
بأحكام ترتيب وتوصيف وتقييم الوظائف لم يبدأ إلا اعتباراً من أول يناير سنة 1977 فإن
مبدأ سنوية الموازنة لا يجيز تسكين العاملين بالوزارة في ذلك التاريخ على مسميات وظائف
وردت بموازنة عام 1974 ولم تكن حلقات إجراءاتها قد استكملت بعد – إذ أن تلك المسميات
حسبما يبين من الاطلاع على موازنات الوزارة لم يعد لها وجود في موازناتها منذ السنة
المالية 1975 والسنوات التالية لها – وهذا النظر هو ما أكدته المادة 7 من قرار رئيس
الجمهورية رقم 452 لسنة 1974 حيث قضت بأن تتضمن الموازنة العامة للدولة بياناً بالمجموعة
النوعية ومسميات الوظائف المعتمدة لكل وحدة – والثابت أن جدول الوظائف بوزارة الخارجية
اعتمد – حسبما سلف – في 16 من يوليو سنة 1977 بمقتضى قرار الوزير المختص بالتنمية الإدارية
رقم 36 لسنة 1977 طبقاً للمسميات التي وردت به.
ومن حيث إنه لا يغير من النظر المتقدم ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن المركز
القانوني للمدعين إنما نشأ من قرار رئيس الجمهورية رقم 352 لسنة 1974 الصادر بتحديد
إجراءات نقلهم إلى الوظائف الواردة بجدول توصيف الوظائف، ذلك لأن أحكام ترتيب وتوصيف
وتقييم الوظائف وإعادة تقييمها التي حددها رئيس الجمهورية بمقتضى ذلك القرار ليست في
طبيعتها سوى أحكام عامة تسترشد وتستأنس بها الوحدات الإدارية عند وضع جداول الوظائف
الخاصة بها لأن المادة 2 من القانون رقم 58 لسنة 1971 أوجبت على كل وحدة أن تضع جدولاً
للوظائف، وهذا الجدول بطبيعة الحال يختلف من وحدة إلى أخرى اختلافاً قد يضيق وقد يتسع
عما حواه قرار رئيس الجمهورية حسب نشاط كل وحدة وطبيعة العمل بها فلم يرتب هذا القرار
أو ينشى أية حقوق وظيفية للعاملين عند صدوره ويؤكد ذلك أن هذه الجداول يتعين عرضها
بعد ذلك على الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة لمراجعتها ولا تكون صالحه للعمل بها إلا
بعد موافقته عليها ثم صدور قرار الوزير المختص بالتنمية الإدارية باعتمادها وفق ما
قضى به قرار رئيس الجمهورية سالف الذكر ذاته، مع الأخذ في الحسبان موعد بدء نفاذ أحكام
التوصيف والتقييم الذي تحدد بالأول من شهر يناير سنة 1977 – أما عن طلب التعويض فإنه
وقد بأن أن الجهة الإدارية قد سلكت في تصرفها صحيح حكم القانون وبالتالي لا يكون ثمة
محل لهذا الطلب.
ومن حيث إنه في ضوء ما تقدم جمعيه فإنه لا يجوز للمدعين المطالبة بتسكينهم في الوظائف
التي تضمنتها موازنة وزارة الخارجية عن السنة المالية 1974، وتكون دعواهم والحالة هذه
غير مستندة على أساس سليم من القانون – وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذه المذهب فإنه
يكون قد جانب القانون في صحيحة بما يتعين معه القضاء بإلغائه ويرفض الدعوى وإلزام المدعين
المصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعين المصروفات.
