الطعن رقم 1226 لسنة 28 ق – جلسة 09 /06 /1987
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة 32 – الجزء الثاني (أول مارس 1987 – 30 سبتمبر 1987) – صـ 1365
جلسة 9 من يونيه سنة 1987
برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح السيد بسيوني نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة شفيق محمد سليم مصطفى وفاروق علي عبد القادر وكمال زكي عبد الرحمن اللمعي وعطية الله رسلان أحمد فرج – المستشارين.
الطعن رقم 1226 لسنة 28 القضائية
قوات مسلحة – لجان الضباط – اختصاصها – الطعن في قراراتها.
القانون رقم 96 لسنة 1971 بشأن الطعن في قرارات لجان الضباط بالقوات المسلحة.
ناط المشرع بلجنة ضباط القوات المسلحة المنعقدة بهيئة قضائية الفصل دون غيرها في
المنازعات الإدارية الخاصة بالقرارات النهائية التي تصدرها لجان الضباط – مؤدى ذلك:
عدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر تلك المنازعات – تطبيق [(1)].
إجراءات الطعن
بتاريخ 10/ 6/ 1982 أودع الأستاذ/ السيد محمد أمام المحامي والمنتدب عن الطاعن سكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 1226 لسنة 28 ق ضد السيد/ وزير الدفاع، وذلك في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري – دائرة الجزاءات والترقيات – بجلسة 31/ 12/ 1981 في الدعوى رقم 1609 لسنة 34 ق المقامة من الطاعن على المطعون ضده والذي قضى بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى لجنة ضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفه هيئة قضائية للاختصاص وأبقت الفصل في المصروفات.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن، وللأسباب الواردة به، الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه بكامل أجزائه والحكم بإلغاء القرار المطعون فيه بكل ما يترتب عليه من آثار وترقية الطاعن إلى رتبة العميد أو الإحالة بها إلى المعاش مع إلزام المطعون ضده بتعويض قدره قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
وبعد إعلان الطعن أحيل إلى هيئة مفوضي الدولة التي أعدت تقرير بالرأي القانوني اقترحت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات عن درجتي التقاضي.
ثم نظر الطعن بعد ذلك أمام دائرة فحص الطعون بالدائرة الثانية التي قررت بجلسة 12/ 1/ 1987 إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة (فحص طعون) بالمحكمة الإدارية العليا وحددت لنظرة أمامها جلسة 4/ 2/ 1987 وبجلسة 18/ 2/ 1987 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة (موضوع لنظره بجلسة 24/ 3/ 1987) ثم تدوول نظر الطعن بعد ذلك أمام المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى أن قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 9/ 6/ 1987. وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إنه عن شكل الطعن فإنه لما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه صدر بجلسة
31/ 12/ 1981 وأودع الطاعن سكرتارية لجنة المساعدات القضائية للمحكمة الإدارية
العليا طلب المساعدة القضائية رقم 51 لسنة 28 ق بتاريخ 1/ 3/ 1982. وإذ صدر قرار
لجنة المساعدة القضائية للمحكمة الإدارية العليا بقبول الطلب بجلسة 14/ 4/ 1982
وأودع الطعن الماثل سكرتارية المحكمة الإدارية العليا بتاريخ 10/ 6/ 1982 أي خلال
ميعاد الستين يوماً المنصوص عليه في المادة 44 من القانون رقم 47 لسنة 1972 في شان
مجلس الدولة، وإذ استوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً فإنه من ثم
يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن وقائع المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – في
أن المدعي (الطاعن) أقام دعواه محل الطعن الماثل أمام محكمة القضاء الإداري
والمقيدة برقم 1609 لسنة 34 ق طالباً في ختامها الحكم بقبولها شكلاً وفي الموضوع –
بعد إحالة الدفع بعدم الدستورية إلى المحكمة الدستورية العليا – بإلغاء القرار
المطعون فيه بكل ما يترتب عليه من آثار وترقيته إلى رتبه العميد وإعادته للخدمة بها
بالقوات المسلحة واحتياطياً بإلغاء القرار المطعون فيه بكل ما يترتب عليه من آثار
وترقيته إلى رتبة العميد والإحالة بها إلى المعاش مع إلزام المدعى عليه بتعويض قدره
قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال المدعي (الطاعن) شرحاً لدعواه أنه عين ضابطاً بالقوات المسلحة عام 1956
وتقلب في العديد من الوظائف العامة وخاض ثلاث حروب ويكفي خطابات شكر عديدة، فضلاً
عن تقاريره السرية التي تشهد بكفاءته، كما حصل على كثير من الفرص التأهيليه حتى وصل
إلى مرتبه العقيد، عندما حل عليه الدور للترقية إلى رتبة العميد فوجئ بالنشرة
العسكرية الصادرة بتاريخ 25/ 6/ 1979 والتي تضمنت إنهاء خدمته بإحالته إلى المعاش
بذات رتبة العقيد، فتظلم في 22/ 7/ 1979 إلى لجنة الضباط المختصة والتي انعقدت بصفة
هيئة قضائية وقررت رفض التظلم وأخطر المدعي بقرارها في 13/ 3/ 1980. ولما كان هذا
القرار مشوباً بالبطلان وتعنت إساءة استعمال السلطة والخطأ في تأويل وتطبيق القانون
فقد أقام المدعي دعواه للحكم له بطلباته المشار إليها آنفاً.
وقد نظرت محكمة القضاء الإداري الدعوى على النحو المبين بمحاضر الجلسات وبجلسة
31/ 12/ 1981 حكمت المحكمة بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى
وإحالتها بحالتها إلى لجنة ضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية للاختصاص
وأبقت الفصل في المصروفات. وقد أقامت محكمة القضاء الإداري قضاءها على أن المحكمة
العليا سبق أن قضت بدستورية القانون رقم 96 لسنة 1971 وباختصاص لجنة ضباط القوات
المسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية المشار إليها بكافة المنازعات الإدارية لأفراد
القوات المسلحة.
وإذ لم يلق هذا الحكم قبولاً لدى الطاعن لذلك فقد أقام طعنه الماثل مستنداً في
ذلك إلى الأسباب الآتية:
أولاً: أن الحكم المطعون فيه اعتوره قصور في التسبيب حين أغفل أن سبق صدور حكم
بدستورية التشريع يجعله بمنأه من الطعن عليها بعدم الدستورية ذلك أنه وإن كانت
المادة 49 من القانون رقم 48 لسنة 1979 بإنشاء المحكمة الدستورية تنص على أن
الأحكام الصادرة في مواد الدستورية تكون ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة وأن هذا
الالتزام يكون مطلق في حالة الحكم بعدم دستورية تشريع ما، إلا أن الأمر يختلف في
حالة صدور الحكم برفض دعوى عدم الدستورية إذ لا يجوز الحكم في هذه الحالة قوة الشيء
المقضي فيه إلا بالنسبة للأسباب التي بني عليها الحكم ولا يمنع ذلك بداهة من الطعن
على ذات التشريع بعدم الدستورية لأسباب لم يتعرض الحكم السابق لبحثها وفضلاً عن ذلك
فقد خلا الحكم المطعون فيه من بيان عدم جدية الطاعن في الدفع بعدم دستورية القانون
رقم 96 لسنة 1971 الأمر الذي يكون معه قضاؤه الضمني برفض الدفع قاصراً.
ثالثاً: الخطأ في تطبيق القانون إذ تبين من استقراء أحكام القانون رقم 96 لسنة
1971 أنه أناب لجنة ضباط القوات المسلحة منعقدة بصفة هيئة قضائية اختصاصاً محدداً
يتمثل في المنازعات الإدارية الخاصة بالقرارات النهائية التي تصدرها لجان الضباط
ومؤدى ذلك أن انعقاد الاختصاص بالمنازعات الإدارية للضباط العاملين بالقوات المسلحة
منوط بتعلق هذه المنازعات بقرار من القرارات التي نصت عليها المادة 6 من القانون
رقم 232 لسنة 1959 بشأن شروط الخدمة والترقية لضباط القوات المسلحة وينبني على ما
تقدم أن الاختصاص الاستثنائي للجنة ضباط القوات المسلحة ينحسر إذا ما تعلقت
المنازعة بغير القرارات المشار إليها ومن باب أولى إذا انحدرت بعض هذه القرارات إلى
درجة الانعدام ويعود الاختصاص إلى جهة القضاء الإداري ذات الولاية العامة، وإذ كان
الثابت أن مبنى الدعوى المرفوعة أمام محكمة القضاء الإداري تتعلق بتصرفات مادية لا
أساس لها من القانون مما ينعقد معه الاختصاص لقاضي الولاية العامة في المنازعات
الإدارية، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى اختصاص لجنة ضباط القوات المسلحة بنظر
دعوى المدعي فإنه يكون على غير أساس سليم من الواقع والقانون.
ومن حيث إنه من المبادئ المسلم بها أن البحث في اختصاص المحكمة بنظر الدعوى سواء
كان ذلك ولائياً أو نوعياً أو مكانياً هو من المسائل الأولية التي يتعين التصدي لها
قبل البحث في شكل الدعوى أو الخوض فيها موضوعياً لأنه. يدور مع ولاية المحكمة
بنظرها وجوداً وعدماً.
ومن حيث إنه باستعراض أحكام القانون رقم 96 لسنة 1971 بشأن الطعن في قرارات لجان
الضباط بالقوات المسلحة يتبين أن المادة الأولى منه تنص على أن تختص لجنة ضباط
القوات المسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية دون غيرها بالنظر في المنازعات الإدارية
الخاصة بالقرارات النهائية التي تصدرها لجان الضباط بالقوات المسلحة وتنشأ لكل فرع
من أفرع القوات المسلحة لجنة قضائية تختص دون غيرها بالفصل في المنازعات الإدارية
الخاصة بضباط القوات المسلحة…" وتنص المادة العاشرة من هذا القانون على عدم جواز
الطعن في قرارات لجان الضباط أو المطالبة بإلغائها أمام أي هيئة كانت. ثم صدر
القانون رقم 71 لسنة 1975 بتنظيم وتحديد اختصاصات اللجان القضائية لضباط القوات
المسلحة وتنص في مادته الأولى على أن: "تنشأ بالقوات المسلحة اللجان القضائية
الآتية…" كما نص في المادة الثالثة منه على أن "تختص هذه اللجان دون غيرها بالفصل
في المنازعات الإدارية المتعلقة بضباط القوات المسلحة عدا العقوبات الانضباطية وما
تختص بنظره لجان ضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية وفقاً لأحكام
القانون رقم 96 لسنة 1971".
ومن حيث إن المحكمة الدستورية العليا قد قضت بدستورية أحكام القرار بقانون رقم
96 لسنة 1971 فيما قضى به من اختصاص لجان الضباط دون غيرها بنظر المنازعات المتعلقة
بضباط القوات المسلحة والطعن فيها أمام لجنة ضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفة
هيئة قضائية وعدم جواز الطعن في قرارات هذه اللجنة أمام أية هيئة كانت تأسيساً على
أن المصلحة العامة وطبيعة الأوضاع في القوات المسلحة تستلزم وضع المنازعات الإدارية
الخاصة بأفراد هذه القوات في يد أسرتهم العسكرية باعتبارها القاضي الطبيعي بالنظر
إلى الصلة الوثيقة بين أداء الضباط لمهام وظيفته العسكرية وبين ما يصدر في شأنه من
قرارات إدارية بدءاً بقرار إلحاقه بالخدمة العسكرية ونهاية بقرار إنهاء هذه الخدمة،
واستجابة لذلك أنشأ المشرع لجنة ضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية
طبقاً للقانون رقم 96 لسنة 1971 (حكم المحكمة العليا أن القضية رقم 4 لسنة 4 ق.
بجلسة 7/ 2/ 1976 مجموعة أحكام وقرارات المحكمة العليا – القسم الأول – الجزء الأول
– الأحكام الصادرة في الفترة من إنشاء المحكمة سنة 1970 حتى نوفمبر 1976، صفحة 328
وما بعدها).
ومن حيث إنه وفقاً لأحكام القانونين رقمي 96 لسنة 1971 و71 لسنة 1975 سالف الذكر
فإن سائر المنازعات الإدارية المتعلقة بضباط القوات المسلحة تختص بنظرها اللجان
المشار إليها، وعلى هذا تواترت أحكام المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم وإذ كان الثابت في الطعن الماثل أن الطاعن وهو
عقيد بالقوات المسلحة قد أقام دعواه محل الطعن أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة
الجزاءات والترقيات) طعناً على القرار الصادر بإنهاء خدمته بإحالته إلى المعاش بذات
رتبة العقيد، فإن هذه الدعوى تعتبر والحال كذلك من المنازعات التي تختص بالفصل فيها
دون غيرها اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة ولا يكون ثمة اختصاص لمجلس الدولة
بهيئة قضاء إداري نظر الدعوى وإذ ذهب الحكم المطعون عليه هذا المذهب فإنه يكون قد
صادف وجه الحق ويغدو الطعن عليه غير قائم على سند من القانون جديراً بالرفض ولا
يغير من ذلك ما أثاره الطاعن سواء في تقرير الطعن الماثل أو في عريضة دعواه أمام
محكمة القضاء الإداري من دفع بعدم دستورية القانون رقم 96 لسنة 1971 على النحو
المبين بالوقائع ومن ثم طلب وقف الدعوى ليقيم دعواه أمام المحكمة الدستورية العليا
بعدم دستورية هذا القانون عملاً بحكم المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا
رقم 48 لسنة 1979 – ذلك أن الثابت للمحكمة من الأوراق أن جميع الأسانيد التي أوردها
الطاعن في هذا الشأن تأييداً للدفع سبق أن تعرضت لها المحكمة الدستورية العليا في
حكمها المشار إليه آنفاً، ومن ثم فإن الدفع يكون عديم الجدوى متعين الرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة 184/ 1 من قانون
المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن بالمصروفات.
[(1)] راجع الحكم الصادر من المحكمة العليا في القضية رقم 4 لسنة 4 ق بجلسة 7/
2/ 1976 والذي قضى بدستورية أحكام القانون رقم 96 لسنة 1971 فيما تضمنه من عدم جواز
الطعن في قرارات اللجنة المذكورة أمام أية جهة أخرى.
أخذاً باعتبارات المصلحة العامة وما تقتضيه طبيعة الأوضاع في القوات المسلحة من
ضرورة بقاء المنازعات الخاصة بأفرادها في يد أسرتهم العسكرية.
