الطعن رقم 317 لسنة 32 ق – جلسة 17 /01 /1987
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة أحكام
المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والثلاثون – الجزء الأول (أول أكتوبر 1986 – فبراير 1987) – صـ 672
جلسة 17 من يناير سنة 1987
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد يسري عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد المهدي مليحي ومحمد أمين المهدي وفاروق عبد الرحيم غنيم والسيد السيد عمر المستشارين.
الطعن رقم 317 لسنة 32 القضائية
خبير مثمن – سجل القيد في سجل الخبراء المثمنين – طلب إعادة القيد
فيه.
المادة من القانون رقم 100 لسنة 1957 في شأن بعض البيوع التجارية – خول المشرع
سلطة بحث طلب إعادة القيد في سجل الخبراء المثمنين إلى اللجنة المنصوص عليها بالمادة
من القانون رقم 100 لسنة 1957 – تختص اللجنة ببحث الطلب المقدم ممن صدر قرار تأديبي
بمحو اسمه – البحث يكون شاملاً لحالة الطلب وقت مزاولة المهنة أو بعد محو اسمه من السجل
في ضوء البيانات والمعلومات التي تطمئن إليها اللجنة بناء على السلطة التقديرية المخولة
لها في هذا الشأن – متى وجدت اللجنة أن عودة الطالب لمزاولة المهنة يسيء إليها ويزعزع
الثقة في المشتغلين بها فلا تثريب عليها إن رفضت الطلب – رد الاعتبار في الأحكام الجنائية
الصادرة في جرائم السرقة والنصب والتزوير والشروع في ارتكابها أو خيانة الأمانة لا
يكفي لتحقق شرط حسن السمعة الواجب توافره للقيد في سجل الخبراء المثمنين – تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم السبت الموافق 28 من ديسمبر 1985 أودع الأستاذان المحاميان كمال توفيق ويوسف مكرم بصفتهما وكيلين عن السيد/ صبحي جاد أحمد قلم كتاب هذه المحكمة تقريراً بالطعن قيد بجدولها برقم 317 لسنة 32 القضائية ضد وزير التموين والتجارة الداخلية ووكيل أول الوزارة بصفته رئيساً وممثلاً للجنة قيد الخبراء المثمنين في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) وبجلسة 19 من نوفمبر 1985 في الدعوى رقم 5345 لسنة 37 القضائية الذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع برفضها وإلزام المدعي بالمصروفات. وطلب الطاعن للأسباب المبينة في تقرير الطعن الأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه والحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً في الدعوى بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من استبعاد اسم الطاعن من سجل الخبراء المثمنين واعتباره كأن لم يكن مع كل ما ترتب عليه من آثار وإلزام المطعون ضدهما بمصاريف التقاضي عن الدرجتين. وأعلن تقريرا الطعن قانوناً واقترحت هيئة مفوضي الدولة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وإلزام الطاعن بالمصروفات. وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة بجلسة 20/ 1/ 1986 فقررت بجلسة 1/ 12/ 1986 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات) لنظره بجلسة 20/ 12/ 1986 فنظرته المحكمة على الوجه المبين بمحضرها وبعد أن سمعت ما رأت لزومه من إيضاحات قررت بالجلسة المذكورة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع المنازعة تتحصل – حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن
– في أنه بتاريخ 23/ 8/ 1983 أقام صبحي جاد أحمد الدعوى رقم 5345 لسنة 37 القضائية
أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) ضد وزير التموين والتجارة
الداخلية ورئيس لجنة قيد الخبراء المثمنين طالباً الحكم ببطلان قرار لجنة قيد الخبراء
المثمنين الصادر في 2/ 5/ 1983 مع إلزام المدعى عليهما بالمصروفات وأتعاب المحاماة.
وسنده في ذلك أن القرار المطعون فيه انطوى على خطأ في تطبيق القانون وقصور في التسبيب
وشابه عيب إساءة استعمال السلطة فقرار مجلس التأديب بشطب اسمه من سجل الخبراء المثمنين
وإن كان قد استند إلى اتهامه في جريمة تبديد الرسوم الواجبة السداد عقب إجراء المزاد
إلى خزانة الحكومة بما يشكل جريمة خيانة الأمانة المنصوص عليها في البند 4 من المادة
10 من القانون رقم 100 لسنة 1957 وبالتالي يفقده شرط حسن السمعة والسيرة المنصوص عليه
في البند 3 من المادة المذكورة إلا أنه وقت أن تقدم بطلب إعادة قيده إلى لجنة القيد
كان قد صدر حكم محكمة الجنايات ببراءته من هذه التهمة فكان يتعين على اللجنة ألا تستند
إليها في رفض طلبه. وما كان لها أيضاً أن تشترط حصوله على المؤهل الدراسي الذي يتطلب
في القيد لأول مرة، فطلب إعادة القيد لا يتقيد بهذا الشرط. وبجلسة 19/ 11/ 1985 أصدرت
المحكمة حكمها في موضوع الطعن الماثل وأقامت قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن المدعي
كان يعمل في مجال الخبرة والتثمين ثم صدر قرار مجلس التأديب في 4/ 1/ 1971 بمحو اسمه
من سجل الخبراء المثمنين لما ارتكبه من مخالفات تتضمن خروجاً على واجبات المهنة وتمس
الأمانة وحسن السمعة مما أفقده بعض شروط القيد في السجل وفقاً للمادة 10 من القانون
رقم 100/ 1957 في شأن بعض البيوع التجارية وإذ أجازت المادة 21 من القانون فقد صدر
قرار بمحو اسمه من سجل الخبراء المثمنين علماً بأنه قد تقدم بطلب إعادة قيده بعد مضي
خمس سنوات من تاريخ صدور هذا القرار وتصدر اللجنة قرارها في هذا الشأن خلال شهر على
الأكثر من تاريخ تقديم الطلب فيكون القانون قد منح اللجنة سلطة تقديرية في قبول أو
رفض طلب إعادة القيد في السجل خلال هذه المدة في ضوء البحث الذي تجريه عن حالة الطالب
وقد انتهت اللجنة بعد دراسة الطلب المقدم من المدعي لإعادة قيده إلى رفضه لتخلف شرط
حسن السمعة وسبق محو اسمه من السجل لأمور تمس الشرف والأمانة فضلاً عن تخلف شرط المؤهل
الجامعي طبقاً للمادة 10 من القانون المشار إليه. وبذلك يكون مبنى قرارها السلطة التقديرية
التي خولها لها القانون في هذا الشأن دون أن يثبت أنها أساءت استعمالها. ولا ينال من
هذا القرار استناده إلى ذات المخالفات التي من أجلها قرر مجلس التأديب محو اسمه وصدور
حكم من محكمة الجنايات ببراءته من التهمة المسندة إليه، فالأمر مرده إلى تقدير اللجنة
بشأن أثر هذه المخالفات على حسن السمعة والثقة الواجب توافرهما فيه ومدى التزامه بواجبات
وظيفته واحترامه لها باعتباره مكلفاً بخدمة عامة وتنفيذه لأحكام القوانين واللوائح
والقرارات المنظمة لهذا العمل فإذا ما استبان للجنة أنه أخل بهذه الواجبات وفقد بعض
الشروط المقررة للقيد في السجل فضلاً عن تخلف شرط المؤهل فإن قرارها يكون صحيحاً ومتفقاً
مع أحكام القانون.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والقصور في التسبيب
والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تحصيل الوقائع على الوجه السابق إثارته في الدعوى الأصلية،
فيقوم على أن الحكم لم يفرق بين القيد في السجل لأول مرة وفقاً للمادة 10 من القانون
رقم 100/ 1957 وبين إعادة القيد وفقاً لما نص عليه في المادة 21 ومن ثم اشترط حصول
الطاعن على المؤهل الجامعي على الرغم من أنه كان قد أعفي منه عند قيده لأول مرة بمقتضى
المادة 46.
ومن ناحية أخرى فلم يقم وزناً للحكم الصادر من محكمة الجنايات ببراءته من المخالفات
التي تمس الأمانة وكانت محلاً لاتهامه أمام مجلس التأديب وبذلك ساير اللجنة في وصم
الطاعن بذات المخالفات وقضى عنها إساءة استعمال السلطة في حين أنه كان يتعين إزاء الحكم
الجنائي الصادر ببراءته وهو عنوان الحقيقة إسقاط هذه المخالفات عند نظر طلب إعادة قيده
والبحث في مسلكه في الفترة التي تلت صدور قرار محو اسمه وحتى تقدمه بطلب إعادة قيده
وهي تزيد على اثنى عشر عاماً قدم عنها ما يثبت خلو صحيفته مما يسيء سمعته فتتحقق دواعي
رد اعتباره بإعادة قيده أخذاً بقصد الشارع من إيراد نص المادة 21. يضاف إلى ما تقدم
أن محضر لجنة إعادة القيد المؤرخ 2/ 5/ 1983 والمقدم من الحكومة تضمن أن مجلس التأديب
حكم غيابياً بمحو اسم الطاعن في 4/ 1/ 1971 وأنه قد عارض فيه ورغم إعلانه بالجلسة لم
يحضر ولم يرسل مندوباً عنه فقرر رئيس مجلس التأديب انفرد دون المجلس مجتمعاً بإصدار
هذا القرار مخالفاً بذلك أحكام القانون رقم 100/ 1957 الذي نص في المادة 18 على كيفية
تشكيل مجلس التأديب واشترط لصحة انتقاده حضور جميع أعضائه ولصحة قراراته صدورها بأغلبية
الآراء وأجاز في المادة 19 للمحكوم عليه غيابياً للمعارضة في قرار مجلس التأديب وهو
ما كان يقتضي إعادة نظر الدعوى أمام المجلس أما وقد صدر القرار في معارضته ممن لا ولاية
له في إصداره فيكون قراراً باطلاً ويستتبع ذلك بطلان جميع الآثار التي ترتبت عليه بما
في ذلك القرار المطعون فيه والحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن تقطع النزاع في الطعن هو بيان حدود سلطة اللجنة المنوط بها إعادة القيد
في سجل الخبراء المثمنين وفقاً لنص المادة 21 من القانون رقم 100/ 1957 في شأن بعض
البيوع التجارية وتنص على أنه: يجوز لمن صدر قرار تأديبي بمحو اسمه أن يطلب من اللجنة
المنصوص عليها في المادة إعادة قيد اسمه بعد مضي خمس سنوات من تاريخ صدور القرار،
وتصدر اللجنة قراراً نهائياً في هذا الشأن خلال شهر على الأكثر من تاريخ تقديمه. ويستفاد
من ذلك أن القانون قد خول هذه اللجنة كامل السلطة في بحث طلب إعادة القيد في السجل
الذي يقدم ممن صدر قرار تأديبي بمحو اسمه وذلك في ضوء ما يكشف لها من بيانات ومعلومات
تستفيها من مصادرها وتكون محلاً لثقتها واطمئنانها لتقدر بعد هذا بحث مدى ملاءمته إعادة
قيد الطالب في السجل بناء على سلطتها التقديرية في هذا الشأن. فإن وجدت أن من شأن عودته
إلى مزاولة المهنة ما يسيء إليها ويزعزع الثقة في المشتغلين بها فلا تثريب عليها إن
قررت رفض الطلب ولا يعد قيداً على سلطتها هذه مضي المدة التي اشترطتها المادة 21 المشار
إليها، فشرط المدة على ما هو واضح يتعلق بالطلب وليس متعلقاً بسلطة اللجنة في بحثه.
والثابت من الأوراق أن قرار اللجنة المطعون فيه استند أساساً إلى مسلك الطاعن أثناء
مزاولته المهنة حتى صدر قرار مجلس التأديب بمحو اسمه في 4/ 1/ 1971 ويحول على الوقائع
الثابتة المستمدة من مصادرها الرسمية دون غيرها مما ورد بمستندات الطاعن متعلقاً بمزاولته
المهنة في لبنان بعد محو اسمه حيث لم يعد خاضعاً في هذا الشأن لمعايير وضوابط القانون
المصري في مزاولة مهنة الخبراء المثمنين ويبين أن الأمور التي نسبت إلى الطاعن تخل
بشرط أساسي لمزاولة المهنة ورد النص عليه استقلالاً في البند من المادة 10 من القانون
المشار إليه وهو أن يكون محمود السيرة، فلا يغني عن ذلك الشرط رد الاعتبار في الأحكام
الجنائية الصادرة في جرائم السرقة والنصب والتزوير والشروع في ارتكابها وخيانة الأمانة
على ما نصت الفقرة من المادة المذكورة. ومن ثم فقد أخذ على الطاعن مسلكه الذي أدى
إلى إدانته في جريمة إصدار شيك بدون رصيد فحكم عليه غيابياً بالحبس ثلاثة أشهر مع التعويض
المؤقت والكفالة في عام 1970 واتهامه في جناية اختلاس رسوم مسلمة إليه بصفته في قضية
النيابة العامة رقم 1358/ 1969 – الجيزة وعدم التزامه بالقواعد والإجراءات المتعلقة
بالنشر عن المزاد وأخطار مهنة الرقابة المختصة به وعدم سداده للرسوم المستحقة للخزانة
العامة في المواعيد القانونية وذلك كله على التفصيل الذي أورده القرار المطعون فيه.
ولا ريب أن ذلك يمس في الصميم صالح المهنة فقوامها التعامل في مجالات التجارة والائتمان
والنقود الأمر الذي يقتضي أن يتوافر فيمن يزاولها الأمانة والثقة والانضباط في أداء
العمل و إلا أساء لسمعة المهنة وأضرت المصلحة العامة، فإذا كان القرار المطعون فيه
قد بني على هذا الأساس فإنه يكون مرداً صحيحاً في القانون ويتعين من ثم رفض الدعوى
المقامة بطلب إلغائه، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بذلك فلا يكون محلاً للطعن سواء من
الوجه المتعلق باشتراطه حصول الطعن على المؤهل أو القائم على أساس الحكم الجنائي الصادر
ببراءته من تهمة اختلاس الرسوم أو المبنى على القرار الصادر في معارضته، في القرار
التأديبي بمحو اسمه فأياً كان وجه الرأي في شرط المؤهل بالنسبة إلى حالة الطاعن فقد
قامت به أسباب أخرى على الوجه السالف بيانه وكانت هي عماد القرار المطعون فيه والحكم
المطعون فيه وبها يصح كلاهما وبغض النظر عن شرط المؤهل، كما أن الحكم الجنائي الصادر
ببراءته يخص واقعة واحدة من بين الوقائع المتعددة والمتنوعة التي نسبت إليه ومبناه
الشك في توافر نية الاختلاس وهو بهذه المثابة لا يكون مؤثراً فلا يؤخذ منه أن الطاعن
كان فوق الشبهات بل إن الذي يستفاد منه أنه كان موضع الشبهة. ولا جدوى من إثارته بطلان
القرار الصادر في معارضته في القرار التأديبي بمحو اسمه للقول ببطلان القرار المطعون
فيه ومن ثم الحكم المطعون فيه وفضلاً عن أنه لم ينازع في أنه لم يحضر بنفسه أو بوكيل
عنه أمام مجلس التأديب رغم إخطاره بالموعد المحدد لمناقشته في معارضته وأن القاعدة
العامة تقضي في هذه الحالة باعتبار المعارضة كأن لم تكن وهو ما تقرر فعلاً، فإن القرار
التأديبي ذاته محل المعارضة لا يتأثر بأي عيب يكون قد لحق القرار الصادر في المعارضة
باعتبارها كأن لم تكن فطالما لم يلغ يظل قائماً ومنتجاً لجميع آثاره، وبالنسبة إلى
الطاعن فقد سلم به منذ عام 1971 وكان سنده في طلب إعادة قيده في السجل طبقاً للمادة
21 من القانون المشار إليه وهو الطلب موضوع هذه المنازعة وبناء عليه يكون الطعن غير
قائم على سند من القانون جديراً بالرفض وإلزام الطاعن بالمصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن بالمصروفات.