الطعن رقم 256 لسنة 29 ق – جلسة 30 /11 /1986
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة أحكام
المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والثلاثون – الجزء الأول (أول أكتوبر 1986 – فبراير 1987) – صـ 336
جلسة 30 من نوفمبر سنة 1986
برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف شلبي يوسف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد العزيز أحمد سيد أحمد حمادة وصلاح الدين أبو المعاطي نصير وعادل لطفي عثمان والسيد محمد السيد الطحان – المستشارين.
الطعن رقم 256 لسنة 29 القضائية
مجلس الدولة – أعضاؤه – وكيل مجلس الدولة – كيفية تعيينه.
المادة من القانون رقم 47 لسنة 1972 بإصدار قانون مجلس الدولة قبل تعديلها بالقانون
رقم 136 لسنة 1984.
تعيين وكلاء مجلس الدولة يصدر به قرار من رئيس الجمهورية بناء على ترشيح الجمعية العمومية
للمجلس بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للهيئات القضائية – ترشيح الجمعية العمومية ليس ملزماً
للمجلس الأعلى الذي يجوز له إبداء الرأي فيه بما يخالفه – المجلس الأعلى للهيئات القضائية
لا يملك إهدار ترشيح الجمعية العمومية أو حجبه عن العرض على رئيس الجمهورية – أساس
ذلك: أن ترشيح الجمعية العمومية لا يعرض مباشرة على رئيس الجمهورية لإعمال سلطته في
التعيين قبل أخذ رأي المجلس الأعلى للهيئات القضائية بالمثل فإن رأي المجلس الأعلى
لا يعرض وحده على رئيس الجمهورية مجرداً من ترشيح الجمعية العمومية – قرار التعيين
في وظيفة وكيل مجلس الدولة قرار ذو طبيعة مركبة لا غنى فيه عن اجتياز مراحله جميعاً
– تطبيق.
إجراءات الطعن
بتاريخ 19/ 12/ 1982 أودع السيدان الأستاذان/ سعد زغلول أبو عوف
وغبريال إبراهيم غبريال المحاميان نيابة عن السيد الأستاذ/…… قلم كتاب المحكمة
الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 257 لسنة 29 ق ضد.
رئيس الجمهورية وزير العدل رئيس مجلس الدولة. وطلبا الحكم بقبول الطعن
شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 312 لسنة 1982 بتعيين السيد المستشار/……
في وظيفة وكيل مجلس الدولة فيما تضمنه ذلك القرار من تخطي الطاعن في الترقية إلى تلك
الوظيفة وما يترتب على ذلك من آثار مع حفظ كافة الحقوق الأخرى.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإرجاع
أقدمية الطاعن في وظيفة وكيل مجلس الدولة إلى 21/ 8/ 1982 تاريخ نفاذ القرار الجمهوري
رقم 412 لسنة 1982 وما يترتب على ذلك من آثار ومن بينها ألا تكون الترقية من تاريخ
موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية.
وعين لنظر الطعن جلسة 5/ 10/ 1986 وفيها قرر الحاضر عن الطاعن أنه يقصر طلباته على
إرجاع أقدمية الطاعن إلى 21/ 8/ 1982. تاريخ نفاذ قرار رئيس الجمهورية المطعون فيه
وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة
اليوم وفيه أودعت مسودته مشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً
حيث إن القرار المطعون فيه صدر بتاريخ 21/ 8/ 1982 وقد قرر الطاعن أنه تظلم منه لوزير
العدل في 24/ 8/ 1982 ولم تجحد الجهة الإدارية ذلك ومن ثم فإن الطعن وقد أقيم في 19/
12/ 1982 يكون في الميعاد وإذ استوفى سائر أوضاعه فهو مقبول شكلاً.
وحيث إن عناصر هذه المنازعة تجمل على ما يبين من الأوراق في أن الطاعن أقام طعنه ابتغاء
الحكم بالطلبات وقال في شرحه أنه في 23 من أغسطس سنة 1982 صدر قرار رئيس الجمهورية
المطعون فيه بترقية المستشار…. إلى وظيفة وكيل مجلس الدولة متخطياً إياه في الترقية
إلى تلك الوظيفة رغم أسبقيته له في ترتيب الأقدمية وأن الجمعية العمومية لمستشاري مجلس
الدولة كان قد عرض عليها أمر ترشيح الطاعن للترقية لتلك الوظيفة بجلسة 19/ 7/ 1982
فوافقت على ذلك بأغلبية 84 صوتاً من مجموع أصوات الحاضرين البالغ عددهم 98 عضواً وأنه
علم أن اللجنة الخماسية اعترضت على ترشيحه لتلك الترقية وأبلغت اعتراضها إلى المجلس
الأعلى للهيئات القضائية الذي وافق بدوره عليه وبذلك صدر قرار رئيس الجمهورية المطعون
فيه مقتصراً على ترقية الزميل المذكور وحده فبادر الطاعن إثر علمه بذلك القرار بالتظلم
منه لوزير العدل بوصفة نائباً لرئيس المجلس الأعلى للهيئات القضائية في 24/ 8/ 1982
ولما لم يتلق رداً على تظلمه أقام طعنه الماثل ونعى المدعي على ذلك القرار بطلانه لعيب
مخالفة القانون لأسباب حاصلها.
أولاً: أن المجلس الأعلى للهيئات القضائية قد تجاوز سلطته لإهداره ترشيحه للترقية للوظيفة
المذكورة من قبل الجمعية العمومية لمستشاري مجلس الدولة إذ أنه لم يعرض ذلك الترشيح
على رئاسة الجمهورية عند استصدار قرار الترقية مشفوعاً برأيه وفقاً للقانون مقتصراً
على إسقاط اسمه من مشروع قرار الترقية المعروض وهو إجراء جوهري يترتب على إغفاله بطلان
قرار الترقية واستشهد الطاعن بحكمي المحكمة الإدارية العليا الصادرين في الطعنين رقمي
338، 693 لسنة 23 ق بجلسة 30/ 5/ 1981.
ثانياً: أن اللجنة الخماسية ولجنة النواب قد تجاوزتا في شأنهما أحكام القانون باعتراضهما
على تعيين الطاعن دون إخطاره بذلك لإتاحة الفرصة له للوقوف على أسباب الاعتراض على
ترقيته وتمكينه من التظلم من ذلك وفقاً للأحكام المنصوص عليها في المادة وما
بعدها من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 المشار إليه إذ أن اللجنة الخماسية أسقطت
اسمه من كشف المرشحين للترقية وكذلك فعل المجلس الأعلى للهيئات القضائية دون إخطاره
– وذلك أيضاً إجراء جوهري يترتب البطلان على إغفاله.
وأودعت الأمانة العامة لمجلس الدولة ملف الدعوى رفق كتابها رقم 401 المؤرخ 9/ 2/ 1985
صورة قرار رئيس الجمهورية المطعون فيه وبياناً بحالة الطاعن الوظيفية وصورة كتاب الأمين
العام المساعد للمجلس الأعلى للهيئات القضائية بتاريخ 29/ 3/ 1978 وصورة قرار رئيس
الجمهورية رقم 213 لسنة 1976 وأبدت أنه لا يوجد لديها أية أوراق أو بيانات أخرى خاصة
بالقرار المطعون فيه أو التظلم المقدم من الطاعن لوزير العدل كما أرسلت الكتابين رقم
3925 المؤرخ 11/ 12/ 1985 ورقم 1590 المؤرخ 10/ 5/ 1986 مبدية في الأول أنه ليس لدى
مجلس الدولة أية بيانات خاصة بتظلم الطاعن من القرار المطعون فيه أو أنه قدم تظلمه
إلى وزير العدل وليس لرئيس مجلس الدولة وقالت في الثاني إنه فيما يتعلق بتخطي الطاعن
وأسباب هذا التخطي فقد مر بالمراحل التالية:
1 – إنه يتبين للجنة النواب المنعقدة بجلسة 3/ 7/ 1982 من واقع التقرير الموضوع عن
الطاعن عدم استيفائه لشروط التعيين في وظيفة وكيل مجلس الدولة.
2 – إنه قد تم عرض أمر ترقيته على الجمعية العمومية لمجلس الدولة بجلستها المنعقدة
في 19/ 7/ 1982 وحصل على 78 صوتاً بالموافقة ضد 20 صوتاً بالرفض.
3 – إن اللجنة الخماسية قررت بجلستها المنعقدة في 19/ 7/ 1982 عدم صلاحيته للترقية
وذلك لأسباب تتعلق بالكفاية الفنية والعلمية وعدم القدرة على الإنتاج وذلك من واقع
التقارير التي وضعت عن سيادته منذ تعيينه بالمجلس.
وحيث إن المادة 83 من قانون مجلس الدولة كانت تنص قبل تعديلها بالقانون رقم على أن
"يعين رئيس مجلس الدولة بقرار من رئيس الجمهورية من بين نواب رئيس المجلس بعد أخذ رأي
المجلس الأعلى للهيئات القضائية ويعين نواب رئيس المجلس ووكلاؤه بقرار من رئيس الجمهورية
بناء على ترشيح الجمعية العمومية للمجلس وبعد أخذ رأي المجلس الأعلى للهيئات القضائية.."
ومقتضى ذلك أن تعيين وكلاء مجلس الدولة يصدر به قرار من رئيس الجمهورية بناء على ترشيح
الجمعية العمومية للمجلس بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للهيئات القضائية وأنه لئن كان
ترشيح الجمعية العمومية ليس ملزماً للمجلس الأعلى الذي يجوز له إبداء الرأي فيه بما
يخالفه إلا أن المجلس الأعلى لا يملك إهدار ترشيح الجمعية العمومية أو حجبه عن العرض
على رئيس الجمهورية فكما أن ترشيح الجمعية العمومية لا يعرض مباشرة على رئيس الجمهورية
لإعمال سلطته في التعيين قبل أخذ رأي المجلس الأعلى للهيئات القضائية فإن رأي المجلس
الأعلى لا يعرض وحده على رئيس الجمهورية مجرداً من ترشيح الجمعية العمومية ومغفلاً
له ذلك أن قرار التعيين في وظيفة وكيل مجلس الدولة تقريراً لأهمية هذه الوظيفة وعلو
قدرها قرار ذو طبيعة مركبة لا غنى فيه عن اجتياز مراحله جميعاً على نحو ما تعينت قانوناً
والتي تستهل بترشيح الجمعية العمومية لمستشاري مجلس الدولة والذي لا مندوحة بعده عن
أخذ رأي المجلس الأعلى للهيئات القضائية ثم يعرض الأمر جميعاً ترشيح الجمعية العمومية
مقترناً برأي المجلس الأعلى على سلطة التعيين لإصدار قرارها في هذا الشأن.
وحيث إن الثابت من الأوراق أن الجمعية العمومية لمستشاري مجلس الدولة قد وافقت بجلسة
19/ 7/ 1982 على ترشيح الطاعن وكيلاً لمجلس الدولة بأغلبية 84 صوتاً ضد 15 صوتاً وقد
قرر الطاعن أن هذا الترشيح قد حجب عن رئيس الجمهورية إذ أن المجلس الأعلى للهيئات القضائية
اكتفى بإسقاط اسمه من مشروع قرار الترقية دون أن يعرض على رئيس الجمهورية أمر ترشيح
الجمعية للطاعن للتعيين في وظيفة وكيل بالمجلس مشفوعاً برأيها ولم تنف الجهة الإدارية
ذلك ومن ثم فإن إغفال هذا الإجراء الجوهري يترتب عليه بطلان القرار المطعون فيه فما
تضمنه من تخطي الطاعن في الترقية لوظيفة وكيل مجلس الدولة متعيناً إلغاءه.
ومن حيث إنه لما كان الطاعن قد رقي في تاريخ لاحق إلى وظيفة وكيل مجلس الدولة ومن ثم
يتعين الحكم برد أقدميته إلى تاريخ نفاذ الترقية المطعون فيها الصادرة بالقرار الجمهوري
رقم 412 لسنة 1982 وما يترتب على ذلك من آثار.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بتعديل أقدمية الطاعن في وظيفة وكيل مجلس الدولة بحيث يرجع إلى تاريخ نفاذ الترقية المطعون فيها والصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 412 لسنة 1980 وما يترتب على ذلك من آثار.
