الطعن رقم 754 لسنة 29 ق – جلسة 02 /11 /1986
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة أحكام
المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والثلاثون – الجزء الأول (أول أكتوبر 1986 – فبراير 1987) – صـ 172
جلسة 2 من نوفمبر سنة 1986
برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف شلبي يوسف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد يسري زين العابدين وصلاح الدين أبو المعاطي نصير وعادل لطفي عثمان والسيد محمد السيد الطحان المستشارين.
الطعن رقم 754 لسنة 29 القضائية
المركز القومي للبحوث – السلطة المختصة بالتعيين.
المادة من اللائحة الإدارية والمالية للمركز القومي للبحوث الصادرة بقرار رئيس
الجمهورية رقم 1459 لسنة 1961 القرار الجمهورية رقم 980 لسنة 1968 في شأن إعادة تنظيم
المركز.
أصبح الاختصاص بتعيين الأساتذة الباحثين المساعدين بالمركز القومي للبحوث معقوداً لمدير
المركز بعد أن كانت سلطة التعيين من اختصاص مجلس رؤساء الأقسام.
صدور قرار من مدير المركز بوصفه السلطة المختصة بعد أخذ رأي مجلس الشعب ومجلس رؤساء
الشعب في النتيجة التي انتهى إليها رأي فحص الإنتاج العلمي – لا تثريب في ذلك إذ أن
الأمر لا يعدو أن يكون استئناساً برأي هذين المجلسين وحرية المشاركة من جانبها في عملية
إصدار القرار – نتيجة ذلك: أن الإفصاح عن إرادة الإدارة بما لها من سلطة ملزمة صدرت
عن مدير المركز وحده – تقرير اللجنة المختصة بفحص الإنتاج العلمي لا يعدو أن يكون رأياً
استشارياً – وأن الأمر مرده في النهاية إلى السلطة التي ناط بها القانون إجراء التعيين
والتي تترخص بتقدير النواحي العلمية والفنية المتصلة بكتابة المرشحين دون معقب عليها.
إجراءات الطعن
بتاريخ 13 من فبراير سنة 1983 أودع الأستاذ محمد يوسف محمد المحامي
بصفته وكيلاً عن ايلي نقولا عويضة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد
بجدولها برقم 754 لسنة 29 ق في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة أول يوليه
سنة 1982 في الدعوى رقم 1908 لسنة 33 القضائية المقامة منه ضد المركز القومي للبحوث
وأكاديمية البحث العلمي ووزير التعليم والبحث العلمي والذي قضى بقبول الطعن شكلاً وبرفضه
موضوعاً وإلزام المدعي بالمصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء
الحكم المطعون فيه والحكم له بطلباته الواردة بعريضة الدعوى.
وقدمت هيئة مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول
الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة التي قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية
العليا "الدائرة الثانية" حيث تحدد لنظره أمامها جلسة 11 من مايو سنة 1986. وبعد أن
سمعت المحكمة ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت بجلسة 12 من أكتوبر سنة
1986 إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق
به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه صدر بجلسة أول يوليه سنة 1982 وتقدم المدعي بطلب إعفائه
من رسوم الطعن بتاريخ 25/ 8/ 1982 ورفض طلبه بجلسة 19/ 1/ 1983 وأودع الطعن بتاريخ
13/ 2/ 1983 فمن ثم يكون الطعن مقدماً في المواعيد المقررة. وإذ استوفى الطعن أوضاعه
الشكلية الأخرى، فمن ثم فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص – حسبما يستفاد من الأوراق في أنه بتاريخ 22/ 8/
1979 أقام الدكتور إيلى نقولا عويضه الدعوى رقم 1908 لسنة 33 القضائية أمام المحكمة
القضاء الإداري ضد المركز القومي للبحوث وأكاديمية البحث العلمي ووزير التعليم والبحث
العلمي طالباً الحكم بإلغاء القرار الخاص بعدم ترقيته إلى درجة أستاذ باحث مساعد بالمركز
القومي للبحوث وترقيته إلى هذه الدرجة اعتباراً من 14/ 12/ 1977 تاريخ تقديم طلب الترقية
إلى هذه الدرجة وإلزام الإدارة المصروفات.
وقال شرحاً لدعواه أنه يشغل وظيفة باحث في مجال الفيروسات وزارعة الأنسجة من 6/ 9/
71 وسافر في مهمات علمية ومؤتمرات دولية قبل أن يتقدم لوظيفة أستاذ باحث مساعد في 14/
12/ 1977. وشكلت لجنة لفحص إنتاجه العلمي حيث قررت أحقيته في الحصول على هذه الدرجة
لأن إنتاجه العلمي يرقى إلى هذه الدرجة. ولما عرض الأمر على مجلس الشعبة وافق ثلاثة
من أعضائه على تقرير اللجنة العلمية وعارض عضوان. وبعرض الموضوع على مجلس رؤساء الشعب
رأى عدم الموافقة على الترقية.
وردت الجهة الإدارية على الدعوى بأن إجراء البحوث المبتكرة والقيام بأعمال إنشائية
ممتازة تتصل بأهداف المركز تعتبر من الشروط الجوهرية الواجب توافرها فيمن يعين في وظيفة
أستاذ باحث مساعد بالمركز. والثابت من التقرير المشترك للجنة فحص الإنتاج العلمي المقدم
من المدعي لشغل وظيفة أستاذ باحث مساعد أن الأوراق السبعة التي تقدم بها منها اثنان
بحوثاً مبتكرة والخمسة الباقية ثلاثة منها خطابات للمحرر واثنان ملخصين لأبحاث وليست
الأبحاث نفسها ولا يمكن تقيمها بالإضافة إلى أنه لم يقيم بأعمال إنشائية ولم يشترك
في أية خطة بحثية خلال الفترة تعينه كباحث.
وبجلسة 1/ 7/ 1982 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً. وأسست المحكمة
قضاءها على أنه وإن كانت اللجنة العلمية رأت أن إنتاج المدعي يرقى لمنحه لقب أستاذ
باحث مساعد إلا أن رأي هذه اللجنة ليس ملزماً للسلطة المختصة بالتعيين وإنما تتمتع
الإدارة في هذا الخصوص بسلطة تقديرية دون معقب عليها ما دام أن قرارها خلا من إساءة
استعمال السلطة.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه ما دام أن لجنة فحص الإنتاج العلمي المشكلة من أساتذة
متخصصين قررت أن أبحاث المدعي ترقى إلى مستوى وظيفة أستاذ باحث مساعد فلا يجوز الانصراف
عن قرارها دون سبب لعرض الإنتاج العلمي على مجلس الشعبة وهو غير مختص بالنظر في هذا
التعيين فضلاً عن أن أعضاؤه غير متخصصين. ولما وافق هذا المجلس على تعيين المدعي بالأغلبية
عمدت جهة الإدارة إلى عرض الإنتاج العلمي للمدعي على مجلس رؤساء الشعب الذي ألغي بقرار
رئيس الجمهورية رقم 980 لسنة 1968 وبالتالي فإن القرار الذي أصدره لا يكون له وجود
قانوني.
ومن حيث إن المادة 29/ 2 من اللائحة الإدارية والمالية للمركز القومي للبحوث الصادرة
بقرار رئيس الجمهورية رقم 1459 لسنة 1961 نصت على أن يعين مجلس رؤساء الأقسام الأساتذة
الباحثين المساعدين… بناء على طلب مدير المركز.
ثم صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 980 لسنة 1968 في شأن إعادة تنظيم المركز القومي للبحوث
ونصت المادة 18 منه على أنه برغم إصدار لائحة تنظيم شئون المركز الإدارية والمالية،
يستمر العمل باللائحة الإدارية والمالية الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 1459 لسنة
1961 المشار إليه فيما لا يتعارض مع أحكام هذا القرار.
وتؤول إلى مدير المركز جميع الاختصاصات المقررة لمجلس رؤساء الأقسام في اللائحة المذكورة
وفي تطبيق أحكامها يستبدل بعبارة القسم عبارة الشعبة…
ومن حيث إن مؤدي هذين النصين أن الاختصاص بتعيين الأساتذة الباحثين المساعدين بالمركز
القومي للبحوث أصبح معقوداً لمدير المركز بعد أن كانت سلطة تعينهم من اختصاص مجلس رؤساء
الأقسام "الشعب حالياً".
ومن حيث إن الثابت من الاطلاع على الملف الخاص بطلب المدعي لشغل وظيفة أستاذ باحث مساعد
أن اللجنة العلمية التي شكلت لفحص إنتاجه العلمي أصدرت تقريراً مشتركاً انتهت فيه إلى
أن الأوراق السبعة التي تقدم بها الباحث تعتبر اثنان منها بحوثاً مبتكرة أما الخمسة
الباقون فثلاثة منها خطابات للمحرر واثنان ملخصان عن أبحاث وليست الأبحاث نفسها ولا
يمكن تقييمها والإنتاج العلمي في مجموعة وفيما يختص بالبحثين الأول والثاني يرقى بالمتقدم
لنيل اللقب العلمي لأستاذ مساعد باحث (في مجال الفيروسات). وعرض هذا التقرير على مجلس
الشعبة الذي انقسم أعضاؤه إلى فريقين: الأول يرى الموافقة على رأي لجنة فحص الإنتاج
العلمي لأن المركز هو الذي اختار أعضاءها ويعتبر عدم الموافقة على شغل الوظيفة طعناً
في قرارها.
أما الفريق الآخر فيرى أن الإنتاج العلمي المقيم وهو بحثان فقط نشرا عام 1977 لا يتناسب
مع المدة التي قضاها سيادته في وظيفة باحث من سبتمبر 1971 إلى ديسمبر 1977 خاصة وقد
أتيحت له الفرص لإجراء أبحاث أثناء مهمات عملية في السويد وفنلندا بالإضافة إلى إعارة
في ليبيا. ثم عرض الموضوع على مجلس رؤساء الشعب الذي رأى عدم الموافقة على الترقية
وإعطائه فرص للاستزادة من الإنتاج العلمي خلال عام من تاريخ تقرير اللجنة العلمية وبناء
عليه قرر مدير المركز عدم الموافقة على الترقية.
ومن العرض المتقدم يتضح أن القرار المطعون فيه صدر من مدير المركز بوصفه السلطة المختصة
بالتعيين في الوظيفة وإذا كان سيادته قد رأى قبل إصدار هذا القرار استطلاع رأي مجلس
الشعبة ومجلس رؤساء الشعبة في النتيجة التي انتهى إليها رأي لجنة فحص الإنتاج العلمي
فلا تثريب عليه في ذلك لأن الأمر لا يعدو أن يكون استئناساً برأي هذين المجلسين وحرية
المشاركة من جانبهما في عملية إصدار القرار. بمعنى أن الإفصاح عن إرادة الإدارة بما
لها من سلطة ملزمة صدرت عن مدير المركز وحده. وتبعاً لذلك يكون هذا القرار صدر صحيحاً
ممن يملك إصداره قانوناً ولا ينال من سلامة هذا القرار أن تكون اللجنة العلمية قد ارتأت
أن تقييم المدعي ببحثين مبتكرين كاف للترقية ولم يشاطرها بصدور القرار هذا الرأي، بحسبان
أن قضاء المحكمة الإدارية العليا مستقر على أن تقرير هذه اللجنة استشاري وأن الأمر
مرده في النهاية إلى السلطة التي ناط بها القانون إجراء التعيين التي تترخص بتقدير
النواحي العلمية والفنية المتصلة بكفاية المرشحين دون معقب عليها ما دام أن قرارها
خلا من إساءة استعمال السلطة.
ومن حيث إن أوراق الطعن خلت مما يفيد أن مدير المركز أساء استعمال سلطته وقرر عدم ترقية
المدعي، فمن ثم يكون الحكم المطعون فيه وقد قضى رفض الدعوى قد أصاب وجه الحق فيما قضى
به وصدر صحيحاً ومتفقاً مع حكم القانون ويكون الطعن عليه على غير أساس مما يتعين معه
الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً، وألزمت الطاعن المصروفات.