الطعن رقم 544 لسنة 29 ق – جلسة 01 /11 /1986
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والثلاثون – الجزء الأول (أول أكتوبر 1986 – فبراير 1987) – صـ
130
جلسة الأول من نوفمبر سنة 1986
برئاسة السيد الأستاذ المستشار عادل عبد العزيز بسيوني نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة علي فؤاد الخادم والدكتور محمد جودت الملط وصلاح عبد الفتاح سلامه وثروت عبد الله أحمد المستشارين.
الطعن رقم 544 لسنة 29 القضائية
عاملون مدنيون بالدولة – انتهاء خدمة – الاستقالة الضمنية. المادة من
القانون رقم 47 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة.
يعتبر العامل المنقطع عن عمله المدد المنصوص عليها في المادة من القانون
رقم 47 لسنة 1978 مقدماً استقالته ما لم تكن الإجراءات التأديبية قد اتخذت ضده خلال
الشهر التالي لانقطاعه عن العمل – مناط أعمال قرينة الاستقالة الضمنية هو أن يكون
في مكنة جهة الإدارة تطبيق تلك القرينة في حق العامل المنقطع عن العمل بعد تقرير
موقفها في ضوء ما قد يبديه العامل من أعذار خلال المدة المقررة قانوناً – إذا قدم
العامل خلال تلك المدة أعذاراً يبرر بها انقطاعه عن العمل تغل يد جهة الإدارة عن
اعتباره مستقيلاً – أثر ذلك: لا تبدأ مدة الشهر المنصوص عليها في المادة من
القانون رقم 47 لسنة 1978 إلا من التاريخ الذي يتبين فيه للجهة الإدارية حقيقة موقف
العامل المنقطع بعد تقرير ما أبداه من أعذار وزوال المانع من تحديد موقفها – يكون
لجهة الإدارة خلال شهر محسوباً من التاريخ الأخير اتخاذ الإجراءات التأديبية ضده
العامل – نتيجة ذلك: امتناع أعمال قرينة الاستقالة الضمنية في حقه – تطبيق [(1)].
إجراءات الطعن
في يوم الخميس الموافق 20 من يناير سنة 1983، أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة
عن السيدين مدير النيابة الإدارية ووزير التربية والتعليم بصفتهما قلم كتاب المحكمة
الإدارية العليا، تقرير طعن قيد بجدولها برقم 544 لسنة 29 القضائية في الحكم الصادر
من المحكمة التأديبية بالمنصورة بجلسة 21 من نوفمبر سنة 1982 في الدعوى رقم 752
لسنة 10 القضائية المقامة من النيابة الإدارية. ضد السيد/…… والقاضي بعدم جواز
إقامة الدعوى التأديبية ضد السيد المذكور.
وطلب الطاعنان – للأسباب المبينة بتقرير الطعن – قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع
بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بتوقيع الجزاء المناسب طبقاً للمواد الموضحة
بتقرير الاتهام من إلزام المطعون ضده بالمصروفات والأتعاب عن الدرجتين.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على الوجه المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول
الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وتوقيع الجزاء المناسب على
المطعون ضده.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 25/ 12/ 1985 وفيها
قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الرابعة" لنظره
بجلسة 4/ 1/ 1986.
وبجلسة 4/ 10/ 1986 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم
وأودعت مسودته على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – في أنه بتاريخ
5/ 4/ 1982 أودعت النيابة الإدارية قلم كتاب المحكمة التأديبية بالمنصورة أوراق
الدعوى رقم 752 لسنة 10 القضائية مرفقاً بها تقرير اتهام ضد السيد/…… المدرس
بمدرسة ديرب نجم الثانوية التجارية بدائرة محافظة الشرقية درجة ثالثة، لأنه خلال
المدة من 18/ 10/ 1981 حتى 28/ 2/ 1982 خالف القانون بأن انقطع عن العمل في غير
حدود الإجازات المقررة قانوناً وبذلك يكون المخالف المذكور قد ارتكب المخالفة
الإدارية المنصوص عليها في المادة 62 من القانون رقم 47 لسنة 1978 – بشأن نظام
العاملين المدنيين بالدولة وطلبت النيابة الإدارية محاكمته طبقاً لهذه المادة
والمادتين 80 و82 من القانون رقم 47 لسنة 1978 المشار إليه والمادة 14 من القانون
رقم 117 لسنة 1958 بشأن إعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية
والمادتين 15/ 1 و19/ 1 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
وتاريخ 21 من نوفمبر سنة 1982 أصدرت المحكمة حكمها بعدم جواز إقامة الدعوى
التأديبية ضد السيد المذكور.
وأقامت المحكمة قضاءها على أنه طبقاً لنص المادة 98 من القانون رقم 47 لسنة 1978
بنظام العاملين المدنيين بالدولة لا يجوز اتخاذ إجراءات تأديبية ضد العامل الذي
ينقطع عن العمل المدة المنوه عنها بالنص بعد انقضاء الشهر التالي لانقطاعه عن العمل
وذلك على اعتبار أن خدمته تكون قد انتهت قانوناً بالاستقالة الحكمية والثابت من
الأوراق أنه رغم أن المتهم المذكور انقطع عن عمله اعتباراً من 18/ 10/ 1981 وأنذر
في 28/ 10/ 1981 فإن الجهة الإدارية لم تقم بالتحقيق معه إلا في 3/ 12/ 1981 أي بعد
انتهاء خدمته بقوة القانون اعتباراً من تاريخ انقطاعه عن العمل ومن ثم فلا مناص من
القضاء بعدم جواز إقامة الدعوى التأديبية ضد السيد المذكور.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله
وخالف ما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا، ذلك أن قرينة الاستقالة الضمنية
المنصوص عليها في المادة 98 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة
1978 مقررة لصالح الجهة الإدارية التي يتبعها العامل فإن شاءت أعملتها في حقه
واعتبرته مستقيلاً وإن شاءت تغاضت عنها رغم توافر شروط إعمالها وعلى ذلك فإن انتهاء
خدمته العامل إعمالاً لهذه القرينة لا يترتب حتماً وبقوة القانون لمجرد توافر شروط
إعمالها وإنما يلزم لذلك أن تصدر الجهة الإدارية التي يتبعها العامل قراراً إدارياً
يرتب هذا الأثر.
ومن حيث إن قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة
1978 ينص في المادة 98 على ما يأتي:
"يعتبر العامل مقدماً استقالته في الحالات الآتية":
إذا انقطع عن عمله بغير إذن أكثر من خمسة عشر يوماً متتالية ما لم يقدم خلال
الخمسة عشر يوماً التالية ما يثبت أن انقطاعه كان بعذر مقبول وفي هذه الحالة ويجوز
للسلطة المختصة أن تقرر عدم حرمانه من أجره عن مدة الانقطاع إذا كان له رصيد من
الإجازات يسمح بذلك وإلا وجب حرمانه من أجره عن هذه المدة. فإذا لم يقدم العامل
أسباباً تبرر الانقطاع أو قدم هذه الأسباب ورفضت اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ
انقطاعه عن العمل.
… … … …
وفي الحالتين السابقتين يتعين إنذار العامل كتابة بعد انقطاعه لمدة خمسة أيام في
الحالة الأولى وعشرة أيام في الحالة الثانية.
… … … …
ولا يجوز اعتبار العامل مستقيلاً في جميع الأحوال إذا كانت قد اتخذت ضده إجراءات
تأديبية خلال الشهر التالي لانقطاعه عن العمل.
… … ….
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على اعتبار العامل المنقطع عن عمله المدد
المنصوص عليها في المادة من القانون رقم 47 لسنة 1978 مقدماً استقالته إذا لم
تكن الإجراءات التأديبية قد اتخذت ضده خلال الشهر التالي لانقطاعه عن العمل.
ومن حيث إن مناط أعمال قرينة الاستقالة الضمنية أو الحكمية المنصوص عليها في
المادة من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 هو أن يكون
في مكنة الجهة الإدارية تطبيق تلك القرينة في حق العامل بسبب انقطاعه عن العمل بعد
تقرير موقفها في ضوء ما قد يبديه العامل من أعذار وذلك خلال المدة المنصوص عليها في
المادة المشار إليها ومن ثم فإذا قدم العامل المنقطع خلال تلك المدة أعذاراً يبرر
بها انقطاعه تغل يد الجهة الإدارية عن اعتباره مستقيلاً طبقاً لنص المادة 98 المشار
إليها وبالتالي لا تبدأ مدة الشهر المنصوص عليها في تلك المادة إلا من التاريخ الذي
يستبين فيه للجهة الإدارية حقيقة موقف العامل المنقطع بعد تقرير ما أبداه من أعذار
وزوال المانع من تحديد موقفها ويكون لها خلال شهر محسوباً من التاريخ المشار إليه
اتخاذ الإجراءات التأديبية ضده وعندئذ يمتنع إعمال قرينة الاستقالة الضمنية في حقه.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن السيد/ محمد عوضين عبد الفتاح علي النمر المدرس
بمدرسة ديرب نجم الثانوية التجارية انقطع عن عمله اعتباراً من 18/ 10/ 1981، وأرسل
في التاريخ المذكور برقية إلى السيد مدير المدرسة بأنه مريض وملازم الفراش.
وفي 19/ 10/ 1981 أرسلت المدرسة كتاباً إلى القومسيون الطبي العام بالزقازيق
لتوقيع الكشف الطبي على السيد المذكور واستعجلت هذا الكتاب في 28/ 10/ 1981 و9/ 11/
1981.
كما أرسلت المدرسة ثلاثة كتب إلى السيد المذكور في ذات التواريخ المبينة آنفاً
(19/ 10/ 1981، 28/ 10/ 1981، 9/ 11/ 1981) على عنوانه المبين بالبرقية المرسلة منه
للتوجه إلى القومسيون الطبي العام بالزقازيق لتوقيع الكشف الطبي عليه.
وقد أفاد القومسيون الطبي العام بكتابه المؤرخ 9/ 11/ 1981 الذي ورد إلى المدرسة
في 18/ 11/ 1981 بأن المذكور لم يحضر وأنه غير موجود في عنوانه المشار إليه.
وفي 19/ 11/ 1981 وافق السيد مدير إدارة ديرب نجم التعليمية على إحالة الموضوع
للشئون القانونية للتحقيق في انقطاع السيد المذكور على العمل وقد باشرت الشئون
القانونية بإدارة ديرب نجم التحقيق في هذا الموضوع في 5/ 12/ 1981.
وقد قرر السيد المذكور أمام المحكمة التأديبية بالمنصورة بجلسة 7/ 11/ 1982 أنه
عاد إلى عمله في 20/ 9/ 1982 وأن انقطاعه عن العمل كان لظروف عائلية.
والمستفاد من ذلك أن السيد المذكور انقطع عن عمله اعتباراً من 18/ 10/ 1981
مدعياً المرض، ولم يتضح للجهة الإدارية حقيقة موقفه إلا في 18/ 11/ 1981 تاريخ ورود
كتاب القومسيون الطبي العام متضمناً أن السيد المذكور لم يحضر وأنه غير موجود في
عنوانه، فأحالت الموضوع في 19/ 11/ 1981 إلى الشئون القانونية للتحقيق في انقطاع
المذكور عن العمل وقد باشرت الشئون القانونية التحقيق في 5/ 12/ 1981 أي خلال الشهر
التالي من التاريخ الذي استبان للجهة الإدارية فيه حقيقة موقف العامل المذكور
وانقطاعه عن العمل بغير إذن ومن ثم فلم يعد هناك محل لإعمال قرينة الاستقالة
الضمنية في حقه بما من شأنه أن تبقى عرى العلاقة الوظيفية بين العامل المذكور وبين
الجهة الإدارية قائمة لم تنفصم وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر وقضى بعدم
جواز إقامة الدعوى التأديبية ضد المخالف المذكور تأسيساً على أن خدمته قد انتهت
قانوناً بالاستقالة الحكمية فإن هذا الحكم يكون قد خالف القانون وأخطأ في تأويله
وتطبيقه ويتعين لذلك الحكم بإلغائه.
ومن حيث إنه لما كانت الدعوى مهيأة للفصل في موضوعها وكان الثابت أن السيد/ محمد
عوضين عبد الفتاح علي النمر قد انقطع عن عمله خلال المدة من 18/ 10/ 1981 حتى 19/
9/ 1982 بالمخالفة لحكم المادة من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم
47 لسنة 1978 فإن انقطاعه على هذا النحو ينطوي على سلوك مؤثم يستوجب مساءلته
تأديبياً ويتعين مجازاته بالجزاء المناسب والذي تقدره المحكمة بخصم خمسة عشر يوماً
من أجره.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ومجازاة المحال بخصم خمسة عشر يوماً من أجره.
[(1)] راجع الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بالدائرة المشكلة طبقاً لنص
المادة (54 مكرراً) من القانون رقم 47 لسنة 1972 معدلاً بالقانون رقم 136 لسنة 1984
بجلسة 2 من مارس سنة 1986 بالطعن رقم 395 لسنة 27 القضائية.