الطعن رقم 1100 لسنة 29 ق – جلسة 03 /07 /1985
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ
القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثلاثون – العدد الثاني (من أول مارس سنة 1985 إلى آخر سبتمبر سنة 1985) – صـ
1398
جلسة 3 من يوليه سنة 1985
برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد محمد عبد المجيد نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد الرؤوف محمد محي الدين وعبد اللطيف أحمد أبو الخير ومحمد محمود البيار وفاروق علي عبد القادر – المستشارين.
الطعن رقم 1100 لسنة 29 القضائية
( أ ) دعوى – إجراءات في الدعوى – إعلان صحيفة الدعوى – الإعلان
في الخارج.
خلو أوراق الدعوى والطعن مما يفيد وصول الإعلان إلى المدعى عليه بالطريق الدبلوماسي
عن طريق وزارة الخارجية – ثبوت تسليم الإعلان للنيابة العامة يعتبر قرينة على وصول
الإعلان للمدعى عليه وعلمه به وفقاً للمجرى العادي للأمور – ينتح الإعلان أثره القانوني
من تاريخ تسليمه للنيابة العامة.
(ب) دعوى – إجراءات في الدعوى – إعلان صحيفة الدعوى – وفاة الكفيل قبل إقامة الدعوى.
إذا كان للمتعهد بالدراسة وخدمة الحكومة موطن أصلي في مصر رغم إقامته في الخارج للدراسة
وقت إقامة الدعوى ضده وتم إعلانه بصفته وارثاً لوالده الضامن فإن إعلانه في موطنه الأصلي
في مصر ينتج أثره قانوناً – أساس ذلك: ما استقر عليه فقه وقضاء المرافعات من أنه إذا
كان للشخص المراد إعلانه موطن أصلي أو موطن مختار في مصر وجب إعلانه فيه ولو كان مقيماً
في الخارج – متى تم إعلانه بصفته وارثاً عن الكفيل فإنه يغني عن إعلانه بصفته مديناًَ
أصلياً لاشتمال الإعلان على بيان الصفتين وموضوع الدعوى وتاريخ الجلسة المحددة لنظرها
أمام المحكمة – تطبيق.
(جـ) اختصاص – ما يدخل في اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري.
بعثات – المبعوث أما أن يكون موظفاً أو طالباً غير موظف – الروابط في الحالتين بين
المبعوث والحكومة هي روابط إدارية تدخل في مجال القانون العام – اختصاص مجلس الدولة
بهيئة قضاء إداري بنظر المنازعة بين المبعوث والحكومة – أساس ذلك: المادة 10 من قانون
مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 – تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم الخميس الموافق العاشر من شهر مارس سنة 1983 قام الأستاذ
جمال إبراهيم عبد القادر المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ إبراهيم محمد أحمد خليفه بموجب
التوكيل الرسمي العام رقم 303 أ لسنة 1983 الجيزة، بإيداع قلم كتاب المحكمة الإدارية
العليا، تقرير طعن قيد برقم 1100 لسنة 29 قضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري
بالقاهرة بجلسة 9/ 1/ 1983 في الدعوى رقم 750 لسنة 35 قضائية المقامة من المطعون ضده
الأول ضد الطاعن وباقي المطعون ضدهم، والذي قضى بإلزام المدعى عليه الأول في ماله الخاص
وباقي المدعى عليهم في حدود ما آل إليهم من تركة مورثهم بأن يدفعوا للمدعي مبلغ 12087.906
جنيه والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 14/
1/ 1981 حتى تمام السداد والمصروفات وطلب الطاعن للأسباب المبينة في تقرير الطعن الحكم
بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع أولاً – ببطلان إعلان صحيفة الدعوى وبطلان الحكم – ثانياً
– بعدم اختصاص القضاء الإداري ولائياً بنظر الدعوى. ثالثاً – إلغاء الحكم ورفض الدعوى
مع إلزام المطعون ضده الأول المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين. وتم إعلان
تقرير الطعن إلى المطعون ضده الأول في 30/ 3/ 1983 وإلى المطعون ضده الثاني في 23/
2/ 1985، وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها في الطعن انتهت فيه للأسباب التي
ارتأتها إلى قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع أصلياً بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإعادة
الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها مجدداً واحتياطياً برفض الطعن وإلزام الطاعن
بالمصروفات.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا
جلسة 20/ 3/ 1985 وبجلسة 17/ 4/ 1985 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية
العليا الدائرة الثالثة لنظره بجلسة 7/ 5/ 1985 وفيها قررت المحكمة المذكورة إصدار
الحكم في الطعن بجلسة 11/ 6/ 1985 وفيها تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة 30/ 6/ 1985
ثم لجلسة اليوم وفيها تقرر النطق بالحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته
المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما تبين من الأوراق تخلص في أن وزير التعليم العالي
كان قد أقام الدعوى رقم 750 لسنة 29 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في
14/ 1/ 1981 ضد السيد/ إبراهيم محمد أحمد خليفة وأخواته ورثة المرحوم محمد أحمد خليفة
بطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا للمدعي مبلغ 13590.223 جنيهاً والفوائد القانونية
بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد والمصروفات الأول من ماله الخاص
ومن تركة مورثه والباقين مما آل إليهم من تركة مورثهم، وقال شرحاً لدعواه أنه أوفد
المدعى عليه الأول إلى أمريكا في بعثة علمية للحصول على درجة الدكتوراه بعد أن وقع
تعهداً في 17/ 12/ 1963 التزم فيه بأن يتم دراسته في المدة المقررة لها وأن يغادر البلاد
الأجنبية في ظرف شهر من تاريخ انتهاء المهمة التي كلف بها وأن يخدم الوزارة أو الجامعة
التابع لها أو في أية وظيفة أخرى في الحكومة تعرض عليه الاتفاق مع الوزارة المدعية
مدة تحسب على أساس سنتين عن كل سنة في البعثة وبحد أقصى قدره سبع سنوات وأن يرد للحكومة
جميع ما تصرفه عليه إذا تركها أو لم يقم بخدمتها وقد ذيل هذا التعهد بإقرار من والد
المدعى عليه الأول في ذات التاريخ تعهد فيه بالتضامن مع ابنه برد جميع ما تصرفه عليه
الحكومة إذا لم يقم بخدمتها المدة المقررة، وقد سافر المدعى عليه الأول إلى مقر دراسته
بأمريكا في 27/ 8/ 1964 وامتدت بعثته حتى نوفمبر 1971 وطلب مدها بعد ذلك ولكن الوزارة
رفضت هذا الطلب في 9/ 5/ 1972 وطالبته بالعودة ولكنه لم يعد ولم يقم بخدمتها ولذا يكون
ملزماً برد جميع ما صرفته عليه الحكومة ومقداره 13590.223 جنيه ونظراً لوفاة ضامنه
فإن ورثته يلتزمون بذلك. وبجلسة 9/ 1/ 1983 صدر الحكم المطعون فيه مؤسساً قضاءه على
أن النفقات المطالب بها تشمل مصروفات إدارية بلغت 1006.683 جنيه وكذلك مبلغ 272.909
جنيه حصة الحكومة في المعاش ومبلغ 222.721 جنيه حصة الموظف في المعاش، وجميع هذه المبالغ
يتعين خصمها من المبلغ المطلوب فتكون صحة المبلغ المستحق للمدعي 2087.906 جنيهاً وفوائده.
ومن حيث إن الطعن الماثل يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون للأسباب الآتية:
1 – اعتبر الحكم إعلان صحيفة الدعوى للأشخاص الذين لهم موطن معلوم في الخارج منتجاً
لأثاره بمجرد تسليم صورة الإعلان للنيابة العامة في حين أن على النيابة إرسالها لوزارة
الخارجية لتوصيلها بالطرق الدبلوماسية ومفاد ذلك أن الإعلان لا ينتج أثره إلا بتسليمه
للمعلن إليه في الخارج وقد خلت أوراق الملف مما يفيد إعلان الطاعن في الخارج.
2 – اعتبر الحكم تعهد الطاعن سند الدعوى عقداً إدارياً في حين أنه لا يتضمن أي شروط
غير مألوفة في عقود القانون الخاص يضاف إلى ذلك الأخذ فيه بفكرة التضامن والمطالبة
بالفوائد القانونية فهي تفصح عن نية الإدارة في اعتبار التعهد من الأوراق الخاضعة لأحكام
القانون المدني ولذا تكون محكمة القضاء الإداري غير مختصة ولائياً بنظر الدعوى.
3 – لم يبين الحكم وجه إخلال الطاعن بالتزامه، وقد ورد بصحيفة الدعوى أن هذا الإحلال
يتحقق بشرطين، أولهما أن يكون عضو البعثة قد تركها من تلقاء نفسه والثاني ألا يخدم
الحكومة المدة المقررة وكلاهما غير متوافر في الطاعن، فهو لم يترك البعثة ولكنه طلب
مدها ليتمكن من الحصول على الدرجة العلمية ولكن الجهة الموفدة هي التي لم توافق على
المد وطلبت عودته ويلاحظ أن القرار بإنهاء خدمة الطاعن صدر في 17/ 2/ 1972 ليعمل به
من 27/ 8/ 1971 أما قرار عدم الموافقة على مد البعثة فقد صدر في 9/ 5/ 1972 بعد فصله
وبذلك لم يكن في وسع الطاعن الوفاء بالشرط الثاني، ولذا اضطر للعمل في أمريكا لتحقيق
الغاية من إيفاده وبعد أن حصل على الدكتوراه طلب تأمين وظيفة له يعود عليها ولكن هذا
الطلب لم يجد له صدى لدى الجهة الموفدة فلم ترد عليه.
ومن حيث إن الوجه الأول للطعن مردود بأنه ولئن خلت أوراق الدعوى والطعن مما يفيد وصول
الإعلان إلى المدعي بالطريق الدبلوماسي أي عن طريق وزارة الخارجية بعد ثبوت تسليمه
للنيابة العامة في 18/ 3/ 1981 إلا أنه وقد قام المدعي بما أوجبه عليه القانون من تسليم
الإعلان للنيابة وقدم الدليل المثبت لذلك، فإن ذلك يعتبر قرينة على وصول الإعلان للمدعى
عليه وعلمه به وفقاً للمجرى العادي للأمور، وينتج الإعلان أثره القانوني من تاريخ تسليمه
للنيابة العامة وفقاً لما استقر عليه قضاء محكمة النقض في هذا الشأن، ومن جهة أخرى
فإن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده الأول كان له موطن أصلي في مصر في العنوان رقم
8 شارع الشيخ عبد الله الشرقاوي بمنيل الروضة بقسم مصر القديمة بالقاهرة، رغم إقامته
في الخارج للدراسة وقت إقامة الدعوى ضده، وقد تم إعلانه بالدعوى في العنوان المذكور
عن طريق قلم المحضرين في 15/ 8/ 1981 بصفته وارثاً لضامنه المرحوم محمد أحمد خليفة،
وهذا الإعلان صحيح قانوناً طبقاً لما استقر عليه فقه وقضاء المرافعات من أنه إذا كان
للشخص المراد إعلانه موطن أصلي أو موطن مختار في مصر وجب إعلانه فيه ولو كان مقيماً
في الخارج، ويعتبر إعلاناً له بصفته الأخرى كمدين ويغني عن إعلانه بهذه الصفة الأخرى
لاشتماله على بيان الصفتين وموضوع الدعوى وتاريخ الجلسة المحددة لنظرها أمام المحكمة.
ومن حيث إن الوجه الثاني للطعن والخاص بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر الدعوى مردود
كذلك بأن الطاعن كان يعمل معيداً بجامعة القاهرة فرع الخرطوم عند إيفاده في البعثة
لحساب المعهد القومي للإدارة العليا، أي أنه كان موظفاً عاماً، وقد جرى قضاء هذه المحكمة
على أن المبعوث إما أن يكون موظفاً أو طالباً غير موظف والروابط في الحالين بين المبعوث
والحكومة هي روابط إدارية تدخل في مجال القانون العام، فبالنسبة للموظف تغلب في التكييف
صلة الموظف بالوظيفة العامة وتكون الروابط الناشئة بينه وبين الحكومة بسبب البعثة مندرجة
في عموم روابط الوظيفة العامة ولما كان مركز الموظف هو مركز تنظيمي عام تحكمه القوانين
واللوائح وليس مركزاً عقدياً حتى لو اتخذ في بعض الأحيان شكل الاتفاق كعقد الاستخدام
بالنسبة للموظف المؤقت أو التعهد المأخوذ على الموظف المبعوث طبقاً لقانون البعثات
ولوائحه لأن مثل هذه الاتفاقات أو التعهدات لا تغير من التكييف القانوني للروابط بين
الموظف والحكومة، فإن المنازعة في شأن هذه الروابط الإدارية تدخل في مجال القانون العام،
ويكون القضاء الإداري مختصاً بها طبقاً للمادة العاشرة من القانون رقم 47 لسنة 1972
بشأن مجلس الدولة.
ومن حيث إنه عن الوجه الثالث للطعن، فالثابت من طلب الالتحاق أن الطاعن وقع تعهداً
كما وقعه والده هذا التعهد بالآتي:
1 – أن أتم دراستي في المدة المقررة لها مع علمي بأن اللجنة التنفيذية للبعثات لا تتسامح
في امتداد هذه البعثة بسبب غير المرض وبشرط أن يظهر في هذه الحالة أن سيرى في الدراسة
يسمح بذلك.
2 – أن أغادر البلاد الأجنبية في ظرف شهر من تاريخ انتهاء المهمة التي كلفتها ما لم
تطلب الحكومة عودتي على الفور وأن أقدم نفسي لإدارة البعثات وللجهة التي أنا تابع لها
بالبعثة أثر عودتي وأقدم لها إقراراً كتابياً بهذه العودة.
3 – أن أخدم بالوزارة أو الجامعة……..
4 – أن أرد جميع ما تصرفه على الحكومة بصفتي عضواً في البعثة إذا تركتها من تلقاء نفسي
أو لم أقم بخدمة الحكومة المدة المقررة في التعهد أو…….. وقد تصدر هذا التعهد إقرار
الطاعن بأنه اطلع على جميع القواعد الخاصة بالبعثات الواردة في القانون رقم 112 لسنة
1959 والقواعد التي أقرتها اللجنة العليا للبعثات وقبل المعاملة بمقتضاها، ولما كان
هذا التعهد يوجب على الطاعن إتمام دراسته في المدة المقررة وأن يعود إلى البلاد خلال
شهر من تاريخ انتهاء البعثة أو فوراً إذا طلبت الحكومة ذلك للخدمة فيها المدة المقررة،
وكان الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية الموفدة أصدرت قراراً في 17/ 2/ 1972 بإنهاء
خدمة العاملين المبعوثين الذين مضى على إيفادهم أكثر من خمس سنوات ولم يحصلوا على المؤهل
المطلوب وذلك اعتباراً من تاريخ انتهاء الإجازة الدراسية المرخص لهم بها، ومن بينهم
الطاعن وقد ورد أمام اسمه أن أجازته انتهت في 27/ 8/ 1971، وعرض أمر الطاعن بعد ذلك
على اللجنة التنفيذية للبعثات التي قررت في 9/ 5/ 1972 عدم الموافقة على مد البعثة
ومطالبة العضو بالعودة، وفي 20/ 11/ 1972 ورد خطاب من مكتب البعثات بواشنطن يفيد أن
العضو (الطاعن) لا يرد على استفسارات المكتب بشأن موقفه من العودة فإن الطاعن يكون
قد تخلف عن العودة إلى الوطن للوفاء بواجبه في خدمة الجهة التي تحددها له إدارة البعثات
بعد انتهاء خدمته بالجهة الموفدة، ويلتزم لذلك بأداء النفقات التي صرفت عليه في البعثة
عملاً بحكم المادة 31 من القانون رقم 112 لسنة 1959 المشار إليه، وقد عرض أمره ثانية
على اللجنة التنفيذية للبعثات بجلسة 19/ 12/ 1979 فوافقت على مطالبته بهذه النفقات
عملاً بحكم المادة 33 من القانون المذكور، ولذا فإن الوجه الثالث من الطعن يكون غير
قائم على أساس سليم من الواقع أو القانون.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم يكون الطعن الماثل غير قائم على أساس من الواقع أو القانون
ويتعين لذلك الحكم برفضه مع إلزام الطاعن بالمصروفات طبقاً للمادة 184 مرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.