الطعن رقم 1045 سنة 23 ق – جلسة 13 /10 /1953
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الأول – السنة 5 – صـ 22
جلسة 13 من أكتوبر سنة 1953
المؤلفة من السيد رئيس المحكمة الأستاذ أحمد محمد حسن رئيسا، والسادة المستشارين: مصطفي حسن، ومحمود ابراهيم اسماعيل، وأنيس غالى ، ومصطفى كامل أعضاء.
القضية رقم 1045 سنة 23 القضائية
ارتباط . الارتباط بين الجرائم من المسائل المتعلقة بالموضوع.
فصل محكمة الجنايات الجنحة ونظرها الجناية هذا لا يحول دون تحقيق دعوى الجناية بما
يكفل للمتهم استيفاء دفاعه. سماع المتهمين في الجنحة شهودا في الجناية. جائز.
إن الارتباط بين الجرائم من المسائل المتعلقة بالموضوع، فإن كان الدعوى قد رفعت على
الطاعن لاتهمامه بجناية شروع في قتل وعلى متهمين آخرين بجنحة ضرب وكانت محكمة الجنايات
قد قررت فصل تهمة الجنحة المسندة إلى المتهمين الأخرين ، ونظرت قضية الجناية بالنسبة
للطاعن، فإن هذا الفصل ليس من شأنه أن يحول دون تحقيق الدعوى على الوجه الذى يكفل للطاعن
استيفاء دفاعه، وسماع المحكمة لشهود قضية الجناية لا يشوبه أنهم كانوا متهمين في الجنحة
التى تقرر فصلها ما دامت المحكمة قد استعملت حقها في تقرير هذا الفصل الذى أنهت به
صفة اتهامهم أمام محكمة الجنايات فوجب بذلك أن يكون سماعها لهم كشهود في قضية الجناية
المنظورة أمامها.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: شرع في قتل عبد الله عراقى حسن عمدا بأن طعنه بآلة حادة "سكين" مرتين فأحدث به جرحين طعنيين نافذين للتجويف الصدرى والبطنى بالتقرير الطبى الشرعى قاصدا من ذلك قتله ولم تتم الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو إسعاف المجنى عليه بالعلاج، وطلبت من غرفة الاتهام احالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للمواد 45 و46 و234/1 من قانون العقوبات، فقررت بذلك. ومحكمة جنايات مصر قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام المذكورة آنفا وبالمادة 17 عقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .. الخ.
المحكمة
وحيث إن الطاعن يبني الوجه الأول من طعنه على بطلان الإجرءات لأن
المحكمة قررت فصل الجنحة المسندة إلى المتهمين الثاني والثالث عن الجناية المسندة للطاعن
دون أن نذكر أسبابا، مع أن الجناية وثيقة الارتباط بالجنحة التى نسبت للمتهم الثانى،
فقد أثبت الحكم أن الإصابات القطعية التى أصيب بها الطاعن إنما حصلت من ذات الآلة الحادة
التى أصيب منها المتهم الثانى عبد الله عراقى حسن، وقد قام دفاع الطاعن على أن هذه
الآلة مملوكة لهذا الأخير بدأ الإعتداء بها على الطاعن، وقد ترتب على فصل الجنحة عن
الجناية أن اضطرت المحكمة التى تسمع أقوال المتهم الثالث كشاهد إثبات، مع أنه كان مقدما
إليها متهما بضرب أخى الطاعن.
وحيث إن النيابة رفعت الدعوى العمومية على الطاعن ومتهمين آخرين من بينهم المجنى عليه
عبد الله عراقى حسن واتهمت المتهم الأول (الطاعن) بجناية الشروع في القتل، والمتهمين
الثانى والثالث باحداث إصابات أعجزت المصابين مدة لا تزيد على العشرين يوما، وبالجلسة
قررت المحكمة فصل تهمة الجنحة المسندة إلى المتهمين الأخيرين ، ونظرت قضية الجناية
بالنسبة إلى الطاعن ولم يبد من الدفاع عن المتهمين اعتراض على هذا الفصل ، ولما كان
الارتباط بين الجرائم من المسائل المتعلقة بالموضوع، وكان الفصل الذى أمرت به المحكمة
ليس من شأنه أن يحول دون تحقيق الدعوى على الوجه الذى يكفل له استيفاء دفاعه، وكان
سماع المحكمة لشهود قضية الجناية موضوع هذا الطعن لا يشوبه أنهم كانوا متهمين في الجنحة
التى تقرر فصلها ما دامت المحكمة قد استعملت حقها في تقرير هذا الفصل الذى انهت به
صفة اتهامهم أمام محكمة الجنايات فوجب بذلك أن يكون سماعها لهم كشهود في قضية الجناية
المنظورة أمامها – لما كان ذلك – فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه لا يكون له أساس.
وحيث إن الطاعن يبنى الوجه الثانى على أن الحكم قد شابه قصور لأسباب، إذ أن المستفاد
من مجموع أدلة الدعوى الواردة بالحكم أن إصابات الطاعن إنما حدثت من ذات الآلة الحادة
التى طعن بها المجنى عليه، وافترضت المحكمة في سبيل تعليل هذه الإصابات فروضا عديدة
لم تختر منها صورة معينة تبنى عليها حكمها، وهذه الفروض مع تعددها لا تؤدى إلى ما استنتجته
المحكمة منها، وقد رأت النيابة لغموض تصوير الحادثة أن تطلب من الطبيب الشرعى الذى
كشف على الطاعن والمجنى عليه أن يبين موقف كل منهما من الآخر عند الاعتداء لتتبين من
كان يحمل السكين في بادئ الأمر، ولكن الطبيب الشرعى لم يبين ذلك، وقد طلب الدفاع استدعاء
لإبداء رأيه، ولكن المحكمة قالت إن الطبيب المذكور شاهد المجنى عليه بعد التئام جرحه،
وتقريره مستمد من الكشف الابتدائي، في حين أن طلب الدفاع في هذا الشأن يمكن للطبيب
أن يجيب عليه على الرغم من التئام الجروح، وأضاف الطاعن أن تقرير طبيب المستشفى معيب،فقد
جاء به أن الطاعن مصاب بجرح قطعى باليد اليسرى وبالسبابة اليسرى، والثابت من تقرير
الطبيب الشرعى أنه مصاب بجرح براحة اليد اليسرى وآخر باليد اليمنى، وإغفال التقرير
الأول إثبات كافة الإصابات التى أصيب بها الطاعن يجعله غير صالح لأن يعتمد الحكم عليه،
ولا يصح أن تستظهر المحكمة منه نية القتل.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أثبت على الطاعن جناية الشروع في القتل التي دانه بها بالأدلة
التى أوردها، تعرض لدفاعه من أنه كان في حالة دفاع شرعى ففنده بقوله : "إن المستفاد
من أدلة الدعوى في مجموعها أن إصابات المتهم إنما حدثت من ذات الآلة الحادة التى طعن
بها المجنى عليه سواء كان ذلك من اصطدم الآلة الحادة بجسم المتهم في حالة مهاجمة المجنى
عليه بها وذلك بسبب مقاومة المجنى عليه إياه، أو محاولة انتزاع تلك الآلة من يد المتهم
، أو كان المجنى عليه قد أحدث بالمتهم تلك الإصابات بعد أن طعنه المتهم بالآلة الحادة
وانتزع المجنى عليه تلك الآلة من يد المتهم، وليس في الدعوى على أية صورة مستساغة ما
يحتمل معه القول بأن المتهم كان في حالة دفاع الشرعي .." ولما كان ما ذكرته المحكمة
من ذلك هو استعراض للاحتمالات الممكنة لتعليل إصابات الطاعن والاستدلال منها على أنه
لم يكن في أية حالة مدافعا عن نفسه كما يزعم، وليس فيه ما يؤثر على صحة الواقعة التى
دانت الطاعن بها للأسباب المعقولة التى أوردتها، لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد ردت
على طلب الدفاع استدعاء الطبيب الشرعي، وقالت إن مناقشته ليست منتجة فى ظروف الدعوى
بعد ما أوضحه في تقريره مستندا إلى ما شاهده وإلى اطلاعه على الأوراق الطبية السابقة،
وأوضح رأيه من ذلك جميعه بما فيه الكفاية، وأما ما يثيره الطاعن بشأن تقرير طبيب المستشفي
، فلا وجه له ما دام الحكم قد استعرض ما جاء بهذا التقرير وبتقرير الطبيب الشرعى وأخذ
بما استخلصته المحكمة من كليهما بما لها من سلطة تقدير أدلة الدعوى، لما كان ذلك، وكان
الحكم قد تعرض لنية القتل وقال إنها ثابتة في حق الطاعن من استعماله آلة حادة وطعنه
بها المجنى عليه طعنتين قويتين خطيرتين في مقتل من جسمه، فإن كل ما أورده الطاعن في
هذا الوجه لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.
