الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 1042 سنة 23 ق – جلسة 12 /10 /1953 

أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الأول – السنة 5 – صـ 15

جلسة 12 من أكتوبر سنة 1953

المؤلفة من السيد رئيس المحكمة الأستاذ أحمد محمد حسن رئيسا، والسادة المستشارين: مصطفي حسن، ومحمود إبراهيم إسماعيل، وأنيس غالي، ومصطفي كامل أعضاء.


القضية رقم 1042 سنة 23 القضائية

حكم. الأصل أن يحرر كاملا قبل النطق به تحرير الحكم بعد تاريخ النطق به يجب أن يستند مع ذلك إلى هذا التاريخ. صدور الحكم قبل الإعلان الدستوري لمؤرخ في 10 من فبراير سنة 1953 الذى أوجب أن تصدر الأحكام باسم الأمة . تحرير الحكم بعد هذا التاريخ. صدوره باسم الملك أحمد فؤاد الثاني. صحيح.
الأصل في الأحكام أن تحرر كاملة قبل النطق بها بحيث لو تأخر صدورها فإنها مع ذلك يجب أن تستند لليوم المذكور . أما ما نص عليه قانون الإجراءات الجنائية من جواز تحرير الحكم بأسبابه في الثمانية الأيام التالية لصدوره، فإنما ومن قبيل التيسير على القاضي وكاتب الجلسة في تدوين الحكم والتوقيع عليه، وهذ1 ما حدا بالمشرع في قانون المرافعات المدنية إلى أن يرخص في تدوين أسباب الأحكام التي تصدر في الجلسة التي سمعت فيها المرافعة في مدى ثلاثة أيام أو سبعة أيام أو خمسة عشر يوما بحسب أنواع القضايا وحالة الاستعجال ، وأما ما نص عليه قانون الإجراءات الجنائية من جواز تأخير التوقيع على الحكم إلى ثلاثين يوماً، فإن الواضح من نص المادة 312 أن المشرع إنما قصد بتلك الرخصة الأحوال الاستثنائية على ما هو ظاهر من اشتراط أن يكون هذا التأخير لأسباب قوية. وإذن فمتي كان الحكم قد صدر في 26 يناير سنة 1953 قبل صدور الإعلان الدستورى المؤرخ في 10 فبراير سنة 1953 الذى أوجب أن تصدر الأحكام باسم الأمة، فإنه لا يصح النعى عليه بسبب صدوره باسم الملك أحمد فؤاد الثاني إذا كان تحريره قد تم بعد هذا التاريخ.


الوقائع

اتهمت النيابة العمومية الطاعنين المذكورين بأنهما: الأول – شرع عمدا في قتل جابر مطاوع العوضي بأن أطلق عليه عيارا ناريا قاصدا من ذلك قتله، فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو إسعاف المجني عليه بالعلاج والثاني: شرع عمدا في قتل السيد مطاوع العوضي بأن أطلق عليه عيارا ناريا فاصدا من ذلك قتله، فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي، وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو إسعاف المجنى عليه بالعلاج ، وطلبت من قاضي الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتها بالمواد 45 و46 و234/1 من قانون العقوبات، فقرر بذلك، ومحكمة جنايات الاسكندرية قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام بمعاقبة كل من المتهمين بالسجن سبع سنوات، فرفعا طعنا عن هذا الحكم، وقضت فيه محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى إلى محكمة الجنايات لتقض فيها من جديد دائرة أخرى، ومحكمة جنايات الاسكندرية قضت فيها حضوريا بمعاقبة كل من التهمين بالسجن خمس سنوات.
فطعن المحكوم عليهما في الحكم الأخير بطريق النقض …. الخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنين يبنيان الوجه الأول على أن الحكم المطعون فيه قد شابه بطلان في الشكل، إذ صدر باسم الملك أحمد فؤاد الثاني مما يخالف الاعلان الدستورى المؤرخ 10 فبراير سنة 1953 الذى أوجب أن تصدر الأحكام باسم الأمة، ولا يعترض على ذلك بأن النطق بالحكم حصل بجلسة 26 يناير سنة 1953 لأن العبرة بتحرير الحكم لا بالنطق به، وحتى قبل صدور الإعلان الدستورى كان يجب أن يقول اسم الملك باسم الوصي المؤقت لأنه يتولي عنه جميع سلطاته. وحيث إنه لما كان الحكم قد صدر بتاريخ 26 من يناير سنة 1953 قبل صدور الإعلان الدستورى المشار إليه في الطعن، وكان قانون نظام القضاء قد نص في المادة 28 منه على أن الأحكام تصدر باسم الملك، وكان الوصي المؤقت على العرش يباشر سلطته نيابة عنه، وكان الأصل في الأحكام أن تحرر كاملة قبل النطق بها بحيث لو تأخر صدورها فإنها مع ذلك يجب أن تستند لليوم المذكور. أما ما نص عليه قانون الإجراءات الجنائية من جواز تحرير الحكم بأسبابه في الثمانية الأيام التالية لصدوره، فإنما هو من قبيل التيسير على القاضي وكاتب الجلسة في تدوين الحكم والتوقيع عليه، وهذا ما حدا بالمشرع في قانون المرافعات المدنية إلى أن يرخص في تدوين أسباب الأحكام التي تصدر في الجلسة التى سمعت فيها المرافعة في مدى ثلاثة أيام أو سبعة أيام أو خمسة عشر يوما بحسب أنواع القضايا وحالة الاستعجال، وأما ما نص عليه قانون الإجراءات الجنائية من جواز تأخير التوقيع على الحكم إلى ثلاثين يوما، فإن الواضح من نص المادة 312 أن المشروع إنما قصد بتلك الرخصة الأحوال الاستثنائية على ما هو ظاهر من اشتراط أن يكون هذا التأخير لأسباب قوية – لما كان ذلك فإن ما جاء بهذا الوجه لا يكون سديدا.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول الطاعنان إنهما تمسكا أمام المحكمة بأنهما كانا في حالة دفاع شرعي عن النفس والمال، وطلبا من باب الاحتياط اعتبارهما متجاوزين حدود حق الدفاع الشرعي بحسن نية، وأسسا ذلك على أن المجني عليهما ذهبا لأخذ جوابي الطاعنين عنوة يناصرهما فريقهما المسلح، وقد أقر بهذه الواقعة في التحقيق جابر مطاوع أحد المجني عليهما، وقد كان يحمل "مدرأة" وهي أداة قاتلة. وذكر الشاهد أنور عبد الرحمن في التحقيق أن جابر هذا هجم على الطاعنين ومعه "مدرأة" يضاف إلى ذلك أن من فريق الطاعنين من أصيب باصابات قطعية ، وقد رد الحكم على هذا الدفاع ردا مسخ فيه الواقع، وقال على خلاف الوارد بالأوراق إن الطاعنين لم يدعيا بحصول اعتداء عليهما ولم يشهد أحد بما يؤيد حالة الدفاع الشرعي، وكانا البادئين بالعدوان, ما قاله الحكم يجافي الثابت في الأوراق مما يعيبه.
وحيث أن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى وقال إن فريق المتشاجرين اجتمعا للصيد، ورغب المجني عليهما في أن يبتعد الفريق الآخر عن المكان الذي وضع شباكهما فيه، فحدثت بين الفريقين مشادة واعتدي المتهمان باطلاق النار عل المجني عليهما، ثم تضارب بعض أفراد الفريقين بالعصي فحدثت ببعضهم إصابات، ثم تعرض الحكم لدفاع الطاعنين من أنهما كان يدافعان عن نفسيهما وعن مالهما ففنده وقال إن استناد الدفاع على ما قرره جابر مطاوع وأنور عبد الرحمن في التحقيق لم يشهد به أحد في التحقيق ولم يدع أي المتهمين أن أحدا من المجني عليهما حاول الاعتداء على أحد منهما أو من ذويهما، ولم تمتد يد أحد إلى أموالهم، وأن جابر مطاوع نفي أمام المحكمة الرواية المنسوبة إليه في التحقيق . كما ذكر الحكم أن المتهم الأول عباس رمضان إبراهيم قرر أن سبب الحادث يرجع إلى رغبة المجني عليهما في وضع جوابيهما في المكان المجاور لهم فتشاتموا ثم تشاجروا . خلص الحكم من ذلك إلى أن الفريقين تزاحما على مكان الصيد، وكان فريق الطاعنين هو البادئ بالاعتداء فنشبت المعركة – لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تاخذ بأقوال الشاهد أمامها وتطرح ما قاله في التحقيق، وكان ما استند إليه الحكم في نفي حالة الدفاع الشرعي قد استمده من الوقائع الثابتة في أوراق الدعوى المنضمة للطعن والتي اطلعت عليها هذه المحكمة، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الوجه لا يكون له اساس.
وحيث إن محصل الوجه الثالث أن النيابة اسندت إلى الطاعن الثانى أنه شرع فى قتل السيد مطاوع العوضى عمدا بأن أطلق عليه عيارا ناريا واحدا، فأسندت المحكمة إليه تهمة أخرى لم ترد في قرار الإحالة، وهى أنه أطلق على المجنى عليه المذكور مقذوفين، مع أنه واضح من محضر الجلسة أن السيد مطاوع قرر أن العيار الثانى أطلقه عليه الطاعن الأول، وما كان يجوز للمحكمة أن تستند إلى الطاعن الثاني تهمة لم تر النيابة إقامة الدعوى بها فحفظتها، وقد كان لمسلك المحكمة أثره في تكوين عقيدتها بالنسبة لنية القتل ولحالة الدفاع الشرعى.
وحيث إن ما ذكره الحكم من أن المجنى عليه السيد مطاوع العوضى قد أصيب من عيارين نارين أخذ بما تبين من التقرير الطبي، قد جاء في معرض الرد على ما نسبه المجنى عليه المذكور للمتهم الثاني بالجلسة من أنه شرع في قتله بعيار نارى آخر أطلقه عليه. ولما كان الحكم قد انتهي إلى إدانة الطاعن بواقعة واحدة هى أنه أطلق عيارا ناريا على السيد مطاوع، وهذا الواقعة هى التي أسندت إليه في أمر الإحالة، فإن ما يقوله الطاعنان لا يكون له اساس.
وحيث إن الطاعنين يبينان الوجه الأخير من طعنهما على القول بقصور الحكم في بيان نية القتل ، وأن الواقعة المنسوبة للطاعنين هي في حقيقتها جنحة ضرب، لأن إطلاق النار كان على مسافة بعيدة كما قرر المجني عليهما، وكانت المقذوفات محشوة برش رفيع، ولأن الاصابات تافهة ولم يصب المجني عليه الثاني إلا في ذراعه وهي ليست من المقاتل.
وحيث إن الحكم المطعون فيه تناول نية القتل واستخلص قيامها من أن السلاح المستعمل هو سلاح قاتل بطبيعته، وأن الطاعنين تعمدا إطلاق النار على المجني عليهما من مسافة قدرها التقرير الطبى الشرعى بما لا يتجاوز عشرة أمتار، ولما كانت نية القتل من المسائل التى تفصل فيها محكمة الموضوع، وكانت الأمور التي استخلصت المحكمة منها ثبوت هذه النية مما يصح في العقل أن تنتج النتيجة التى انتهت إليها المحكمة من قيامها لدي الطاعنين فإن ما يثيرانه في هذا الشأن لا يكون سوى جدل موضوعي مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما كان الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات