الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 996 لسنة 26 ق – جلسة 09 /04 /1985 

مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثلاثون – العدد الثاني (من أول مارس سنة 1985 إلى آخر سبتمبر سنة 1985) – صـ 932


جلسة 9 من إبريل سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد محمد عبد المجيد نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة نصحي بولس فارس وعبد الرؤوف محمد محي الدين وعلي محمد حسن وفاروق علي عبد القادر – المستشارين.

الطعن رقم 996 لسنة 26 القضائية

جامعات – جامعة الأزهر – أعضاء هيئة التدريس – إعارة.
المادة 33 من القانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها قد ناطت بالجامعة اختصاص تزويد العالم الإسلامي والوطن العربي بالعلماء العاملين الذين يجمعون إلى الإيمان بالله والثقة بالنفس وقوة الروح والتفقه في العقيدة والشريعة ولغة القرآن كفاية علمية وعملية ومهنية لتأكيد الصلة بين الدين والحياة والربط بين العقيدة والسلوك – يتعين أن يكون عضو هيئة التدريس بهذه الجامعة تتوافر له مقومات تنفيذ ما ناطه القانون بالجامعة التي ينتمي إليها – إرجاء الجامعة الموافقة على إعارة عضو هيئة التدريس حتى يؤدي نفقة زوجته وابنته قبل الموافقة على إعارته لا يشكل خطأ من جانبها يستوجب التعويض – أساس ذلك: الحفاظ على سمعة عضو هيئة التدريس بالأزهر من متابعته بأحكام قضائية في دولة إسلامية مما يسئ إليه والى الجامعة التي ينتمي إليها – تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 15 من مايو سنة 1980 أودع الأستاذ زكريا عامر المحامي بجامعة الأزهر والمقبول أمام المحكمة الإدارية العليا بصفته نائباً عن جامعة الأزهر – تقرير هذا الطعن، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 16/ 3/ 1980 في الدعوى رقم 141 لسنة 31 ق المقامة من السيد الدكتور……… ضد السيد الدكتور رئيس جامعة الأزهر، والذي قضى بإلزام رئيس جامعة الأزهر بصفته بأن يدفع للمدعي 1000 (ألف جنيه) والمصروفات، وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه مع إلزام المطعون ضده بالمصاريف والأتعاب عن الدرجتين.
وتم تحضير الطعن وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني اقترحت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي قررت بجلسة 20/ 2/ 1985 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 12/ 3/ 1985، وفيها استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ملف الطعن.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل – حسبما يبين من الاطلاع على الأوراق – في أن المطعون ضده السيد الدكتور…….. أقام الدعوى رقم 141 لسنة 31 أمام محكمة القضاء الإداري ضد الدكتور رئيس جامعة الأزهر طالباً فيها الحكم بإلزام المدعى عليه بأن يدفع مبلغ عشرة آلاف جنيه تعويضاً عما أصابه من ضرر بسبب حرمانه من الإعارة إلى المملكة العربية السعودية وتمكين الدكتور……… من الإعارة مع إلزام الجامعة بالمصروفات، وأسس المدعي دعواه على أنه عين في وظيفة مدرس للآداب والنقد بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر في 30/ 6/ 1973، وبتاريخ 24/ 6/ 1976 طلبت الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة من جامعة الأزهر ترشيح اثنين من مدرسي الآداب للعمل بها، وقام القسم بترشيح المدعي وزميله الدكتور……. باعتبارهما مستوفيان شروط الإعارة، وأقر مجلس الكلية هذا الترشيح، إلا أن لجنة الإعارات بالجامعة أصدرت قراراً بوقف ترشيحه بسبب وجود دعوى نفقة مرفوعة عليه من زوجته وابنته، فتظلم من هذا القرار، ثم عادت اللجنة وأقرت ترشيحه في 5/ 8/ 1976 في وقت مكنت فيه غيره من الإعارة، إذ رشحت زميله الدكتور……..، هذا فضلاً عن أنها رشحت ثلاثة من أعضاء هيئة التدريس في حين أنه لم يطلب منها ترشيح سوى اثنين فقط، واستطاع الجديد أن يحصل على عقد من السعودية بناء على ترشيح الجامعة له، وأنه لما تقدم هو بعد ذلك إلى لجنة التعاقد بالسعودية ومعه قرار الموافقة على الإعارة أفادته السعودية بأن الوظيفة شغلت وبجلسة 16/ 3/ 1980 حكمت محكمة القضاء الإداري بإلزام رئيس جامعة الأزهر بصفته بأن يدفع للمدعي ألف جنيه وألزمته المصروفات، وأقامت المحكمة قضاءها على أن سبب منع المدعي من الإعارة وهو عدم سداد التزاماته المالية لزوجته وابنته لا يصح بذاته سبباً مبرراً لهذا المنع، فضلاً عن أنه لا يمس سمعته كعضو هيئة تدريس وأن القانون نظم طرق استيفاء دين النفقة بالخصم من المرتب ورتبت المحكمة على ذلك خطأ الجهة الإدارية في عدم موافقتها على إعارة المدعي بعد أن رشحته الكلية لهذا السبب، ولا يغير من ذلك موافقتها اللاحقة في 5/ 8/ 1976 على إعارته بعد سداد التزاماته المالية، ذلك أن هذه الموافقة جاءت متأخرة وليست ذات قيمة إذ رشحت الكلية الدكتور…………. في 19/ 7/ 1976 الذي سارع باتخاذ إجراءات السفر بذلك اكتفت الجهة الطالبة به بالإضافة للدكتور…………. وهو العدد الذي طلبته، كما أن ترشيح الجامعة للمدعي للعمل بجامعة الملك عبد العزيز بالسعودية للعام الدراسي 78/ 79 لا يصحح خطأ الجامعة محل الدعوى وقد لحقت المدعي أضرار مادية تمثلت في تفويت الفرصة عليه في الإعارة مما أدى إلى ضياع حصوله على مرتبها المرتفع، فضلاً عن الضرر الأدبي المتمثل في التشهير به في الوسط الجامعي وما أشيع عنه عن سبب ورفض إعارته.
ومن حيث إن أسباب الطعن على ما تقدم أن الحكم المطعون فيه لا يقوم على أساس من الواقع أو القانون لأن إرجاء الموافقة على إعارة المطعون ضده إلى أن يتم تسوية متعلقاته المالية بينه وبين زوجته وابنته وهي متجمد نفقة شرعية، يعد سبباً ملائماً لهذا الإرجاء لأن امتناع المطعون ضده عن الوفاء بالتزاماته الأسرية لا يتلاءم مع صفته كعالم أزهري، خاصة وأنه في استطاعته الوفاء بهذه الالتزامات هذا فضلاً عن إن هذا الإرجاء لم يكن السبب في عدم إتمام إعارته يؤيد ذلك أنه عندما رشحته الجامعة للإعارة للعام الدراسي 78/ 79 لم توافق لجنة التعاقد بالسعودية على التعاقد معه، يضاف إليه ما تقدم أن المطعون ضده أعير للعمل بجامعة الملك عبد العزيز بالسعودية اعتباراً من العام الجامعي 79/ 80 ثم جددت إعارته بعد ذلك مما ينتفي معه أي ضرر يكون قد لحق به.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الجامعة الإسلامية بالمملكة العربية السعودية قد طلبت من كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر ترشيح اثنين من أعضاء هيئة التدريس بها للعمل بالجامعة المذكورة ورشحت كلية اللغة العربية المطعون ضده وآخر، إلا أن لجنة الإعارات بالجامعة أرجأت الموافقة على إعارة المطعون ضده لحين إنهاء متعلقات مالية خاصة بمتجمد نفقة شرعية مستحقة عليه لزوجته وابنته ويقوم طعن الجامعة على أن ما قامت به من إرجاء الموافقة على إعارة المطعون ضده لا يكون خطأ من جانبها يترتب عليه الحكم عليها بالتعويض على نحو ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن مناط الفصل في هذا الطعن هو بيان ما إذا كان تصرف الجامعة على النحو المشار إليه يكون خطأ من جانبها يترتب عليه مساءلتها، ومن ثم فإنه يتعين النظر في هذا التصرف في ضوء أحكام رسالة الجامعة الأزهرية وما تطلبه القانون من صفات في العاملين بكلياتهم، إذ أن المادة 33 من القانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها قد ناطت بالجامعة اختصاص تزويد العالم الإسلامي والوطن العربي بالعلماء العاملين الذين يجمعون إلى الإيمان بالله والثقة بالنفس وقوة الروح والتفقه في العقيدة والشريعة ولغة القرآن كفاية علمية وعملية ومهنية لتأكيد الصلة بين الدين والحياة والربط بين العقيدة والسلوك وتأهيل عالم الدين للمشاركة في كل أنواع النشاط والإنتاج والريادة والقدوة الطيبة وعالم الدنيا للمشاركة في الدعوى إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة وعلى ذلك فإنه يتعين أن يكون عضو هيئة التدريس بهذه الجامعة تتوافر له مقومات تنفيذ ما أناطه القانون بالجامعة التي ينتمي إليها، ومن ثم فإذا ما قامت الجامعة بإرجاء الموافقة على إعارة المطعون ضده حتى يؤدي نفقة زوجته وابنته قبل الموافقة على إعارته فإن مسلك الجامعة على هذا النحو لا يشكل خطأ من جانبها، لأنها أتت تصرفاً من شأنه الحفاظ على سمعة أحد أعضاء هيئة التدريس بها، وذلك من متابعته بأحكام قضائية في دولة إسلامية أخرى، بما قد يسئ إليه والى الجامعة التي ينتمي إليها، ولا سند فيما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن القانون رسم طرقاً للحصول على الحقوق ليس من بينها تدخل الجهة الإدارية في شأن يخص أحد العاملين بها فإن هذا القول لا يؤخذ على إطلاقه ذلك أن الجامعة الأزهرية لها وضع خاص في هذا الشأن من حيث إنه يتطلب في أعضاء هيئة التدريس بها أن يكونوا قدوة في التصرف والخلق الكريم يضاف إلى ما تقدم أن الجامعة وافقت على إعارة المطعون ضده في العام الجامعي 79/ 80 ثم وافقت على تجديدها في العام الجامعي 80/ 81.
ومن حيث إنه لما تقدم تنتفي مسئولية الجامعة حيال ما قامت به قبل المطعون ضده، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه الحكم بإلغائه وبرفض طلب التعويض مع إلزام المطعون ضده بمصاريف الطعن عملاً بنص المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضده المصروفات.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات